U3F1ZWV6ZTMxMjc0MDY2Mjc3MzYyX0ZyZWUxOTczMDM4NTMwMzE2MA==

رواية ٣٦٥ يوم امان الفصل الخامس بقلم رانيا ابو خديجة

 رواية ٣٦٥ يوم امان الفصل الخامس بقلم رانيا ابو خديجة 



رواية ٣٦٥ يوم امان الفصل الخامس بقلم رانيا ابو خديجة

 

الفصل الخامس


#٣٦٥_يوم_أمان

 رواية ٣٦٥ يوم امان الفصل الخامس بقلم رانيا ابو خديجة 

#رانيا_أبو_خديجة

 رواية ٣٦٥ يوم امان الفصل الخامس 

خرج من المرحاض يقف أمام المرآة ينفخ قطرات الماء لأعلى فتحرك خصلاته البنية من على عينيه، تحرك "تميم" اتجاه الدولاب ليخرج ملابسه، فقد قرر يلبي نداء تلك الفتاة الزنانة باتصلاتها المتواصلة، لعلها تساعده في تهدئة ألم قلب الذي لا يتوقف منذ الصباح، مد يده يُخرج جاكت أسود مع بنطلون جينز وتيشيرت أبيض، ألقاهم على الفراش وبدأ يتجاهل أي تفكير يمكن أن يسحبه لذلك الضيق، فلعل بخروجه وترويحه عن نفسه يشغله عن التفكير بها، وضيقه الذي اوشك أن يخنقه، حتى رن هاتفه، التقطه "تميم" يضعه على أذنه ثم يرفع يديه الإثنين ليرتب خصلاته بعد أن ارتدى ملابسه.


_ ألو..ايوا مين مع..


ولم يكمل حديثه بل توسعت عينيه عندما استمع لذلك الصوت الأنثوي الرقيق الذي يعلمه جيدًا.


_ ألو...تميم معايا؟


سقط الهاتف، فهو يعلم صوتها جيدًا رغم مقابلاتهم الطفيفة، وبعد وهلة يستوعب فقط ماذا حدث، انحنى "تميم" يبحث عن الهاتف وهو يتمتم:


_ روحت فين... روحت فين الله يخربيتك!!


واخيرًا وجده أسفل كرسي التسريحة، فتنحنح قبل أن يضعه على أذنه يقول:


_ أيوا تميم....مين معايا؟


_ أنا مي يا تميم..أخت حسام.


ثم صمتت قليلًا و هتفت بحرج :


_ في مشكلة ولا حاجة...أسفة لو اتصلت في وقت مش مناسب.


رد سريعًا وهو يضغط الهاتف لأذنه بتوتر بالغ:


_ لا أبدًا بتقولي ايه بس..اا. خير في حاجة.


ردت بحرج أشد فدائمًا العلاقة بينهم يشوبه الكثير من التوتر من جهته مما يشعرها بعدم الإرتياح؛ ولذلك هاتفت "بدير" قبله.


_ بدير قالي انكوا اتفقتوا انك توصلني مشوار المستشفى بكرة ان شاء الله... معلش يا تميم هتعبك.


صمت قليلًا ثم سأل بعيون واسعة متغاظة:


_ هو بدير قالك كدة؟


_ أيوا..فقولت أكلمك أكد عليك الميعاد واقولك ان المفروض نكون هناك الساعة 8 بدري.


صمت قليلًا ثم هتف:


_ طب معلش يا مي خليكي معايا دقيقة كدة.


ثم وضعها على الإنتظار يحاول مهاتفة الأخر وهو يتمتم بغيظ من بين أسنانه، وجد هاتفه مغلق فأغمض عينيه يقبض على الهاتف بغيظ أشد، ثم وضعه على أذنه يقول:


_ ااا.....هو ميعادك هناك بكرة ان شاء الله ؟


ردت هي مكررة:


_ أيوا... معلش.. واضح إني كان لازم أبلغكوا قبلها.


رد هو على الفور، فأحس أن توتره لمكالماتها المفاجئة له، اوصل إليها ثقل الأمر عليه:


_ لأ ابدًا..... خلاص بكرة باذن الله ه....


تنهد يغمض عينيه ثم تابع:


_ هكون واقفلك تحت البيت على 7 كدة ..تمام؟


_ تمام يا تميم..هستناك.


أغلق معها، وهو يغمض عينيه ومازال الهاتف على أذنه، يحرك شفتيه بأسمه الخارج من فمها بلحن يختلف عما يسمعه دومًا، لكنه سريعًا ما انزل الهاتف ينظر أمامه بغيظ شديد يهمس بحنق:


_ ماشي يا بدير... وربنا أما أشوفك.


ثم نظر بالمرأة أمامه يهمس لنفسه وهو يضع ساعة يده حول معصمه بشرود:


_ هوديها المرة دي بس، لكن بعد كدة ...لأ.


ثم تابع بعدما زفر بضيق وهو ينظر بالهاتف المضئ باسم تلك الفتاة الزنانة، فأمسكة أغلقه وعاد يخلع ساعته وملابسه مرة أخرى:


_مينفعش.. مينفعش يا تميم تسيب نفسك تقرب منها أكتر وانت عارف انه مستحيل... مستحيل.

!!!*****!!!!!!!!******!!!!!


أغلقت الهاتف وهي تخرج من الشرفة فسألتها والدتها الجالسه تتابعها:


_ ايه ، بدير هييجي يوصلنا بكرة؟


رفعت "مي" نظرها من الهاتف تقترب تجلس بجانبها على الأريكة وتهتف بحنق:


_ لأ يا ماما.. بدير مش فاضي ..هييجي تميم.


سألتها والدتها وهي تلاحظ تعابير وجهها:


_ ومالك متضايقة ليه...ماله تميم... والله طيب والاتنين مايتخيروا عن اخواتك مؤدبين وبيحبونا.


اعتدلت "مي" توضح لوالدتها:


_ عارفة يا ماما.. لكن..لكن مش عارفه دائمًا بحس تميم ده مش مريح كدة في التعامل زي بدير... يعني بحسه بحسه..


صمتت تحرك يدها بحيرة فلم تسعفها الكلمات لوصف معاملته لها دائما الغير مفهومة.


_ مش عارفة.


ردت والدتها وهي تلتفت للتليفزيون:


_ والله الجدع محترم وأخوكي مبيدخلش حد البيت مش مريح ..انتِ بس اللي بتدلعي ومتضايقة عشان هيوصلوكي الود ودك تروحي لواحدك... لكن لأ اخوكي معاه حق يبعت معانا حد.


_ يبعت معانا!!... هو حضرتك هتيجي معايا؟


نظرت إليها والدتها بغضب تقول:


_ أومال عايزة تروحي معاه لواحدك ولا ايه؟


فكرت "مي" قليلًا، فكيف ستأتي معها لربما الطبيب يتحدث أمامها بشئ يثير قلقها ، فيصل بها الأمر أنها لا تنام الليل من قلقها عليها، مثلما كان يحدث سابقًا.


!!!!!!*****!!!!!!!******!!!!!!!!!


نائم، بل مُستغرق بالنوم، حتى وصل لمسامعه أصوات مزعجة تأتي من بعيد، فتح "حسام" عين واحدة كلها نعاس وجد باب الغرفة يفتح، اعتدل على الفراش فزعاّ مما رأه.


فقد رأى "أحلام" ومعها الصغيرين يهرولون اتجاهه بفرحة على وجوههم.


اعتدل على الفراش وهو ينظر لهم بريبة واندهاش حتى تقدمت منه "أحلام" في سرعة وبهجة قائلة بفرحة عارمة تعتلي وجهها:


- إياد.. احنا اتأكدنا انك هو.. كل الورق اللي اديته لعم توفيق طلع مظبوط.


ثم اعتلت الفراش تجلس بجانبه من الناحية الأخرى تهتف بدموع ويدها على كتفه باطمئنان:


- أنا دلوقتي أسعد واحدة في الدنيا كلها ... متتصورش أنا مبسوطة دلوقتي قد ايه.


صرخ الصغيرين وهما يجلسون على ساقه ببهجة اكتسبوها من فعل "أحلام".


رمش "حسام " عدة مرات بعينيه التي مازالت مشوشة الرؤية أمامه، فهو دائمًا يأخذ القليل من الوقت بعد استيقاظه لينتبه ويستوعب ما حوله كأي شخص طبيعي، لكنه دار نظره بين "أحلام" الواضعة رأسها على ذراعه تنظر له بسعادة بالغة وتتنهد بعمق، وبين الصغيرين وضوضأتهم المزعجة، وهُنا وبدأ يعود بذاكرته لأمس ، وتدريحيًا ارتسمت ابتسامة طفيفة لهم وبداخله يستوعب أن ذلك أول انتصار بمهمته؛ فأول الطريق وأصعب ما به هو تصديقهم له وقد كان، مال يقبل الصغيرة التي تداعب لحيته ووجهه لكنه توقف عندما رأى تلك الواقفة عند الباب تنظر له بصمت وعبوس على وجهها عكس "أحلام" والصغيرين تمامًا.


رفع يده وفتح فمه لكي يحدثها لكنها سريعًا ما استدارت تخرج من الغرفة، نظر "حسام" للباب لحظة ثم سريعًا ما نظر إلى"أحلام" التي تنظر له بابتسامة حالمة وكأنها وجدت ضالتها بعد يأسٍ طويل، ابتسم لها "حسام" ثم أخذ الصغيرين من على ساقه ووضعهم محله بلطف وسريعًا ما خرج من الغرفة يبحث عنها.


وجد غرفة مغلقة فطرق بابها لم يسمع رد فطرق مرة أخرى حتى سمع صوتها الغاضب:


- ما تدخلي يا زفته بدل الصداع ده عالصبح.


عقد حاجبيه من تلك العصبية والغضب المبالغ بهم ثم فتح الباب بالفعل ودخل وسريعًا ما أغلقه مرة اخرى بعيون متسعة، مُحرجة، وظل واقف بتلك العيون الواسعة حتى فُتح الباب فاجأة يلية صراخها:


- انت أعمى ولا مبتفهمش.. مش تخبط الأول قبل ما تدخل!


كانت تتحدث بعصبية مفرطة، وقد وضعت على جسدها جاكت واسع من اللون الأسود، عكس ما كانت ترتديه منذ لحظة، فعندما دخل عليها الغرفة وجدها بكنزة خفيفة ذو حمالات ومفتوحة من أعلى.


اعتدل"حسام" في وقفته وقال بهدوء وجدية:


- اولًا أنا خبطت وانتي اللي قولتي ادخل...ثانيًا بقى ممكن أعرف عصبيتك دي ايه سببها عالصبح.


ثم تابع بثقة وانتصار:

- اعتقد بقى مفيش داعي لطريقة التعامل دي والغضب ده كله، خصوصًا يعني بعد ما خلاص اتأكدي اني اخوكي مش واحد من الشارع ترجعي تخافي منه.


نظرت له "رقية" نظرة من الرفض والكره الغير مبرر بالنسة له، ايعقل تكون مازالت تشك بأمره؟


دخلت غرفتها مرة أخرى تبحث بأشياها فدخل خلفها 


- انتِ مبترديش عليا ليه.. أنا مش بكلمك؟


التفتت إليه "رقية" وقد التقطت ثياب عملها بالورشة من على الفراش لتبدل ملابسها:


- نعم .. عايز ايه.. انا ورايا شغل ومتأخرة ساعتين كاملين عن فتح الورشة.


نظر "حسام" لما بيدها ثم رفع نظره لها ليقول:

- ورشة ايه دي اللي هتفتحيها... مفيش نزول الورشة تاني اصلًا طول ما أنا موجود.


وكان مُحق فابنزولها ومكوثها طوال الوقت بها، يُعيق ما يريد فعله وقد جاء من أجله، وبالتأكيد وجودها معه سوف يُعرضها للخطر لا محالة.


خرجت "أحلام" مهرولة من الغرفة وخلفها الصغيرين على أصواتهم المرتفعة.


- متعليش صوتك.... ولما أقول مفيش نزول الزفت الورشة يبقى مفيش نزول من غير جدال.


صرخت به "رقية" مرة أخرى:


- هو أنا نازلة اتفسح ... وبعدين بقولك ايه.


رفعت اصبعها بتحذير تردد:


- بص بقى ومن أولها كدة انت ملكش أي حكم لا عليا ولا على حد من اخواتك .. ماشي.


- قولتلك متعليش صوتك.

- لا هعلي براحتي أنا في بيتي مش عاجبك أمشي.

_ قولتك اخرسِي.

_ مش هخرس واسمعني بقى وإلا.

_ وإلا ايه؟

صرخت "أحلام" ليسمعوها من بين أصواتهم المرتفعة:


_باااااااااس.


صمت الإثنين ينظرون لبعضهم بنفس التحدي والعند، فوقفت "أحلام" بينهم تحاول تهدئة الأمر:


- ايه فيه ايه يا رقية ايه اللي حصل؟

ردت "رقية" وهي تشير اتجاهه ومازال الغضب يعتلي وجهها:


- البيه لسه أول يوم معانا هنا وعايز يمنعني من نزول الورشة، اتفضلي قوليله بقى ان أنا مش نازلة أرفه عن نفسي وأنه اساسي عشان نلاقي ناكل.


_ قولتلك ملكيش دعوة بكل ده طول مأنا هنا.

نظرت إليها "أحلام" قليلًا ثم ردت بهدوء:


_ طب وفيها ايه يا رقية، ماهو عنده حق برضو؛ أكيد مش عايز يتعبك ولا يرضيه مرمطك كدة، فحب يريحك.


نظرت إليها "رقية" بغيظ ثم صرخت بها:


_ وأنا مينفعش منزلش الزفت الورشة...ومحدش بقى هيمنعني خلاص.

_ أنا همنعك ولو غصب عنك ، وقولتلك متعليش صوتك.


نظرت إليه بغيظ وكادت تنفجر به مرة أخرى لولا "أحلام" التي حاولت تهدئة الأمر بينهم فقالت وهي تربت على ذراعه لتهدئه:

- طب .. طب أدخل دلوقتي انت يا إياد خد دش كدة وغير هدومك على ما أحضر فطار لينا كلنا انت .. انت على نفس حالتك دي من امبارح.


رد "حسام" بتهكم وعينيه بعيني الآخرى:


- وكنت هعمل ايه أنا وأنا محبوس في الأوضة دي من امبارح. 


- معلش .. خلاص بقى وحقك عليا أنا.


واخيرًا نقل عينيه بتلك النظرة لعيني "أحلام" ولكن بنظرة مختلفة كلها ود وابتسام:


- والله يا أحلام ما مصبرني عالبيت ده ولا العيشه فيه غيرك انتي.


ثم أشار على الثنائي الذي يتابع بصمت واهتمام كمتابعتهم لأفلام الكرتون خاصة مشاهد القط والفار:


- انتي وحبايبي دول.


وليكمل غيظ "رقية" التي كادت أن تنفجر منه أسرع اليه الصغيرين فحملهم على كتفه يدخل بهم الغرفة وهو يدندن بطرب، بينما دخلت "رقية" غرفتها تغلقها بقوة خلفها.


!!!!!!*****!!!****!!!!!!!!!


خرج "حسام" من الغرفة التي كان يمكث بها بعد أن تحمم وغير ثيابه لتيشرت قطني مريح على بنطلون رمادي من نفس الخامة، الملابس البسيطة التي وضعها له "تميم" بنفسه، لتناسب وضعه وسير خط مأموريتهم، رتب خصلاته بمشطه الخاص، ثم خرج من الغرفة يبحث عنهم بعينيه فوجد الصغيرين جالسين أمام منضدة الطعام الأرضية، ينتظرون البقية، اقترب "حسام" يسأل:


- أومال أحلام ورقية فين؟


رد الصغير وهو يرتب الأطباق أمامه حسب ما يحب من الطعام:


- في أوضة رقية.. بتصالحها عشان رقية غضبانة.


وقف قليلّا يتنهد ثم اقترب من باب الغرفة وقبل أن يطرق عليها وصل لمسامعه ما جعله يقترب باذنيه باهتمام بالغ:


- يعني ايه يا رقية... طب ده أنا ما صدقت أما جه واتأكدنا بجد انه أخونا.


ثم تابعت بصوت يتخلله البكاء:


- انت متعرفيش أنا كان بيجرالي ايه كل ليلة من الخوف واحنا لواحدنا ..ومكنتش بطمن غير بيكي وبوجدك لحد بس ما أشوف الرعب في عنيكي واحس برجفة جسمك من الخوف وقتها بحس ان الموت اهون من احساس عدم الأمان ده... يقوم لما ييجي أخ لينا يخاف علينا ونحس بوجود راجل معانا في البيت تقوليلي متأمنيش ولا تثقي فيه.


تركت "رقية" ما بيدها واقتربت تجلس بجانبها تقربها منها تحتويها وقالت:


- انا عارفة يا أحلام كل اللي بتقوليه ده وحاسه بيكي... وصدقيني انا كمان كان نفسي احس بالاطمئنان اللي انتي حاسه بيه ده بوجوده... لكن.


تنهدت بحزن وقلة حيلة وتابعت:


- انت متعرفيش إياد.. كنتِ صغيرة قوي لما سافر، لكن انا بقى فاكرة كويس قوي انانيته وحبه لنفسه لما في يوم صحينا الصبح ملاقيناش العدة اللي كان ابوكي بيشتغل بيها عامل على قد حاله، ولا فلوس الجمعية اللي كانت أمك عملاها مع الجيران عشان تحوش وتعرف هي وابوكي يشتروا بيت بدل ما كنا متبهدلين في كل حته شوية ... وفي الأخر اكتشفنا ان أخوكي هو اللي اخدهم وطفش عشان يسافر برة .. دي كانت أيام ما يعلم بيها إلا ربنا.. انتي متفتكريش حاجة لأنك كنتي صغيرة قوي..لكن أنا بقى فاكرة.


ثم تابعت بشرود ويدها تربت على "أحلام" التي تبكي بصمت :

- انا كنت اه صغيرة لكن منساش دموع أمك يومها وانهيارها ولا اللي أبوكي عمله وقتها من ضيقة الحال اللي كان فيها.


توسعت عيني "حسام" الذي يستمع بالخارج وهمس رغمّا عنه:


- إياد أخوهم كان واطي!


ولكنه همس بغيظ أكبر عندما استمع باقي الحديث:


- الله يخربيتك يا شيخ.


- عشان كدة احنا مش لازم نأمنله ولا نسيبله الورشة كدة يبقى فيها لواحده لأحسن نصحى في يوم نلاقيه باعها وسابنا واختفى تاني واديكي شايفة شكله راجع عامل ازاي.


نظر لنفسه يهمس باندهاش:


- عامل ازاي يعني..مالي!


- يدوب بشنطة معفنة على ضهره فيها هدمتين يعني شكله كدة راجع مفلس ولا كأنه سافر ولا راح ولا جه.


أغمض عينيه وهو يومآ برأسه أكثر من مرة هامسًا:


- معاها حق.


ثم تنهد ورفع يده يطرق على الباب، فتحت "رقية" تنظر له بصمت فقال بابتسامه بسيطة:


- ايه مش هتفطروا.


ثم نظر إلى"أحلام" الجالسه تجفف دموعها واقترب منها يسأل باندهاش:


- ايه ده... مالك يا أحلام... بتعيطي ليه يا حبيبتي؟


نظرت إليه "أحلام" بطرف عينها ثم ردت باختصار وهي تنهض لتخرج من الغرفة:


- مفيش حاجة.. أنا كويسة.


نظر لطريقتها التي تبدلت معه تمامّا بصمت ثم حول نظره لتلك الواقفه ، لم تعير له "رقية" انتباه بل خرجت من الغرفة، تنهد "حسام" بابتسامه تسبق ضحكة خافتة، هو يعلم أن الأمر ليس بسهل وعليه التعامل على ذلك الأساس، فذلك صميم عمله، فليبدأ.


خرج من الغرفة وجدهم جلسوا حول الطعام ، "رقية" تطعم الصغيرين بينما "أحلام" فتجلس بشرود حزين ومازالت علامات البكاء على وجهها، اقترب يحمل الصغير على ساقه يطعمه وبدأ يأكل معهم، ثم رفع نظره اتجاهها وأردف قائلّا:


- على فكرة أنا معنديش مانع خلاص انك تنزلي الورشة.


توقفت "رقية" عن الطعام ترد بعند:


- ومين قالك اصلّا انك كنت ممكن تمنعني.


رد ببساطه:


- انا فكرت فيها وقولت رغم اني عايز اريحك انتِ واخواتي لكن برضو انا محتاجك معايا على الأقل في الأول كدة على ما أتعلم الشغلانة.


نظرت "رقية" إلى "أحلام" بصمت فحولت "أحلام" نظرها إليه تسأل بنبرة بكاء لعلها تطمئن ولو قليلًا:

_ إياد..انت...انت ممكن تسافر وتسيبنا تاني؟

نظر إليها "حسام" ثم رد بابتسامة اطمئنان:


_ تفتكري يا أحلام حد ممكن يسيب أخواته لواحدهم كدة ويفكر يسافر تاني ويسيبهم.


ثم نظر إلى "رقية" بطرف عينه وتابع:


_ إذا كنت عملت ده قبل كدة، فكان وقتها الوضع مختلف، أنا سافرت عشان أحاول أحسن من حالنا شوية، كمان وقتها أنا كنت مطمن بوجود بابا وماما معاكوا.

ثم تابع وهو يطعم الصغير بحب:


_ حد يسيب الجمال ده ويسافر ..طب إزاي بقى.


عادت "أحلام" تنظر إلى "رقية" وجدتها تنظر له بعدم تصديق وهي تلوك الطعام بفمها.


!!!!!*****!!!!!!!******!!!!!!!!


خَرج "حسام" من البيت وسار حسب وصف "أحلام" والصغيرين، ينظر بكل مكان بأريحية تامة وابتسامة ثقة وكأنه معتاد البلدة ونشأ بها من صغره، يضع يديه بجيوب بنطاله الجينز البسيط وعندما ينظر له أحد باندهاش؛ فهو غريب على أهل المكان والبعض منهم شاهدوه وهو يخرج من منزل منصور، يبتسم بثقة ويرفع يده ويلقي السلام فيرد الناظر إليه باندهاش ويسأل مَن بجانبه عن هوية المار، حتى يتنقل الخبر بينهم، وذلك مُراده.


وصل أخيرّا للورشة وهنا التفت يسارّّا وجد عامل ممسك فوطة صغيرة الحجم ملطخة بالشحم بيده وأداة باليد الأخرى ويعمل بتفاني ثم ينفخ رافع يده لجبهته بتعب ثم يعود يميل على السيارة مرة أخرى بعمليه ليكمل اصلاحها.


نظر "حسام" بتمعن لذلك العامل ذو العفريتة السوداء وجدها هي، "رقية" تميل على السيارة وتقبض بيد قوية على الأداة التي بيدها، تقدم يدخل يُلقي السلام فلتفت "ميمي" العامل الصغير يرد، بينما هي فحانت منها التفاتة، رأته بطرف عينيها ثم تجاهلته تتابع عملها.


- اؤمر يا باشا؟


رد "حسام" وعينيه على تلك الواقفة تتابع عملها دون توقف من أجله أو من أجل دخوله:


- انت بتتشتغل مع رقية هنا؟


_اه بشتغل مع الست رقية.. اؤمر.


نظر له "حسام" وقال:


- طيب أنا إياد.. أخو رقية.


لاحظ "حسام" نفخها بضيق عند سماعها جملته، فأبتسم يكرر:


- وبما اني أخو الست رقية .. فا...


صمت قليلّا يعلم انتباهها لما سيقول؛ فتابع بعد وهلة ويلاحظ يدها التي توقفت عن العمل دون دراية منها:


- قررت اني أجي أساعدكوا.


وهنا اعتدلت "رقية" واقفة تنظر اتجاهه وقالت بنبرة قوية غاضبة:


- ميمي!!!


أسرع إليها الصغير:


- تحت أمرك يا ست رقية.


- عندنا شغل ولا هتقف ترغي عندك كتير.


أماء إليها الصغير وابتسم بترحاب ل"حسام" ثم اتجه للداخل يتابع عمله، تقدم "حسام" منها ووقف بجانبها مباشرتّا يراقب ما تفعله، وبعد عدة دقائق بدأت "رقية" تنفخ بضيق منه ومن وقفته تلك وتضع الأدوات بعصبية وتلقيها على الأرض، أمسكت أداة تعمل على ربط عناصر السيارة ببعضها وتحاول، فلم تفلح، وتحاول مرة أخرى ربطها ثم تنفخ بنفس ضيقها، فألقت بالمفك على الأرض بعصبية، ثم أمسكت أخر تحاول وتحاول ربطه، فزفرت بملل وضيق واسع حتى سمعت ذلك الضحك بجانبها، التفتت "رقية" وجدته هو ولا تعلم أنه ومنذ وقوفه يشاهدها ويتابع ضيقها بابتسامات ثم ضحكات خافته حتى حانة منه تلك الضحكة الرنانة، رأته يضحك، ثم وسريعًا رفع يده بمعنى "خلاص مش هضحك " واقترب يقول بود:


- خليني أساعدك.


- شكرًا.


شددت "رقية" على كلمتها بنبرة قوية يتخللها الغيظ والضيق فأقترب هو أكثر حتى اضطرت هي أن تبتعد وقال وهو يلتقط تلك الآلة الملقاه على الأرض:

_ لأ هساعدك... ده حقك عليا متنسيش اني أخوكي الكبير.


نفخت "رقية" مرة أخرى فيزداد هو ابتسام من تكرار ردة فعلها كلما سمعت جملته، ثم تابع بنبرة مرتاحة وكأنه يسلي نفسه ويده تعمل بالسيارة:


-عارفة ايه أحلى حاجة في شغلة الميكانيكة دي يا رقية؟


- لا.


ردت باقتضاب دلاله على ضيقها وعدم رغبتها في سماعه فتابع هو:


- إنها شغلة رجالة.


ثم نظر إليها يهمس:


- مش حريم.


اغتاظت "رقية" فتوسعت عينيها بشرار فضحك هو وتابع:


- بس عارفة بقى ايه الأحلى؟


-لا... ومش عايزة أعرف.


قالتها من بين أسنانها، فتابع هو ببساطة وهدوء يتسبب لها في جلطة دموية حادة:


- إن الستات نفسها تبقى عارفة كدة.


!!!!!!******!!!!!!!******!!!!!!!! 

ظل "حسام" معها طوال اليوم يساعدها رغمًا عنها، وكلما أحس بها تضع يدها بظهرها لتنهض من أمام السيارة بتعب؛ أبعدها ليكمل مكانها، وحينًا آخر يشاكسها رغبتًا منه أن يجعلها تمل وتترك له الورشة ليتابع سير مهمته، ويبدأ بفعل ما أتى من أجله، لكنها عنيدة وقد علم ذلك.


أتى الليلُ عليهم، نظرت "رقية" أمامها بقلق عندما رأت تلك الدائرة المتجمعة أمام الورشة كعادة كل ليلة تتأخر بها بعملها، لاحظ "حسام" نظرتها لهم المتوترة، وعينيهم التي لا تكف عن النظر اليها بذالك الهمس، فأقترب منها يهمس لها وعينيه عليهم:


_ في ايه...مين دول...تعرفيهم؟


كانت عينيها عليهم بشرود قلبها يخفق برعب كل ليلة، لكنها انتبهت له، فحركت رأسها بلأ ثم زفرت بضيق منه وتركته لتغلق الورشة.


ينظرون إليها ويتهامسون بذلك الشاب الجديد الذي يعمل معها ويُحدثها عن قرب طوال النهار، فيزداد طمعهم بها، انتهت "رقية" فقالت للصبي الذي يدس يومية اليوم بجيب بنطاله الصغير:


_ ما..متتأخرش بكرة بقى ي..يا ميمي..ها.


_ تحت أمرك يا ست الكل.


ثم تركها ورحل، فسارت هي وبجانبها "حسام" المنشغل بخوفها الذي يتسبب في ارتجاف صوتها ويدها، كذالك ملامحها القلقة.


انتبه لخطوات خلفهم، فبدأ يسير ببطء ثم التفت ينظر خلفه بطرف عينيه، وفاجأة التفت بحدة يقبض على عنق أحدهم:


_ انتوا بقى ماشيين ورانا كدة ليه... وعايزين منها ايه...انطق يالا؟!!


نبرة وطريقة ضابط شرطة لا شك، وقفت هي واضعة يدها على فمها بتفاجأ وخوف، بينما حاول أصدقاء الآخر أن يخلصوا زميلهم من قبضته بعد أن صرخ هو يحاول فك نفسه:


_ وانت مال أهلك انت.. وبعدين ما انت مقضيها معاها طول النهار... حد كان قالك بتعمل ايه!


أغتاظ "حسام" مما سمعه منه، فلف عنقه على ذراعة ليصرخ الآخر بألم حاد، هجم عليه أربعتهم، لكنه وبحكم عمله تمكن بحركات قليلة، من ضرب أحدهم بقدمه في معدته فينحني بألم، ثم ضرب رأس القابع بين يديه برأس أخر، بينما أمسك بالرابع يلكمه بوجهه، فنظروا له بخوف فارين تاركينه بيده، فردد بصوت مرتفع كي يصل اليهم:


_ لو شفت وشكوا هنا تاني ولا واقفين وقفتكوا دي تاني قدام الورشة هقل منكوا....فاهمييين.


ثم نظر للواقف بين يده يضع كفيه قرب وجهه مخافته فكرر وهو يمسكه من ياقة ملابسه:


_ بلغ زمايلك، لو شفت وش حد منكوا معدي من هنا بس بعد كدة، أنا مش هسمي عليه، سامع يالا.


ثم ألقاه ليفر مسرعًا، التفت إلى "رقية" وجدها واضعة يدها على فمها مازلت ترتجف بخوف، فأقترب منها قائلا بهدوء كي يطمئنها وعينيه تمر على يدها المرتجفة فوق فمها كأرتجاف باقي جسدها:


_ متخافيش... متخافيش أنا معاكي ولو حد منهم قرب ناحية الورشة تاني قوليلي.


أماءت له "رقية" وهي تنظر بالشارع من حولها الخالي تمامًا من البشر رغم ما حدث، ورغم كل تلك الأصوات، تشرد بخيالها لو كانت هي من تعرضت لمهاجمتهم، فلم تجد مغيث بالتأكيد.


بعد عدة دقائق، يطرق "حسام" باب البيت بينما هي واقفة بجانبه صامته منذ ما حدث، سمعوا صوت "أحلام" تسأل:


_ مين....مين برة؟


رد وعينيه عالواقفة بجانبة مازالت ترتجف:


_ احنا يا أحلام افتحي.


انتظر عدة دقائق يسمع فقط صوت أشياء تنزاح من خلف الباب، ثم فتحت، دخل الاثنين فقالت "أحلام" وهي مازالت واقفة عند الباب تحاول عودة الأشياء الثقيلة ومعها الصغيرين يساعدوها:


_ حمدالله عالسلامة....اتأخرتي قوي النهاردة يا رقية برضو.


نظر"حسام" باندهاش لكل تلك الأشياء الثقيلة والتي تحاول "أحلام" بقلة حيلة ان تضعها خلف الباب، نظر للأنبوبة المعدنية الكبيرة، وللكرسي الثقيل الغير قادرة على ازاحته، ثم باقي الأشياء التي يحاول الصغيرين مساعدتها في وضعهم خلف الباب، فأقترب يسألها باندهاش:


_ بتعملي ايه يا أحلام؟!


ردت بصوت متحشرج من ثقل ما تزيح:


_ بقفل الباب.


اقترب يزيح ما وضعته وهو يقول بدهشة:


_ بكل ده..بتقفلي الباب بكل ده؟!


ردت "رقية" التي تتابع ما يفعله بقلق وعدم ارتياح:


_ ممكن تسيبها تقفل الباب كويس.... أنا مبانمش الليل لو الحاجات دي مش ورا الباب.


نظر إليها قليلًا ثم هز رأسه بحزن من ما يراه، وازاح كل ما حاولت "أحلام" وضعه، وفتح الباب على آخره قائلًا:


_ متخافيش يا رقية، أنا معاكوا.


ثم اتجه إليها قائلًا بحنان كي يطمئنها وهو يفك يديها التي تفركهم ببعض بريبة منذ ما حدث بالشارع:


_ انتِ الكبيرة.. مينفعش أخواتك يشوفوكي خايفة كدة...هيخافوا أكتر...ويترعبوا كمان.. حرام عليكِ.


انتبهت "رقية" تنظر لأخواتها حولها ثم قالت وهي تحاول السيطرة على خفقان قلبها الذي لن يتوقف منذ ما حدث:


_ مين قالك إني خايفة من حاجة أصلًا... أنا كويسة.


ثم نظرت للباب الذي فتحه على أخره.


_ طيب على الأقل أقفل الباب...الجو ليل..و..وكدة غلط.. عشان.. عشان أخواتك بس.


نظر إليها "حسام" ثم ارتسمت ابتسامة على وجهه قائلًا وهو يفتح الدفة الأخرى للباب الخشبي:


_ يا شيخة خليه يهوي البيت...ريحته مكمكمة من القفل...طول النهار... والليل.


نظرت "أحلام" للباب المفتوح بخوف، بينما "رقية" فنظرت له برعب، أما الصغيرين فأبتسموا وبدأوا يلعبون بالقرب منه بمرح وكأنهم أخيرًا تنفسوا هواء بارد من الخارج بعد تلك المدة، تحرك "حسام" للداخل ليعدل من حاله ويبدل ملابسه، لكن أسرعت اليه "رقية" بلهفة:


_ انت....انت رايح فين!


التفت ينظر إليها قائلًا باندهاش:


_ هدخل أخد دش وأغير....في ايه؟


قالت وعينيها على الباب المفتوح على آخره:


_ لأ....خ..خليك هنا انت الأول بعدين.. بعدين ابقى أدخل.


اقترب منها"حسام" ثم رفع يده لحاجبيها المعقودين بخوف يمرر أصابعه عليهم بلين كي تسترخى وقال بهدوء:


_ انا مش ههرب..ده هما تلات دقايق بس ... وياستي لو حصل حاجة نادي عليا...هتلاقيني قدامك.


ثم كرر وهو يتجه للداخل:

_ وجمدي قلبك بقى....عيب.. عشان أخواتك.


وبالفعل دخل تارك باب المنزل مفتوح على مصراعيه، بينما هي فمن هول ما رأت بالليالي الماضية كانت ترتجف وعينيها على ذلك الباب الخشبي، فاليته ما فعل، فقد كانت مُحقة، ففور دخوله لم يكن يعلم بما سيحدث، او من يراقبوهم منذ خروجهم من باب الورشة.


#رانيا_أبو_خديجة

يمكنك متابعة صفحتي على الفيس بوك 👇

                 👈 الانضمام 👉

او الانضمام علي جروب الفيس بوك 👇

       👈👈 جروب الفيس 👉👉

👆👆👆👆

✍️لقراء الفصل السادس من 365 يوم أمان هنا 👇

                //// الفصل السادس  👉


✍️ لقراءه رواية ٣٦٥يوم امان من هنا 👇

            👈 365 يوم امان 👉

رأيكوااا وتوقعاتكوااا ياترى ايه اللي لسه هيحصل تاني لما في أول يوم حصل كل ده.....وتميم ومي يومهم مشي ازااي لسه معرفشناش....توقعااتكوا ....وتفااعل حلو بقى خلينا نكمل باقي ال #٣٦٥_يوم_أمان يلااا قراءة ممتعة ❤️🥰

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة