U3F1ZWV6ZTMxMjc0MDY2Mjc3MzYyX0ZyZWUxOTczMDM4NTMwMzE2MA==

روايه ٣٦٥ يوم أمان الفصل الحادي عشر بقلم رانيا ابو خديجه

365يوم امان الفصل الحادي عشر

روايه ٣٦٥ يوم امان الفصل الحادي عشر بقلم رانيا ابو خديجة 

٣٦٥ يوم أمان

رانيا أبو خديجة

روايه ٣٦٥ يوم امان الفصل الحادي عشر بقلم رانيا ابو خديجة


يضع مفتاحة بالباب ويدخل بارهاق العمل والمأموريات طوال اليوم، جلس ليستريح قليلًا على أريكة بمدخل الشقة، ثم أخرج هاتفه ليطمئن كعادة كل يوم على شقيقته، ووالدته، نهض "علي"  ليأخذ حمام ويبدل ملابس عمله الميري، ولكنه لم يفعل ذلك ليدخل ينام حتى يريح جسده كالبشر، فهو "علي" يعيش ليستمتع بالحياة كما اعتاد منذ أن كبر وأصبح شاب، فدخل غرفتة ينفد قطرات الماء من على كتفه ثم يزيح تلك الفوطة الملتف بها ليلبس ملابسه الأكثر من أنيقة ثم يقف أمام المرأة يعدل من خصلاته ويلبس ساعة يده باهظة الثمن وكعادة كل يوم يهاتف شقيقته ليطمئن على صحتها هي ووالدته، خرج "علي" من غرفته ليجد الباب ينفتح ويدخل منه صديقه "سالم" فقال بحماس:

- ابن حلال كنت مستنيك نخرج سوا... مش عايز اخرج لواحدي النهاردة.

رد الآخر وهو يلقي بجسده على الفراش بتعب:

- وحياتك ماقادر... الصبح كلية وباقي اليوم في الورشة هموت من التعب... اخرج انت وهاتلي معاك أكل عشان مش قادر اطبخ.

رد "علي" بعد أن التقط مفاتيحه وهاتفه استعدادا لخروجه:

- انا احتمال اتأخر برة اينعم مش عارف رايح فين بس اللي أعرفه اني مش هرجع دلوقت.

ثم تركة وخرج.

!!!!!!*****!!!!!*****!!!!!!!

يجلس بالكرسي أمامها كالمرة السابقة تمامًا، وعينيه تتأمل صمتها وحيرتها المضافة إلى قلقها على نفسها، أزاح "تميم" تلك النظارة الشمسية التي يختبى بعينيه تحتها، ليضعها على سطح المكتب وينظر للطبيب باهتمام، بينما هي فتفرك يديها بتوتر بالغ لاحظه من تحت نظارتة كما لاحظ شفتيها التي تتمتم بالقرأن من قلقها لعل قلبها يطمئن، فبرغم زهدها بالحياة وعدم رغبتها بالعيش بها، إلا أنها مازالت تقلق وترتجف من تلك الجلسة أمام طبيبها منذ صغرها.

رفع الطبيب عينيه من الفحوصات أمامه لينظر اليها ويقول بعد وهلة:

- كويس يا مي .. في تقدم ملحوظ الحمد لله.

ابتسمت هي بارتياح بينما "تميم" اقترب في جلسته باهتمام يسأل ليتأكد ويطمئن:

- يعني ايه يا دكتور حالتها أصبحت مستقرة، ممكن حضرتك توضح أكتر.

_ مسار القلب والاضطراب اللي كانت موجودة بدأت تتحسن ..والقلب بدأ يعمل في اتجاهاته المظبوطة.

ثم نظر اليه وتابع وهو يلتفت اليها:

- لكن بشكل ضعيف وعشان كدة لسه النزيف مستمر ولو بشكل أخف عن قبل كدة.. وعشان كدة لازم تلتزمي بالتعليمات أكثر.

نظر إليها "تميم" فتابع الطبيب باستفاضة:

_ يعني تواظبي على تمارين التنفس بتاعتنا، متطلعيش سلم بسرعة أبدًا، كل شئ ببطء حتى الكلام، وطبعًا انفاعلاتك دائماً تكون هادية.

ثم تابع وهو يدون بورقة أمامه:

_ وطبعًا هنرجع للحقنة بتاعة كل تلات شهور تاني...معلش اتحمليها شوية.

ابتلعت "مي" ريقها بخوف نابع من الألم الذي تتعرض له بتلك الحقنة الغليظة ذات السائل المحرق للحمها:

- يا دكتور... يادكتور الحقنة دي حضرتك بقالك كتير قوي مريحني منها...ليه ارجعلها تاني بس... حضرتك متعرفش بتتعبني قد ايه؟

نظر اليها الطبيب قليلاً ليتابع:

- الحقنة دي مهمة جدًا حاليًا ... وبعدين دي كل تلات شهور يا مي نتحمل شوية عشان الشعور بالتعب والاجهاد اللي بيجيلنا ده من أقل جهد يخف شوية.

نظر اليه "تميم" بتردد ثم نظر إليها، وجدها منشغلة بالتفكير بتلك الحقنة وتحمل ألمها، فعاد ينظر للطبيب مرة أخرى ليسأل سؤالاً يلح عليه منذ أن أتى معها هنا للمرة الأولى:

_ يادكتور..هي مي...مي ليه متعملش عملية زرع قلب جديد وتتخلص من كل التعب ده وتعيش حياة طبيعية.

ثم تابع وعينيه تتأملها بخسارة:

_ وتتجوز وتخلف زي أي بنت في سنها...ليه؟

يتذكر انه سأل "حسام" نفس السؤال، كانوا حينها يتدربون في ساحة الرماية وحينها كانت تلح عليه رغبة طلب الزواج بها من أخيها، خاصتًا أنه رأها لأكثر من مرة وبكل مرة لن يكف عن التفكير بها، فإعجابه وانشغاله بها كلما رأها عند مجيئه لإحدى أخويها او رؤيتها معهم عن طريق الصدفة جعلته يقرر طلب الارتباط بها، يلح عليه شعور القرب منها، التحدث إليها، كان حينها بالطبع يعلم مرضها بالقلب، فلديه تلك المعلومة منذ أول مرة رأها بها طفلة، لكن جواب "حسام" حينها كان مثل جواب الطبيب الأن:

_ شوف يا أستاذ ...مي عندها حاجة اسمها متلازمة ايزنمينجر ودي أي حالة تخدير فيها بيعرضها للخطر.

ثم تابع بتوضيح:

_ ياريت كانت حالتها تسمح...مكناش خليناها تتحمل الألم ده حتى في تنفسها، وأبسط حركتها، لكن تخديرها لعملية خطيرة زي دي خطر جدًا وممكن يؤدي لعواقب احنا في غنا عنها، ده غير ان نسبة نجاح العملية نفسها في حالتها  تكاد لاتتعدى 40 في المية يعني أقل من النص، وده طبياً خطر جدًا، وعشان كدة احنا في الحالات اللي زي دي بنلجئ للعلاج والأدوية على المدى الطويل زي مابنعمل دلوقتي كدة.

أغمض "تميم" عينيه بقلة حيلة مثلما فعل حينها بالضبط، صمت ولن بتفوه بكلمة واحدة عن رغبته بطلبها خاصتًا بعد أن فضفض معه "حسام" بما يشغله وأخبره أنه علم أن حالتها لن تتحمل جهد الزواج او الحمل والإنجاب كغيرها من الفتيات.

_ تميم...يلا ولا ايه!!

أفاق من شروده على صوتها ونظرة الطبيب إليه، فأماء برأسه أكثر من مرة، ينهض ليخرج معها من الغرفة.

!!!!!!!!!***!***!!!!!!!!!*******!!!!!!

يسير بالسيارة وهي بجانبه، فيراه كل فرد بالبلدة وينظرون اليهم بعيون واسعة كما يتمتمون وهما يضربوا كف بأخر، فبلدتهم صغيرة، مُغلقة على أهلها المعدودين، فمن تهامس ليلًا بشأن تلك السيارة وابن منصور المغترب الذي ركب سيارة فارهة، تبدو باهظة الثمن، فينتقل ذلك الهمس من بعضهم لبعض والأن يتأكد ذلك الهمس بشكل علني.

نظرت"رقية" حولها وهي جالسة بجانبه براحة ومتعة لم تشعر بها بالمواصلات المزدحمة المتعبة، يتطاير شعرها من ذيل الحصان الطويل المرفوع لأعلى، حولها على وجنيها، انتبهت اليه يسير بالسيارة بمهارة جيدة فنظرت اليه "رقية"  لتتسائل باندهاش:

- اياد... انت اتعلمت السواقة بالشطارة دي فين؟

ابتسم هو ثم رد عليها وعينيه تنتقل من الطريق اليها:

- الغربة بقى .. بتعلم.

سألت "رقية" ويديها تحاول حجب خصلاتها التي تتطاير بجمال على وجهها:

- هو انت كنت بتشتغل ايه برة؟

صمت قليلاً ثم أجاب باختصار:

- هاكون يعني كنت بشتغل ايه ...كل حاجة واي حاجة ممكن تتخيليها.

ثم بادر سريعًا يسبق سؤالها القادم:

- وانتي بقى مقولتليش ... في كلية ايه وفي سنة كام دلوقتي؟

رفعت "رقية" يدها لوجهها وردت بابتسامة:

_ كنت سايبني صغيرة قوي... تعرف اني مش فاكرة شكلك خالص ولا حتى ...

صمتت بحيرة فنظر إليها يشبع عينيه من ابتسامتها نادرة الظهور بالنسبة له، فتابعت بنفس ابتسامتها النابعة من مُتعتها بالهواء الطلق:

_ تفاصيل كتير.. كتير قوي مش فكراها... بس فاكرة تفاصيل ومواقف كأنها حصلت امبارح مش من سنين.

ثم حركت كتفيها وتابعت:

_ غريبة فعلًا.

ضحك هو ثم رد وعينيه تحاول متابعة الطريق رغم وجودها بجانبه بتلك الهالة والإبتسامة الواسعة:

_ كنتِ طفلة ....وزي ما قال طه حسين "ذاكرة الأطفال غريبة، أو قل إن ذاكرة الإنسان غريبة حين تحاول استعراض حوادث الطفولة ؛ فهي تتمثل بعض هذه الحوادث واضحًا جليًا كأن لم يمض بينها وبينه من الوقت شيء، ثم يمحى منها بعضها اﻵخر كأن لم يكن بينها وبينه عهد".

التفت"رقية" بكامل جسدها تنظر إليه بدهشة  ثم قالت بحيرة:

_ صح....بس انت قريت الكلام ده فين...طريقتك في الكلام زي المثقفين بالظبط.

نظر "حسام" إليها بطرف عينه ثم ابتلع ريقه ورد يحاول تغيير مسار الحديث:

_ لأ.. ده أنا.. أنا قريتها في كتب أحلام اللي علطول حطاهم عالكنبة في الصالة وهي بتذاكر.... على فكرة يا رقية أحلام مابتذاكرش كويس وأنا ملاحظ.

سألت "رقية" على الفور تريد معرفة المزيد عن أخيها الغائب منذ سنوات:

_ صحيح يا إياد... اللي أعرفه انك سايب الدراسة من إعدادي ومكملتش، عملت ايه بعد كدة..معقولة تكون كملت برة؟

ضغط شفتيه بحيرة من ذلك السيل من الأسئلة الذي وضع ذاته به دون قصد.

!!!*****!!!!*****!!!!!

يمر بدراجته النارية من أمام باب الڤيلا المفتوح على مصراعيه، فحانت منه التفاته، ثم توقف يثبت نظره عالباب المفتوح يدخل منها سيارة فارهة ومعها مجموعة سيارات تسير خلفها، عاد "علي" مسافة ليست بقليلة ليتوقف أمامها مباشرتًا ثم نزل ليتقدم ينظر بالداخل بفضول أهذا هو والدها، أم مَن؟

وبالفعل وجد شخص طويل يرتدي حُلة من اللون الكلي الأنيق، وجدها جالسة بالحديقة جلستها المفضلة كعادتها ومعها كلبها الصغير، فتقدم منها والدها بابتسامة بينما هي فور ما رأته نهضت من الأرجيحة تحتضنه فتبدو بحضنه كاطفلة صغيرة، تحدث معها قليلاً ثم دخل للڤيلا بعد أن أماءت له بشى ما، 

وجد "علي" ذاته يقترب ليدخل ليمنعه ذلك الحرس تبع والدها، فقال بصوت مرتفع حتى تسمعه:

_ مايا.

نظرت اليه "مايا" بعيون واسعة ثم ارتسمت ابتسامة تدريجياً على شفتيها لتترك كلبها الصغير وتقترب من البوابة بعد أن قالت بصوتها الرقيق:

_ سيبوا.

وقفت أمام البوابة تقول له:

_ ايه... الموتوسيكل بتاعك جراله حاجة تاني؟

رد وعينيه تدور بالمكان على من بالداخل ازدحم المكان بسياراتهم:

_ هو في ايه...مين دول؟!

ردت هي ببساطة بينما عينيها تبتسم لمجرد رؤيته من جديد:

_ ده بابا...ودول الحرس بتوعه.

سأل "علي" باندهاش:

_ ليه هو باباكي وزير ولا حاجة.

ابتسمت هي أكثر لترد:

_ لأ ...بس رجل أعمال معروف

ثم سألت باهتمام:

_ انت ايه جابك هنا تاني... في حاجة!

نظر إليها "علي" ثم تقدم للخارج اتجاه دراجته ليقول بمراوغة:

_ صراحة...كنت معدي من هنا وجيتي على بالي.

ابتسمت بتردد لتهتف وهي تسير بجانبه للخارج:

_ جيت على بالك...أنا....طب ليه؟!

!!!!*****!!!!!!*****!!!!!!

توقف "حسام" أمام الجامعة، وقال سريعًا قبل نزولها من السيارة:

- رقية.

التفتت اليه تعدل من كتبها على ذراعها.

- معاكي فلوس؟

نظرت إليه ثم ردت بعد أن التفتت اليه بكامل جسدها:

-ايه...هتديني مصروف فاكرني في المدرسة؟

ابتسم ثم رد وعينيه بعينيها:

_ براحتك الحق عليا اني سألت.

ردت هي قبل أن تلتفت لتنزل من السيارة:

_ الحمد لله..معايا.

أوقفها مرة أخرى يسألها وكأنه لايريدها ان تنزل من السيارة:

- طيب هترجعي امتى؟

التفت مرة أخرى لتقول بتأفف:

- معرفش يا إياد هخلص محضراتي المهمة وأرجع.. معلش اسبقني انت عالورشة ساعد ميمي في الشغل وأنا أول ما اراوح هجيلكوا علطول.

رد بنفس ابتسامته:

- متشغليش بالك... انا هسبقك.

نزلت "رقية" أمام عينيه لتسير وتبتعد فتنهد بنفس ابتسامته وكان سيسير لكنه لمحها تقف مع زميلة أخذتها بالحضن ثم أتى اليها البقية، من طريقة سلامهم عليها يبدو أنها غابت لفترات عن الجامعة وبالطبع يعلم الأسباب.

ظلت "رقية" واقفة تتحدث مع زملائها بعد غيابها لفترة ليست بقصيرة، فمنذ وفاة والدها لم تأتي تقريبًا، فيقترب منها زملائها ليقدموا اليها العزاء ويرحبوا بقدومها.

!!!!!!********!!!!!!!!!!************!!!!!!!!!!!!!

يقف بالخارج ينتظرها، وينفخ بقلق من أجلها، فمنذ أن كانت تقف بجانبه تنتظر دورها وهي تفرك يديها بقلق وخوف بادي على وجهها، حتى رأت تلك المريضة التي دخلت قبلها تخرج من الغرفة تبكي بألم وجسدها يرتجف، نظرت اليه نظرة مازالت تمر على ذهنه، كلها خوف بل فزع ثم دخلت بتردد ورغبة منها في عدم الدخول بل الهروب من هنا، يشعر أحيانًا بأنها مازالت تلك الطفلة العنيدة التي قابلها لأول مرة بمصعد بنايتهم، لكنها تعود سريعًا وتذكر حالها بأنها شابة كبيرة عليها التحمل، تحمل الألم، تحمل الأدوية الكثيرة، تحمل تلك الإبر الأكثر من كونها مفزعة ومؤلمة بالنسبة لها.

انتبه "تميم" سريعًا ينظر أمامه بعيون واسعة عندما وصل لمسامعه صوت بكاء وترجي يأتي من بعيد... صوتها!!

تقدم من الباب بعجالة وقلق، يضع أذنه عليه فوصل لمسامعه الصوت أعلى، طرق على الباب لم يسمع رد، انتظر لحظة ثم ازداد الصوت فاضطر لفتح الباب دون تردد ينظر بالداخل بقلق،

وجد الممرضة تقف أمامها وبيدها إبرة كبيرة تحاول غرسها في لحمها بالقوة والثانية تبكي وتصرخ برفض،

- طب.. طب براحة طيب الله يخليكي، والله الحقنة نفسها شكلها مفزع.

لترد عليها الأخرى بقوة وقسوة:

- خلصي بقى في وراكي برة هم لسه هيدخل محتاجين ليه طاقة.

ثم تدفع الإبرة لذراعها بالقوة فتصرخ الأخرى تبعد يدها برهبة طفلة،

تقدم "تميم" على الفور يبعد تلك الغليظة من أمامها ليصرخ بها:

- انتي بتعملي ايه... حد يحط إبرة زي دي في دراع حد بالشكل ده.. اوعي.

نظرت اليه بحنق وضيق لتتابع عجرفتها:

- انت ايه اللي دخلك هنا يا أستاذ انت... هي ناقصة مرار عالصبح.

نظر اليها "تميم" بعيون يملؤها الشر ثم قال لها من بين اسنانه:

- امشي... امشي حالا نديلي دكتور من برة .. اتفضلي.

تركت الإبرة على الأرض بقوة حتى أصدرت صوت رنان، لتتوسع عينيه من طريقتها، ثم التفت لتلك الجالسة واضهة يدها على فمها تبكي بمرارة، فأقترب منها على الفور يهمس بملامح أسى وحزن من رؤيتها بهذا الضعف أمامه:

- مي... خلاص اهدي ...متخافيش... اهدي خلاص أنا معاكي.

"أنا معاكي" جملة تنبع من داخل قلبه، يريد بها المعنى الفعلي، فرؤيته لها في تلك الحالات، وذلك الضعف أمام عينيه، تجعل رغبته في الاقتراب منها تزيد، بل يريد أن يكون معها بالمعنى الحرفي للكلمة، معها يشاركها ألمها، حياتها، لحظات الضعف تلك.

أشارت بيدها على الحقنة الملقاه على الأرض، ثم همست وهي تحاول تجفيف دموعها والكف عن البكاء على الأقل أمامه:

_ مش عايزة أخدها..مش عايزة...خلاص خلاص أنا هبقى أخدها بعدين..مش هنا... يلا نمشي.

وضع "تميم" يده على ذراعها يضطرها للجلوس ثم جلس على ركبتيه بجانب الكرسي ليهمس كي يطمئنها:

_ مينفعش..لازم تاخديها هنا ...الكل بيشتكي من اهمالك ... يعني لازم تاخديها دلوقتي وأنا معاكي.

حاولت القيام تزيح يده من عليها، فضغط هو بيده على يديها لتعاود جلوسها.

_ يامي بلاش شغل العيال ده بقى....دي شكة دبوس.

صمتت تضغط شفتيها ثم همست ببكاء رغماً عنها:

_ شكة دبوس!! دي متعبة جدًا...انت متعرفش بتعمل فيا ايه...انا بكرها ...وبكرة الأدوية كلها.

اقترب منها يمسك يدها ويجمع حاجبيه بعدم تحمل انهيارها لأول مرة أمامه بهذا الشكل، يهمس رغماً عنه وكأنه يحدث نفسه:

- حقك عليا أنا....ياريت...ياريت كنت أنا وانتي لأ...بس عشان خاطري متعيطيش....انا أول مرة يا مي أشوفك بتعيطي من سنين.

رفعت يديها تجفف دمعاتها ثم قالت وهي معلقة عينيها به:

_ لأ... أنا ولا مرة عيطت قدام حد....دي آول مرة.

ابتسم "تميم" وهو يتذكر تلك المرة التي كانت تبكي فيها بصمت، طفلة، كانت المرة الأولى التي رأها بها، لكنه لم يعلم أنها ستكون بداية لعنته بها، فأقترب منها وهمس:

_ بالظبط.... وعشان كدة مش عايزك تعيطي ابدًا.

رغم خوفها وألمها، جففت دموعها تحاول أن تتماسك أمامه، حتى دخل الطبيب المسؤول ومعه ممرضة أخرى، نظرت "مي" برعب لتلك الحقنة بيده، فوجدت "تميم" يضع يده تحت ذقنها يسحب وجهها اتجاهه بهدوء، وظل مركز عينيه ذات اللون الأخضر الساحر بعينيها، عينيه التي تحكي الكثير، ظلت "مي" معلقة عينيها بعينيه والتي تشعر انه يحكي شئ بتلك النظرة، عدة دقائق حتى شعرت بشكة غليظة بذراعها، فصرخت بخفوت لتجد يده تمسك أطراف يدها بقوة ومازالت يده الأخرى مثبته وجهها اتجاهه، حتى فتحت عينيها مرة أخرى بدمعه لامعة بها، فوجدت عينيه بنفس النظرة وحينها شعرت بالشرود بها دون التركيز بألم ذراعها.


!!!****!!***!!!!!!

 نائمة، والارهاق والتعب يملء ملامحها، فمنذ خروجهم من المشفى وهي صامتة، جلست بجانبه بالسيارة شعر بأن كل تعبها وضح بملامحها حتى نامت مرهقة، نظر "تميم" بالطريق أمامه بتنهيدة طويلة بعد أن رفع عينيه أخيرًا من عليها، لكنه عاد سريعًا اليها بعينيه يشغله رأسها المنحنيه على الكرسي الجالسة عليه بجانبه، فنفخ بضيق عندما أحس بانه فقد تركيزه بالطريق أمامه، بالنظر كل لحظة والثانية اليها، خاصتًا أنهم أصبحوا وقت الظهيرة وانشغال الطريق بالسيارات حوله، فتوقف بالسيارة جانبًا، يتنهد ببعض الارتياح، ثم التفت بجسده الى تلك النائمة بأنفاس منتظمة بينما ملامحها المرهقة ووجنتيها التي هرب منها الدم مع زرقة شفتيها، تعبر عن تعبها وإرهاق جسدها، ظل "تميم" ينظر اليها ويتأملها، حتى رفع يده بتردد يعدل من وضع رأسها على الكرسي، تملمت "مي" برأسها تفتح عينيها فعاد هو سريعًا يعتدل بعيدًا عنها يرمش عدة مرات بتوتر، فهمست وهي تنظر حولها ترمش بعينيها:

_ احنا...احنا لسه موصلناش!!

سار هو بالسيارة ثم رد بعد وهلة صمت:

_ خلاص قربنا...شكلك تعبتي.

التفتت "مي" تنظر اليه بطرف عينيها، فمنذ نظرته اليها أثناء أخذها للحقنة بالمشفى وهي تشعر منه بمفهوم جديد.

!!!!!*****!!!!!*****!!!!!!!!

يقف معها بالورشة كعادة الأيام الماضية، وبدأ رغمًا عنه يعمل بجد معها فيحاول تحمل مالم تتحمله هي، فأي شئ يشعر أنه متعب بالنسبة لها يأخذه من يدها ليعمل عليه هو، حتى شعرت بأن العمل أصبح كثير عليهم فعليهم بأن يبحثوا عن عمال اضافيين معهم، لكنه رفض، بالطبع سيعيقوا ما يريد فعله، 


واقف معها أمام الورشة يعملوا بسيارة من ضمن تلك السيارات المنعدمة، حتى سمعوا صوت سيارة تتوقف على بُعد خطوات منهم، يليه نداء أحدهم بلهجة صعيديه فجة:

_ يا أخينا...انت يا بلدينا احنا جينا أها حسب الإتفاق.

رفع "حسام" نظره اليهم تليه "رقية" و"ميمي" العامل الصغير معهم، نظر "حسام" قليلاً باندهاش وعيون ضيقة حتى لمح ملامح يعلمها جيدًا تحت ذلك الشارب الغليظ، "بدير"!!!

وايضًا تلك العيون الخضراء بقوة، ناظرة اليه ثم تحرك حاجباه لأعلى وأسفل بمغزى فهو "تميم" ، فك "حسام" تقطيب حاجبيه ثم ابتسم ليرفع يده اليهم ليتقدموا.

يمكنك متابعة صفحتي على الفيس بوك 👇

                 👈 الانضمام 👉

او الانضمام علي جروب الفيس بوك 👇

       👈👈 جروب الفيس 👉👉

👆👆👆👆

✍️لقراء الفصل الثاني عشر من 365 يوم أمان هنا 👇

                //// الفصل الثاني عشر 👉


✍️ لقراءه رواية ٣٦٥يوم امان من هنا 👇

            👈 365 يوم امان 👉

رانيا أبو خديجة

٣٦٥ يوم أمان

رأيكوااا وتوقعاتكوااا للي جاااي.... وتفاعل بعد اذنكم يشجع بدل الإحباط ده .. قراءة ممتعة ♥️

ومتنسوش الدعوات لأخواتنا ربنا ينصرهم ويهزم عدوهم قادر كريم.


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة