U3F1ZWV6ZTMxMjc0MDY2Mjc3MzYyX0ZyZWUxOTczMDM4NTMwMzE2MA==

روايه ٣٦٥ يوم امان الفصل الثاني بقلم رانيا ابو خديجه

 روايه ٣٦٥ يوم أمان الفصل الثاني بقلم رانيا ابو خديجة 


روايه ٣٦٥ يوم أمان الفصل الثاني بقلم رانيا ابو خديجة

الفصل الثاني


#٣٦٥_يوم_أمان


#رانيا_أبو_خديجة


بعد مرور ساعة ونصف تقريبًا من الحديث حول المهمة وتوزيع الأدوار بالخطة الموضوعة وشرح "اللواء" لهم كل ما يعرفه عن أسرة"منصور" بأكملها ...نهضوا جميعًا مستأذنين ليستعدوا.


ولكن ظل "حسام" مكانه شارد بعبوس ناظر لنقطة وهمية على الطاولة ثم انتبه عندما وضع "تميم" يده على كتفه يحثه على النهوض فنهض وهم بالخروج معهم ولكن صاح "اللواء"بالنداء عليه.


وقف "حسام" أمامه بعد انصراف زملائه فسأله:


_ مالك يا حسام ... ايه اللي قالقك اتجاه المهمة دي؟


_ حضرتك عارف اننا اتحطينا في مواقف أصعب من كدة والحمد لله كنا دايماً قدها، بس واضح من كلام حضرتك ان المهمه دي هتطول وتاخد وقت، ده غير السفر، عشان كدة كنت بفكر لو حضرتك تعفيني يا فندم.


نهض "اللواء" من مقعده ينظر له بقسوة ثم قال:


_ انت ظابط بوليس يا حسام، ومفيش حاجة في شغلنا اسمها مهمة طويلة ومش هقدر أسافر، أنا مش عازمك على رحلة عشان تقول اعفيني.

صمت "حسام" قليلاً يفكر بها ويتذكر ما حدث بليلة أمس:

_ حضرتك عارف "علي" أخويا دايماً مسافر عشان شغله ومي... مي محتجاني معاها هنا في القاهرة ... ومقدرش أبعد الفترة دي كلها واسيبها في ظروفها دي، يا فندم أنا بقوم بمهامي هنا في القاهرة على أكمل وجه، وحضرتك عارف ده كويس.


ثم تابع باقتراح:


_ حضرتك ممكن تخلي تميم أو بدير هما يسافروا وأنا هتابع سير المهمة من هنا وأعمل الازم.


اتكأ "اللواء" على مقعده وسند ظهره للخلف وقال:

_ بدير مينفعش عشان في قضايا مفتوحة هو اللي ماسكها ولسه متقفلتش، وتميم برضو لأ.


سأل "حسام" بحيرة:


_ ليه يا فندم؟


_ بص في الصورة اللي في الملف كدة، مش ملامح تميم أبدا خصوصاً ان تميم عينه ملونة يعني مستحيل يبقى هو الشخص اللي في الصورة ده.

ثم نهض يقترب منه ووضع يده على كتف ذلك الواقف بشرود وهَم وتابع قائلًا: 

_ عارف يا حسام ليه كمان أنا مفكرتش كتير وأنا بحطك في الدور ده.


رفع "حسام" عينيه ينظر له فتابع:

_..عشان حبك وخوفك على أختك "مي" ده اللي دايماً أخده في اعتبارك في أي كلام وبتظبط شغلك مع أصحابك على أساس تبقى دايماً قريب منها ومن تعبها ... وده اللي خلاني احطك في الدور ده في المهمه دي بالذات.


ثم تابع بتأكيد حتى يطمئنه:

_ واذا كان على "مي" فامتقلقش انت عارف كويس انتوا بالنسبالي ايه.


ثم أكمل حديثه بنبرة ودية بحته:


_والدك الله يرحمه لما كان يبقى عنده شغل أيام ما كنا شباب وبنطلع مهمات زي دي، عمره ما أعترض او اعتذر عن أي تكليف، والدك الله يرحمه كان أخويا يا حسام، و"مي" زي بنتي.


ابتسم له "حسام" بإمتنان، ولكن يشوب تلك الابتسامة قلقه على أسرته الصغيرة والدته وأخته، فكان يحرص دائماً بجعل كل عمله هنا بالقاهرة بجانبهم خاصتًا بعد تخرج أخيه من كلية الشرطة وسفره للعمل مثله.


خرج "حسام" من المكتب يزفر بحيرة مازلت بقلبه، وجد صديقيه يتتظروه أمام المكتب، "بدير وتميم" يمزحون ويضحكون بخفوت ولكن عندما رأواه تقدموا منه ونظروا لوجهه بحيرة.


_ ايه يا أبني مالك في ايه؟


سأل "تميم" 


_ واتأخرت ليه كل ده عن اللوا جوا؟!


زفر بضيق وأقترب يستند بذراعيه على حافة سور الدور ثم رد بنفس حيرته:


_ مي ..أختي.


وهنا ومع ذكر ذلك الإسم صمت "تميم" عن الابتسام والضحك فاجأة وأبتلع ريقه بصعوبة وهمس بخفوت يناسب ما ثار بداخله الأن وهو ينظر بنقطة وهمية أمامه:


_ م...مالها..مي؟


!***!!!!!****!!!!!****!!!


تتململ بفراشها مختنقة، تشعر بأن روحها تُسلب من جسدها اعتدلت بصعوبة جالسة وفتحت جارور الكومود بجانبها وأخذت منه دوائها ثم عدلت الغطاء من حولها محاولة العودة للنوم ولكن بعد عدة دقائق وجدت برودة تتخلل جسدها وشحوب يصاحب وجهها وظهور لون ازرق تدريجياً على جلدها بدايتًا من يديها مرورًا بباقي جسدها، حاولت التكور على نفسها محاولة تدفئتها ولكن تزداد البرودة فنهضت واتجهت لخارج الغرفه، ناظرة بالخارج لغرفة والدتها ووالدها رحمه الله، فكانت دومًا عندما تشعر بالتعب تتجه لوالدها ولكن بعد وفاته أصبحت والدتها لم تقوى على رؤيتها بتلك الحالة فأصبحت عندما تشعر بالتعب تتجه لغرفة أخيها الأكبر.


طرقت الغرفة بضعف وخفة ودخلت وجدته نائم بعمق مفترش السرير مستلقي على صدره، فأغلقت الباب خلفها وسارت باتجاه الفراش بضعف كانها طفلة صغيرة، تحركت تقترب منه بوهن وثقل نتيجة لبرودة جسدها وتصلب الدماء بعروقها ..وكما تفعل كل مرة وكزته بيدها بخفه هامسة باسمه ولكنه مستغرق بالنوم فأتجهت للجهة الأخرى من الفراش واستلقت بجانبه تدس نفسها بحضنه.

 شعر "حسام" ببرودة على صدره العاري، فتح عينيه بنعاس ونظر للساكنة بحضنه، رفع وجهها له عن صدره هامسًا بنعاس: 

_مي...انتي تعبانه؟


حركت رأسها بنفي دون كلام ثم دفنت نفسها اكثر بحضنه تحاول بث الدفئ بجسدها البارد .... أمسك "حسام" الغطاء وأحكمه عليها جيداً محاوطها بذراعه يقربها من حضنه،ثم عاد للنوم، وما هي إلا نصف ساعة وقد شعرت مي بضيق حاد في تنفسها يزداد، خرجت من حضن أخيها المستغرق بالنوم معتدلة جالسة، تحاول التنفس ولكن اصابتها حالة السعال التى دومًا ما تصاحب خروج دم من فمها وضعت يدها على فمها لتسكن من سُعالها الذي يزيدُ من ضيق تنفسها ولكنها تفاجأت بإغراق يدها بالدم، تململ "حسام" من جديد على صوت سعالها والذي يزداد مما جعله يشعر بها وبشئ أشبه بالثلج القى على صدره ففتح عينيه ورأى حالتها وقبل أن ينطق بفزع وجد صدره مليء بدمائها فنهض فزعًا وأردف وهو يتفحصها موزعًا نظره بينها وبين دمائها على صدره.

_ ايه ده...ايه كل ده؟!


ثم نهض سريعًا من الفراش متجه بعجالة شديدة لغرفتها متمتماً بتوتر:


_ ازاي تسيبي حالتك توصل لكدة ومتصحنيش!!!!


دخل غرفتها وجلب الدواء ثم اتجه إليها سريعًا ليجدها فقدت وعيها، القى بالدواء بعيدًا بإهمال، ثم التفت يجلب جاكت خاص به معلق والبسه لها على بيجامتها المنزليه صغيرة الحجم، وحملها سريعًا واتجه بها للمشفى.


استند "حسام" بذراعيه على حافة سور الدور الواقفين به، يتنهد بتعب وحيرة، بعد أن سرد ما حدث بالأمس ليلاً والذي كان أخر حدوث له منذ شهور وعودتها لذلك النزيف بعد تلك المدة يوحي بتأخر حالتها الصحية.


تقدم منه "بدير" وبادر هو بالقول بينما "تميم" فصامت يقف بجانبهم شارد الذهن دون كلمة واحدة.


_ وبعد ما طلعت بيها عالمستشفى؟


اسند ذراعيه على نفس حافة السور يثني ركبته، وقال بنفس تنهيدة حيرته:


_ عملولها الازم هناك الحمد لله والدكتور حاول يطمني، لكن أنا بعد اللي حصل ده صعب قوي أقبل بالمهمة دي، هتشغلني وتبعدني، وانتوا عارفين انه مش وقته.


قال "بدير" بتفكير:

_ مفيش حل غير ان أخوك "علي" يحاول ينقل شغله هنا في القاهرة، ويبقى معاهم مكانك.


_ حاليًا صعب، وبعدين حتى على ما ده ما يحصل هنكون بدأنا احنا شغل.


ثم زفر بحدة


_ أعمل ايه ، أعمل ايه بس؟


ثم التفت ينظر إلى "تميم" الصامت بانطفاء على وجهه، نظر له "تميم" يرمش عدة مرات ثم همس:

_ ااا.. ربنا يشفيها ويعافيها يارب، و...و ازاي يا أبني متكلمناش نجيلك امبارح عالمستشفى بس.


!!!!*****!!!!!*****!!!!!


وقفت خلف الباب ترتجف من الخوف وهمست بصوت يكاد يكون مسموع من فرط توترها ورعبها:


_ م..مين اللي بره؟


سمعت صوته المألوف وهو يقول:


_ انا يا رقيه يا بنتي متخافيش افتحي.


تنهدت بارتياح تنظر لأختها باطمئنان، ثم أقتربت هي و"أحلام" تزيح الكرسي الكبير من خلف الباب وانبوبة غاز فارغة، والطاولة، وبعض الأشياء الاخرى التي تعتبر ثقل خلف الباب.


ثم فتحته فدخل "توفيق" معلق ذراعه بعنقه برباط طبي ومعه صبي صغير. 


_ اتفضل يا عم توفيق .... خير ... في حاجة حصلت تاني؟


_ كل خير متقلقيش .. .. انا جاي اقولك ان الورشة هتتفتح بكرة باذن الله.


تهلل وجه "رقية" قليلاً ثم سألت:

_ ازاي بس وانت لسه تعبان كدة ومفيش حد من العمال راضيين يرجعوا ولا حتى حد جديد راضي يشتغل معانا بعد اللي حصل!


اشار "توفيق" إلى الصبي ذو الثاني عشر عامًا الواقف بجانبه وقال:

_ ده ميمي ميغركيش انه شكله صغير بس اسطى شاطر وباذن الله هو اللي هيفتح الورشة الصبح.


نظرت "رقية" له ثم مالت وهمست:


_ أيوا يا عم توفيق بس ده صغير قوي معقولةهيعرف يشغل الورشه لواحدة؟

 رد عليها هامساً هو الأخر:

_ متخافيش مأنا هاجي وهبقى متابعه وبعدين أهو الشغل يمشي على قده ... أحسن ما الورشة مقفولة كدة يا بنتي، والله والله من ساعة ما كنتي عندي وأنا بفكر ومروحتيش انتي واخواتك من بالي.


_ ايوا بس ده أكيد ميعرفش االي حصل في الورشة ولو عرف هيخاف ويمشي.


سمعها فرد ببشاشة وبساطة:

_ لا يا ست الكل أنا عارف كل حاجة وهو في حد في المنطقة معرفش باللي حصل بورشة عم منصور الله يرحمه.

ثم تابع بتأكيد وثقة:

_بس أنا بقى مبخافش من حاجه ابدا .. اه ما العمر واحد والرب واحد وبعدين عم توفيق قالي على ظروفكوا وكدة وانتوا زي أخواتي برضه وواجب أقف معاكوا.


نظرت له "أحلام" بضجر 

_ لا كتر خيرك.


ثم مالت على "رقية" تهمس لها:


_ جرا ايه يا رقية هو هيشتغل ولا هيشحت علينا؟

اماءت لها "رقية" بصبر، ثم انتبهت لحديثه مع "توفيق".


_ المهم دلوقتي يا ميمي تيجي تفتح ان شاء الله من الصبح عشان هنبدء الشغل من بكرة بدري.


_ ان شاء الله يا أسطى، عالبركة.


****!!!!****!!!!**!!!


 قامت من سجود صلاتها واضعة يدها على صدرها تهمس بالتشهد بملامح متعبة أنفاس لاهثة، وبعد انتهائها مررت يدها على صدرها اكثر من مرة وهي تغمض عينيها فبعد ما حدث عادت اليها كل مشاعر التعب التي كانت ترهقها سابقًا، ظلت واضعة يدها على صدرها تهمس بأنفاس مسروقة حتى سمعت جرس المنزل يليه صوت والدتها من الداخل:


- شوفي مين يا مي.


مررت يدها على وجهها ثم نهضت رافعة المصلاة من الأرض تلقيها على طرف الفراش. 


خرجت من غرفتها تفتح الباب وأول ما فتحته وجدتهم بوجهها


- السلام عليكم، ايه ده القمر بيفتحلنا بنفسه.


قالها "بدير" بمرح وابتسامة واسعة بينما الواقف بجانبه بدايتًا من فتح الباب وسماعه نداء والدتها بأن هي من تفتح لهم، وضع يديه بجيوبه لتخفي توتره ولكي يتحاشى رؤيتها كالعادة كان ينظر للحائط على يساره، ولكن عند سماعه لجملة "بدير" التفت فاجأة ينظر لهُ بغضب، ثم حول نظره عليها عند استماعه لصوتها الذي ينبعث منه تلك الابتسامة.


- شكرا يا بدير ، اتفضلوا.


وهُنا وعندما نظر اليها ورأها بذلك الحجاب واسدال الصلاة نسي كل تلك التحذيرات التي يلقيها على نفسه عندما يضطر إلى المجئ إلى هنا ورؤيتها، فرغم اشتياقه لذلك الصوت المميز جدآ بالنسبة لمسامعه ورؤيتة تلك الملامح الأكثر من رقيقة، يكره المجئ الى هنا بسببها، شرد "تميم" بها وبجمال ذلك البدر في هذا الحجاب، ولكنه أفاق من ذلك الشرود الغير محسوب على كلمة "بدير" وهو يسحبه للداخل:


- ما تدخل يالا.


دخل وهُنا اغمض عينية بشدة بعد أن انزل رأسه على صدره بألم من ذلك الممنوع وتلك المشاعر.


- ازيك يا تميم.


أغمض عينية بشدة عند توجيه حديثها له ونداء اسمه بذلك الصوت الأكثر من كونه مؤلم لقلبه


- الحمد لله... انتي عاملة ايه.


تفوه بها ومازال لا ينظر اليها بل همس بها ومازال مغمض عينيه بشدة وألم يزور قلبه فقط عند مجيئه لصديقه هنا وتكون هي بالمنزل حينها، وقف "بدير" يكمل حديثه معها ليطمئن على صحتها فاضطر للوقوف ولكن كعادته ينظر يمينا ويسارًا وبكل اتجاه دون النظر إليها.


- الحمد لله يا بدير أحسن كتير عن امبارح.

وضع "بدير"يده بجيوبه يتحدث معها ويطمئن على حالتها، بينما الأخر يستغل عيونها المنتبهه لمحدثها ويختلس لها النظر.


_ أنا مش عارف أخوكي ده بيفكر ازاي، وازاي ميكلمناش لما تعبتي امبارح وروحتي المستشفى.


ولسوء حظه تُظهر بعضًا من جمالها في حضرته، فأمام عيونه التي تشتاق رؤيتها، فلم يراها منذ شهر تقريباً ويتعمد ذلك، برقت بعينيها ورفعت اصبعها لشفتيها مع صوت تحذيري من بينهم وأردفت بصوت اصتبغ بهمس طفولي:


_ وطي صوتك يا بدير، ماما متعرفش اني تعبت بالشكل ده امبارح، حسام عمل المستحيل عشان هي متعرفش، انت مش فاهم بيجرالها ايه لما تحس اني رجعت اتعب تاني بالشكل ده.


ينظر إليها بعيون تمر على كل ملامحها، وصوت يهمس بداخله"ياريت كنت أنا وانتي لأ، يا أغلى ما في القلب، يا ست البنات كلهم".


_ وعموماً أنا مش محتاجة اعرف معذتي عندكم، انتوا مقامكوا في قلبي متقلوش عن حسام وعلي ابدًا ، أخوات والله.


قالتها "مي" وهي توزع نظرها بينهم بابتسامة ملئت وجهها، ابتسم لابتسامتها "بدير" ليصدق على حديثها، بينما "تميم" فأجبر عينيه وأبعدهم عنها، ويحاول ترديد كلماتها تلك بداخله أكثر من مرة لعله يصدقها ويتخلص من كل ذلك التعب بداخله عند رؤيتها.


 افسحت "مي" لهم الطريق وهي تقول بترحاب:


- اتفضلوا .. حسام في اوضته.


وهنا تنفس الصعداء لكنه لم يستطيع منع نفسه من رفع عينيه في نظرة اخيرة خاطفة وهو يمر بالطرقة المؤدية لغرفة أخيها.


!!!!****!!!!!****!!!!!


القى "بدير" جسده على الفراش بجانب "حسام" يسأل بحيرة وضيق:


- يعني رسيت على ايه مش فاهم؟


اعتدل "حسام" على الفراش يضع الوسادة الصغيرة خلف ظهره ورد بحيرة وتشوش:


- لسه قافل مع اللوا هاني من شوية .. بيستعجلنا عشان اسافر.


اعتدل "تميم" على حافة المكتب الجالس عليه وأردف وهو يتلاعب بأوراق "حسام" الملقاه عالمكتب:


- ابعتهم يقعدوا عند حد من قرايبكوا وكدة هتبقى مطمن عليهم.


نظر له "حسام" مطولاً ثم اردف بتفكير:


- لا، ماما مستحيل توافق على الاقتراح ده.


ثم اعتدل ووزع نظره عليهم الاثنين وقال:


- انا مش قدامي غير حل واحد يا شباب.


اعتدل "بدير" وانتبه له "تميم":


- اللوا هاني قال ان أنا بس اللي هسافر هناك بشكل دائم لكن انتوا الاتنين... لا.


تحدث ثم تابع:


- عشان كدة انا هكون مطمن وانتوا هنا...عشان محدش هياخد باله منهم قدكوا.


نظر "تميم" إلى "بدير" برفض ولكن قال "بدير"دون تفكير:


- طبعا يا ابني انت بتهزر، مامتك واختك في عنينا وأنا وتميم مش هنقصر.


ابتسم "حسام" بحب ثم قال بجدية:


- كويس قوي، بس خلي بالكوا مي الفترة دي عندها جلسات ومتابعة في المستشفى ومحتاجة حد يكون معاها علطول ويوديها ويجيبها.


رد"بدير"دون تفكير:


- تميم هيوديها، انت عارف أمينة والصداع اللي بتعملهولي.


 نهض "تميم" من على حافة المكتب فاجأة ورد بعصبية:


- تميم ايه انت كمان .. انا ..انا ... انا مش هبقى فاضي اصلًا لا ابقى وديها انت وانا ..


فكر قليلا ثم تابع بعد تنهيد:


- انا ... انا هبقى اطمن عليهم بالتليفون ان شاء الله.


نظروا له الاثنين باندهاش فقال "حسام":


- انت يلا ايه الندالة اللي انت فيها دي، اومال فين بقى والدتك هي والدتي يا حسام واختك دي تبقى اختي وكل الهري ده.


- طبعًا..طبعًا والدتك طبعًا والدتي و.. وأختك هي اختي طبعًا.


- ايه كمية الطبعًا اللي انت قولتها دي ، ولما هو طبعًا طبعًا ايه بقى الندالة بتاعتك دي.


صمت قليلًا ثم جلس بجانبهم على الفراش وقال وهو ينظر بهاتفه دون النظر إليهم:


- يا ابني بقولك مش هبقى فاضي، احنا مش عندنا شغل ولا هنلعب هنا.


- ايوا بس مش زايي، انا هسافر برة المحافظة كلها، لكن انتوا غيري، مش هتخرجوا برة القاهرة الا لما احتاجكوا.


ثم تابع بحيرة وضيق:


- اموت واعرف بس اللوا هاني اشمعنى اختارني انا اسافر رغم انه عارف ظروفي.


رد "بدير" بضحكة خافتة:


- انا عارف ليه.


نظروا له فتابع:


- تميم يا ابني لو سافر هيرجع مرتبط بكل بنات البلد هناك بما فيهم البنات اللي مسافر عشانهم أصلًا.


ضحك "حسام" وهو ينظر إلى"تميم" الذي ينظر لهم بغيظ فتابع"بدير":


- وانا برضو منفعش، عشان القضايا اللي لسه مفتوحة هنا.. وكمان ما انتوا عارفين أمينة وجنانها، يعني ممكن لا يهمها مهمة ولا شغل وتدوشني هناك كل شوية وتبوظ الدنيا، اما انت يا حسام فمعروفة متربي عشر مرات وولا عندك امينة ولا زعبولة.


!!!!!!*****!!!!*****!!!!!!


أتى عليها الليلُ، ومن حينها وبدأ المارة يختفوا من الشارع، فمجرد أن يأتي عليهم الغروب، كلًا يذهب لمنزله غالقًا بابه عليه وعلى أولادهُ بأمان، تقف أمام الورشة ومن حينٍ لأخر ترفع رأسها عن السيارة التي تقوم باصلاحها وتنظر هُنا وهُناك، حولها بكل مكان، فبعد فتح الورشة مرة أخرى على يد ذلك القصير "ميمي" اضطرت "رقية" مع الوقت الوقوف معه ومساعدته نظرًا لوجود الورشة على أطراف البلدة وكثرة تردد الذبائن عليها، تساعده، حتى أنها أصبحت تمسك الأدوات بيدها وتعمل بارشادات منه، حتى باتت تعمل بالسيارات باتقان تحت إشراف ذلك القصير، 


وضعت "رقية" تلك الأداة الحديدية على حافة السيارات المتهالكة، ونظرت لتلك الشلة المتجمعة أمام الورشة منذ فراغ الشارع من المارة، وعيونهم متسلطة عليها، نظرت لهم بتوتر ثم توسعت عيونها بخوف عند رؤيتها لأحدهم يهمس للأخر وعيونهم عليها ويدهُم تشاور اتجاهها.


_ ااا.... ط..طيب يا ميمي،..بقول كفاية كدة النهاردة ويلا نقفل بقى.


رد عليها وهو منشغل بإصلاح سيارة أخرى أمام الورشة:


_ نقفل ايه بس يا ست رقية... مش اما نخلص الشغل اللي متكوم علينا ده.


ردت "رقية" وعينيها على هؤلاء الواقفين يهمسون لبعضهم وعيونهم مثبتة عليها:


_ لأ...انا قولت نقفل يعني نقفل...يلا.


وبالفعل ادخلت جميع الأدوات لداخل الورشة بسرعة يشوبها التوتر الملحوظ

_ طب براحة بس ..برااحة.


هتف بها "ميمي" وهي تأخذ الادوات من يده بسرعة عجيبة، ثم أدخلتها، وخرجت سريعًا تغلق باب الورشة ومازالت عيونها عليهم بخوف يلمع بهم.


_ طيب بدري بكرة بقى يا ست الناس عشان نلحق نخلص الشغل اللي جوا ده.


أماءت له "رقية" وكل ما يدور بذهنها كيف تصل للمنزل بسلام.


تحركت عدة خطوات مبتعدة عن الورشة، ولكنها أحست بخطوات خلفها، التفت نصف التفاتة وجدتهم يقتربوا منها أكتر، فأسرعت في خطاها، وهنا وعندما أحست بأن التوتر والخوف وصل بداخلها لمداه، توقفت عن السير وقلبها يخفف بقوة، قطبت"رقية" حاجبيها بخوف شديد وكأنها على وشك البكاء عندما وجدتهم توقفوا خلفها عند توقف خطواتها بالضبط، ثم وفاجأة نظرت أمامها بوسع وأمل عندما رأت رجل طويل الهيبة يسير بالشارع مع شابين من هيئتهم تبين عليهم أنهم اولاده، تقدمت "رقية" تسير موازية لهم وبدأت تشعر ببعض الأمان وتلتفت بين حينٍ وأخر لهؤلاء الذين لن يكفوا عن السير خلفها يتهامسون، ظلت تسير معهم حتى جاء مفترق طرق ودخل منه الرجل واولادة فأسرعت تركد عدة خطوات حتى وصلت لباب منزلها،وهنا طرقت بيديها الاثنين كثيرًا حتى فتحت لها "أحلام" بعد ثوانٍ معدودة.


 وبعد أن دخلت ساعدتها "أحلام" والصغيرين في وضع الأشياء الثقيلة خلف الباب، كرسي ثقيل، أنبوبة معدنية ثقيلة، طاولة متوسطة الحجم، مع بعض الأشياء الأخرى التي تُعد ثقل خلف الباب، ورغم كل ذلك النوم يتركها طوال الليل ويحل محله خوف، بل رعب على أخواتها فتجلس بالصالة عينيها على ذلك الباب ككُل ليلة.


انتهوا من وضع كل تلك الأشياء التفتت "رقية" لهم تحمل الصغير الناظر إليها بصمت واندهاش بعينيه، فقالت "أحلام" بقلق وهي تراها ترتجف وتتنفس باضطراب واضح:


_ ايه يا رقية...في ايه...حد بيجري وراكي.


حركت "رقية" رأسها بلا ثم تقدمت تجلس على أقرب كرسي وهمست بارتجاف بصوتها وعينيها على الباب بقلق:


_ ااا ...اا..عشيتي اخواتك ولا لأ؟


اقتربت "أحلام" تجلس بجانبها هي والصغيرة "أميرة" الناظرة اليها بعيون متسعة: 

_ لأ إحنا مستنيينك...المهم انتِ قوليلي مالك...شكلك مخطوف كدة ليه؟

ابتلعت "رقية" ريقها بصعوبة ثم همست وهي تنهض واقفة:


_ مفيش..مفيش...انا...انا.. بس شكلي كدة مينفعش افتح بليل تاني ...اخري العصر والرزق بقى على الله.


ثم تابعت وهي تسير للداخل ويدها تخلع ملابسها العلوية

_سخني الأكل يا أحلام، على ما أدخل اخد دُش واجي...انا واقعة من الجوع.


ردت "أحلام" وهي تتجه للداخل وعيونها مازالت عليها بقلق:

_ حاضر، دقيقتين والأكل هيكون جاهز.


وبعد العشاء تجلس هي و"أحلام" تسرد النقود القليلة إيراد الورشة اليوم.


_ خدي يا أحلام، ده مصروف بكرة.. تطلعي معايا الصبح تجيبي طلبات البيت وأرجعك علطول وبعدين أطلع عالورشة.


التفت لهم "ميرا" الصغيرة تنهض من جلستها لتقترب منهم وتقول بإلحاح وهي توكز "رقية" بكفها الصغير:


_ رقية ...رقية ..أنا كمان عايزة مصروف.

أخذتها "أحلام" تجلسها على قدميها وهتفت بحيرة وعيونها على النقود:


_ استني انتِ دلوقتي يا أميرة.


ثم توجهت بالحديث إلى"رقية":


_ بس يا رقية، الفلوس دي قليلة قوي، ده انتي واقفة في الورشة طول النهار مع اسمه ايه ده.

ردت "رقية" وهي تفرد ساقيها بتعب أمامها:

_ نحمد ربنا يا أحلام، اهي كدة أحسن من مفيش، واهو بعد ما كان محدش بيقرب منها، دلوقتي رجل بتجر رجل، الحمد لله.


ثم التقطت وسادة صغيرة من أعلى الكنبة ووضعتها عالأرض تضع رأسها عليها وتمدد جسدها على البساط البسيط من تحتها، ابتسمت الصغيرة تقترب توضع رأسها على جسد "رقية" رفعت "رقية" يدها تقربها من حضنها وبعد لحظة واحدة أقترب الصغير يقلد توأمه في فعلتها، ابتسمت "رقية" وهي تضمهم على جسدها قبل أن تغمض عينيها بتعب.


!!!!!!******!!!!!!!*****!!!!!


يخرج من غرفته يجد والدته تقف مع اخته بالصالون، فمنذ قليل طرقت "مي" عليه باب غرفته لتخبره بأن صديقيه"تميم " و"بدير" ينتظروه أسفل البناية بالسيارة ويرفضون الصعود نظرًا لتاخرهم، فهم عزموا على بدء مهمتهم اليوم.


اقترب "حسام" من والدته فبادرت هي وقالت باندهاش:


- غريبة يا حسام فين شنطة هدومك يا ابني ، مش بتقول مسافر مأمورية، أول مرة تسافر من غير شنطة معاك أكون عملهالك انا بايدي !!


اقترب منها"حسام" ينحني ليقبل يدها ثم اردف بابتسامه :


- لا يا حبيبتي المرادي الأمر مختلف شوية، يعني تقريبا مش هحتاج حاجة من حاجتي هنا.


قالت "مي" وهي تقترب منه لتعدل له ياقة قميصة الأكثر من انيق على بنطاله القماش الكلاسيكي:


- اومال ايه يا حسام، مش بتقول مسافر فترة كبيرة.


تنهد "حسام" بضيق عندما استمع لصوت السيارة من اسفل يستعجلوا:


- مش عايزكم تقلقوا تميم وبدير مجهزين كل اللي ممكن احتاجه.


ثم اقترب ليحضن والدته في وداع كل سفرية ولكن تلك المرة هو وهما يعلموا انه يغيب لفترة لا يعلم نهاية مدتها، ثم اقترب من "مي" نظر لها قليلًا بعبوس وضيق على وجهه ثم تنهد بقلق وأردف وهو يشدد على الحديث:


- انتي بالذات تخلي بالك من نفسك وبلاش الإهمال بتاعك ده ولو حسيتي بأي حاجة في أي وقت معاكي رقم اللوا هاني ده زي بابا الله يرحمه مش غريب ومعاكي كمان رقم تميم وبدير وانتِ عارفة ان دول اخواتك زي انا وعلي بالظبط وبيعتبروكي اختهم الصغيرة، اي حاجة في اي وقت ما تتردديش لحظة ولا تسيبي نفسك لحظة واحدة توصلي للمراحل اللي مش عايزينها دي،..مفهوم؟


ابتسمت له "مي" ثم اقتربت لحضنه فمن بعد والدها بل من قبل رحيله وكان هو الاحن عليها من بين العالم، دائمًا عندما تضيق بها او تشعر مجرد شعور بالتعب تلجأ له، وتعلم قلقه عليها فبتلك النظرة بعينيه عندما خرجت من حضنه ونظرت بهم رأت نظرة والد قلق على ابنته، ثم اقترب يقبل رأس ويد والدته وخرج من المنزل.


!!!!!!*****!!!!!!!!****!!!!!!


ليلاّ يسير هُنا بذلك الشارع الضيق، يسير ويسير حامل تلك الحقيبة الصغيرة على كتفه بشكل معاكس، وقد أبدل ملابسه لملابس مغايرة تماماً من بنطلون من الجينز المتهالك، وقميص مفتوح من اللون الأزرق الباهت وحذاء برباط بسيط، بينما جعل خصلاته المرتبة على الدوام مبعثرة بشكل مهمل، يلتفت حوله يميناّ ويساراّ وكأنه يكتشف المكان، نظر "حسام" هنا وهناك لم يكن أحد بتلك البلدة فهي بسيطة تقترب من أجواء القرى، نظر أمامه باهتمام عندما اقترب لذلك الباب الخشبي البسيط حوله مظلم سوى تلك اللمبه المضيىة أمامه.


وقف"حسام" أمام الباب الخشبي أغمض عينيه لحظة ثم فتحهم، ثم تنهد ليقترب يطرق على ذلك الباب الخشبي وبداخله يهمس:


_ استعنا بالله.


!!!!!*****!!!!*****!!!!!!!


تخرج "أحلام" من المطبخ لتنظر للجالسين يلعبون معاّ ثم اقتربت وقالت وهي تجفف يدها بفوطة صغيرة خاصة بالمطبخ:


- أميرة، زياد انا هدخل اخد دش على ما رقية تيجي، مسمعش صوت ولا دوشه، اتفقنا.


ثم نظرت لتلك الأشياء الثقيلة الموضوعة خلف الباب وقالت وهي تتجه إليها:


- انا كمان هشيلكم الحاجات دي أحسن رقية تيجي وانا جوا مش هتعرفوا تفتحولها.


ثم اقتربت منهم تنحنى لهم وترفع اصبعها بتحذر:


- بس خلي بالكم الترباس ده انا هسيبه مقفول ، ميتفتحش الا لما تتاكدوا ان رقية هي اللي برة غير كدة متفتحوش لحد اتفقنا؟


أماء لها الصغيرين وهم منشغلين باللعب بيدهم، كررت "أحلام" وهي تتركهم وتتجه للداخل:


- انا عموماّ مش هتأخر دقيقتين وهطلع.


وبعد قليل، يستمع الصغيرين لذلك الخبط على الباب ، لتهتف الصغيرة وهي تضع كفيها الاثنين على الأرض لتنهض بحجمها الصغير:


- رقية جت... رقية جاااات يا أحلام.


وأسرعت بخطواتها تلك لتفتح، وقفت على أطراف أصابعها ونجحت في فتح الترباس بعد عدة محاولات


انفتح الباب بوجهه، نظر أمامه لم يجد أحد، قطب "حسام" حاجبية وهو ينظر أمامه بكل اتجاه، الى ان وصل اليه ذلك الصوت ذو النبرة الرنانة وهي تقلد اخواتها الكبار عندما يسألوا قبل ان يفتحوا:


- ميييييييين!!


نزل "حسام" بنظره لذلك الصوت، وجد وجه صغير مرفوع له ببرأة وتكرر بهتاف:


_ ميييييييين!


!!!!!!*****!!!!!*****!!!!!!!!


تسير "رقية" بتعب ينزف به جسدها، رفعت يدها الملطخة بشحام السيارات لتمررها على جبهتها التي لا تكف عن الصداع لقلة غذائها والعمل واقفة طوال اليوم، اقتربت من باب المنزل بخطوات رغم تعبها لكنها تحاول ان تكون مسرعة فقط لتطمئن على صغارها، لكنها ومن على بعد رأت الباب مفتوح على وسعه، جحظت عينيها ودق قلبها بالتاكيد مصيبة، كارثة جديدة قد حدثت لهم وهي بالورشة، وفي من ثوانٍ كان تأكل الطريق بخطواتها وتهمس بقلب يرتجف:


- يارب استرر يارب، ازاي الباب مفتوح كدة.... أكيد مصيبة!!


دخلت "رقية" بتلك الخطوات العاجلة المتوترة، ونظرت بالداخل وهي تتوقع وجود كارثة، لكنها وقفت تلهث عدة لحظات على ذلك المشهد الأكثر من غريب.


#رانيا_أبو_خديجة

#٣٦٥_يوم_أمان


رأيكوااا وتوقعاتكوااا بقى للي جاااي...وخليكوا عارفين ان احنا لسه في البداية بنسخن بس التقيل لسه جااي قداام♥️♥️🔥😂


ياريت بس اللي بيقرا يثبت وجوده بريأكت بس مش أكتر اعرف بس ان الرواية بتتقري يا جدعاان وفي بشر هنا في الصفحة 🙂


وطبعا شكراا جداا لأخواتي اللي دايماا بيدعموني ومعايا في كل بداية وكل مكان سواء هنا او في الجروب وعايزة اقولكوا اني مكملة بيكوا والله ربنا يخليكوا ليا ياارب♥️♥️🥰


يمكنك متابعة صفحتي على الفيس بوك 👇

                 👈 الانضمام 👉

او الانضمام علي جروب الفيس بوك 👇

       👈👈 جروب الفيس 👉👉

👆👆👆👆

✍️لقراء الفصل الثالث من 365 يوم أمان هنا 👇

                //// الفصل الثالث  👉


✍️ لقراءه رواية ٣٦٥يوم امان من هنا 👇

            👈 365 يوم امان 👉

متنسوش بقى دعواتكم لأخواتنا وياريت لو نستغفر كلنا بنية نصرهم♥️🤲

تعليقات
تعليق واحد
إرسال تعليق
  1. تسلم ايدك يا حبيبتي جميله خالص 🙈

    ردحذف

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة