U3F1ZWV6ZTMxMjc0MDY2Mjc3MzYyX0ZyZWUxOTczMDM4NTMwMzE2MA==

رواية ٣٦٥ يوم أمان الفصل الثالث والخمسون للكاتبة رانيا أبو خديجة

 رواية ٣٦٥ يوم أمان الفصل الثالث والخمسون للكاتبة رانيا أبو خديجة 

رواية 365 يوم أمان بقلم رانيا ابو خديجة 

رواية 365 يوم أمان 

رواية 365 يوم أمان للكاتبة رانيا ابو خديجة

الفصل الثالث والخمسون 
#٣٦٥_يوم_أمان
#رانيا_أبو_خديجة

خرج من غرفته بعدما تحمم وغير ثيابه وعاد لأناقته ورائحته الفواحة كعادته بينما شعره مازال مبلل لكنه مصفف للخلف بشكل عصبي سريع.
عاد بعينيه رغمًا عنه لباب غرفتها المغلق من بعد ما حدث، وخروجه منه دون كلمة واحدة، ظل واقف يتطلع اليه يد بجيب بنطاله والأخرى تمسح أعلى رأسه للخلف بشرود وعينيه مازالت مثبته عليه حتى أفاق من شروده مجفلًا على طرقات خفيضة مهذبة مثل صاحبها على باب المنزل، تجهمت ملامحه فجأة بعدما كان يطغى عليها الرغبة بالدخول إليها والاطمئنان على حالتها فقد تركها على حال يرثى له مما زاده إشفاق.
 ظل يتطلع للباب بصمت دون حركة وكأنه يتمنى أن ينصرف الطارق حتى تحركت "أحلام" أمام عينيه اتجاه الباب لتفتح، لكنه هدر يوقفها:
ـ استني يا أحلام.
ثم تابع بتجهم وقسوة اشد:
_أنا اللي هفتح.
اتجه يستقبلهم دون ابتسامة ترحيب من باب الذوق وحسن الضيافة على الأقل، ولكن "وليد" وعائلته كانت الابتسامة تملئ وجههم بلطف طاغي.
وبعد لحظات من الحديث اللطيف من جهة "وليد" للصغار و"أحلام" بينما مازال جالس هو على صمته وتجهمه فقط نظرات قاسية موجهة من حينٍ لآخر اليهم.
وبعد حلول صمت ثقيل عليهم جميعاً نهضت "أحلام" تشعر بالحرج لتجلب المشروبات والكيك من المطبخ.
يتطلعون إليه وإلى صمته بعيون ضيقة ثم يعودوا وينظرون لبعضهم بعدم ارتياح بينما هو فتحول صمته إلى شرود حزين عابس بشدة فمازال عقله معلق بصورتها الباكية واحمرار وجهها من فعل حركته القاسية عليه، ونظرتها الأخيرة اليه تؤلمه بشدة، أغمض عينيه يحاول رفض شعوره بالندم عما اقترفه لكن لم ينجح خاصتًا بعدما حدث بعد ذلك.
أخرجه من شروده صوت والدة "وليد" تسأل محاولة كسر صمته الغير طبيعي بالمرة.
_ أومال عروستنا فين؟
رفع رأسه ينظر اليها بجفاء دون رد وكأنه لم يمر عليه القليل من بداهيات الذوق وحسن الضيافة، انحرفت رأسه سريعًا اتجاه باب غرفتها الذي فُتح فجأة.

وفور وقوع عينيه عليها نهض من مقعده ببطء فاغر الفم وعينيه مفتوحتان على وسعهم يتبعه في الذهول "وليد" الذي نهض بنفس الطريقة عينيه عليها باندهاش حقيقي.

نهض الجميع بعد نهوضه يتطلعون اليها، تقدمت تحاول أن تبتسم بوجه من يتطلع اليها من باب الذوق والأدب، ظل يتطلع اليها بعيون لامعة حتى تقدم خطوة عنهم اتجاهها، يود لو ينتشلها بداخل حضنه بتلك اللحظة، يربت عليها يعتذر عما فعل واوصلها تلك الحالة وتلك الهيئة.
ورغم ارتدائها لملابس غاية في البساطة عبارة عن سترة قطنية بأكمام من اللون الأسود وبنطال من الجينز كثيرًا ما رأها ترتديه في ذهابها للجامعة بينما شعرها فمازال معقود في تجميعة خلف رأسها باهمال واضح تتناثر منه بعض الخصل على جانبي وجهها.

مرر عينيه على وجهها الذي ورغم أن إحمراره أصبح أقل لكن لم يخلى من بعض العلامات الحمراء في بعض الأماكن من وجنتيها وأسفل عينيها، عوضًا عن جرح بمنتصف شفاها السفلى لم تحاول حتى أن تخفيه بأي من ألوان الزينة.
اتجهت لتصافحهم بدايتًا من والدته مرورًا بزميلتها شقيقته، حتى وصلت اليه فنظر لإبتسامتها الأكثر من بسيطة رسمية لكنها ناعمة تليق بها على أي حال.

تقدم ومال عليها وهمس ومازالت عينيه معلقة بعينيها:
_ مالك...عينيك ورمة وحمرة قوي كدا ليه.. أنتِ كويسة؟
كادت تجيبه من خلف ابتسامتها المرتعشة لكنها شهقت من تلك اليد التي قبضت على كفها بلمح البصر وجذبها بقوة لتقف بجانبه، مجبرة.
!!!*!!!*!!!*!!!*!!!*!!!
جالس بمكتبه يباشر عمله من حينٍ لآخر يرفع معصمه يتطلع بساعة يده ثم يزفر بضيق الإنتظار ويعود بعينيه لعمله مرة أخرى حتى توقف فجأة عن متابعة الملف أمامه يرفع رأسه يتطلع باتجاه الباب عندما وصله خطوات مَن ينتظره منذ أكثر من ساعة، دخل زميله بالعمل ثم ألقى عليه التحية، نهض "علي" فور رؤيته ينتقل بالجلوس بالمقعد المواجه اليه سائلًا:
– ها ..وصيت عليها زي ما قولتلك.
ثم تابع يرفع إصبعه بتحذير:
_ أهم حاجة اوعى يكون حد عرف ان أنا اللي موصي عليها.
ثم تابع:
_ محبش يوصلها كدا.
ثم رفع عينيه اليه وقال:
_ وعلاجها وصيهم يدخلوا لها بانتظام مع الأكل وصلني انها تعبت أكتر من مرة جوا الحجز، أنا مش عايز يجرالها حاجة ولا...
توقف فجأة يحدق بصمت صديقه ونظراته اليه فسأل بقلق:
_ في ايه يا أبني، ما تنطق عرفت توصلها ولا لأ؟
أنزل كفه من أسفل وجنته ثم وضعها على سطح المكتب وقال:
_ مستنيك تخلص نفس الكلام اللي قولته قبل ما أمشي، وعمومًا انت مبقتش محتاج توصي عليها خلاص.
قطب جبينه لوهلة يحاول أن يبعد ما خطر بباله ثم سأل:
_ مش فاهم يعني ايه...مش اتجددلها تاني؟!
_ يا عم خرجت بكفالة.
تراجع بمقعده وملامح الصدمة على وجهه فتابع الأخر:
_ بنتها المحامية خرجتها في مفيش.
ثم تابع موضحًا:
_ طلبت يا سيدي تحليل مخدرات لأمها وطبعًا الست فلة مفيش في تحاليها حاجة؛ فأخدته دليل أن ملهاش في التعاطي، وذكرت ان الكمية الممسوكة بيها مش كمية تجارة يبقى الأقرب ان القضية متلفقة وان كلام والدتها في المحضر ان حد حاطلها الحاجة دي في زحمة السوق أقرب للاقناع.. والنيابة اقتنعت خصوصًا بعد شهود المنطقة اللي طلبتهم بنتها ومفيش حد فيهم قال عنها كلمة تدينها.
ثم تابع:
_ وشكلها كدا هترسى على براءة في الآخر، لو يعني مظهرش جديد في القضية.
ابتلع ريقه بصعوبة ثم سأل بذات ملامحه المصدومة:
_ وخرجت؟
 التقط كوب ماء تجرع منه الكثير ثم أجاب:
_ لسة لما يدفعوا الكفالة هتخرج علطول.
ثم قال بابتسامة عريضة دلالة على الإعجاب:
_ على فكرة هنا دي محامية شاطرة جدًا، وشخصيتها قوية كمان عشان تقدر تقنع النيابة بالسهولة دي.
ظل شارد بملامح الصدمة التي تكسو ملامحه ثم رفع عينيه اليه وهمس:
_ عارف، عارف انها شاطرة بس...بس دا اللي معملتش حسابه.
لم يهتم بمتابعة أي من تفاصيل القضية ومجرى التحقيقات، كان على يقين أنها لم تنتظر أو تستطيع التفكير وإخراج والدتها بل ستهرول اليه باكية تترجاه أن يرحمها وتقبل بعرضه، كل ما كان يشغله ويشغل تفكيره حالة والدتها والتي وصله أكثر من مرة سوء حالتها بداخل السجن، وتوصياته عليها مرارًا يؤلمه ضميره اتجاهها فهي بسن والدته تقريبًا بل تكبرها بأعوام عديدة بالإضافة لأمراضها التي علم بها وحالتها التي تسبب بها عمل وشقاء سنين، وكلما ألمه ضميره مع مرور الليالي ينتظرها أن تأتي ضعيفة متوسلة فيخرج والدتها على الفور، بينما يمر يوم تلو الآخر ولم تأتيه، حينها يسكن ألم قلبه من أجل تلك المسكينة بأخبارها التي تأتيه بأن ابنتها من أجبرته على فعل ذلك بأفعالها ويتوعد اليها بالمزيد بمجرد أن تكون بقبضته بين يديه بمنزله كزوجته.
 عنيدة يعلم، وشخصيتها غير قابلة للهزيمة، كان عليه أن يأخذ الحذر أكثر من ذلك ولا يغفل عن أنها محامية تعمل بالقانون وبيدها كل المفاتيح لمغالقه.

لم يتوقع أبدًا أن تترك كل ذلك وتسير بطريق إخراج والدتها بالقانون، فهو من دبر القضية والوحيد أيضًا القادر على حلها، أو كان يظن ذلك، تبدلت ملامحه تدريجيًا من الصدمة لتلك القسوة التي ازدادت بعينيه يضغط فكيه بقوة حتى استمع لصوت صرير أسنانه يضرب بقبضته على سطح المكتب بقوة، مما أجفل صديقه.
!!!!!*!!!!!*!!!!*!!!!
_ النيابة هتخرجها بكفالة بس أنا واثقة في البراءة باذن الله، أخرجها بس وأنا لسة ورايا شغل كتير.
ثم تابعت تتطلع بعينيها للأعلى برجاء:
_ ربنا ينصرني بس واطلعها براءة وأقفل القضية دي خالص ووقتها أضمن انها مترجعش السجن تاني.
قالتها "هنا" بابتسامة واسعة وانتصار لم يشعر أحد به مثلها في تلك اللحظة، فقد تبدلت ملامحها تمامًا من ذاك الشحوب الناتج عن سعر ليالي وحزن واجهاد لذلك التورد الذي يعبر عن مدى فرحتها ليس فقط بخروج والدتها التي تتعذب من أجلها بل بالإضافة لنتيجة بغاية الأهمية أنها أثبتت له أنها ليست بتلك السهولة ليكسرها أمامه بل انتصارها عليه الآن يعد أكبر انجاز فعلته بحياتها كما أنه أكبر هزيمة لحقت به.
ابتسم أستاذها ثم قال بفخر:
_ أنتِ محامية شاطرة يا هنا، وأنا كنت واثق ان والدتك بريئة والبراءة دي مش هتجي غير على ايد محامية شاطرة زيك.
ابتسمت بفرحة تغمر قلبها من ذاك الانتصار الذي رأه الجميع أو على الأقل استمع به ليصله على الفور فقد أقسمت لن تستسلم له ولرغبته في افساده لحياتها وشبابها كما فعل في رفيقة عمرها.
_ دا تعليم ومجهود حضرتك.
ثم تابعت ببعض الحرج:
_بس طلبوا كفالة كبيرة شوية و...و اعتمادي بقى على حضرتك في الموضوع دا.
ثم تابعت سريعًا ترفع إصبعها بتأكيد:
_ وأوعدك حضرتك اني اشتغل بيهم في المكتب قضايا مش هاخد فيها ولا مليم بس أخرج أمي بس في أقرب وقت.
تغضنت ملامحه بانزعاج ثم قال وهو يتجه بالكرسي  اتجاه خازنة مكتبه:
_ اللي اقدر ادهولك دلوقت يا هنا حاجة متذكرش في فلوس الكفالة، دا الموجود في المكتب حاليًا، انتِ أدرى الناس ان فلوس المكتب كلها برة، وممكن أنت بقى تتصرفي في الباقي.
نظرت اليه بحزن وخزلان شديد ثم مدت يدها تلتقطت ما أعطاه اليها من مبلغ زهيد نسبتًا للمبلغ المطلوب، وخرجت من المكتب تتطلع بالطريق حائرة، لمن ستلجأ الآن فكانت تضع كل أمالها هنا تتيقن من مساعدته اليها، فهي تعمل معهم منذ وقت ليس بقليل كما قامت بحل العديد من القضايا مما زاد من وضع المكتب بين باقي مكاتب المحاماه كما كان يقال اليها دائمًا.
!!!!!*!!!!!*!!!!!*!!!!!
_ والله يا بنتي أنا لو حيلتي حتة دهب ولا حاجة لكنت بعتها عشان خاطرها، لكن أنتِ عارفة.
أومات اليها "هنا" بحزن ومازالت جالسة تستند إلى الطاولة واضعة كفها أسفل خدها تفكر من أين يمكنها الحصول على باقي المبلغ، رفعت كفيها تفرك وجهها بشدة وألم كلما تذكرت حالة والدتها عند أخر مرة رأتها بها تشعر بألم في صدرها وغصة في حلقها مريرة، كانت متعبة للغاية وعلمت منها أن إحدى السجينات أخذت منها أدويتها رغمًا عنها وألقتها في القمامة، حتى أنها طالبت بدخول غيرها اليها، لكن جاء قرار النيابة بالإفراج ومازالت مكتفة اليدين، غير قادرة على فك أسرها، تشعر بما تعانية والدتها بداخل الحجز تود لو كان بامكانها الدخول محلها.
_ طب بقولك ايه يا هنا، ما تروحي للراجل الأوبهة دا اللي أمك كانت بتشتغل عنده ويا أختي مكنتش عايزة تسيبه عشان بنته.

مازالت في شرودها تسرح عينيها في العديد من الأفكار لكن توقف شرودها فجأة وترفع رأسها لخالتها التي تابعت:
ـ دي برضو عشرة عمر يا بنتي وأما يعرفوا انها في ضيقة مش هيخلصهم يسيبوها كدا.

ظلت ناظرة لخالتها قليلًا ثم انتشلت حقيبها واتجهت خارجة من المنزل تسرع في خطواتها، ستفعل المستحيل لتبيت والدتها ليلتها ببيتها بل بأحضانها هي لا غيرها.
!!!!!*!!!!!*!!!!!*!!!!!
بعد مرور لحظات من الصمت الغير مرغوب به، تنحنح "وليد" يجلي حنجرته ثم قال بجدية شديدة رغم تلك الإبتسامة الموجهة اليها:
_ طيب أنا يشرفني يا إياد ويسعدني طبعًا طلب ايد أختك رقية.
ثم تابع بعد نظرةٍ عميقة اليها تزداد معها تعمق ابتسامته:
_ رقية أنا أعرفها من فترة مش قصيرة في الجامعة والحقيقة قمة في الأدب والشطارة، وهي دي البنت اللي يشرفني انها تكون زوجتي وأم أولادي باذن الله.

زوجته!! أم لأولاده!!!
ضغط أطراف أصابع قدمه بالأرض بشدة يشعر بأن جدران المكان تطبق على صدره، يود الصراخ بوجه أي أحد يوجه اليه أي حديث بتلك اللحظة.
لكنه زفر بقوة لعله يهدأ ولو قليلًا من تلك النيران التي تشتعل بل تزيد في الاشتعال بداخله كلما استمع لصوت ذلك الطويل يصدمه بالمزيد من كلماته الحارقة.
 ابتلع غصة كادت تخنقه وقال بنبرة جافة لاتحمل أي ود أو نية بالتفاهم:
_ مش شايف ان رقية لسة صغيرة شوية على مواضيع الجواز دي؟
ردت والدته بطريقة أكثر من ودودة:
_ صغيرة ايه يا حبيبي اسم الله عليها، وليد قايلي انها تلميذته في الجامعة وانها في آخر سنة في كليتها، طب دا أنا في بنات من عيلتنا اتخطبوا وكتبوا كمان بعد ثانوي علطول.
ثم تابعت وعينيها على "رقية":
_ واسم الله عليها زي القمر وميبانش انها صغيرة أبدًا.
ضغط قبضتيه ببعضهم ثم أنزل كفه تبحث عن كف تلك الجالسة بجانبه بالإجبار، ينتشلها يطبق عليها بأصابعه بتملك وإحكام لم يلحظه أحد سوى "وليد" المنتبه لكل شيء يخصها مازال يتعجب بداخله من هيئتها وبكائها الواضح بشدة على ملامحها شديدة التورم والإحمرار، بينما تفاجأ "حسام" ينحرف بعينيه اليها فجأة عندما سحبت يدها ببطء من بين أصابعه بينما مازالت موجهة ابتسامتها اليهم، ظل ناظر إليها بصدمة ثم قال بعدما عاد بوجهه اليهم بحدةٍ موجهًا حديثه اليه:
_ معيد زيك، واللي عرفته من رقية انك ناجح في شغلك ومحبوب، ايه يخليك تفكر في الجواز من طالبة عندك، الدنيا ضاقت من الزملا الأنسات يعني!
حل صمت عليهم جميعًا ينظرون لبعضهم بينما أغمضت "رقية" عينيها تضغط شفتيها المجروحين بحرجٍ شديد.
_ احم...اللي أعرفه ان رقية هي اللي قالتلي انكم موافقين على الميعاد وعلى المقابلة دي، يعني اعتقد في قبول.
_ لأ ما أعتقدش، رقية لسة مقالتش رأ...
_ أنا موافقة.
التفتوا جميعهم يتطلعون اليها والى ابتسامتها الصلبة المتعمدة، بينما ظل هو ناظر أمامه بتجمد لم يرمش حتى بعينيه وكأنه صعق بإعترافها أمامهم جميعًا، بتلك الكلمة التي تواجهه بها بكوابيسه يوميًا منذ أن أخبرته بموعد مجيئه لخطبتها، يليها صورتها بفستان زفافها جالسة بجانبه يقترب منها يقبل رأسها يليها وجنتيها، يستيقظ ينتفض جسده عندما يزداد في قبلاته واقترابه منها أمام عينيه بالحلم، ألقت بها الآن أمام الجميع دون حتى أن تعبأ برأيه أو إخباره أولًا، ينقص فقط إتمام تلك الزيجة بخطوات أصبحت تقترب للغاية، ليتحقق ذاك الكابوس بتفاصيله التي تحرق قلبه منذ أن زاره حتى الآن.
!!!!!*!!!!!*!!!!!*!!!!!
انتهت من حديثها تفرك كفيها ببعضهم بحرجٍ بالغ، أشد الأمور كرهًا على قلبها أن تطلب مساعدة مخلوق، مساعدة تقترب من طلب العطف والإحسان.

عضت على جانب شفتيها وهي تراه يستمع اليها بينما كفيه منشغلتين بحاسوبه يجمع الأوراق من هنا وهناك بعدة حقائب، اندهشت تجمع حاجبيها بعدم فهم فعند دخولها للمكتب أيضًا شعرت ببعض الفوضى بين الموظفين وكأنهم يعملوا جاهدين على لملمت أوراق وأشياء من هنا وهناك، أم تكون تلك هي طبيعة العمل هنا؟!
هزت رأسها غير قادرة على السباحة في أي تفكير أخر سوى ذاك الأمر الذي أتت به لهنا ..مجبرة.

نفخت بضيق من وقوفها منتظرة كل ذاك الوقت حتى لم يكلف ذاته بالإشارة اليها بالجلوس، ففتحت شفتيها تود الكلام أكثر من مرة بتردد لكنها تعود وتغلقها حتى نجحت تقول بالنهاية:
_ واضح ان حضرتك مشغول قوي.
صمت طويلًا بتركيز فيما يفعل حتى ظنته لم يرد لكنه أجاب:
_ فعلًا، عندي طيارة كمان ساعة بالظبط.
توسعت عينيها أكثر عندما تابع:
_ سفرية هتطول شوية، لسنين واحتمال مرجعش على هنا تاني.
منذ دخولها وهي لاحظت اهتزاز عينيه فور رؤيتها وكأن برؤيتها تلك وسيرة والدتها ذكرته بإبنته والتي تأكدت الآن بعد حديثه بتلك النبرة أنه ينوي الهجرة وعدم العودة لهنا بسببها وسبب فراقها.
تحركت خطواتها ببطء للخلف اتجاه الباب حتى وصلت اليه تفتحه لكنها التفتت على صوته القائل بعدما رفع عينيه عن الورق بيده عندما وصله صوت الباب:
_ استني.
ثم تابع بعدما التفتت اليه:
_ مش كنتِ جاية عايزة فلوس عشان تخرجي والدته زي ما قولتي؟
ظنته لم يسمعها وهي تسرد عليه سبب مجيئها من شدة تجاهلة حتى بأي تعبير يدل أنه استمع اليها، بينما تابع هو بعدما عاد بعينيه للأوراق بيده:
_ مش قادرة تستني دقيقة.
انتظرت بالفعل تتطلع اليه لكنها فوجئت بطرقة خفيضة على الباب يليه دخول فتاة المساعدة بالمكتب وبيدها ملفوف أبيض وضعته على المكتب وقالت بلطف ورسمية:
_ المبلغ يا فندم.
أشار بيده على تلك الواقفة خلفها، فأعطته اليها بصمت، ظلت واقفة تتطلع اليه بذهول، حتى أجفلت عندما رفع رأسه اليها وقال بحدةٍ:
_ مستنية ايه عندك، روحي خرجي والدتك.
قبضت على النقود بين كفيها تخرج من المكتب تسير بالرواق مهرولة حتى وجدته فارغًا لتتنحى جانبًا تحصي عددها باهتمام لتبتسم باتساع تتنفس براحة عندما وجدت المبلغ كما طلبت بالضبط، تشكر الله بداخلها على مجيئها بالوقت المناسب فلو كانت تأخرت عدة دقائق إضافية لوجدته سافر وانتهى أمر والدتها.
!!!!*!!!*!!!*!!!*!!!*!!!
تسرع وتسرع في خطواتها حتى وصلت لباب المكتب ودخلت، وبعد القليل من الكلام المعتاد الروتيني، أخرجت ورقة كدلالة على سدادها نقود الكفالة فأمر المسؤول بالإفراج عنها كما أمر فرد الشرطي بطلبها من الحجر، ظلت "هنا" منتظرة دقائق تمر عليها كدهور حتى أتى العسكري الذي دخل منذ قليل مهرولًا وقال يدفع الكلمات بقوة:
_ الحقنا يا فندم، الست اللي سيادتك أمرت بالإفراج عنها، لقيناها قاطعة النفس وواقعة في الحجز ..باينها ماتت!
ماتت!! والدتها!!!
فور انتهاء القائل من جملته انتفض الضابط الجالس واقفًا يهرول خارج المكتب، خلفه العسكري، تاركين خلفهم تلك الواقفة بالغرفة في صمت مقيت لا يقطعه سوى أنفاسها الهادرة يعلو صدرها ويهبط برعب يكاد يوقفه عن النبض، عينيها جاحظة تريد إعادة ترديد الجملة على أذنها لعلها تستمع اليها صحيحة تلك المرة، وهي أن والدتها...ماتت في حبسها.

تداركت نفسها تجر ساقيها جرًا تندفع خلفهم خارج المكتب بساقين خاويتين تكاد تهزمها وتنزلق بها، حتى وصلت إليهم فوجدت الضابط صارخ بالنساء الملتفين حولها ليصل اليها يفحصها ظاهريًا عدة لحظات حتى سكنت يده عليها ثم التفت لتلك الواقفة بعيون جاحظة وفم مفتوح وملامح سوداء، تطلع اليها بصمت مصدوم ثم قال بخفوت:
_ البقاء لله!!

عارفة ان الفصل معظمه عن هنا وعلي لكن دا ضروري عشان لسة في أحداث كتير في قصتهم هتسبق الكل فمحدش يتضايق والبارت الجاي هحاول أعوضكوا واجبلكوا كل الكابلز باذن الله ولو عايزين ازود مشاهد لكابل معين قولولي في الكومنتان عاادي وانا هزود حااضر.

رانيا أبو خديجة 
365 يوم أمان 
قراءة ممتعة♥️♥️
 ومتنسوش رأيكوا وتفاعل حلو بقى عشان الأحداث بدأت تسخن فمش عايزين نوقف تاني.
تعليقات
17 تعليقًا
إرسال تعليق
  1. لا كده وحش اوي كان سبب موت مايا ودلوقتي موت امها كتيير بصراحه

    ردحذف
  2. يالهووووووووووووووووووي🫢

    ردحذف
  3. البارت تحففه

    ردحذف
  4. ❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️

    ردحذف
  5. موتيها ليه

    ردحذف
  6. البارت حلو اوى والاحداث حلوة بس بكدة انتى مش هتخلى فى اي نقطة تلاقى ورجوع ل هنا وعلي

    ردحذف
  7. روعه روعه روعه روعه 😍🥰🥰

    ردحذف
  8. جميله جدا

    ردحذف
  9. كفايه نكد الله يكرمك الواحد بيهرب من الواقع اللى عايش فيه بالرويات دى فمن فضلك فرحينا كده بمشاهد شيقه و رومانسيه

    ردحذف
  10. البارت تحفه تحفه ... ممكن تزودي مشاهد لرقية و حسام🤭

    ردحذف
  11. البارت جميل جدا ❤️ ههه كثري من تميم ومي 💙

    ردحذف
  12. الروايه تحفه يارونى تسلم أناملك
    بس القفله صعبه اوووى

    ردحذف
  13. حسام ورقيه🤩

    ردحذف
  14. كدة الموضوع اتعقد تكتر بين هنا وعلي 🤔

    ردحذف
  15. جامد اووي بس حزينه على مامت هنا 😭😭

    ردحذف
  16. يا نهااااااار
    يعني موافقه رقية
    و البقاء لله ف ام هنا
    الاتنين ف فصل واحد
    ااااخ يااااني
    روعه يا رانيا استمري

    ردحذف
  17. انا مش عارفة ازعل على مين على حسام اللى رقية مش حاسة بيه ولا على اللى ضميره وهنا هيعذبوه كتير

    ردحذف

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة