U3F1ZWV6ZTMxMjc0MDY2Mjc3MzYyX0ZyZWUxOTczMDM4NTMwMzE2MA==

روايه ٣٦٥يوم أمان الفصل العاشر بقلم رانيا ابو خديجه

 روايه ٣٦٥ يوم امان الفصل العاشر بقلم رانيا ابو خديجة 

رواية 365 يوم امان  بقلم رانيا ابو خديجة 

٣٦٥ يوم أمان

رانيا أبو خديجة 

روايه ٣٦٥ يوم امان الفصل العاشر بقلم رانيا ابو خديجة


خرج من مكتب اللواء وبيده ملف يفتحه ينظر به ويتقدم بخطواته لمكتبه، لكنه حانة منه نظرة أمامه ثم عاد بنظره للملف بيده، لكن عاد بنظره سريعًا ينظر بالطرقة أمامة، بعيون واسعة أيعقل تكون هي هنا!!.. أم يتخيلها..!! فكيف لها أن تأتي هنا مكان عمله، تبدو محتارة تنظر حولها وكأنها طفلة وقعت هنا بالخطأ، تائهة...ظل واقف يتأملها من بعيد بعيون تخشى أن ترمش لتختفي، بينما هي فكانت واقفة كما تركها أخيها، بدأت "مي" تتلفت حولها بانبهار للمكان الواسع الرسمي بشكل مُلفت، أبواب كثيرة للمكاتب من حولها، ثم يمر عليها أحد هنا وهناك حتى استقرت عينيها على ذلك الواقف بعيد بيده ملف مفتوح في الهواء بينما عينيه مسلطة عليها وكأنه شرد، ابتسمت "مي" ترفع يدها له بسلام وكأنها اخيرًا وجدت أحد تعرفه هنا،

ثم تقدمت منه لتقول بصوتها الهادئ:

_ تميم...انت هنا؟

اقترب هو خطوة باندهاش ومازال الملف مفتوح بين يديه:

_ مي!! انتي بتعملي ايه هنا؟!

أشارت بيدها عالطرقة أمامهم:

_ علي جوا شاف حد من صحابه فنداه وقالي استنى هنا.. بعدين دخل معاه مكتب هناك.

تقدم "تميم" بهدوء وصمت اليها خطوة إضافية ثم همس وعينيه تمر على ملامحها الذي لم يراها منذ أن كان معها بالمشفى منذ أيام:

_ هو...هو علي جه...امتى ..مقاليش.

ردت هي بنفس ابتسامتها البسيطة وعينيها بعينيه ببساطة:

_ وصل النهاردة الصبح... بعدين أصر نروح المستشفى بعد الفطار عشان يطمن عليا من الدكتور...وقال يعدي يشوفك عشان عايزك.

_طيب...طيب ليه مكلمنيش؟

_ للأسف يا تميم...هو معندوش وقت..سمعته بيقول لماما انه لازم يسافر على بالليل كدة.

صمت "تميم" ناظر إليها، ثم انتبه سريعًا وقال وهو يشير على أحد المكاتب المغلقة بالدور:

_ طيب..طيب تعالي تعالي نستناه في مكتبي ...اتفضلي.

دخلت "مي" مكتبه تنظر حولها بابتسامة ثم قالت وهي تتجه لتجلس على كرسي أمامه:

_ ده مكتبك ..حلو قوي يا تميم.

جلس هو الأخر على كرسي أمامها مباشرتًا ثم رد بابتسامة لأول مرة تراها تقريبًا:

_ أول مرة أشوفك هنا في الجهاز...شكلك أول مرة تيجي.

ردت هي وعينيها تدور حولها:

_ فعلاً أول مرة أجي.

ظلت تدور بعينها بانبهار وكأنها طفلة، فأبتسم "تميم" وعينيه لاتفارقها ولا تفارق ملامحها، يحاول أن يستوعب وجودها هنا بمكتبه، رمش بعينيه عدة مرات بعدم تصديق مايحدث معه،فكلما يحاول بشتى الطرق الابتعاد يجدها أمامه، يحاول يستوعب وجوده معها دونًا عن غيره بالمشفى تؤدي متابعتها لتخفيف ألمها، فكيف يستوعب وجودها بمكتبه، بعمله وجلوسها أمامه وحدها الآن.

أفاق من تحديقه بها على صوت هاتفها، فنظرت به ثم قالت قبل أن ترد:

_ ده علي...تلقيه قلق عليا.

ثم ردت:

_ أيوا يا علي.. أنا هنا في مكتب تميم.

يالله!!...ترتسم ابتسامة تلقائية لايعلم مصدرها فور سماعه اسمه من فمها بذلك الصوت الذي يحلم به ليلًا.

فور غلقها الخط مع أخيها، حاول كبت ابتسامته ثم هتف بهدوء يناسب ذلك الهدوء والرقة الطاغية أمامه:

_ تشربي ايه يا مي؟

رفعت نظرها تنظر اليه بنفس ابتسامتها الذي دومًا يسأل نفسه، متى تفارقها تلك الابتسامة الرقيقة التي يراها بها دومًا:

_ شكرًا يا تميم... أنا بجد مش حابة أعطلك.

نظر إليها بصمت هاكذا يبدو لها لم تعلم بهمسه الداخلي بتلك النظرة:

_ تعطليني!

ثم همس داخلياً:

_ ده انا مش عارف اعمل حاجه من يوم مشوارنا سوا...منه لله أخوكي ده.

دخل "علي" الغرفة بنفس صخبه دون طرقة واحدة على الباب ليفسد عليه ذلك الشرود وهمسه مع ذاته،

- حبيب قلبي.

دخل كعادته بتلك الضجة في صوته وذراعيه مفرودين وكأنه سوف يأخذ المكتب كله بأحضانه.

ابتسم"تميم" على ذلك الصخب المعتاد منه ثم وقف يقترب ليحضنه لكن الآخر مر للجهة الأخرى يضحك، ضيق تميم عينيه بغيظ ليقول:

- ايه الرخامة دي كلها يالا.

  وضعت "مي" يدها على فمها تضحك على الإثنين وهي تهز رأسها بيأس من أخيها المعروف عنه تلك الأفعال، بينما اقترب "علي" من المكتب وضحكاته تغرق المكان بأكمله، جلس على المقعد الخاص "بتميم" ثم مدد ساقيه أمامه على حافة المكتب ليجلس "تميم" بالكرسي المقابل لأخته ويقول بغيظ:

- ولو حد دخل دلوقتي... اقوله مين حضرتك عشان تقعد القاعدة دي.

رد ويده تتلاعب بأشياء المكتب:

- قوله سيدك واللواء القادم باذن الله.

ردد "تميم" خلفه بهمس:

- يارب يا أخويا حد يكره... بس أنا الأول ده انا والله مجتهد وطلعان عيني اليومين دول.

ضحك الآخر ليقترب يستند بذراعيه على المكتب ويقول وكأنه نسي وجود أخته معهم بالمكتب:

- انت مجتهد!!..ياجدع.... أومال الصرمحة والبنات هتروح فين ها؟

نظر "تميم" سريعًا اليها، ثم ابتسم باهتزاز فوضعت هي يدها على فمها تداري ضحكتها، ثم نهض يقترب من الأخر ويقول من بين أسنانه بغيظ:

- انا.. طب ده انت ظالمني والله .... هو انا بقيت عارف أبص ورايا حته من الشغل.

كان يتحدث وعينه عليها وكأن ذلك كل ما يهمه بالأمر، وهو بذاته لايعلم فيما يهم، صدح رنين هاتفه الموضوع فوق سطح المكتب انتشله "علي" سريعًا ينظر به فضحك بصوته المرتفع يقول بتهكم:

- اه يا مجتهد... أومال مين نرمي....

وضع "تميم" يده على فمه ليخرسه ويقول بغيظ منه ومازالت عينيه عليها بابتسامة واسعة يداري خلفه حرجه:

- وحشتني والله يا علي...وحشتني يا جدع.

ثم ضغط بيده على فمه بغيظ أشد، ليحاول يزيحها الأخر،ويقول بإصرار:

- طب وربنا انا لو عندي عيونك الخضرا دي وربنا كنت قطعت الدنيا و.....

وضع يده مرة أخرى يرد بضحك وعينيه اتجاهها:

- عسل...أخوكي ده يا مي عسل .. بحبك والله يا علي.

ثم انحنى يهمس له بجانب اذنه مباشرتًا وبداخله يريد أن يلبسه تلك الطفاية الكبيرة بوجهه:

_ اخرس يا حيوان أختك قاعدة.

أخيرًا نظر اليها، يعترف بوجودها معهم بالغرفة، فأعتدل يبعد يده ويهمس له بعد أن غمز بعينيه بمعنى نعم فهمت:

_ أيوا ايوا صح... ربنا يوفقك يا تميم يا أخويا.

عاد "تميم" يجلس أمامها، ليقول وعينيه على الأخر بغيظ:

- انت هنا كام يوم يا زفت؟

ثم تراجع سريعًا بنفس النظرة اليها والإبتسامة الواسعة:

_قصدي يا علي يا حبيبي؟

- لا انا ماشي النهاردة.

ثم اعتدل بجديه وعينيه على أختهِ:

- صحيح كنت هتنسيني اللي جاي عشانه.

ثم أشار إلى أخته الجالسة تتابعهم بمرح بعينيها:

_مي يا تميم.

توسعت عيني الآخر قبل أن ينظر اليها، فالحديث عليها إذًا، فتابع "علي":

- عرفت انك انت اللي ودتها المستشفى المرة اللي فاتت..وان انت اللي هتوديها المرة الجايه قالتلي انك قولتلها كدة.. تميم انا مش هوصيك ..مي متروحش المستشفى لواحدها ابدًا دي احيانا كتير بتتعب ومينفعش ده يحصل وهي لوحدها... حسام لو يعرف حد تاني جدع ويسد مكنش قالك انت وبدير... مفيش غير ولاد عمنا عماد ومصطفى بس واحد منهم في الجيش والتاني أنا هبقى أكلمه أقوله ييجي يشقر عليهم كدة ويروح مع...

قاطعه "تميم" سريعًا بنبرة يشوبها الضيق:

_ ابن عمها مين يا أبني...مااحنا موجودين أهو..و.. وبعدين

نظر اليها ثم اليه وتابع على الفور:

_ ثم ان احنا مش غرب أنا وبدير اخواتها برضو...ولا ايه؟

!!!!****!!!!!*****!!!!!!

تجلس مع الصغيرين وعينيها على الباب، نظرت للهاتف الصغير الموضوع بجانبهم على الأريكة، ثم التقطته تقبض عليه بقوة وتتذكر كلماته قبل خروجه من المنزل؛ اذا حدث أي شئ او شعروا بأي خطر تهاتفه على الفور، نظرت "أحلام" للصغيرين الممددين بجانبها واضعين رأسهم على ساقها، يشاهدون التلفاز كالمعتاد دون انتباه لنظرات خوفها المصوبة على الباب، تنهدت "أحلام" بقلق فنهضت من جلستها فقال الصغير بحنق:

_ يا أحلام خليكي... كنت مرتاح كدة.

بينما نهضت الصغيرة تقف معها، نظرت إليها "أحلام" قائلة:

_ ايه؟

ردت الصغيرة الناظرة اليها بعلو:

_ راحة فين يا أحلام..هاجي معاكي.

نفخت "أحلام" بضيق يصاحبه رعبها من جلستها وسطهم وحدها، ثم تقدمت من غرفة "رقية" فتحت الباب ودخلت، وجدتها نائمة على الفراش ومستغرقة بالنوم منذ مجيئها من الورشة مُتعبه، تقدمت منها وهمست:

_ رقية ....يارقية.

اقتربت الصغيرة توكزها في كتفها وتنادي هي الأخرى:

_ رقية اصحي.. رقية..اصحي أحلام عايزاكي.

تملمت "رقية" بنعاس ثم فتحت عين واحدة تنظر إلى الواقفين أمام الفراش وهمست بنعاسها:

_ ايه يا أحلام في ايه؟

جلست "أحلام" على طرف الفراش تقول بنبرة حزينة مهمومة:

_ قومي يا رقية أقعدي معايا برة... انا... أنا خايفة وانا صاحية لواحدي.

ردد الصغيرين بصوت واحد:

_ وأنا كمان.

اعتدلت "رقية تجلس بتعب ثم قالت وتضع يدها بتثاؤب على فمها وتهمس:

_ أومال أخوكي فين... انا دخلت نمت وسيباه قاعد وسطكوا برة.

_ خرج من بدري...وقالي لو حصل حاجة أكلمه.

اعتدلت "رقية" بقلق تنظر حولها:

_ هو...هو انتي حسيتي بحاجة...في حد جه ولا حاجة؟

_ لأ يا رقية مفيش بس أنا خايفة...بقى الليل ييجي عليا بيخوفني... خليكي صاحية معايا لحد ما إياد ييجي أنا مبحسش بالأمان غير وهو في البيت.

صمتت "رقية" تنظر حولها بقلق هي الأخرى فأصبحت كذلك لاتشعر بالاطمئنان وهو خارج المنزل، فقالت وهي تفسح لهم في الفراش بتعب:

_ يبقى تيجي تنامي انتي واخواتك هنا جنبي لحد ما ييجي..لاني ما بصدق اغمض عيني وصراحة أنا ميتة من التعب مش قادرة أسهر.

نظرت "أحلام" حولها وجدت الصغيرين يقفوا بجانب الفراش ناظرين اليهم، فحملت الصغيرة ثم الصغير الآخر ترفعهم للفراش يناموا بينها هي و"رقية" ثم صعدت هي الأخرى تنام بجانبهم، وتركت صوت التلفاز ليعطيها بعض الاحساس بالونس حتى النعاس، 

وبعد نصف ساعة سمعت صوت سيارة قوي من الخارج، ثم دق باب البيت طرقات حرص صاحبها انها تكون خفيفة حتى لاترعبهم، نهضت "أحلام" بقلق وخرجت من الغرفة تقف خلف الباب تهمس وقلبها يدق بقوة:

_ مين؟

سمعت الصوت الوحيد الذي يمكنه طمأنتها الآن...تنتظره منذ خروجه من البيت.

_ أنا يا أحلام افتحي.

ابتسمت باتساع تتنهد براحة

_ إيااااد... حاضر هفتح أهو.

ثم فتحت، دلف هو بوجه بشوش وابتسامة وبيده عدة شنط بلاستيكية فاخمة المظهر، ليقول بتسأل:

_ اخواتك فين يا أحلام؟

صمتت، عينيها تمر باندهاش على مظهره الذي أختلف تمامًا بتلك الاناقة والشياكة الغير معتادة فهمست:

_ الله!!! ايه الحلاوة دي...شكلك حلو.

ضحك هو يقرصها من خدها ليقول بمرح وعينيه تبحث عنهم:

_ انا قولت شوية شياكة كدة عالماشي،

ثم سأل 

_ فين اخواتك؟

قالت "أحلام" وهي تتجه ببهجة للغرفة:

_ تعالى...احنا كلنا في أوضة رقية.

قال هو سريعًا:

_ لأ لأ قوليلهم هما يخرجوا هنا احسن.

دخلت سريعًا الغرفة، انتظر هو دقيقتين ثم سمع صوتها من الداخل:

_ تعالى يا إياد أدخل...مش راضيين يصحوا.

وقف قليلًا بتردد، ثم تقدم يطرق على الغرفة حتى سمع:

_ أدخل في ايه...تعالى انت صحيهم بقى.

دخل بالفعل وجدها نائمة تأخذ الصغيرين بحضنها ومغمضة عينيها بنومٍ عميق، فتردد وكاد يخرج من الغرفة إلا أنه رأى ذلك الغطاء الذي لا يظهر سوا وجهها وخصلاتها المبعثرة حولها على الفراش، فدخل ينادي على الصغيرين ومازالت بيده الحقائب:

_ أميرة...زياد...أصحوا شوفوا جبتلكوا ايه.

ثم وضع الحقائب بجانبهم على طرف الفراش، ليصل لأذنهم صوت الحقائب البلاستيكية مع صوته بالنداء عليهم، فنهض الصغير يفرك عينيه بنعاس، فأقترب منه "حسام" بابتسامة ليمسك إحدى الحقائق بيده يخرج ما بها أمام عينيه ويقول:

_ اصحى يا عم شوف جبتلك ايه...بص.

توسعت عيني الصغير أمام تلك المشتريات الجديدة فمد يده يمسكها، ثم التفت يوقظ تؤامه:

_ أميرة...أميرة اصحي...شوفي إياد جبلي ايه وانتي لأ.

نهضت الصغيرة على الفور تنظر اليهم ثم قالت بنبرة على وشك البكاء:

_ ايه ده...ده بجد.

ضحك "حسام" ليقول:

_قبل ما تعيطي...تعالي انتي كمان شوفي جبتلك ايه.

اعتدلت بحماس ليخرج من الحقائب ملابسها، ثم أخرج كذلك ملابس "أحلام"، ومن الصخب حولها فتحت عينيها ترمش عدة مرات لتستوعب، ثم فتحتهم على وسعهم، لتتفاجأ بتلك العيون ناظرة بعينيها مباشرتًا، ثم نهضت تنظر حولها حتى تفهم، 

لتهتف "أحلام" بسعادة بالغة وبيدها فستانها:

- انا هروح أشوفه عليا.

سار خلفها الصغيرين وكلا منهم بيده قطعته.

- وأنا يا أحلام خدي لبسيني.

تأففت "أحلام" وهي تخرج من الغرفة وهما خلفها:

- تعالي يا زفتة انتي وهو... اووف.

ضحك "حسام" ثم التفت لتلك الجالسة على الفراش تنظر اليه بصمت وعيون بها شك فقط، فقال بابتسامة وهو يخرج الفستان الخاص بها من شنطتها التي لم تفتحها من باب الفضول حتي:

_ وانتي مش هتقومي تلبسي ده وتوريهولي عليكي يا رقية؟

ظلت صامتة قليلًا ثم هتفت:

- جبت الحاجات دي منين يا اياد؟

ترك هو الحقيبة من يده ثم رد ببساطة:

- هتكون منين يعني من عند بتاع الملابس.

ثم تابع بحماس وسعادة:

- أما بقى العربية فمن افخم معارض السيارات.

هتفت "رقية" باندهاش:

- ايه!! عربية؟

أخذها من يدها يساعدها على النهوض من الفراش ليقول:

- مش مصدقاني.. طب تعالي.. تعالي شوفي.

أوقفها أمام شباك غرفتها الذي فتحه على مصراعيه أمام عينيها لتنظر لتلك السيارة الفارهة والتي حرص كل الحرص أن يلف بها جميع أنحاء البلدة ليراها الجميع، بالأخص من يقصدهم، نظرت "رقية" بعيون واسعة لتلك السيارة حمراء اللون والتي حرص ايضا ان تكون ذات لون عشوائي لتناسب اختيار واحد مثل "إياد".

هتفت "رقية" بشهقة عالية بعد ان استدارت اليه:

- يالهوي... انت جبت العربية دي منين؟!!!

- ماقولتلك من معرض العربيات؟

نظرت اليه بضيق ثم صرخت بوجهه:

- انا مبهزرش... انت جبت الحاجات دي منين مأنا عارفة كويس قوي الحالة وكلنا شايفين.

رد هو بهدوء:


- شايفين ايه بالظبط مش فاهم...انا زي ما قولتلكوا قبل كدة ليا فلوس عند ناس والحمد لله كلمت كذا وسيط وجابولي جزء من حقي .

وضعت "رقية" يدها على ذراعة تلفه لها بقوة ثم قالت:

- انا أول مرة اسمع الكلام ده... ثم ان مين الناس دي هو انت لسه عرفت حد في البلد ... عرفت حد في مصر اصلًا!!

رد هو بنبرة ثقة اطقنها:

- ومين قالك ان الناس دي من البلد ولا من مصر اصلًا... ده شقى عمري وشقى الغربة اللي كنت فيها والحمد لله قدرت اشوف ناس وسطاء بيني وبينهم ورجعولي جزء من فلوسي.

نظرت اليه بعدم تصديق وشك، ثم سارت الى مكتبها الصغير بالغرفة وجلبت من على سطحه مصحفها صغير الحجم وقالت بثقة:

- وأنا مش هقبل حاجة ليا ولا لأخواتي حرام...احلف على كتاب ربنا ده ان الفلوس دي حلال يا إياد.

صمت ينظر اليها ثم الى المصحف بيدها وقال:

- يعني لوحلفت هتاخدي الحاجات اللي انا جيبهالك زي اخواتك؟

 قالت هي بتأكيد وثقة:

- وانا عارفة انك مش هتقدر تحلف... عشان انت كداااب.

اقترب منها خطوة وعينيه بعينها ثم أخذه من يدها يرفعه بيده وقبل ان يفتح فمه اقتربت هي سريعًا تأخذه منه لتصرخ:

- انت اتجننت ... هتحلف على كتاب ربنا كذب؟!!!

نفض يدها ثم أمسك المصحف بيده وقال بصدق وعينيه بعينيها 

- والله يارقية الحاجات دي بفلوس حلال.. 

ثم اقترب منها أكثر ينظر بعينيها مباشرتًا بكل ثقة:

- والله العظيم.

نظرت اليه بعيون واسعة لتهمس بعدم فهم:

- يعني... يعني كلامك العجيب ده حقيقي!!

هتف هو بابتسامة:

- اعمل ايه اكتر من اني حلفتلك عالمصحف يا رقية.

ثم سار اتجاه الفراش يلتقط المشتريات الخاصة بها وقال:

- خدي بقى شوفي الحاجات دي ...هتعجبك.

رمشت بعينيها بعدم اهتمام ثم قالت وهي تقترب من الفراش تجلس وتسحب الغطاء عليها:

- انا مفييش دماغ ومش قادرة... من وقت ما رجعت من الشغل وانا تعبانة وهموت وانام.

صمت قليلًا ثم جلس بجانبها على الفراش ليقول:

- طب ما تسيبك بقى من موضوع الورشة ده.. وانا يا ستي هقف فيها وأي حاجة تحتاجيها انتي واخواتك انا ملزوم بيها... ماانتي شفتي ربنا كرمني ازاي أهو.

ثم تابع وعينيه تتأمل عينيها لعله يفهمها:

- ولا انتي لسة مش واثقة فيا؟

ردت هي دون تردد:

- الورشة دي الحاجة الوحيدة اللي سبهالي ابويا الله يرحمة بعد مامات انا واخواتك...وصراحة بقى انا اللي شفته من كلاب البلد الأيام اللي فاتت دي علمني ماثقش في حد.

ثم تابعت بتأكيد وثقة:

- وطول ما أخواتك صغيرين وملهمش غيري ... انا مش ممكن أتخلى عن حقهم في اي حاجة ابدا خصوصا بحجة راحتي.. عشان انا راحتي خلاص راحت من يوم ما أبويا مات.

نظر اليها "حسام" قليلاً ثم ارتسمت ابتسامة تدريجية على شفتيه ليهمس وعينيه بعينيها:

- ماشي يا رقية.

سمعوا صخب يأتي من الخارج، أصوات الصغيرين يمازحون بعضهم بمرح وضحكات ثم دخلوا الى الغرفة ليلتفت "حسام" و"رقية" ينظروا اليهم بابتسامة مُتسعة،

دارت الصغيرة حول نفسها في فستانها الازرق الجميل يجعلها كأميرات ديزني وتقول من بين ضحكاتها:

- شوف يا إياد .. بصي يا رقية شكلي حلو ازاي.

جلبها "حسام" يقبلها من وجنتها، بينما ابتسمت "رقية" لتهمس:

_ جميل يا ميرا... قمر يا قلبي.

بينما الأخر فيحاول ربط تلك الرابطة الصغيرة الخاصة ببذلته حول عنقه ليقول بحنق:

- الحقيني يا رقية... أحلام معرفتش تربطلي الكرفاتة دي.

سحبه "حسام" وهو يضحك وأخذ يساعده في ربطها بينما "رقية" فامن بين ابتسامها النادر الظهور أخذت تلفف الصغيرة حول نفسها بمرح لتضحك، فينظر اليهم "حسام" في سعادة شعر بها للتو بمجرد أن رأى فرحتهم، انتبهوا الجميع على دخول "أحلام" الغرفة في ذلك الفستان المنفوش قليلاً في لونه الزهري الامع لتقول وهي تمسك أطرافه بيدها الإثنين:

- ايه رأيكوا.

نهض "حسام" ليمسكها من يدها ويلففها حول نفسها وهو يخرج صفير من فمه ويقول بسعادة نابعة من فرحتها تلك:

- أميرة من الاميرات.

ضحكت هي بفرحة كبيرة، تنظر لنفسها بينما الصغيرة ذهبت اليه بحنق لتشد طرف بنطاله بيدها فينزل لها لتقول بحنقها:

- انا أميرة ... مش هي.

ضحك "حسام" وهو يحملها ويدور بها فيتطاير فستانها من حولها وضحكاتها الرنانة تملأ الغرفة، نظرت "رقية" لسعادة أخواتها بابتسامة متسعة على فمها، وضحكة خافتة تخرج من شفتيها كلما نظرت لأحد منهم وجدته ينبهر بزيه بفرحة عارمة،

انزل "حسام" الصغيرة لتنشغل مع أخواتها بفرحتهم، ثم اقترب وعينيه على تلك الجالسة بابتسامتها وعينيها المعلقة بأخواتها ليهمس اليها بالحاح يشعر به بقوة:

- ممكن تقومي انتي كمان تقيسي الفستان اللي جبتهولك... عايز أشوفه عليكي.

!!!!!*****!!!!!*****!!!!!!

 بعد مرور عدة أيام، جالسة بجانبه بسيارته بمفردها، فقد أصرت على والدتها أن ترتاح هي بالمنزل وبعد الحاح وافقتها والدتها نظراً لتعب ساقيها بحكم السن، خاصتًا بتلك المشاوير المتعبة الخاصة بالمشفى والفحوصات هنا وهناك،

صامت طوال الطريق كالعادة، يشعر بأنه لو فتح فمه سيعترف لها بما بداخله من ملء ما يشعر به كلما رأها، عندما ينظر فقط بوجهها بهذا الصباح ويغرق بملامحها والتي نادراً ما تراها عينيه فيجعله في حالة ملحة بالشوق والحنين الى تلك البريئة وبشدة،

جالسة هي بجانبه بفستانها البني ذو اللمحات الرمادية من خامة الشيفون ليناسبة حجابها الملفوف حول وجهها بأناقة ليبرز ملامحها الأكثر من جميلة، بيدها كوب حراري به قهوتها الصباحية التي خرجت به من منزلها، بينما نظارتها البنية الأنيقة تحيط بعينيها فتعطيها أكثر جاذبية،

ورغمًا عنه حانة منه التفاتة للمرأة أمامه التي تظهر بها، ترفع الكوب لشفتيها ترتشف منه القليل ثم تعود تنظر من شباك السيارة بتلك الابتسامة وكأنها تراقب الصباح بنسماته ونداه،

 ورغمًا عنه ايضًا ارتسمت ابتسامة تشبه ابتسامتها الرقيقة، واستغل هو تلك الحالة وانشغالها بالنظر لمعجزة الصباح تلك بالنسبة لها،ينظر اليها ثم يلتفت مجرد التفاته للطريق، ليعود ينظر بالمرأة مرة أخرى، حتى وصلوا إلى المشفى.

!!!!!*****!!!!!!****!!!!!

يجلس بجانبهم ثم يرفع يده من حين لأخر الى فم الصغيرين يطعهم بحب، فأصبح يعشق ذلك الثنائي ويعشق جلوسهم على ساقه هاكذا.

نظر لتلك الغرفة المغلقة قليلاً ثم حول نظره الى "أحلام" يسألها:

- رقية مش هتفطر معانا قبل ما ننزل الورشة.

ردت "أحلام" وهي تلوك الطعام بفمها:

- مش عارفة، أنا خبطت عليها لقيتها خدت دش وقاعدة بتسرح شعرها.

علق نظره بالغرفة مرة أخرى ويده مازالت تطعم الصغيرة، ثم توأمها، ليتفاجأ بالغرفة تنفتح وتخرج هي منها بعجالة ملحوظة وتهتف وهي تبحث بعينيها:

- مشوفتيش يا أحلام الكوتشي بتاعي الأبيض... كان هنا.

ردت وهي تنهض وتنفض يدها من الطعام:

- لا... استني هدورلك عليه.

ترك هو الطعام من يده ينظر لهيئتها، فكانت ترتدي بنطال من الجينز الواسع من أسفل لكنه يناسبها تماماً وقميض مخطط مغلق الازرار ومعلقة شعرها بزيل حصان طويل مرفوع لأعلى، وحاملة بعض الكتب على ذراعيها.

- اهو.. لقيتهولك تحت سريرك.

أخذت حذائها من يد أختها لتقترب من الأريكة سريعاً وتجلس بعد أن وضعت كتبها بجانبها، وتضعه في قدمها ثم ترفعها قليلاً لربط رباطها، 

وبعد أن تأمل هيئتها التي وكالعادة تعد جديدة تماماً عن سابقيها، فيكرر بداخله كلما نظر اليها يجدها واحدة أخرى تماما غير التي تعرف عليها بمظاهرها المتعددة تلك سأل:

- انتي رايحة فين يا رقية... انا مستنيكي عشان ننزل الورشة سوا.

ردت وهي منشغلة بربط حذائها:

- لا انا نازلة الجامعة النهاردة... بقالي مدة مروحتش.

ثم تابعت وهي تنهض وتلتقط كتبها من الأريكة:

- وصحابي كلموني اني لازم اروح النهاردة عشان الدكاترة هيحدددوا الامتحانات.

حمل الصغيرة من على ساقه يضعها على الأرض بجانب أخيها لينفض يده ثم ينهض ويقول بعجالة ليوقفها عن التحرك:

- طيب شكلك مستعجله... استني اوصلك بالعربية الجديدة.

ردت هي بتأفف وعجالة:

- شكرا انا متعودة أروح مواصلات.

ثم قالت وهي تفتح الباب لتخرج سريعاً:

- ابقي ادي المفتاح لميمي هو هيفتح النهاردة، هتلاقيه عندي جوا في الاوضة عالمكتب.

ثم فتحت الباب أمام عينيه المتابعة لها، لكنها وفور فتحها للباب توقفت تنظر للشارع أمامها، فأبتلعب ريقها بخوف لتتذكر الأيام الماضية والشباب المتربسين لها امام البيت والورشة سابقاً والذي وهو بدوره اصبح له طار معه، فخافت ليتبعوها من جديد، شعرت به تقدم ليقف خلفها ويقول بحيرة:

- مالك... وقفتي كدة لية؟!

التفتت "رقية" ترفع رأسها تنظر اليه قليلاً ثم قالت بقلة حيلة:

- انا متأخرة فعلاً... تعالى وصلني وأمري لله.

ابتسم هو ليجلب مفاتيحه من على التلفاز، ثم وجه حديثه الى "أحلام" قبل خروجه معها:

- خلي بالك من نفسك انتي واخواتك يا أحلام والتليفون يفضل جنبك لو حسيتي بأي حاجة بس تكلميني علطول، 

ثم خرج معها، حيث جامعتها لأول مرة له.

رانيا أبو خديجة 

٣٦٥ يوم أمان

رأيكوااا وتوقعاتكوااا... ياترى ايه هيحصل معاهم لما يوصلها الجامعة ويشوفها هناك وهي طالبة🙈♥️♥️😂

وتميم ومي ايه هيحصل معاهم في مشوارهم بالتأكيد مش عاادي🔥🔥🔥

وعلي موضوعه مهم لازم يكون معانا البارت الجاي ولا ايه رايكم

وبدير لسه موضوعه هيبدأ توقعاتكوا بقى♥️♥️🔥

وا

لمفروض بارت ينزل بكرة باذن الله كتعويض عن امبارح ... تفاعل بس عالجروب بدل الصمت ده وتشجيع كدة وبإذن الله نعوضكوا بقى....يلا قراءة ممتعة ❤️🥰

يمكنك متابعة صفحتي على الفيس بوك 👇

                 👈 الانضمام 👉

او الانضمام علي جروب الفيس بوك 👇

       👈👈 جروب الفيس 👉👉

👆👆👆👆

✍️لقراء الفصل الحادي عشر من 365 يوم أمان هنا 👇

                //// الفصل الحادي عشر 👉


✍️ لقراءه رواية ٣٦٥يوم امان من هنا 👇

            👈 365 يوم امان 👉

ومتنسوش طبعا دعواتنا لأخواتنا... والاستغفار والحوقلة بنية نصرهم على عدوهم وعدونا اللهم امين

رانيا أبو خديجة 





تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة