U3F1ZWV6ZTMxMjc0MDY2Mjc3MzYyX0ZyZWUxOTczMDM4NTMwMzE2MA==

رواية 365 يوم أمان الفصل الرابع عشر بقلم رانيا ابو خديجه

رواية 365 يوم أمان الفصل الرابع عشر بقلم رانيا ابو خديجه 

روايه 365 يوم امان  بقلم رانيا ابو خديجه 

٣٦٥ يوم أمان

رانيا أبو خديجة 

رواية 365 يوم أمان الفصل الرابع عشر بقلم رانيا ابو خديجه


_أومال مين الأخ ده ... يبقى أخوكي صح؟

رفعت وجهها فاجأة لصديقتيها عندما سمعت صوت ضحكهم الطفيف وعيونهم عليهم، وقبل أن ترد انتبهت للباب الذي فتح فاشرق وجهها عندما رأته يخرج من المكتب يتهامس هو و"بدير" ويضحكون بينما خلفهم اللواء "هاني" يضع ذراعه حول عنق ذلك المعيد المكدوم ويحدثه، أشرق وجهها بابتسامة واسعة عندما رأت مرحه مع صديقه بهذا الشكل، لكنها عبست فاجأة عندما توقف عن ضحكه وثبت نظره على ذلك الجالس بجانبها بهذا الشكل وبذلك القرب.

يحدثها بهمس بينما هي عينيها بعينه "تميم"، 

تقدم "تميم" منها وخلفه "بدير" ووقف أمامها مباشرتًا.

رمشت "مي" عدة مرات برهبة عندما طالتها نظرته تلك، نظرة مخيفة، ثم وقف ينظر لذلك الجالس نفس النظرة حتى وقف "أمجد" وابتعد خطوة وأخيراً وجه حديثه لها:

- ايه اللي نزلك من العربية؟

نظرت "مي" الى "بدير" الذي ينظر لتحوله بتلك الطريقة ونبرته العجيبة في طريقة تحدثه اليها، ثم حاولت تقف جاهدة بالاستناد على إحدى زميلتيها، وهمست بصوتها الرقيق:

-كنت... كنت لازم أجي استناك هنا... واطمن عليك يا تميم.

دون كلمة اضافية ظل ناظر اليها نفس نظرته المخيفة، ثم حول عينيه لذلك الموجه نظره اليها بتلك النظرة الذي تفهمها "تميم" جيدًا فور رؤيته له منذ الصباح، شعر "تميم" بيد على كتفه فانتبه الى "بدير" الذي قال باستياء من نظرة صديقه إليها بهذا الشكل:

-ايه يا ابني.... مالك؟!

حرك رأسه بمعني "مفيش" ثم تقدم اليها يساعدها على الحركه هامسًا:

- طب يلا عشان اروحك.

سمع صوت "اللواء" من خلفه:

-ملكوش دعوة بمي... أنا هروحها.

ثم نظر اليهم بغضب:

-وانتوا الاتنين تسبقوني عالجهاز...تستنوني في مكتبي زي الجزم لحد ما اجيلكوا.

نظروا الى بعضهم ثم اماؤا اليه باحترام، وبالفعل أمام عينيه تقدم منها اللواء يسألها بود وحب:

-عاملة  ايه دلوقتي يا حبيبتي؟

ردت ومازالت عينيها بعينيه في حيرة من نظرته المفاجأة وتغير حالته بهذا الشكل:

- الحمد لله يا اونكل بخير.

تشعر بأن تغير حالته فاجأة بتلك الطريقة غير عادية بالمرة مع نظرته المرعبة تلك والتي يخصها بها هي تحديدًا، ساعدها اللواء "هاني" في الحركة حتى ابتعدت عن زملائها الذين تفرقوا كل واحٍد سار باتجاه، ماعدا "أمجد" الواقف ينظر في أثرها بنظرات تفيض بالكثير، 

بينما ظلت هي تلتفت كل خطوة وأخرى تنظر له هو، ظل "تميم" مسلط نظره عليها وعينيها بعينيه حتى اختفت تماماً 

-ايه يا عم... مش هنمشي في الليلة دي ولا ايه؟

نظر اليه "تميم" بنفس ضيقه ثم حول نظره لذلك الواقف عينيه بنفس الرواق الذي سارت منه، فهمس لصديقه بضيق على وشك أن ينفجر بصدره:

_ طب يلا عشان دقيقة بالظبط وهرتكب جريمة تانية.

ابتسم "بدير" لعدة ثوان ثم همس اليه باندهاش:

_ كل الجرايم دي بسببها!!

انتبه اليه "تميم" ينظر اليه بعيون واسعة يفوح منها الشر، ليخرج ضيقه كله بصديقه، فقال بضيق وعصبية وصلت لذلك الواقف يتابع باهتمام وتصنت لعله يفهم مدى علاقتها به:

_ يوووو انت كمان....هي ناقصة!!!

ثم تابع بنفس غضبه حتى انتبه اليه كل المار بالمكان:

_ بقولك ايه أنا بعد كدة مليش أي علاقة بيها...اه وأبقى وديها انت المستشفى... أنا أصلًا غلطان اني عكيت نفسي في الحوار ده من البداية وانا عارف اللي هيحصل.

ثم تركه وسار بنفس ضيقه، نظر في أثره "بدير" بعيون ضيقة يحاول أن يفهم صديقه والذي يخبئه بداخله ولا ينكشف منه سوى في وجودها فقط، انتبه "بدير" لابتعاده فسار خلفه سريعًا يصيح:

_ استنى يلاااا... أنا جاااي وهتفهمني في ايه بالظبط! 

ثم سار خلفه يحاول اللحاق به.

!!!!!!!*****!!!!!!!!!*****!!!!!!!!!

 يقف أمامه كابن مذنب يتعرض لتأنين أبيه، احنى "تميم" رأسه يغمض عينيه بضيق يعلم كل ذلك قبل أن يحدث وكان بتوقع الأكثر كمان، لولا ستر الله وتدخل اللواء"هاني" بالأمر، لكنه كان يشعر بغيظ بداخله وكأن قطعة منه هي من تعرضت لذلك، لم يشعر بالارتياح إلا بفعل ذلك أمام كل الواقفين والذين هُدرت كرامتها أمامهم، انتبه "تميم" يرفع رأسه فاجأة ينظر بعيون واسعة عندما استمع لتلك الكلمات:

-بتستغل مهنتك يا حضرة الظابط وتبلطج عالناس!!!

نفي "تميم" مسرعًا بصدق:

-ايه اللي حضرتك بتقوله ده يا فندم... ابدا والله.. الموضوع أصلاً مش كدة.

ثم تابع ومازال مندهش من ذلك الاتهام البشع:

-حضرتك شوفت ايه اللي حصل لمي أخت زميلنا حسام واللي مأمنا انا وبدير عليها هي ووالدته قبل ما يسافر... انا...انا اعتبرتها أختي وايا كان مهنتي ايه كنت هعمل اللي عملته.

ضرب اللواء بيده بعنف على سطح المكتب يصرخ به:

-غلط... غلط يا حضرة الظابط.... انت كدة مش بس بتعرض مستقبلك للخطر ...انت كمان بتسئ للمكان اللي انت فيه واللقب اللي سامحلك تعمل اللي انت عايزه بدون رادع.

رفع يده ليرد بنفس إصراره ونفيه، لكنه قاطعه ليتابع:

_ وخلي في معلومك.. أنا كنت ممكن أسيب الموضوع يتصعد...والشاب ده كان هيبقى معاه كل الحق في أي اجراء ياخده...واوعدك يا تميم...المرة الجاية أنا اللي هسلمك بنفسي لو سمعت بس انك بتستغل منصبك في أذية خلق الله.

ثم صرخ بعنف وضيق أشد:

_ أنا عمرري ماعلمتكوا كدة.... عمركوا شوفتوني أنا ولاحد من زمايلي ودفعتي عملنا كدة قداام حد فيكوااا!!!


ظل يتنفس بعنف ثم اقترب ليجلس بكرسي مكتبه وقال من بين أنفاسه الغاضبة:

_ اتفضل يا حضرة الظابط روح شوف شغلك... وخلي في معلومك القضية اللي حضرتك عمال تدلع فيها دي هبعتلك قضايا معاها...وحذاري ألاقي تقصير.


نظر إليه "تميم" قليلًا يشعر بأن ذلك التكليف ماهو إلا عقاب، ثم هدر بضيق:

_ يافندم دلع ايه بس... أنا براوح من المكتب كل يوم بعد نص الليل....ثم إن حضرتك كلفتني بالتركيز على القضية اللي شغال عليها حسام.

_ مفيش الكلام ده...من هنا ورايح انت وبدير هتشتغلوا على قضايا تانية بجانب القضية دي.. ودلوقتي اتفضل لحد ما أبعتلك انت وهو بالتكليفات الجديدة... اتفضل.

دون كلمة أخرى تحرك يخرج من المكتب، لكنه وقف عند الباب فاجأة يلتفت اليه فسأله اللواء بنفس ضيقه منه:

_ ايه!! وقفت عندك ليه؟

منذ أن دخل المكتب وهو يريد أن يسأله عليها، هل اوصلها لباب المنزل كما كان يفعل هو، خاصتًا في حالتها المُتعبة تلك، وكيف حالها الأن، منذ أن رأها على جهاز جلسات التنفس وهو يشعر بشئ يعصر صدره من الضيق والألم، لكنه صمت قليلاً يفكر، أهو من أخذ عهد على نفسه بأن لم يكن له شأن بها او يهتم بأمرها ام أحد أخر؟

خاصتًا بعد أن رأى علاقتها بزميلها بالجامعة بذلك الشكل الذي تسبب في رغبته بإحراق كل شىئ حوله لا هما الاثنين فقط، تنهد "تميم" بغلب وقلة حيلة فيما يشعر به فهمس قبل أن يخرج من المكتب:

_ لأ... مفيش يا فندم... بعد إذن حضرتك.


!!!!*!!!!!*!!!!!*!!!!!

وفور خروجه من المكتب وجد "بدير" ينتظره أمام الباب فبعد توبيخ اللواء له هو الأخر أمره بالخروج وتركه مع "تميم" بمفرده، سار اليه وسأله بقلق من تلك الأصوات التي وصلت اليه من المكتب:

_ تميم...ايه اللي حصل جوا.... وكان بيزعق بالشكل ده ليه... دانا كنت برة وخايف!!

دخل "تميم" مكتبه ينفخ بضيق ثم قال وهو يلقي بثقله على أقرب كرسي بالمكتب:

_ هيكلفني انا وانت بقضايا جديدة....بيعاقبني.

نهض "بدير" يصرخ باندهاش:

_ ايه!!! ..طب انت وبيعاقبك... أنا مال أهلي!!

_ هو انت مش صاحبي...اتعاقب معايا...ولا هتسيبني اتعاقب لواحدي.

_ ياأخي يخربيت معرفتك على معرفة حسام على أخت...

قاطعه "تميم" سريعًا بغضب:

_ ملكش دعوة بيها.

نظر إليه فتابع سريعًا:

_ واه بعد كدة ابقى خد بالك انت منها وشوف هي عايزة تروح فين ووديها... أنا خلاص هبقى مشغول ومش فاضي لحد.

نظر "بدير" حوله بعصبية ثم أمسك ملف ملقي على سطح المكتب وألقاه عليه وخرج من المكتب، ضحك "تميم" رغمًا عنه على غضبه الذي يشبه غضب الأطفال.

ثم انتبه لهاتفه فأخرجه من جيب بنطاله ينظر به، وجد اسمها ينير الشاشة، ظل ينظر بالهاتف قليلًا بعبوس ولا يدور بذهنه سوى تلك اللقطة وهي جالسة والأخر جالس أمامها بهذا القرب المستفز، ففتح الخط على الفور، يشعر بأن بداخله نار يريد أن يفجرها بأحدهم.

_ نعم!!

لم يستمع سوى للصمت قليلًا ثم وصله صوتها الأكثر من خجول من تلك النبرة الجديدة عليها منه:

_ تميم.. أنا... أنا متصله بس أطمن عليك..يارب متكونش أتأذيت في شغلك بسببي.

هدر على الفور:

_ لا متقلقيش.. انا بخير...واه بعد كدة أبقي كلمي بدير بعد اذنك .. انا مش هبقى فاضي والله.

أيضًا لم يستمع سوى الصمت مع أنفاس مضطربة اصبحت واضحة له، فأعتدل بقلق لسمع همسها المختنق:

_ طيب... الحمد لله انك بخير..مع السلامة.

وأغلقت الخط، ظل واضع الهاتف على أذنه يغمض عينيه بنفس ناره التي ازدادت بمكالمتها، ثم ألقى الهاتف بعنف على سطح المكتب، يلوم ذاته على كل حرف تفوه به إليها في لحظة غضب.

!!!!!*!!!!!*!!!!!*!!!!!

 -هيكون راح فين بس لدلوقتي .. انا قلقانة يا رقية.

نطقت بها "أحلام" بقلق وعدم ارتياح وهي جالسة على الأريكة وعلى ركبتيها كتبها بينما "رقية" جالسة على الأرض وأمامها الصغيرين وبيدها جوارب شطوية ثقيلة تلبسها بقدم الصغيرة التي تصل في حجمها لأصابعها.

-هيكون يعني راح فين... هتلاقيه بيلف بالعربية بتاعته في البلد كعادته وزمانه راجع.

اعتدلت "أحلام" في جلستها تقول بحماس:

- حقا يا رقية... ده جه وصلني بيها المدرسة اول امبارح وشوفي صحابي عملوا ايه.. مكنوش مصدقين انه أخويا...ماهم أول مرة يشوفوه.

حركت "رقية" رأس اصبعها بباطن قدم "أميرة" لتضحك ضحكات رنانة تتسبب في ابتسامة "رقية" وضحكها بخفوت، ثم نهضت من أمامها تقول من بين ضحكها:

_ خلاص يا رقية..بغير ..بغير.

ضحكت "رقية" ملئ فمها ثم انتقلت لقدمي الصغير الأخر تلبسه جواربه الصغيرة كأخته،  ونظرت إلى "أحلام" التي تنظر بهاتفها بقلق على أخيها فهمست وهي تهزت رأسها بشرود:

-أموت وأعرف جاب الفوس دي منين... يا خوفي.

سمعتها "أحلام" لترد بضيق مدافعه عنه بقوة:

-الله يا رقية!!! ماقالك شغله وشقى الغربة وكمان حلفلك على كتاب ربنا .. يعملك ايه يعني الغلبان أكتر من كدة!!

أنتهت "رقية" من قدم الصغير لتسحب أرجل بنطاله الصغيرة لأسفل ثم ترفعها لفمها تقبلها فيضحك هو الأخر ثم ينهض ليجلس بجانب توأمه أمام التلفاز، ابتسمت "رقية" ثم عادت  لشرودها سريعاً ومازالت تهمس بريبة:

-وياترى مخبي ايه في الورشة... ومين الناس اللي جولوا دول!!

بينما همست "أحلام" بقلق يتأكلها:

_ ياترى انت فين يا إياد...وايه اللي حصل؟!

!!!!****!!!!!****!!!!!!

  حمله على كتفه وسار وخلفه زميله حتى ذلك المنزل المتواجد على أطراف البلدة، ثم فتح ذلك الباب الخشبي بساقه وفور دخوله ورؤيته لكبيره جالس بانتظارهم، القاه على الأرض أمامه فسقط ومازال فاقد للوعي.

نهض من مجلسه ينظر اليه وهو ملقي على الأرض بذلك الشكل، ظل ينظر لهيئته قليلاً ثم قال وهو يشير بيده اتجاهه:

-فتشوه... كل اللي في جيوبه يبقى عندي هنا.

اقتربوا منه يهبطوا على ركبتيهم يفعلوا ما أمرهم، ثم نهضوا يعطوهه بطاقة باسمه "إياد منصور المهدي"، وبعض النقود بأوراق ذات أرقام كبيرة التي تدل على ثراء صاحبها، وهاتف يبدوا على مظهره انه ذو ماركة جديدة.

نظر بعيون يفوح منها الشر للنقود والهاتف ثم وضعهم بجيبه، وظل ينظر بالبطاقة حتى أشار اليهم قائلا:

-فوقوا.

اقترب أحدهم يحاول أن يعدله ثم أخذ يضربه يمينًا ويسارًا على وجهه دون فائدة فصرخ به بقوة:

-اخلص يا فهيييم.

عدل رأسه بين كفيه ثم ضربه بمقدمة رأسه بقوة فتألم "حسام" يهمس بتعب:

-اااااه.

فتح عينيه ينظر حوله فرأى ذلك القدم الكبير، رفع رأسه تدريجيًا حتى وصل لذلك الوجه وعندما اتت عيونهم بعيون بعضهم، أغمض عينيع بشدة يضع يده على رأسه بألم قائلا:

-اااه يا دمااغي.

ثم نظر لهم واحداً تلو الآخر، وجه نظره لذلك الواقف أمامه مباشرتًا عيونه عليه ليتابع :

- انتوا مييين.. وعايزين مني ايه؟

 أشار بيده لأحدهم فقترب منه يوقفه بالقوة أمامه ليتألم "حسام" ويحاول مقاومته من جديد:

- اوعى كدة ... انتوا ميين وعايزين مني ايه.

-بصلي انا هناا.

هدر بها بقوة لينظر اليه "حسام" فاقترب خطوة يقول بنبرته القوية:

-انت مين يلا... شكلك غريب على بلدنا... واحنا متعودناش حد يكون وسطينا منعرفلوش أصل.

نظر اليه "حسام" قليلاً ثم اعتدل في وقفته ليرد بنبرة قوية:

-وانت مالك ... هي كانت بلد أبوك.

نظر اليه بابتسامة جانبية ثم اقترب خطوة واحدة يلكمه بوجهه بقوة حتى صرخ بألم.

وضع "حسام" يده على فكه ثم التفت ينظر اليه ليتابع الاخر:

-انت مين...وجيت البلد دي ازاي وليه؟

قلق "حسام" من سؤاله ليكون بذلك السؤال يشك بأمره، فاعتدل بنفس الطريقة ليرد بنفس القوة:

-قولتلك انت مالك....مكنتش بلد أبوك.

لكمه مرة أخرى، ليضع يده هذه المرة فيجد نقاط من الدماء التي تسيل خارج فمه ليستمع الأخر يقول:

-ده انت قليل الادب بقى.

رد "حسام" على الفور:

-مش هبقى في قلة أدبك انت ورجالتك.

 اقترب رجاله يلكموه بقوة ليصرخ بهم:

- انت يا كلب انت وهو... انا قولتلكوا حد يقربلوا.

 ثم وقف أمامه ينظر اليه والآخر مازال يتالم من لكماتهم المفاجئة، فقال وعينيه تمر عليه بشر:

- -الله يرحمه أبوك .. مكنش بقلة الادب دي عمره.

التفت اليه "حسام" ليتابع الآخر:

-منصور طول عمره طيب بس عرف يجيب ويربي.

لاحظ "حسام" أن نبرته بدأت أن تلين معه فاعتدل يسأل باندهاش:

- انت تعرف أبويا... تعرفه منين؟

دار الآخر حوله، ثم رد:

-هقولك.. بس مش قبل مانت تجاوبني الأول.

ثم جلس أمامه على الكرسي يتابع بنفس هدوئه:

-لقيتها فين... وبعتها لمين..وحد من البلد ولا برة؟

اعتدل بثقة أكثر في وقفته يربع ذراعيها خلف ظهره ليرد بعند واضح:

_ بتتكلم عن ايه....مين دي اللي لقيتهاوبعتها... انت بتاجر في البني أدمين انت ورجالتلك ولا ايه.

-لا ناصح يلا... ناصح...و..

قاطعه "حسام" بنبرة قوية ومازال يشوبها العند:

_ أنا مش يلا...اسمي إياد منصور لو عجبك.


صرخ به الآخر حتى نهض بغضب:

-انت هتستهبل يا روح امك.

ثم ضرب الكرسي خلفه بساقة بقوة ليقع للخلف مصدراً صوت بهذا الخلاء ويصرخ:

-دي بضاعة وفلوس ناااس انت وأهلك رقبيكوا كلكم قصادها.... فين البضاعة والفلوس يلا.

صمت قليلاً ليؤكد حديثهم ثم قال بهدوء يدل على كذبه:

- قولتك أنا مش يالا...ثم اني قولت وهقول تاني انا معرفش انت بتتكلم عن ايه.. بضاعة ايه وفلوس ايه اللي بتتكلم عنها دي!!

اقترب منه فاجأة يصرخ بوجهه مباشرتا:

-اومال الابهة والعربية وكل ده منين.

-معروف في كل حته اني كنت مهاجر ودي تحويشة العمر.

ثم تابع بنفس بروده_

_ ولو مش مصدقني...انت حر.

-عليا أنا يلا... ده انت كنت جاي معفن وريحتك ماليا البلد.

ثم صرخ به:

-هتنطق ولا أخلي الرجالة تتويك متعرفلك طريق.

شبك ذراعية خلف ظهره مرة أخرى يرفع رأسه ينظر أمامه بنفس الثقة والعند الذي يثبت كل الشكوك عليه، ثم أجاب بنفس هدوئه ومراوغته التي تسير استفزازهم:

-قولتلك معرفش انت بتتكلم عن ايه...وروح دور على حاجتك بعيد عني.

صمت الآخر يتنفس بغضب ثم لف حوله يقول بنفس غضبه:

-طبعا... فلوس ولقيتها جاهزة.. كنز جيت لقيت أبوك سايبهولك.

ثم شبك يديه ببعض يحاول يلتزم الهدوء معه لعله ينطق:

_ بس أنا هقولك على حاجة.. قول الفلوس والبضاعة فين وأنا هعرقك بمبلغ أبوك نفسه مكنش يحلم بيه.

_قولتلك معرفش انت بتتكلم عن ايه... وروح انت ورجالتك شوف مين خاد حاجتك منك بعيد عني.

نظر اليه قليلاً ثم صرخ برجاله بنفاذ صبر:

-يبقى ربوااا... لحد ما يتعلم الأدب وينطق.

ثم تابع وعينيه عليه وسط هجوم رجاله:

_ ماشي يا ابن منصور... أنا هعلمك الأدب وبرضو هتقول الحاجة فين.

هجموا عليه بالفعل، أخذ يحاول مقاومتهم مع إجبار ذاته على التحمل أمام أعين الواقف يتشفى بضربه، بينما بداخله يشعر بانتصار ان أول الخطة سار كما رسموها بالضبط بل أفضل.

!!!!!!****!!!!!!!!***!!!!!!!

 اعتدلت "رقية" على الفراش جالسة تنظر بساعة هاتفها وجدتها الثالثة فجرًا، فقطبت حاجبيها بقلق، لتخرج من الغرفة وتذهب لغرفته فتحت الباب على الفور تنظر بالداخل وجدتها فارغة كما ظنت، فهو مازال خارج المنزل.

وقفت "رقية" واضعة يدها بقلق على فمها تنظر أمامها بقلق، من يوم أن أتى ولا مرة تأخر لذلك الوقت خارج المنزل، هرب من عينيها النوم فأصبحت لا تغفل عينيها وهو بالخارج، نظرت على الباب المقفل بترباس فقط بقلق سارت لغرفة أخواتها تنظر بها وجدتهم مستغرقين بالنوم ثلاثتهم فاغلقت الغرفة عليهم.

ظلت جالسة عينيها على الباب كاجلستها بالسابق حتى سمعت طرق ضعيف عليه، نهضت ثم اقتربت تسأل بخوف قبل أن تفتح:

-مين!

لم يصلها سوى الصمت ثم صوت ضعيف للغاية وكأنه يأتي من بعيد يقول:

-افتحي.

همست بلهفة:

-اياد.

ثم اقتربت تفتح على الفور، وفور فتحها للباب شهقت مما رأته، ثم صرخت باسمه فور سقوطة أمامها مغشى عليه بدمائه وحالته تلك، هبطت "رقية" على ركبتيها بجانبه تهمس بأنفاس لاهثة ومازال الفزع من رؤيته هاكذا على ملامحها:

- إياد... ايااد.. يالهوي .. ايه اللي عمل فيك كدة!!!

نظرت حولها ثم خارج البيت بخوف وترقب، لم تجد أحد فنهضت سريعّا واقفة وامسكته من يديه تحاول سحبه داخل الباب ثم اغلقته جيدّا ومازال الرعب يدق بقلبها، هبطت "رقية" على ركبتيها بجانبه مرة أخرى ومازالت أنفاسها تعبر عن فزعها ورعبها ظلت تهمس وتوكزه بيدها تحاول ايفاقه لكنه مازال فاقد للوعي وملامحة تختفي أسفل تلك الدماء والكدمات البارزة بوجهه.

- اعمل ايه ياربي... اعمل ايه!!!

ظلت جالسة ناظرة بوجهه وهو بتلك الحالة قطبت حاجبيها بقلة حيلة وملامح على وشك البكاء وبالفعل اقتربت منه تحاول ان تفيقه مرة أخرى وبدأت أن تبكي في نبرتها:

_ اياااد...ايااد مين اللي عمل فيك كدة...ايااااد!!

وبعد دقائق دون فائدة نهضت تسرع لغرفة أخواتها فتحتها وأسرعت للفراش باتجاه "أحلام" تحاول ايقاظها:

-أحلام... أحلام اصحي.. أحلاااام.

تململت "أحلام" بالفراش حتى تقلبت على الجهة الأخرى تضع يدها أسفل وجهها وتستكمل نومها في سلام.

تأففت "رقية" بقلة حيلة ثم خرجت من الغرفة تدخل غرفتها، ارتدت ملابسها بعجالة وجمعت خصلاتها لأعلى ثم خرجت تتجه لباب المنزل وبالفعل تخطته تفتحه الباب، لكنها وفور فتحه وصلها صوت قوي لذئاب بالخارج فأغلقت الباب على الفور بهلع تقف خلفه بنفس حيرتها فكانت تحاول الخروج بتلك الساعة المتأخرة تجلب طبيب أو على الأقل ذلك العامل الواقف بالصيدلية التي تقرب من البيت لعله يغيثها، وضعت "رقية" يدها على فمها بفزع عندما ثبتت عينيها عليه بحالته تلك وقد بدأت جروحه تنزف بغزارة، القت ذلك الشال من على كتفيها ارضّا ثم انحنت اليه تضع يده خلف عنقها وحاولت بكل همتها حمله من الأرض، وبعد عناء سارت به وهي تحاول أن تجمع انفاسها بقوة حتى أحمر وجهها بضغط، دخلت الغرفة به ثم ألقته بحمل على الفراش وكأنها تحمل جبل واخيرًا تخلصت منه.


وقفت "رقية" عدت لحظات تتنفس بعنف وتعب حتى انحنت تستند بكفيها على ركبتيها، انتبهت سريعًا لتسير للداخل تجلب ماء وقطن والمتواجد لديها من مستلزمات التطهير اللازمة، واقتربت بعجالة، نظرت إلى حالته تلك التي تبدو مستعصية للغاية، فاقتربت بعد أن خلعت تلك العبائة التي كانت ارتدتها للخروج من المنزل وألقتها بعيدًا فتبعثرت خصلاتها من جديد حول وجهها وعلى طول ظهرها، ثم قربت الماء والقطن وأخذت تنظف جروح وجهه من أعلى لأسفل حتى رأت تلك الكدمات على عنقه نزولاً بصدره فتأففت بعدم خبرة وتصرف، وضعتهم جانبًا ثم اقتربت منه تنزع عنه ذلك القميص الممزق وتلقيه بعيدًا ثم أخذت تطهر باقي جروح جسده.

!!!!*!!!!*!!!!*!!!!!*!!!!!!


وضعت "رقية" الماء والقطن جانبًا عندما شعرت بأن جروحه توقفت عن النزيف، ثم اعتدلت تقترب منه تضع يدها على جبهته تستشعر حراراته، فقطبت حاجبيها بانزعاج من السخونة تحت يدها، وبدلاً من تنظيف الجروح أصبحت تخفف حراراته بفعل الكمادات.

زاحت المنديل المبلل بالماء من على جبهته تضع يدها عليها ثم نقلت يدها على وجنته تستشعر النتيجة؛ فأبتسمت باطمئنان أخيراً، فقد أصبحت حراراته عادية، مالت "رقية" عليه تضع الطبق الملئ بالماء بالطاولة بجانبه من الجهة الأخرى، ولم تشعر بذلك السيل من الخصلات الطويلة الناعمة الذي سقط على وجهه.

يشعر بأنه بدوامة يحاول الصعود منها لكنها تجبره على المتاهة بداخل ذالك الثقب من الإعياء، ولكن انتشلته تلك الرائحة الذي يعلمها جيدًا ويميزها من بين جو النسيم بأكمله، مع شعور وكأن ريش ناعم يتحرك على وجهه، قطب "حسام" حاجبيه يحاول أن يستوعب ويدرك ما حوله، لكنه سريعًا ما أبتسم بتلك الرائحة التي أرتسمت الأن بعقله على هيئة صاحبتها.

فتح عينيه بتعب يرمش أكثر من مرة، حتى استقرت عينيه على ملامحها وعينيها المثبته عليه، ابتسمت "رقية" ابتسامتها الذي دائمًا ينعتها بنادرة الظهور، وهمست من بين شفتيها بجملة لم تصل اليه فأستقبلها وكأنها تغازله او تشاركه مايدور بعقله.

_ الحمد لله...حمدالله على سلامتك.

كان بعالم أخر بمجرد فتح عينيه بتلك الحالة ورؤيتها أمامه، تفاجأت "رقية" بيده التي تقترب منها بهدوء حتى امسكت يدها بضعف واعياء، لكنها شهقت بعيون واسعة عندما وصلها همسه الخفيض وعينيه بعينيها:

_ بحبك...بحبك..

ثم أحذ يسحب يدها اتجاهه، يضعها على صدره العاري، موضع قلبه، ليكرر همسه:

_ بحبك.

شهقت "رقية" تشعر بالخلل ثم سحبت يدها سريعًا تبتعد بعيون واسعة وكادت تنطق بعدم فهم واستيعاب لكنها وجدته يغلق عينيه تدريجياً مرة أخرى بتعب وضعف بعد أن همس بحروف أخرى لم تصل اليها، ظلت مسلطة نظرها عليه بعيون تكاد تخرج من محجريها، ثم ابتعدت تجلس بأخر الغرفة ومازالت تحاول تفسير الأمر.


!!!!!!*!!!!!!*!!!!!!!*!!!!!

بالصباح الباكر متواجد بمكتبه، يقف أمام ذلك الشباك ينظر لنفس غيامات الصباح ورائحة النسيم التي تذكره بها وتحديقها بالشوارع بذلك الوقت من شباك سيارته في صورة التقطت بعينه لتطبع بقلبه فكلما حضر تلك الأجواء واستيقظ باكرًا يتذكرها على الفور مع تذكر ملامحها وابتسامتها حينها التي يهوى رؤيتها.

تنهد "تميم" يفرك عينيه بضيق وأرق لم تذق عينيه النوم طوال الليل، يلوم ذاته منذ أن أندفع بتلك الكلمات إليها.

التفت ينظر لسطح مكتبه على تلك الملفات التي كلفه بها اللواء "هاني" بالأمس يشعر بعدم رغبة بفعل شئ أو التركيز بشئ، انتقلت عينيه لهاتفه الموضوع بجانب تلك الملفات، ذلك الهاتف الذي كان اداة إيصال تلك الكلمات السامة اليها، ليختنق صوتها كما وصل اليه ليتسبب له باختناق هو الأخر منذ الأمس.

التقط" تميم" الهاتف وضغط الشاشة ينظر برقم هاتفها لعدة لحظات بحيرة، ثم رفع رأسه ينظر أمامه ويحسم أمره.

_ خلاص..كدة أحسن...اللي انت عملته الصح وكان لازم يحصل من الأول... أيوا كدة أحسن.

ثم نفخ بهدف الارتياح

_ ياااه ارتحت... أحسن.

ألقى الهاتف على المكتب يجلس ليبدء في عمله، وفور فتح أول ملف لم يرى غيرها وهي أمامه على جهاز جلسات التنفس ودمعاتها على وجهها، نظر للهاتف مرة أخرى ثم ألقى بالقلم من يده يمسكه وضغط الشاشة ثم وضعه على أذنه.

_ اتصل بمامتها...أطمن بس ان كل شئ كويس... وبعد كدة خلاص مليش دعوة بيها خالص.

_ ألو... صباح الخير.

تفاجأ برد والدتها على الفور، ابتسم "تميم" يرد بنفس احترامه ووده اليها:

_ صباح الخير يا أمي...ازي حضرتك و...

أبتلع ريقه ثم همس:

_ وازي مي دلوقتي... كويسة؟

صمتت والدتها تتنهد بعنف فثارت قلقه أكثر لتهتف بهم بصوتها:

_ والله يا تميم يا أبني ما أنا عارفة جرالها ايه.... تعبانة قوي من امبارح وتنفسها عالي بشكل خضني عليها...ده غير انها لاعايزة تاكل ولاتاخد دواها من امبارح وتعباني خالص معاها لدرجة فكرت أكلم اخواتها ييجوا يشوفوا صرفة معاها.

صمت يستمع بعيون لاتستطيع أن ترمش حتى ثم ابتلع ريقه يسأل بصوت خفيض:

_ هي...هي فين دلوقتي؟

_ في اوضتها بتغير هدومها ... بتقول لازم تنزل الجامعة النهاردة.

هتف على الفور:

_ لأ هي مينفعش تنزل الجامعة دلوقتي.... الدكتور قال كمان مينفعش تخرج لوحدها...هي مكلمتش بدير ليه يوصلها حتى وأنا كنت هفهمه انها مينفعش تنزل.

_ قولتلها والله يا حبيبي تكلمك او تكلم بدير سكتت كدة بعدين قالتلي أنا مش محتاجة حد معايا وهعتمد على نفسي وهي والله شكلها يصعب عالكافر...زي اللي هتوقع وهي واقفة.


ثم تابعت بنبرة حزينة وحيرة:

_ اعمل معاها ايه بس يا أبني اللي تاعبة قلبي معاها دي.

رد عليها وهو ينهض:

_ ياريت حضرتك بس تخليها عندك متخرجش لحد....

صمت يغمض عينيه ويضغط شفتيه ثم هتف:

_ لحد ما أجيلها أنا.

يمكنك متابعة صفحتي على الفيس بوك 👇

                 👈 الانضمام 👉

او الانضمام علي جروب الفيس بوك 👇

       👈👈 جروب الفيس 👉👉

👆👆👆👆

✍️لقراء الفصل الخامس عشر من 365 يوم أمان هنا 👇

                💪🤝  الفصل الخامس عشر 👉


✍️ لقراءه رواية ٣٦٥يوم امان من هنا 👇

            👈 365 يوم امان 👉

رانيا أبو خديجة

٣٦٥ يوم أمان

خلاص شكلنا كدة هندخل عالحد من أول البارت الجاي ولا ايه🙈🔥🔥🔥🔥

مش بس في قصة تميم ومي لا في كل القصص الموجودة بإذن الله تفاعل بس يشجع كدة عشان ننزل في الميعاد..قراة ممتعة ❤️

رانيا أبو خديجة ا 


تعليقات
تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة