U3F1ZWV6ZTMxMjc0MDY2Mjc3MzYyX0ZyZWUxOTczMDM4NTMwMzE2MA==

رواية ٣٦٥ يوم أمان الفصل الثامن والخمسون

الحجم

 رواية ٣٦٥ يوم أمان الفصل الثامن والخمسون 

رواية 365 يوم أمان 

رواية ٣٦٥ يوم أمان الفصل الثامن والخمسون
الفصل الثامن والخمسون 
#٣٦٥_يوم_أمان
#رانيا_أبو_خديجة

يقف بعيدًا واضع كفيه بجيوب بنطال بذلته السوداء التي تليق به بشدة مع خصلاته السوداء مرتبة للخلف بعناية. ابتسم ابتسامة بسيطة رغمًا عنه وعينيه مثبته هناك على شقيقته وزوجها، واقفان بعيدًا هي بفستانها الستان في لونه الأحمر وهو ببذلته فحمية اللون بداخل جيب السترة منديل من الستان الأحمر ليمثلوا لوحة بديعة الشكل خاصتًا بابتسامتها المتسعة التي تتحول كل فينة وأخرى لضحكات صاخبة حتى ترجع رأسها للخلف تضع كفها على فمها من شدة ضحكها، بينما تتسع ابتسامه زوجها تدريجيًا حتى تنطلق ضحكاته الهادئة ومازالت عينيه مثبتة عليها.
مازال "تميم" ممسك بكفيها يراقصها بهدوء ثم يقوم بدورانها حول نفسها ثم يعيدها إلى صدره تتمايل عليه قليلًا بحركات انسيابية تليق بهم وعينيهم بعيني بعضهم، عادت تضحك لكن تلك المرة مالت برأسها على صدره تغمض عينيها قليلًا فمال عليها بقلقٍ لترفع رأسها تبتسم تطمئنه. التقط كوب من العصير يقربه من فمها بابتسامته العاشقة لها فأرتشفت منه القليل ليقربه من فمه تلك المرة ويرتشف منه من موضع فمها، وضعت يدها على صدره تبتسم من جديد ثم عادت تميل عليه تستند به.

مازال واضع كفيه بجيوب بنطاله وعينيه مبتسمة كابتسامة شفتية، بداخله يشعر بسعادة تجعله يتنهد تنهيدة طويلة مطمئنة بشأنها وهو يرى زوجها يعاملها بتلك الطريقة أمام الجميع حتى بعد مرور أشهر عديدة على زواجهم، فلم يمل منها أو من مرضها كما كان يظن، فمن يراهم يظنهم مازالوا بأيام زواجهم الأولى بشهر العسل.

انتقل بعينيه رغمًا عنه هناك إلى ذاك الاتي يهرول حاملًا أحد الأطباق مليئة بالعديد من الأطعمة يقترب من الطاولة الجالسة عليها زوجته، اقترب يعطيها الطبق بابتسامة واسعة، توسعت عيني "أمينة" تتطلع حولها بحرجٍ شديد ترفع حاجبيها تنوي الشجار معه، لكنه مال عليها يهمس إليها بابتسامة البسيطة والتي تجعل كل شيء بسيط من حوله واضع كفه على بطنها المنتفخة دلالة على تقدم شهور حملها، هدأت قليلاً بعد أن وكزته بصدره ثم تطلعت للطبق بشهية واضحة تخرج لسانها تبلل شفتيها بجوعٍ شديد ويدها تتحرك على بطنها وكأن الجنين يحثها على الإقتراب، شعر بها "بدير" يضحك بخفوت فهو بعلم شهيتها منذ شهور حملها الأخيرة بالإضافة لوزنها الذي زاد بشكلٍ ملحوظ رغمًا عنها وعن رغبتها في الحفاظ عليه، التقط الطبق من على سطح الطاولة يقرب الطعام من فمها وبعد أن ألتقطته من يده أخذت الطبق بأكمله تضعه على ساقيها تتناول منه يشراهة عالية، ضحك "حسام" رغمًا عنه على أفعالهم يتذكر شجارهم المعتاد حتى في أمر الخلفة الذي أختلفا حوله كثيراً فكانت هي تود تأجيل الأمر من أجل عملها بينما يطوق هو لرؤيته طفله بين يديه بأسرع وقت ممكن حتى خضعت له في أخر الأمر.

مرر عينيه عليهم بتنهيدة عالية فمن يراهم من بعيد يشعر بحنين غريب إلى الزواج والإنجاب والإستقرار مع عائلة صغيرة تضمه مع من يحب.
لفت انتباهه أخيه الواقف بعيدًا ينتظر هبوط عروسه تلك الدرجات في دخلة تليق بالعروسين، تنهد "حسام" بقوة ورغمًا عنه أخرج هاتفه يفتحه ودخل على الرقم الخاص بها مباشرتًا تردد كثيرًا فمنذ أن أتى إلى هنا منذ أيام عدة ولم يهاتفهم وكأنه يختبر ذاته بقدرته على الابتعاد عنهم، وكم كانوا أصعب أيام مرت عليه بحياته يطوق لسماع صوتها بشدة.
زفر بحدةٍ يتراجع عن مهاتفتها المرة التي لم يعلم عددها، ورغمًا عنه فتح تطبيق الصور بالهاتف والذي فُتح على صورتها مباشرتًا التي لا يمل رؤيتها، يتطاير شعرها للخلف بفعل الهواء الطلق وهي تضحك مغمضة عينيها في لقطة نادرة تضحك فيها من قلبها بدون خوف وقلق والتفكير فيما يدور حولها، يزين الصورة البحر الأزرق من خلفها أو هي التي تزينها بضحكتها التي كادت أن تصل لأذنيه من خلال الصورة، قبض على الهاتف يعتصره بأصابعه يود لو تحدث معجزة وتتجسد تلك الصورة أمامه الآن يحدثها ويسمعها، يشعر بغيابه وقد طال لسنوات ليس فقط أيام معدودة، حرك رأسه برفض رغمًا عنه أثناء شروده وكأنه يقسم على عدم تكوين تلك الأسرة إلا لم تكن معها، رفع رأسه للاعلي يزفر بقوة وتعب ينخر بقلبه يوجعه بشدة بقدر صعوبة الأمر وتعقيده، ثم عاد للصورة ليبتسم رغمًا عنه مع ابتسامتها تلك.

رفع عينيه فجأة عن الهاتف على صوت توقف الموسيقى يليها اندفاع موسيقى أخرى تهز جدران القاعة مع ظهور العروس أعلى درجات مزينة بالورود والزهور على الصفين.

اقترب "حسام" بابتسامة مبتهجة واسعة فور رؤيته لتأهب أخيه وعينيه المثبتة على عروسه وحركات جسده تعبر عن رغبته في الصعود إليها الدرجات المتبقية، اقترب ليكون بجوار أخيه بينما أثناء اقترابه أغلقت ابتسامته تدريجيًا فور وقوع عينيه عليها ليحول عينيه إلى أخيه بغضبٍ وذهول.

رغمًا عنها تركته وتقدمت اتجاه العروس ليسحبها من ذراعها يعيدها إليه قائلًا:
_ مالك، ورايحة فين كدا، استني أما ييجوا ويقعدوا هنروح نبارك لهم ونقف نتصور معاهم كمان.
تحدثت وعينيها عليها بينما يديها تحاول التخلص من قبضته عليها:
_ سيبني بس يا تميم أما أفهم في إيه ولا يمكن أنا اللي متلغبطة.
جالسة والدتها بجوار عدد من السيدات أقاربهم من بينهم والدة "تميم" التي مالت عليها وقالت مبتسمة:
_ بسم الله ماشاء الله، العروسة زي القمر وكمان مُحجبة زيك أنتِ ومي، واضح إن ابنك عرف يختار وقاصد تكون شبهكوا.

لم تجيبها فقط أومأت بوجهها ثم نهضت على الفور بقلبٍ يخفق بقوة وقلق جعل ملامحها تتحول من الفرحة والابتهاج لتلك الهالة من الخوف على ابنها، نهضت واتجهت إليه بذات اللحظة التي اتجه فيها إليه أخيه الأكبر وشقيقته.
وقفت على أخر درجة بانتظار أن يقترب منها ويمد يده يتأبط ذراعها لكنها أجفلت تتوسع عينيها فجأة فور رؤيتها إليهم يتقدموا منه وعينيهم بعينيها، شهق "علي" ينتفض عندما سحبه "حسام" من ذراعه بحدة فأجفلت هي تتراجع للخلف بخوفٍ حقيقي.
!!!*!!!*!!!*!!!*!!!
وضع كفيه بجيوب بنطاله يتطلع إليهم برأسٍ مرفوع يستمع لحديثهم المتوتر القلق ببرود شديد فنزل "حسام" بقبضتيه على صدره قائلًا بحدة:
_ ما ترد يلا، انت سمعت دي صاحبة البنت الي كانت...
قاطعته "مي" متابعة بقلقٍ أشد:
_ و...وسمعنا كمان إن البنت دي ماتت من فترة طويلة، أنا أنا خايفة لتكون جاية تنتقم منك عشانها، أنت مشوفتهاش وقتها كانت بتتكلم عنك بكره إزاي زي ما كانت بتتكلم بحرقة عليها بالظبط.
مازال صامتًا يستمع إليهم بملامح جامدة ثم رفع عينيه لوالدته التي تتطلع إليه بصمتٍ وعيون لامعة بالخوف والقلق عليه فأغمض عينيه قليلًا ثم قال:
_ أنا عارف هنا تبقى مين كويس، هي صاحبة مايا الله يرحمها، وبس، وبس كدا، لكن أنا وهي بنحب بعض مش عايزكم تقلقوا من حاجة أبدًا، وصدقوني هنا مش ممكن تأذيني، أنا واثق إنها بتحبني.
اقترب منه "حسام" عاقد حاجبيه بقلقٍ وقال:.
_ علي، البنت دي بجد ماتت!! اوعى..اوعى يكون ليك يد!!
زفر "علي" بحدة وعينيه داخل القاعة قلق بشأنها، ثم قال:
_ أكيد يا حسام مليش دعوة، والله ماليا دعوة، ممكن بقى أروح أشوف عروستي اللي واقفة وسط الناس لوحدها دي.
ظلوا ناظرين إليه بملامح غير مطمئنة، لكن تجاهلهم يتجه لوالدته ينحني يقبل يدها هامسًا:
_ عارف حضرتك بتفكري في إيه، والله ما عايزك تقلقي عليا أبدًا ، الموضوع غير ما حضرتك بتفكري فيه خالص، أنا وهنا بنحب بعض ومش ممكن نفكر في حاجة غير كدا، وأنا واثق إنها مش ممكن تأذيني.
ثم عاد يقبل يدها وتركها وخرج مهرول في خطواته للأخرى، اقترب "حسام" وشقيقته من والدته يساعدها في النهوض قائلًا يطمئنها:
_ تعالي حبيبتي، تعالي بس نكون جنبه عشان ميبقاش لوحده، كمان كدا غلط الناس هتاخد بالها.
ثم تطلع لصمتها وملامحها الهاربة وتنهد وقال:
_ مش عايز حضرتك تخافي كدا، إحنا دايما جنبه وأنا مش هسيبه، متخافيش، لكن خلاص فات أوانه كل دا هو جوا دلوقت ولوحده قدام الناس ودا ميصحش.
!!!*!!!*!!*!!!*!!!*!!!*!!!
مازالت واقفة تعض على شفتيها، قابضة على باقة الورود بكفيها تضغط عليها بحرجٍ شديد تشعر بكل الأعين مراقبة لها وهي واقفة وحيدة، تجولت بعينيها بين المتواجدين لم تجد مَن تعرفهم من بينهم، جميعهم أغراب تراهم للمرة الأولى بحياتها بالطبع أقاربه ومعارفه وأحبابه، ذلك العدد؟!!!
 لم يرافقها أحد، حتى زملاىها بالمكتب واقفين بعيدًا مراقبين كالبقية، استيقظت جميع حواسها بلهفة عند رؤيتها إليه يأتي اتجاهها مهرول في خطواته وخلفه أشقائه ووالدته.

حتى اقترب منها يأخذ بيدها يتأبط ذراعها، رغمًا عنها قبضت على ذراعه بكفها الآخر تميل إليه هامسة بلهفة:
_ كنت فين كل دا؟
ثم همست بقلقٍ:
_ أ..أهلك متضايقين مني مش كدا؟
كان مائل إليها حتى يستمع من بين الموسيقى الصاخبة، ثم وجه فمه اتجاه أذنها وقال:
_ فاكرينك كويس، المهم أنتِ فاكرة؟
ثم رفع عينيه إليها بنظرة تحمل مغزى وعتاب عميق، بينما أخفضت هي عينيها بقلقٍ شديد من القادم.
!!!*!!!*!!!*!!!*!!
مازال واقفا يتحدث مع والدته واشقائه وأصدقائه بالخارج الذين أوصلوهم لهنا بعدة سيارات صاخبة ملأت الطرق بالبهجة التي لم تتوقف حتى أمام البناية.

ظلت تتلفت حولها ترف بعينيها تحاول تجاهل ذلك الشعور بالقلق، فلم تكن معها والدتها حتى لتطمئنها بليلة كهذه.

شهقت ملتفته على دخوله وإغلاقه للباب بقوة افزعتها لكنه لم يقصدها بل هرولته والعجالة ما تسببت في ارتباكها الإضافي لخوفها واضطراب أعصابها.

تطلعت اليه بعيون واسعة فزعة، واقف خلف الباب وعينيه بعينيها قبل أن يحيدها لتهبط للأسفل وابتسامته تتسع أكثر، ثم اقترب يهمس بعدما خلع سترته الخارجية ووضعها على ظهر الكرسي بجانبه وقد اشتعلت اللهفة والرغبة بنظراته بشدة:
_ مكنتش متخيل ان شكلك هيبقى حلو كدا في الفستان.
ثم تابع ومازالت عينيه تتجول عليها كليًا:
ـ هو أصلًا في عروسة مفيهاش غلطة كدا!!.
كان قلبها يخفق بقوة من نظراته مع همسه، تشعر باقتراب ما اقسمت على ألا يحدث، لن تخون صديقة عمرها بملامسته او حتى اقترابه منها، لن تخون نفسها بسماحها له بأي شيء يكسرها أمامه رغمًا عنها.

ابتعدت عنه في خطواتها قائلة وهي ترى اصابعه ترتفع يفك أزرار قميصه:
ـ عشان نكون متفقين من أولها، الجواز دا مش هيتعدى الورق اللي اتكتب عند المأذون انت فاهم، أظن دي بالذات مفيهاش اجبار، ولا ايه!!
تتحدث بتهدج واضح دلالة على اضطرابها وخوفها نظر اليها قليلاً قبل أن يتابع اقترابه وقد ترك فك ازرار القميص قائلًا:
_ مش فاهمك، قصدك ايه يعني!!
ثم اقترب فجأة يسحبها من خصرها اليه بقوة قائلا أمام وجهها رغم مقاومتها:
_ مفيش حاجة هتحصل غصب عنك يا هنا، أنا متأكد انك بتحبيني وعايزاني أكتر مأنا عايز كمان، أنتِ عارفة أنا مستني اللحظة دي بقالي قد ايه؟
ثم أحكم أصابعه على خصرها حتى سكنت بارهاق وتابع:
ـ انت بقيتي مراتي يا هنا، يعني كلك على بعضك كدا حقي ومش هفرت في ذرة منه.
مال عليها فأبعدت وجهها تدفعه بقوة حتى تمكنت تبتعد، اصتدمت بالطاولة الصغيرة من خلفها فعادت تستدير اليه صارخة:
ـ والله العظيم، ورحمة مايا لو قربت مني، لأكون.. لأكون...
صمتت تلتفت حولها باضطراب تبتلع ريقها بخوف شديد، وقعت عينيها على سكين موضوع على طبق يحمل أنواع من الفاكهة وسط العديد من أطباق الطعام الأخرى فأطبقت يدها عليها تنتشلها لتدفعها اتجاهه تتطلع إليه بتحذير.

ابتسم ابتسامة جانبية بسخرية قائلا:
ـ سيبي السكينة عشان متعوريش نفسك، وعيب الحركات دي يا هنا، احنا مش صغيرين.
صوبته اتجاهه بيد مرتعشة تهتز مع اهتزاز جسدها، صارخة بوجهه بصوت أكثر اضطرابًا:
ـ بقولك ابعد عني وإلا هرشقها في قلبك ان فكرت تلمسني.
أغمض عينيه بملل، ثم تابع اقترابه منها بخطوات ثابتة، حتى وقف على بعد خطوات بسيطة منها واضعًا كفيه بخصره قائلًا بثبات يفتح صدره بأريحية أمام سكينها:
_ وأنا عارف انك يستحيل تأذيني وتعمليها يا هنا، أنا قدامك أهو وريني.
 لكنها لم تكن تحذر أو تهدد بل صوبت السكين نحوه ومدتها اتجاه صدره محاولة دفعها عدة مرات لكنها لن تقدر على فعلتها كما توقعها تمامًا ازدادت ابتسامته عمقًا عندما اخفضتها بقلة حيلة وضعف، لكن انقلبت تلك الإبتسامة لملامح فزعة يقف معتدلًا بترقب وعيون متسعة يرفع يده بتحذير وتوتر بالغ عندما رأى يدها وقد وجهتها صوب نفسها قائلًا:
_ هتعملي ايه يا مجنونة، اعقلي يا هن....
وقبل أن يتم جملته التحذيرية بنبرة قلقة فزعه كانت قد أغمضت عينيها وهمست بشيء خفيض وطعنت بها نفسها صارخة بألم.

اندفع اليها بفزع حقيقي لتقع على صدره ودمائها قد برز لونها يغطي فستانها الذي تحول ظاهره إلى اللون الأحمر في أقل من دقيقة، تمالك نفسه يتطلع بوجهها قبل أن يجذب السكين المغطي بدمائها ينتزعها من جانب خصرها فصرخت بألم حاد قبل أن تتطلع اليه بنظرة أخيرة فاقدة وعيها.
!!!*!!!*!!!*!!!*!!!*!!!
_ يا أمي خلاص بقى، مش حضرتك روحتي وصلتيه بنفسك وشوفتي هو مبسوط إزاي، متخافيش عليه علي مش صغير.
جلست على الأريكة تزفر بتعب قائلة:
_ هو أخوك دا كدا طول عمره تاعب قلبي وقلقني عليه، حتى لما اتعدل وقولت ربنا هداه، يقوم يوقع نفسه في جوازة زي دي!!
ثم هزت رأسها بذهول وتابعت:
_ إحنا حتى ما شوفنا ليها أم ولا أب، اتفق مع مين دا ولا طلبها من مين!!
ثم ضربت على ركبتيها بكفيها يضيق وقالت:
_ إحنا اللي غلطانين إننا وافقنا على العك بتاع أخوك دا من الأول، والله والله كمان مرة ما دخلاله بيت ولا شيلاله عيل إلا لما يتظبط ويعرف إن ليه أهل والعك بتاعه دا مينفعش، دا لو كان أبوك عايش كان زمانه مرمط بكرامته الأرض على عمايله السودة دي.
استلقى "حسام" بجانبها على الأريكة يضع رأسه على ساقها قائلًا يتنهد بقوة يغمض عينيه بوهن:
_ حضرتك اعملي معاه اللي أنتِ عايزاه، حقك.
ظل مغمض عينيه لكنها تعلم عدم نومه، فقط يدور خلف هذان الجفنين المغلقين الكثير والكثير فوضعت كفها تتخلل أصابعها خصلاته قائلة بحنانٍ:
_ وانت بقى إيه حكايتك انت كمان، مش ناوي تفرحني بيك.
اخذ بكفها من أعلى رأسه يقبلها فتابعت:
_ اخواتك الاتنين واتجوزوا، وصحابك كلهم حضرنا كلنا أفراحهم، ربنا يسعدهم كمان وكمان، مفضلش غيرك في كل دول.
تململ قليلا ثم أجاب:
_ لسة ما أرادش ربنا يا أمي.
تابعت ويدها مازالت على رأسه بحنانٍ:
_ إيه بس اللي مانعك يا حبيبي، دا أنت أكبر اخواتك، وأنا وابوك الله يرحمه كنا متخيلين انك هتكون أول فرحتنا زي ما كنت طول عمرك في كل حاجة.
ابتسم رغمًا عنه وقال ومازالت عينيه مغمضة:
_ أول فرحتنا كلنا كانت مي، شيء غير متوقع مش كدا؟
ضحكت عاليًا هي الأخرى قائلة:
_ سبحان الله، ترتيب ربنا فوق كل شيء.
ثم مالت إليه من بين ضحكاتها وتابعت:
_ يكونش في واحدة وانت مش عايز تقول!!
أغلقت ابتسامته يحل محلها عبوسٍ شديد حتى عقد حاجبيه بضيق فتابعت والدته وكفها هبط إلى وجنتيه تمررها على لحيته الخفيفة بحنان:
_ يبقى فيه، مين هي اللي عاملة فيك كل دا؟! أنا حاسة إنك متغير ومش طبيعي، قولي يا حبيبي احكيلي.
شدد من تغميضة عينيه بوجع أشد ينزف به قلبه فزادت من تمرير يدها عليه قائلة بإصرار:
_ ريحني واحكيلي، مش يمكن أقولك تعمل معاها إيه اللي محيراك قوي كدا.
زفر بقوة يمرمغ وجهه بحضنها ثم تفوه قائلًا بخفوت شديد:
_ متنفعش يا أمي، متنفعش أبدًا.
ارتفع حاجبيها باندهاش ثم قالت:
_ ليه!! بنت مين هي ولا تطلع إيه؟!
تحرك في نومته على ساقيها يتطلع بالسقف واضع ذراعه أعلى رأسه قائلاً بعد أن أغمض عينيه يعتصرهم بقوة:
_ حاسس إن هيجرالي حاجة لما بشوفها مع حد غيري، مش متحمل حتى كلمة منها على واحد تاني، قلبي بيوجعني، نار بتقيد جوايا لما بشوفه بيبصلها بصة أنا فاهمها كويس، وهي حمارة ولا فاهمة حاجة.
ابتسمت والدته رغمًا عنها على كلماته ثم قالت:
_ وهي هتفهم منين كل دا لو انت مقولتلهاش اللي جواك، وبعدين بدام فيه حد تاني عينه منها لازم تتأكد الأول إن مفيش حاجة جواها من ناحيته هو كمان.
حرك رأسه بنفي شديد قائلًا بلهفة تقترب من الغضب:
_ لأ، مفيش، أنا متأكد إن مفيش حاجة جواها ليه ولا هيكون طول ما أنا موجود.
ضحكت المرة على حديثه الغاضب يذكرها عندما كان طفلاً صغيرًا يغضب إن اقترب أحدهم من شيء يخصه، فعادت بكفها لخصلاته وقالت:
_ طيب قولي تبقى مين دي، زميلتك في الشغل؟
فتح عينيه فجأة فتابعت هي:
_ ماهي أكيد كدا، من أول ما جيت اجازة وحالتك متغيرة واتاكدت دلوقت إن كل اللي فيك دا بسببها، يبقى أكيد زميلتك في شغلك مش كدا؟
!!!*!!!*!!!*!!!*!!!*!!!
فتحت عينيها بتعب وألم شديد تشعر به يضرب احشائها، حاولت النهوض برأسها تتطلع حولها حتى استقرت عينيها على ذلك النائم على مقعد أمام فراشها، توسعت عينيها بإدراج للقميص الأبيض الخاص به منذ حفل الزفاف ليلة أمس وعلى صدره لون الدم الأحمر، دمائها!!
انحنت عينيها لما ترتديه، فلم تجد فستان الزفاف الخاص بها، بل قد تبدل لتلك السترة القطنية المريحة، أغمضت عينيها بشدة يدق قلبها بخوفٍ أن يكون هو من بدل لها ثوبها مستغل حالتها.

ظلت تتطلع إليه كثيرًا ترفع كفها من على جرحها لرأسها تحول تذكر أي شيء مما حدث بعد تهديدها له ثم غرز السكين ببطنها.

استغلت نومه على المقعد، جسده شبه ممدد بينما ساقيه ممدين أمامه في وضع متعب للغلية.

نهضت واضعة يدها على جرحها تنحني بالمٍ شديد، ثم تسللت ببطء تحاول الخروج من الغرفة، ومن بين كل فينة وأخرى تطللع خلفها بخوفٍ وقلقٍ، وفور خروجها من الغرفة وجدت أمامها باب زجاجي شفاف يظهر البحر بزرقة لونه من خلفه، عقدت حاجبيها تتلفت تتطلع حولها، أين جاء بها!!! أمازالوا داخل مصر من الأساس؟!

تململ بتعب وإرهاق من نومة ذاك الكرسي منذ ليلة أمس، فتح عينيه على الفراش الفارغ فنهض باضطراب وفزع يتطلع بالغرفة الفارغة قبل أن يهرول خارجها، بحث عنها بكل مكان لم يجدها فاتجه مسرعًا للباب الزجاجي الذي وجده مفتوح وخرج يهرول ومد بصره هنا وهناك على طول الشاطئ ومدى بعد المياه حتى وجدها تسير بعيدًا على الرمال منحنية.
أسرع إليها ودون كلمة أو حتى صدر عنه صوت لف ذراعيه حولها يحملها برفق شديد لكنها أجفلت متاوه بالم فهمس وهو يعود بها:
_ معلش، نعلش، أنا همشي براحة أهو عشان موجعكيش.
تململت برفض بين يديه فنظر بعينيها بغضب قائلا:
ـ كدا جرحك بيفتح زيادة، اهدي.
قالت بوهن ومازالت غير قابلة تلامس جسده بالقرب من جسدها:
_ إحنا، إحنا فين؟!

٣٦٥ يوم أمان 
رانيا أبو خديجة 
بعتذر عن الفصل اللي فات مكنش عندي نت يفتح المدونة حقكوا عليا وباذن الله هعوضكوا بفصل إضافي الأسبوع الجاي.
متنسوش رايكوا وتوقعاتكوا للي جاي... قراءة ممتعة ♥️

تعليقات
  1. الفصل طويل وجميل وطننا ع كل الحبايب 💞

    رد على التعليقحذف التعليق
  2. لا تعليق من كتر الجمال🤩🤩🤩🤩🤩

    رد على التعليقحذف التعليق
  3. واحد حسام لو سمحت وجودها شويه😍🤭🤭🤭🫣😂🙈❤️

    رد على التعليقحذف التعليق
  4. ايه الجمال ده سرد رائع للأحداث وكأن الواحد عايش معهم فعلا.تسلم ايدك 💞

    رد على التعليقحذف التعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة