U3F1ZWV6ZTMxMjc0MDY2Mjc3MzYyX0ZyZWUxOTczMDM4NTMwMzE2MA==

رواية ٣٦٥ يوم أمان الفصل السادس بقلم رانيا ابو خديجه

 

رواية ٣٦٥ يوم أمان الفصل السادس بقلم رانيا ابو خديجه

الفصل السادس


#٣٦٥_يوم_أمان


#رانيا_أبو_خديجة

 رواية ٣٦٥ يوم أمان الفصل السادس بقلم رانيا ابو خديجه 

 رواية ٣٦٥ يوم أمان الفصل السادس

  ٣٦٥ يوم أمان 

_ انا مش ههرب..ده هما تلات دقايق بس ... وياستي لو حصل حاجة نادي عليا...هتلاقيني قدامك.


ثم كرر وهو يتجه للداخل:

_ وجمدي قلبك بقى....عيب.. عشان اخواتك.


وبالفعل دخل تارك باب المنزل مفتوح على مصراعيه، بينما هي فمن هول ما رأت بالليالي الماضية كانت ترتعب وعينيها على ذلك الباب الخشبي، وليته ما فعل، فقد كانت مُحقة، ففور دخوله لم يكن يعلم بما سيحدث، أو مَن يراقبوهم منذ خروجهم من باب الورشة.


مُنذ الصباح وهما قد أستمعوا عن ذلك الشاب الغريب القابع بمنزل منصور مع بناته، وبالمراقبة والإستفسارات طوال اليوم قد علموا كل ما يدور بالبلدة بشأنه.


رأى الباب الذي فُتح على مصراعيه، وبعينيه التي يتلصص بها رأى الصغيرين يدورون بمرح حول بعضهم أمام الباب من الداخل.


!!!!!*****!!!!!!!*****!!!!!!!


- ايه... أخوهم... وده مين ده كمان؟


- بيقولوا ابن منصور الكبير وكان مهاجر ولسه راجع.


نهض يسير هنا وهناك بشرود ثم التفت للأخر ونظر له هاتفًا بغضب:


- عجبك الحيرة السودة اللي احنا فيها دي... مرضي انت كدة دلوقتي.


  ثم نزل بيده على وجهه بعنف، صارخّا:


- قولي أعمل فيك ايه دلوقتي .. أعمل فيك ايه!!!!


نهض الآخر من الأرض وهتف وهو يتحسس وجنته بيده:


- احنا...احنا كنا ناويين نروح ونفتش بيته وورشته مرة تاني يا رياسه.


نهره الآخر صارخّا بوجهه:


- تااني... بعد المصايب اللي عملتوها المرة اللي فاتت وفتحتوا عيون الحكومة عالبلد أكتر ماهي مركزة معانا من بعد قتل منصور يا بهايم.


هدر الآخر سريعّا:


- لا يا كبير ال.. المرة اللي فاتت ملحقناش ومعرفناش ندور كويس بسبب اللي حصل .. لكن .. لكن اوعدك المرادي مش هرجع إلا والحاجة معايا..ماهي... ماهي أكيد يا في بيته يا في ورشته هتكون فين بس هو منصور كان بيروح حته ولا بيخرج برة البلد...انت بس اديني فرصة تانية وأنا... وأنا هصلح كل حاجة وأجيلك بالبضاعة.

صرخ الاخر بضيق :


- انت تخرس خالص .. فاهم ومتعملش حاجة تاني الا لما اقولك.


ثم تابع بنفور وعنف:

_امشي غور من وشي مشوفكش تاني إلا لما اطلبك...غور.


!!!!!!!!!*****!!!!!!!!****!!!!!!!!


بعد العشاء، دخل "حسام" غرفته يغلق الباب جيدًا، ثم أقترب يجلس على الفراش وأمسك هاتفه يُرسل رسالة الى "تميم" ثم جلب ورقة بيضاء وقلم يرسم خطوط غير مفهومة وبعض الكلمات الدلالية لها، وقام بتصويرها عدة لقطات ، وأرسلهم له ثم حذفهم على الفور كما حذف رقمه من الهاتف بأكمله.


أعاد "حسام" كل شيءٍ الي محلهِ، وخرج من الغرفة، وجد الصغيرين جالسين أمام التلفاز يشاهدون المسلسل الكرتوني المفضل كعادة كل ليلة، بينما "أحلام" بالداخل تِعيد أطباق الطعام للمطبخ، ألقى "حسام" بنفسه بجانب الصغيرين على البساط يشاهد معهم ما يشاهدوا، وبعد دقيقتين من المشاهدة سمع صوت الصغيرة تضحك، بينما الصغير فكالعادة يتقن التركيز وكأنه سيُختبر في التفاصيل.


ابتسم "حسام" يسحبها اليه فتفرد طولها بجانبه وتستند برأسها الصغير على رأسه، فسألها "حسام" بعد وهله من المشاهدة:


_ انتي شكلك مش بتحبي الملكة.


أعتدلت سريعًا تجلس أمامه مربعة ساقيها القصيرين لتقول بعيون متسعة:


_ لأ والله بحبها...مش تقول كدة.


جلب "حسام" إحدى الضفيرتين الصغيرتين بيد واحدة يتلاعب بها بين أصابعه ليقول بإصرار:


_ لأ والله مش بتحبيها.. عشان بتضحكي عليها.


ضحكت الصغيرة مرة أخرى تضع يدها على فمها لتقول من بين ضحكتها:


_ شكلها بيضحكني لما بتكون صاحية من النوم...منكوشة.


ضحك "حسام" بصوت مرتفع وقد زينت جلستهم حالة من الراحة بذلك الهواء الطلق الأتي من الخارج مارًا بالباب المفتوح.


اقترب الصغير يجلس بجانب أخته يربع ساقه مثلها بينما "حسام" فمازال مستلقي يحدثهم بضحك ومرح، فعقب الصغير على حديث توأمه:


_ أنا عارف أميرة بتضحك ليه عالملكة ..عشان بتبقى شبه رقية وهي جاية من الشغل.


وضعت الصغيرة يدها على فمها تضحك بصوت رنان طفولي مُحبب، بينما "حسام" فدغدغ الصغير يضحكون سويًا، إلى أن رأها تخرج من غرفتها على أصواتهم، بعد أن تحممت ودخلت لتسرح خصلاتها، فقد رفضت التحرك تمامًا من أمام الباب الذي تركه مفتوح إلا بعد أن انتهى هو وجلس معهم على العشاء، وهنا تركته بوسط أخواتها لتطمئن ودخلت هي.


رفع "حسام" نظره اليها وهُنا سَكت عن الضحك، وظل معلق نظره قليلًا ثم سريعًا ما أزاح عينيه عنها يتنحنح بضيق، رفع عينيه إليها مرة أخرى وجدها لازالت معلقة نظرها بالباب المفتوح بتركيز بليغ، ثم تقدمت أمام عينيه بتلك القطعة القطنية التي ترتديها، بدون أكمام ، مُريحة صيفية، وتصل لركبتيها مع شعرها الفحمي الطويل الذي تركته ينسدل بحرية على ظهرها، فأصبحت أية في جمالها دون أن تدري، على صورة مُغايرة تمامّا لتلك الفتاة المتشحمة التي كانت أمام عينيه طوال النهار، يتعجب؛ فكيف لها تلك القدرة على إخفاء كل تلك الأنوثة وكتلة الجمال، فقد رأى الكثير والقليل أثناء عملهم وبعد، لكنه لم يُصادفه ذلك السحر المشعوذ من قبل على الإطلاق.


أفاق "حسام" من شروده بتلك الأفكار _العادية والأكثر من عادية بالنسبة له، عقل يُحلل كل ما يراه، هاكذا يكون ضابط الشرطة المتخفي كما برر لنفسه تحديقه بها_ على غلقها للباب، فهتف سريعًا:


_ اللاه!! يا بنتي سيبي الباب مدخل هوا حلو.


أضافت الصغيرة بحنق هي الأخرى:


_ يا رقية الهوى جميل.. وأنا مبسوطة.


لم تعير أحد منهم انتباه وكأنها لم تسمع، بل تحركت بعد قفل الترباس لتزيح كرسي موضوع جانبًا خلف الباب، فأصبح هو فقط المتواجد بعد أن أدخل هو باقي الأشياء للداخل.


زفر "حسام" وهو ينهض يقف بجانبها مباشرتًا ليعترض ما تفعله، فقال وهو يزيح ما جلبته:


_ قولت مفيش قفل بيبان تاني... حرام عليكي الهوا برة جميل واخواتك مبسوطين.


ازاحت "رقية" يده لتقول بغضب:


_ ملكش دعوة... أنا مبرتحش غير كدة.


نظر إليها"حسام" قائلًا وهو يزيح ما وضعته بمراوغة:


_ خلاص احنا ناخد رأي الأغلبية اللي في البيت.


ثم التفت للجالسين يتابعون باهتمام:

_ ايه رأيكوا نفتح الباب نشم هوا ربنا ولا نسيبه مقفول؟


رد الصغيرين بصوت عالي بينما "أحلام" فردت هي الأخرى وهي تأتي من الداخل:


_ مفتوح بس على شرط.


نظر إليها "حسام" فتابعت وهي تجلس على الأرض بجانب الصغيرين:


_ تقعد معانا طول ما هو مفتوح.


ابتسم "حسام" يلتفت يفتح الباب مرة أخرى ثم يستنشق الهواء بمبالغة ويزفر بوجه الواقف أمامها مباشرتًا ليهمس بعند:


_الله.....مُنعش.


نظرت إليه "رقية" بغيظ ثم ظلت صامتة، تربع ذراعيها أمام صدرها تنظر له بصمت، ثبت هو الأخر عينيه بعينيها بتحدي مرح مع تلك الابتسامة المتحدية، لكنه وفي خلال دقائق تراجع عن مرحه، وتحولت ملامحه لعيون فقط تمر على تلك الملامح المقربة للغاية أمام عينيه، يشعر أنه بكل دقيقة يرى واحدة أخرى غير تلك التي رأها من قبل، مرت عينيه على ملامحها كلها مع ذلك القرب، فأردفت هي بغضب وغيظ:


_ صورني بقى...مش كفاية قلة الراحة اللي انت عاملها دي.


ثم نفخت تتركه وتسير لتجلس بجانب الصغيرين تسحبهم لتجلسهم أمامها تعدل ثيابهم وتمرر يدها على خصلات الصغيرة، ظل هو واقف محله لدقيقة بنفس صمته وشروده، ثم هز رأسه سريعًا من ذلك الشرود الملازم لليلته التي ومن الواضح لن تمر معه على خير.


ترك الباب مفتوح ثم ذهب يجلس بينهم، فتقدمت منه الصغيرة مبتسمة تريح رأسها على صدره وتفرد باقي جسدها الصغير على باقي جسده، ابتسم "حسام" بحب يقبلها، ثم ومن حين لأخر تحين منه التفاته لتلك المستلقية بجانبهم تتلاعب بشعر الصغير المريح جسده عليها، يشاهدون التلفاز جميعهم بشرود، بينما "أحلام" تجلس مربعة ساقيها وأمامها طبق كبير وبيدها سكين تقشر ثمرات البرتقال ثم تقطعها فصوص وتعطيهم، جميعهم مستمتعين بذلك الهواء النقي الذي يشوبه رائحة الشجر والزرع من حول البيت، فيلاحظ هو تغميضة عيني "أحلام" مع ملامسة تلك النسمات وجهها، فيبتسم، ثم يحول نظره لتلك الجالسة التي يمنعها الخوف والقلق الواضح على وجهها من الاستمتاع بأبسط الأمور.


!!!*****!!!!!****!!!!!!!****!!!!!!


جالس بمكتبه أمامه ملف ورقي، يقرأه بتركيز بالغ، ثم يمر أمام ذهنه لمحة من مواقف الأمس صباحًا، قبل أن يأتي على عمله، نفخ "تميم" بضيق من نفسه يلتقط قلم ليمرره على السطر الذي توقفت عينيه عندهُ لعله يساعده على التركيز، لكنه عاد يثبت نظره على نقطة وهمية بالورقة بينما ذهنه فيغدر به ويذهب للأمس، وما ادراك ما الأمس وما حدث به.


جالس بالسيارة ونظارته السوداء على عينيه، نظر "تميم" بساعة يده ثم نفخ بملل يحاول أن يخفي خلفه توتره من رؤيتها من جديد، فنوادر لقائهم لم تكن بمصلحته اطلاقّا كما كان يعتقد، بل جعلت كل مرة ثقل على قلبه، رفع رأسه لأعلى عندما اتت تلك الأفكار بباله، يتعجب كثيرّا من حاله، فلو حاول تذكر الفتيات الذي عرفهم لم يتمكن من عدهم، فلماذا هي، يشعر معها بأنها الأولى بحياة شاب خجول، لم يتحدث لانثى من قبل.


 التفت "تميم" على يمينه ينظُر اتجاه مدخل البناية نظرة خاطفة ثم نظر أمامه لكنه سريعًا ما عاد بعينيه مرة أخرى، فوجدها أتية بعد أن خرجت من المصعد، وخلفها والدتها.


ظل "تميم" مثبت عينيه على تلك الحورية في فستانها الأبيض ذو الخطوط الرمادية، ينسدل على جسدها الذي ورغم مرضها إلا أنه يشبه جسد عارضات الأزياء في تناسقه وبهائه، ابتسم رغمّا عنه عندما نظر لحجابها الوردي الذي يضاهي وردية وجنتيها لم يعلم متى تحجبت، لكنه يتذكر تلك المرة، التي كان واقف أسفل بنايتهم حينها مع أخيها "علي" يستندون على سيارته ويتحدثون ليلّا ليتفاجى بتلك الآتية مع رفقيقاتها الفتيات من بعيد والوحيدة من بينهم كانت ترتدي ذلك الحجاب الذي رآها به لأول مرة، ظل وقتها محدق بها مثل تحديقه بها الآن يتذكر جيدّا كيف كانت حورية من بينهم، كانت تتحدث معهم وتبتسم ثم وكعادتها تضع يدها الصغيرة على فمها لتضحك.


لاحظت "مي" تحديقه بهم فابتسمت برسمية وأدب ثم تقدمت ومعها والدتها، سريعّا ما أبعد عينيه ينظر أمامه ثم اضطر للنزول لمصافحة والدتها.


نزل من السيارة وابتسم لوالدتها يتقدم كي يصافحها ويلقي عليها تحية الصباح باحترام كما المعتاد، بينما هي فكان التجاهل من نصيبها تمامّا فذلك ما قرره مع ذاته كي يتحاشى التعامل معها طوال اليوم.. التجاهل.


وجدته "مي" يفتح باب السيارة الخلفي لوالدتها، فنظرت بحيرة وفكرت، ليس من الذوق أن يجلسوا الاثنين بالخلف وهو السائق، ففتحت الباب الأمامي لتجلس بجانبه، أغلق "تميم" باب والدتها بعد أن أجلسها باحترام وابتسامة بسيطة، ثم التفت حيث ظن أنها دارت لتركب السيارة من الجهه الأخرى بجانب والدتها لكنه تفاجأ بها جالسة بالكرسي الأمامي ، ظل "تميم" واقف محله ينظر بعيون متسعة، ثم تنحنح ليركب السيارة بجانبها ويسير، ظل صامت طوال الطريق فيرد على حديث والدتها باماءة ثم ابتسامة بسيطة، اصبح ثقيل الظل ويعلم، لكنه لم يغلم ما الذي يجرى له في وجودها.


!!!!!!*****!!!!!!*****!!!!!!


خرجت "مي" من عند الطبيب ومعها "تميم" ووالدتها، ثم ألتفتت وقالت وبيدها ورق التحاليل ورسم القلب المطلوب:


- ماما دي لفة طويلة قوي وصعبة على حضرتك ... كفاية أنا بتشوفي بتعب فيها ازاي... استنينا في كافيتريا المستشفى أحسن وانا هخلص اللفة دي أنا وتميم ونجيلك.


ورغمّا عنه رفع عينيه اليها عندما استمع لاسمه، فردت والدتها :


- مي .. متدخليش للدكتور الا لما ترجعيلي هنا الأول... انا عايزة اطمن عليكي يا حبيبتي.


أماءت اليها وهي بذاتها يتأكلها القلق؛ فالطبيب لم يطلب كل تلك الأشياء الا لو انه لديه كلام جديد عن سابقه.


 وزع "تميم" نظره بينهم وهم يتحدثون ، هل معنى حديثهم أنه سيسير معها بمفرده تلك اللفة التي تحكي عنها، أغمض عينيه ورغمّا عنه ظهر طيف ابتسامة على ثغره، لكنه سريّعا ما انتبه لنفسه وأردف :


- احم.... أنا .. أنا كمان لازم اكون معاكي؟


نظرت اليه "مي" بدهشة بينما والدتها فنظرت اليه بعدم فهم ليتراجع سريعّا:


- قصدي قصدي والدتك هنسبها لواحدها هنا.


ردت "مي" بعد وهله:


- اه انت قلقان على ماما؟


أماء إليها وهو يتنهد داخليّا:


نظرت "مي" له ثم لوالدتها وقالت:

- متقلقش... وبعدين احنا مش هنتأخر على حضرتك يا ماما.


ثم سارت، نظر قليلّا ثم تنهد بعمق وذهب خلفها.


!!!!!*****!!!!****!!!!!


ينتظرها بالخارج، نظرّا لتلك التحاليل الشاملة التي طلبها الطبيب ، ورسم القلب، كل تلك الأشياء الخاصة، رفع "تميم" رأسه لأعلى يتنهد بعمق وهَم بقلبه من أجلها، لم يتوقع أو يظن على الإطلاق أنه يحضر معها تلك المشاوير الخاصة بألمها، بداخله شعور من المسؤولية اللذيذة وبذات الوقت مقلقة، موترة للغاية.


خرجت "مي" فنظر اليها على الفور وجد على وجهها إرهاق وتعب واضح من هروب الدم من ملامحها، وارتجاف يديها، فأقترب منها ينظر بوجهها ثم قال وعينيه مازالت تمر على ملامحها:


- انتي كويسة؟


رفعت "مي" يدها المرتعشة لعينيها لتزيح تلك الدامعه المعبرة عن ارهاقها فيما حدث بالداخل ثم همست بصوت خفيض:


- الحمد لله.. بخير يا تميم.


ثم وضعت يدها على قلبها تتنفس بصعوبة قائلة بتعب:

- بص خلينا نروح للدكتور علطول ... أخاف ناخد ماما معانا يقول حاجة تقلقها، وانت...وانت مش متخيل بيجرالها ايه لما تحس ان حالتي متأخرة.


نظر "تميم" لتنفسها بتلك الصعوبة بقلقل فأردفت سريعّا:


- طيب... طيب تعالي بس اقعدي كدة .. وبراحة ... وكل حاجة هنعملها زي ماانتي عايزة بس اهدي.


ثم وبنفس القلق بعينيه الواسعة أخذها من يدها التي وفور ما لامسهم شعر بحنين عجيب ورغبة شديدة الإلحاح في أخذها بحضنه بذلك الضعف الذي طغى ملامحها بلمح البصر، أجلسها على أقرب كرسي وجلس بجانبها يراقبها بقلق وهي تحاول ان تنظم انفاسها رغم صعوبة ذلك، ظلت تحاول التنفس حتى احمرت عينيها بدمعات، فأقترب منها اكثر يميل عليها هامسّا بقلق:


- مي... انتي متأكدة انك بخير ولا... ولا أنادي حد من جوا.


 أغمضت عينيها بشدة تحاول بعزم ما بها التقاط انفاسها حتى رفعت يدها لتضعها دون قصد على يده تعتصرها بألم ، نظر "تميم" ليدها التي تعتصر يده وضغطها بذلك الشكل على عينيها وكانها تجاهد في التقاط النفس ، فقطب حاجبيه بقلق بالغ يميل عليها أكثر ويسمح لذاته بوضع يده على يدها ويقول بقلق أشد من السابق: 


- أنا هقوم اناديلك دكتور.


شددت "مي" على يده لتجلسه مرة أخرى بجانبها، وزع "تميم" نظره بينها وبين يدها القابضة بتلك القوة على يده ثم وبعد لحظات فتحت عينيها تهمس بشهقات تدل على ضيق تنفسها:


- لا... خلينا نروح للدكتور .. ده..ده طبيعي ب... بيحصل لما بتعرض للأجهزة اللي جوا دي.


ثم حاولت القيام، فأقترب هو على الفور ليساعدها، نظرت "مي" له بحرج عندما أحست بيده على خصرها والأخرى تقبض على يدها بمعاونة، فرفعت يدها تزيحها بهدوء من على خصرها تهمس بنفس صعوبتها:


- مت.. متقلقش أنا.. أنا كويسة.


وبالفعل ازاح يده رغم قلقه الواضح وبشدة بعينيه، وفور وقوفها معتدلة تركت يده فأضطر هو لتركها لتنظر له بحرج وتقول :


- أنا ..أنا آسفة يا تميم... حسام .. حسام كان دايمًا بيبقى معايا وأحياناً علي، عشان يتحملوا معايا كل ده.


ثم تابعت رغم شهقاتها المنخفضة مع كل نفس:


- لكن انت زي أخويا برضو... صح؟


لم يرد "تميم" بل ظل ينظر اليها قليلّا وعينيه بها الكثير ثم اعتدل واقفّا يحاول يسير ببطء خطواتها المتعبة، بينما هي فبصمته ذلك جعلها تلوم وتأنب نفسها على تلك الحالة أمامه، ولأول مرة تشعر أنها تريد ان تستلقي على كتف لم تجده، فكانت عندما تشعر بتلك الحالة ترتمي برأسها على كتف أحد اخويها دون تردد أو حيرة، فهمست بداخلها بتعب وعدم القدرة على الوقوف على قدمها:


- فينك يا حسام... كنت بتلاقيني كدة تاخدني في حضنك ولا علي مكنش بيهمه اللي حوالينا ويشيلني بين ايديه من أوضة لأوضة.


!!!!!!!****!!!!!!******!!!!!!!


دخلوا الاثنين غرفة الطبيب، فقد اخبرتهم السكيرتيرة انه ذهب ليصلي الظهر وسوف يأتي، جلست "مي" وجلس بالكرسي أمامها وهنا ومع ذلك الصمت العميق بالغرفة، فتحت "مي" تلك الاوراق بيدها تحاول قرأتها لعلها تطمئن ولو قليلًا وتعرف ماذا يحدث لها بتلك الفترة، بينما ذلك الجالس أمامها فرغمّا عنه وعن كل تلك تحذيراته لنفسه فقد سمح لعينيه بمتابعة تلك الملامح وذلك الوهن الذي يجعله في غاية الشدة والاحاح في اخذها بين ذراعيه، ابتسم "تميم" وهو يتابع تلك الشفاه التي تتحرك ببطء وهمس تحاول قرأة الاوراق بيدها ثم تصمت لترفع عينيها لأعلى كطفلة صغيرة تحاول ترجمة تلك المصطلحات الطبية المعقدة، فتيأس فتترك الورقة بحنق وتأخذ غيرها، ازدادت ابتسامته عندما لمعت عينيها تبتسم عندما نجحت في ترجمة كلمة، ثم تفاجأ بها ترفع عينيها له وتقترب تسأل بجدية شديدة:


- تميم ... مش بالخطوط دي بتشير كدة ان ضغط الدم كويس ان شاء الله.


و عندما رفعت عينيها اليه فقد ابتسامته سريعّا يرتسم على وجهه الجدية الشديدة ويقترب ليميل اليها كي ينظر بالورقة بيدها ثم رفع نظره اليها وجدها تنظر له وهي جامعة حاجبيها بذلك الأمل وتلك البراءة فأغمض عينيه لأقل من لحظة يحاول السيطرة على ذاته، ثم تنحنح يقول بأسف وهو ناظر بالورقة بيدها:


- للأسف يا مي... أنا مبفهمش في رسم القلب ده ابدا..حقك عليا.


تنهدت هي لتقول وهي تعاود النظر بالورقة مرة أخرى:


- لا خالص ما طبيعي منفهمش الرسم المعقد ده... انا بس مش عارفة ليه جوايا قلق المرادي كدة.. شكل كدة في حاجة وحشة قوي في الورق.. ربنا يستر.


جمع حاجبيه هو الأخر بقلق من حديثها،

دلف الطبيب اليهم، يجلس امامهم، فاعتدلت "مي" سريعّا بانتباه لتضع تلك الاوراق أمامه ينظر بها ثم يقلب الورق، ورقة تلو الأخرى، بينما يتابع "تميم" تعابير وجه الطبيب بقلق، فمن ينظر بوجهه يعلم انه اكثر منها، وبالفعل تغيرت ملامح الطبيب لدرجة التنهيد وضغط شفتيه ببعضهم ثم رفع نظره اليها، قائلّا:


- فين والدتك يامي؟


ردت "مي" وعينيها تتوزع بخوف بين الورق وبين وجه الطبيب:


- ماما... ماما مستنيانا برة.. يعني محبتش لو في حاجة تقلق انها تسمعها.


تنهد الطبيب ناظرّا اليها قليلّا 


- طيب اخواتك حسام او علي ..فين؟


اعتدل "تميم" سائلا بقلق:


- خير يا دكتور... في ايه؟!


نظر اليه الطبيب سائلا قبل ان يتحدث بذلك الكلام الخطير:


- انا معرفتش لحد دلوقتي حضرتك مين؟


نظر "تميم" اليها فوجدها تنظر اليه تنتظر اجابته ولكن بتلك الاطاله ردت هي على الفور:


- ده تميم يا دكتور صديق للعيلة وفي مقام أخواتي بالظبط.


- طيب ياريت حضرتك تسمعني لأني مش هعرف أحملها هي مسؤولية نفسها لأني عارف مي كويس مهملة ازاي وغير منتبهة تماما لحالتها.


ثم تابع بعد وهلة بينما يعتدل "تميم" بقلق بالغ :


- رسم القلب ده مع تحاليل باقي الجسم بتقول ان للأسف يا مي اهمالك الفترة اللي فاتت في المتابعة معايا اتسبب في اضطرابات في النظام القلبي بالكامل، وده اللي مسببلك دقاته يا تبقى بسرعة قوي يا ببطئ شديد وعشان كدة تنفسك احيانًا يبقى بيخنقك.


نظر اليها "تميم" بلوم على ذلك الإهمال الذي يقول عنه الطبيب ليقترب أكثر في جلسته يقول باهتمام بالغ:


_ طب وبعدين يا دكتور؟


تابع الطبيب بلوم أشد:


_ قبل ما اقول بعدين خليني اوصلها اهمالها كان ممكن يتسبب في ايه....سكوتنا الفترة دي كان ممكن يعرضها لسكتة دماغية او سكتة للقلب بشكل كامل.


شهقت هي بعيون دامعة، نظر اليها "تميم" لدقائق ثم أردف:


_ قولنا يا دكتور ايه اللي ممكن يتعمل.واحنا تحت أمرك...بس أرجوك هي تبقى كويسة.


نظر الطبيب له قليلًا ثم للأوراق أمامه، وقال:


_ لازم متابعة مكثفة معايا الفترة الجاية مع الأدوية والجلسات دي...ضروري قوي يا مي.


وقف "تميم" بالسيارة أمام بنايتهم، فسمع صوت والدتها تقول بود:


- كتر خيرك يا حبيبي تعبناك معانا.


رد هو على الفور :


- متقوليش كدة يا حبيبتي ده ..ده مي أختي ... مفيش الكلام ده اكيد.


بينما التفتت اليه "مي" تقول بابتسامة طفيفة بينما عينيها تجاهد لفتحمها من التعب وتحاملها على ذاتها طوال النهار:


- شكرا جدا يا تميم .


ثم تابعت :


- انا عارفة تعبتك قوي النهاردة واكيد اخرتك عن شغلك، عشان كدة انا اكيد هتصرف لو بدير مش فاضي كمان الأسبوع الجاي.


فكر قليّل ومازال ناظر اليها، ايعقل ان احد غيره يساندها بذلك القرب عند تعبها مثل اليوم، وعندما حانت أمام ذاكرته لمحة اليوم ويده على خصرها ويدها بيده يساندها رغما عنه وعنها نطق على الفور دون المزيد من التفكير:


- انا هاجي معاكي.


نظرت اليه فتابع هو:


- زي النهاردة كدة ان شاء الله قبل ما اروح الشغل هعدي عليكي أروح معاكي الأول.


سمع صوت والدتها بامتنان:


- يصلحلك حالك يا حبيي ويطمنك على حبايبك يارب.


ابتسمت هي الأخرى لتقول ببساطة:


- حقيقي متشكرة ياتميم.


ثم فتحت باب السيارة تشير له:


- اتفضل معانا بقى نفطر مع بعض قبل ما تروح شغلك.


نظر بعينيها لأول مرة اليوم بذلك القرب:

_ شكرا... يدوب الحق شغلي.


ابتسمت له مرة اخرى، ثم نزلت هي والدتها ، بينما هو فظل ينظر اليهم الى ان تنهد يذهب بسيارته لعمله.


مازال جالس ساند برأسه على مقعد الكرسي مغمض عينيه، تارك ذاته بعد معاناة ومعافرة بعدم الشرود بكل تفاصيل ذلك اليوم، لكنه فتح عينيه فاجأة ليقول وهو ينهض بعد أن أغلق الملف أمامه:


_ يا نهار أبيض..اتأخرت على حسام.


!!!!!!*****!!!!!****!!!!!!!


- ايه.... تنزل معاك الورشة .. مينفعش يا أبني كدة هتبوظ الدنيا ومش هنعرف نعمل اللي اتفقنا عليه.


قالها "تميم" بجدية إلى"حسام" الواقف أمامه يستند على حافة سيارته فرد بهدوء:


- انا جيت لقيتها بالفعل بتشتغل في الورشة بتاعة ابوها وهيبقى صعب اني اجي فاجاة كدة واقولهم انا اللي هنزل بنفسي وبس.


- طب والعمل يا حسام.... كدة فعلا انت هتبقى متكتف بوجودها وهتصعب علينا كل حاجة.


سأل "بدير" ليؤميى "تميم" برأسه مصدقّا على كلامه ليرد "حسام" ببساطة:


- متقلقوش انا هعرف اتعامل.... المهم دلوقتي طمنوني المراقبة عاملة ايه؟


رد "بدير":


- لسه... وعلى فكرة لو عرفوا بوجودك وبدأوا يقلقوا منك هيرجعوا يدورا تاني .


ابتسم "حسام" وقال :


_ حلو.


!!!!!!****!!!!!!*****!!!!!!


تجلس "رقية" على الارض، وامامها "أميرة" الصغيرة تمشط لها خصلاتها بينما الصغير الأخر فممدد بأريحيه أمام التلفاز، بينما"أحلام" تجلس عللى الأريكة وبيدها كتبها.


- أيوا بس مين دي بنقولها قبل ما نفتح الباب مش بعد يا أميرة هانم.


تألمت الصغيرة من شد خصلاتها بيد "رقية" وهمست:


- والله قولت مين.


- وبعدين؟


سألت"رقية" بغيظ لترد الاخرى:


- دخل أخونا الجديد وشالني يسألني انا مين؟


اعتدلت "أحلام" على الأريكة تربع ساقيها لتكمل هي الآخرى:


- أنا أول ما شفته قدامي يا رقية اتخضيت.


ثم لانت في نبرتها وتابعت بابتسامة:


- بس مش عارفة ليه بعد كدة ارتحت له..وحبيت الدفا اللي حسيته في وجوده... ولا يمكن عشان كان حنين أول ما دخل كدة... بمجرد طلته.


نظرت اليها "رقية" بطرف عينيها وقالت بتحذير:


-اممم .. وبعدين احنا قولنا ايه!


تراجعت "أحلام" سريعّا تهتف:


- متخافيش يا رقية.. انا مش هثق فيه ابدا ابدا الا لما يفضل معانا.


نفخت "رقية" بضيق ترتب خصلات الصغيرة لأعلى فنهضت "أميرة" من أمامها فور الانتهاء لتجلس بجوار أخيها تشاهد الكرتون.


سمعوا فاجأة طرقة كبيرة على الباب وكأن شىء خبط به، نهضت "رقية" سريعًا برعب دق بقلبها فاجأة، بينما "أحلام" والصغيرين فنهضوا سريعًا يقفوا خلفها، لتنظر "رقية" خلفها تريد هي الأخرى أحد أكبر لتختبئ خلفه، لكنها عادت بمجرد أن رأت أخواتها والخوف بعيونهم، وقفت أمامهم تفرد ذراعيها عليهم بحماية لتهمس بتأنيب وعينيها على الباب الذي دق بذلك الخبط المزعج:


_ ياريتني ...ياريتني كنت...كنت حطيت الحاجات ورا الباب أقفله كويس.

ثم صرخت بصوت مهتز:


_ م...مييين!


وفاجأة انفتح الباب على مصراعيه بشكل فزع،مما جعل الصغيرين يصرخوا وهما يخبئوا وجوههم بساق "أحلام"، 


تحاملت "رقية" لتقف بصلابة أمام من دخلوا رغم الرعب الذي يجعل قلبها يتوقف من خفقانه، فصرخت بهم بصوت مهتز:


_ انتوا...انتوا مين و.. وعايزين ايه!!


نظر احدهم اليها بشر، ثم دخلوا ليتابعوا تفتيشهم للمنزل كالسابق، وعندما أحست ان أحدهم اتي اتجاههم،زادت من فرد ذراعيها على أخواتها وصرخت:


_ اياك حد منكوا يقرب من حد من اخواتي... على جثتي يحصل اللي حصل قبل كدة.


ثم تابعت صارخة بانهيار بوجههم:


_ عندكم البيت اعملوا اللي انتوا عايزينه وجايين عشانه...لكن اخواتي لأ.


تفاجأت بذلك الناظر اليها بشر، يستفذ من صوتها المرتفع، فنظر حوله بريبة لتفسد عليه مهمته كالسابق ، رفع يده لتنزل على وجهها صارخًا:


_ اخرسي انتي كمان....هتلمي علينا الناس.


صرخت "رقية" بألم تنحنى من شدة الضربة، بينما الصغار فظلوا يصرخوا برهبة يحاولوا الاختباء بساق "أحلام" الواقفة ترتجف من الخوف، يتذكرون السابق بالضبط.


#٣٦٥_يوم_أمان


#رانيا_أبو_خديجة


رأيكوااا وتوقعاتكوااا للي جاااي....ياترى اللي حصل ده هيتم على ايه واستغلالهم ان حسام مش في المكان....؟؟


وتميم كدة اتدبس برضاه مع مي تفتكروا علاقتهم هتفضل كدة ولا هتمشي في مسارها الطبيعي 🔥🤭


ولسه معانا قصص محتاجة تكمل واللي لسه محتاجة تبدأ🔥🔥


استنوني ورأيكوااا وتوقعاتكوااا بقى... قراءة ممتعة ❤️🥰

يمكنك متابعة صفحتي على الفيس بوك 👇

                 👈 الانضمام 👉

او الانضمام علي جروب الفيس بوك 👇

       👈👈 جروب الفيس 👉👉

👆👆👆👆

✍️لقراء الفصل السابع من 365 يوم أمان هنا 👇

                //// الفصل السابع  👉


✍️ لقراءه رواية ٣٦٥يوم امان من هنا 👇

            👈 365 يوم امان 👉

واه عايزة أشكركم بجد على رأيكوا في بوست امبارح عالجروب حسيت انكوا خايفين عليا وعلى تعبي بجد والله.. وبإذن الله خلاص ثقة في ربنا وفيكم هبدأ في الموضوع باذن الله ❤️


متنسوش بقى تكثفوا دعواتكوا لأخواتنا ربنا ينصرهم ويثبتهم ويربط على قلوبهم ويهلك عدوهم ويهزمهم شر هزيمة ياارب♥️

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة