رواية ٣٦٥ يوم أمان للكاتبة رانيا أبو خديجة الفصل الثاني والخمسون
رواية 365 يوم امان للكاتبة رانيا ابو خديجة
رواية 365 يوم أمان
الفصل الثاني والخمسون
#٣٦٥_يوم_أمان
#رانيا_أبو_خديجة
جالسة تبدو ساكنة، هادئة، لكن ضجيج أفكارها وحيرتها مازالت تغلي بداخلها، تحاول أن تعتصر كل فكرة تخطر على ذهنها، كل شيء محتمل أن يحدث إلا زواجها منه، لن تخضع له وللهوه بها أبدًا، لن تستسلم لرغبته في انتقامه وانقلاب اللعبة عليها.
فُتح الباب ودخلت أمها يصطحبها العسكري، تركها معها وأغلق الباب خلفه، نهضت سريعًا نظرت والدتها بعينيها ببؤسٍ واضح وطالت النظرة حتى أنها لم تعلم أكانت تلومها أم مشفقة على حالها كما بادي بعينيها؟
لكنها لم تطل النظر اليها أكثر من ذلك بل اقتربت تحتضنها بضعفٍ كبير، ضمتها أمها تمسح على ظهرها حتى وصلها صوت بكاء ممزوج بصوتها المنكسر:
_ سامحيني يا ماما، أنا أسفة أنا... أنا السبب.
ثم تطلعت بوجهها ببوادر ندم عما فعلته وخططت له فعوقبت به أمها:
_ حقك عليا، انا السبب في كل دا.
تطلعت اليها والدتها في صمت ثم اتجهت وجلست على الأريكة المتواجدة بالمكتب وقالت باستسلام ولمعة دموع القهر بعينيها:
_ الظابط إياه هو اللي عملها، مش كدا؟
صمتت تتطلع إلى والدتها بأسف ثم اعتدلت ترفع اصبعها لعينيها تجفف دمعاتها وقالت:
_ هو ..هو ايه اللي حصل يا ماما، ازاي قدر يجيبك لهنا؟
أجابت والدتها بتخبط وحيرة:
_ والله يا بنتي ما عارفة، أنا زي كل يوم من وقت ما جينا قعدنا عند خالتك بنزل أجيب الخضار والعيش بدالها، فجأة لقيت اللي بيخبط فيا ووقع الشنطة من ايدي لسة بلتفتله وهقوله ولا يهمك حصل خير ، لقيته بيصرخ في وشي ولم عليا الناس.
صمتت تتنهد تنهيدات متتالية وكأنها تصارع ما يدور بخيالها، فقالت "هنا" بلهفة تحثها على المتابعة:
ـ وبعدين..ايه اللي حصل؟
ـ لقيته بيشاور عالخضار اللي وقع من الشنطة وبيجيب من وسطة لفة كدا لونها بني ولا أسود وبيقول بعلو حسه الحقوا لقيت معاها مخدرات.
ثم صمتت وهلة وقالت بنبرة خفيضة للغاية يملؤها الحزن والإنكسار:
_ الولية الشايبة جاية السوق تتاجر في المخدرات، لحد ما لقيت اتنين عساكر وكأنهم كانوا واقفين وسمعوا ولا مستنيين يسمعوا.
اقتربت "هنا" منها باهتمام في جلستها وقالت:
_ طيب والراجل اللي قال كدا وشاور عليكي راح فين؟
صمتت والدتها تتطلع اليها بتفكير محاولة التذكر فاقتربت تجلس بجانبها على الأريكة وتابعت باهتمام بالغ:
_افتكري معايا يا ماما، مين كان واقف وقتها والناس اللي شاورت عليكي دي وعديتي على مين قبل كل دا ما يحصل و...واللفة دي كان حجمها قد ايه تقريبًا، يعني.. يعني..
صمتت بحيرة ثم أضافت باهتمام أشد محاولة إيجاد أي دليل تسير خلفه:
_ تقدري تحددي حجمها بالتقريب يعني؟
ظلت صامتة بتفكير ثم نظرت اليها وقالت تحدد حجمها بإصبعيها:
_ يعني قد كدا، لا هي كبيرة ولا صغيرة على حسب ما خدت بالي وشفتها يعني.
صمتت "هنا" بشرود ثم تأففت من الوضع المعقد بأكمله، فنظرت اليها والدتها بحسرة وهمست بيأس:
_ أنا عارفة اني كدا روحت في داهية يا بنتي، وخلاص ما منهاش خروج، زي ما سمعت كدا القضية خلصانة ومتقفلة.
ثم تابعت مشددة على كل حرف:
_ أنا بس عايزاكي تفتكري كلامي وتعرفي ان كان عندي حق لما قولتلك النار اللي عايزة تحرقيه بيها مش هتحرق غيرنا يا بنتي، يا بنتي دا مفتري، ولا نسيتي عمايله في المسكينة قبل ما تموت.
التفتت اليها بحدة وقد بدى بعينيها بريق أسود وقالت بغضبٍ جزت له أسنانها قبل أن تنهض تخرج من الغرفة راكدة:
_ ورحمة المسكينة دي يا ماما ما هيكفيني فيه عمره لو جرالك حاجة أو حد مسك هنا بالسوء...هقتله.
!!!!!*!!!!*!!!!*!!!!*!!!!
نفضت يدها قائلة وهي تلوك الطعام بفمها:
_ الحمد لله.
ثم نهضت تلتقط حقيبتها قائلة:
_ أنا همشي بقى عشان اتأخرت على المدرسة.
أنزل كوب الماء من على فمه وقال وهو يلحقها وينهض:
_ استني يا أحلام، هاجي أوصلك النهاردة للمدرسة بالعربية.
ثم اقترب منها وتابع:
_ وهبقى أجي أرجعك كمان.
نظرت اليه بتعجب ثم قالت بصوتها الهاديء:
_ اشمعنى كدا النهاردة؟!
صمتت تراقبه وهو يرتدي حذائه بصمت فاقتربت وتابعت:
ـ ولا عشان اللي قولتهولك امبارح!!
ثم هزت رأسها بضيقٍ وقالت:
_ يا إياد بلاش تكبر الموضوع زيك زي رقية، الله! وبعدين قولتلك يمكن أنا اللي كان بيتهيئلي.
ثم أضافت بابتسامة حتى ينتبه لها عوضًا عن عدم اهتمامه بحديثها وانشغاله بالنظر لتلك المسرعة في خطواتها هنا هناك بعجالة واضطراب كعادتها في الصباح عندما تتأخر على جامعتها:
_ وبعدين أنا مبقتش بخاف من حاجة أبدًا من يوم ما بقيت انت معايا.
لم يلتفت حتى اليها، بل يدور وجهه دون أن يشعر مع الأخرى، تلك الرشيقة في خطواتها بخفة وسرعة تسلب قلبه معها، حتى نهضت بعدما انتهت من رباط حذائها وانتصبت بظهرها تؤكد على رابطة شعرها الطويل والتي رفعته لأعلى في ذيل حصان على طول ظهرها، دائمًا ما يخطف عينيه.
اقتربت من باب المنزل بعدما التقطت حقيبتها الصغيرة وكتبها الجامعية على يديها وقالت بعجالة دون النظر اليهم:
_ أنا ماشية عشان الحق محاضراتي، خلي بالك من أخواتك خصوصًا لو خدتهم معاك الشغل على ما أحلام ترجع من المدرسة.
نهض سريعًا من على طرف الأريكة يقترب وقال:
_ استني أوصلك معايا بالعربية، كدا كدا هوصل أحلام قبل ما أروح الشغل.
وقفت على الباب بتوتر واضح من تأخرها كعادتها وقالت بعجالة:
_ الله يخليك متأخرنيش زي ما دايمًا بتعمل، وبعدين عشان زياد وأميرة هيروحوا فين على ما ترجع؟!
اقترب يسحب الكتب من بين يدها ثم تراجع خطوة للخلف يخبئهم خلف ظهره وقال بينما تتأفف هي بغضب:
_ لو على زياد وأميرة ييجوا معانا وأهُم يشموا هوا الصبح وبعدين هاخدهم معايا الورشة، ويلا بقى عشان متتأخريش أكتر من كدا... أدخلي لبسي اخواتك.
!!!*!!!*!!!*!!!*!!!*!!!
اقتربت بابتسامتها العذبة وبين يديها أطباق الطعام وقالت بعدما اقتربت تضعهم على طاولة الطعام:
_ نورتونا والله، نورتونا، اتفضلوا اتفضلوا الغدا جاهز.
نهضت والدة زوجها بابتسامة سمحة ثم لفت انتباهها أختها وابنتها مازالوا جالسين عابسين الوجه فقط نظرات كريهة، تتحرك عينيهم مع تلك المبتسمة بعذوبة ورقي في دخولها المطبخ وخروجها محملة بالأطباق، فهمست بداخلها:
ـ يا حفيظ يارب!
ثم ارتفع صوتها موجهة الحديث اليهم فقالت:
_ الله! ما يلا يا حبيبة الغدا انتي وبنتك، يلا يا شيماء.
ثم اقتربت وقالت بسعادة بزوجة ابنها بالغة الرقة والجمال وقد أعدت كل شيء بنفسها مما أعطاها الفخر أمامهم كما تقول داخل نفسها:
_ تسلم ايدك يا مي، الأكل ريحته حلوة.
ابتسمت "مي" تنظر إلى "تميم" الذي يبادلها النظرة بابتسامة تعبر عن كبت ضحكة تكافح للظهور، فنظرت اليه بتحذير ترفع حاجبها ثم أومأت اليهم بخجلٍ تهمس بصوتها المميز:
_ شكرًا يا ماما، اتفضلوا عشان الأكل ميبردش.
اتجهت للمطبخ تكمل نقل الأطباق للطاولة.
رفع "تميم" أصابعه يحك خلف رأسه قبل أن يتنحنح ينظر اليهم يحثهم بأدب ولطف الضيافة حتى انتقلوا للسفرة جميعًا ثم اتجه للمطبخ خلفها أمام نظرات من يتبعوهم.
دخل "تميم" المطبخ بلهفةٍ وابتسامة عاشقة، تفاجأت "مي" بقبلة ثقيلة ذات صوت قوي على خدها تأتي من الخلف، ضحكت تحاول تبعده بيدها، استجاب "تميم" يبتعد بعدما أعاد القبلة قبلات، وقفت أمامه تهمس حتى لا يصل صوتها للخارج:
_ مامتك بتقولي تسلم ايدك على الأكل متعرفش اني مبعرفش أسلق بيضة حتى، عجبك بقى الكذب اللي احنا فيه دا وكل دا بسببك.
حاوطها بذراعيه عينيه على وجنتها يتحدث من بين قبلاته الرقيقة تلك المرة:
_ طب وفيها ايه، هما كل اللي يهمهم يتغدوا، مش مهم بقى مين عمل الأكل.
أبعدته بكفها محاولة ثم تطلعت اليه بعبوس محبب اليه حتى عاد يبتسم، كتفت ذراعيها أمام صدرها وقالت بذات عبوسها:
_ حتى السلطة...معرفتش أقطعها زي بتاعة ماما يكون شكلها حلو...وأنت اللي عملتها.
رفع أصابعه يضع غرتها الجانبية الطويلة جانبًا وقال مبتسمًا:
_ طب وفيها ايه، شوفتي بقى ان الموضوع طلع سهل أهو ولا لخمة ولا توتر زي لحظة ما قولتلك خالتي جاية تباركلنا وهتتغدا معانا هي وماما، كمية توتر وعصبية ملهاش داعي يا مي.
_ ما أنت فعلًا وترتني وبصراحة بقى هما كانوا المفروض يقولوا قبلها؛ على الأقل كنت كلمت ماما جات أنقذتني وساعدتني.
فك عقد ذراعيها يعاود لف ذراعيه حول خصرها يقربها منه وتابع مبتسمًا:
_ طب ولية نتعب مامتك، أهو أنا جبت الأكل جاهز، واتحلت المشكلة في غمضة عين.
ثم ابتسم وتابع بغمزة من عينه؛
_ أما بقى في حوار الطبخ دا، فأنا هبقى أعلمك بعد كدا واحدة..واحدة.
دفعته بصدره بقبضتها ضاحكة من طريقته وميله عليها في الحديث ثم قالت بعد لحظة تأنيب.
_ يعني انت مش زعلان عشان أنا طلعت مبعرفش أعمل حاجة في المطبخ، وشكلك كدا ادبست؟
ضحك دون صوت ثم قربها اليه بذراعيه وهمس أمام وجهها:
_ مش مهم، كفاية أنا بعرف، دا أنا بكرة أكلك شوية أكل انما ايه، وهتشوفي بقى أنا شاطر قد ايه.
ثم نظر إليها وتابع وهو يضع اصبعه فوق شفتيه دلالة على الصمت وهمس:
_ الكلام دا بيني وبينك طبعًا اوعي تقولي قدام ماما برة انك مبتعرفيش تطبخي.
نطقت تفتح عينيها على وسعهم ببراءة:
_ هي هتزعل؟
عاد يحك رأسه ثم قال:
_ لا يا روحي مش حكاية زعل، بس هتصر تعلمك وتتعبك وأنا مش حابب كدا.
نظرت اليه بنظرات أصبح يعلمها جيدًا فأبتسم لحبها الذي يسبح في عينيها ثم اقتربت تحتضنه هامسة:
_ ربنا يخليك ليا يا تميم، أنا بحبك قوي.
أطبق ذراعيه عليها يعتصرها بداخل حضنه لكنه أحفل عندما انتفضت خارجة من حضنه على صوت خالته الصارخ:
= ايييييه، انتوا جيبنا نتغدا لوحدنا ولا ايه!
!!!*!!!*!!!*!!!*!!!*!!!
_ خلي بالك من نفسك ومتخرجيش برة بوابة المدرسة إلا لما أجيلك أخدك بالعربية ..اتفقنا.
صمتت تتطلع اليه بملل فقد أعاد عليها نفس التحذيرات والوصاية أكثر من مرة ثم أومأت برأسها تبتعد الى البوابة
انطلق "حسام" بالسيارة فور رؤيته اليها تدخل من الباب وتختفي، ثم التفت للخلف ليطمئن على الصغار، ارتسمت على شفتيه ابتسامة عذبة فور رؤيته للصغيرة الناظرة باهتمام وسعادة من نافذة السيارة ونسمات الهواء اللطيفة تداعب وجهها الصغير وتطاير خصلاتها المبعثرة للخلف اتجاه الهواء كما تعاند جفني عينيها التي تحاول فتحهما للإستمتاع بمنظر الصباح والشوارع شبه الفارغة سوى من القليل، بينما الصغير فينظر من خلف زجاج نافذته ويروح برأسه ثم يأتي في تكرار مستمر خلف الأشجار والوجوه وأعمدة الإنارة.
نظر للجالسة بجانبه عاقدة ذراعيها وناظرة من نافذتها بشرود تام، فقال وهو يعود بنظره للطريق:
_ بعد ما تخلصي محاضرات وقبل ما تطلعي من بوابة الجامعة تكلميني أقل من عشر دقايق هكون عندك.
التفتت اليه وقالت بتردد يشوبه التوتر:
_ وهو انت هتيجي تاخدني أنا ولا ...ولا هتروح تاخد أحلام... أنا مش فاهمة حاجة...هو في ايه بالظبط...انت حاسس بحاجة يا إياد... يعني حاسس ان في حاجة هتحصل!
زفر بحنق عندما وصله التوتر في صوتها فعاد بنظره اليها وقال:
_ يا ستي أنا غلطان، خلاص ابقوا روحوا لوحدكوا وتعالوا لوحدكوا، كويس كدا.
تأففت تنظر بضجر للشارع من جديد، مر صمت قليل قبل أن تعود وتلفت اليه بكامل جسدها، ثم وأمام نظراته الجانبية التي يلحظها بها، نظرت اليه ثم لأصابعها التي تفركهم ببعضم ثم همست:
ـ إياد.
ابتسم عندما وصله همسها بذالك الصوت المغاير تمامًا لسابقه فألتفت يتطلع اليها وقال:
_ عارفك لما بتكوني كدا...عايزة ايه قولي.
ثم تابع بتنهيدة عالية:
_ والله على النبرة والطريقة دي ممكن تطلبي عينيا عادي يا رقية.
ابتسمت بعذوبة ثم تابعت بخجل أشد من سابقه لكنها ظهرت به أكثر لطافة:
_ بمناسبة الجامعة وكدا..ااا..دكتور وليد كلمني و...
انطلقت صرخة طفولية مفاجئة من "أميرة" الصغيرة عندما توقف بالسيارة فجأة فأندفعوا جميعًا للأمام بخطر.
_ كلمك!! وهو انا يا محترمة مش قايلك ومحذرك من كلامك مع الزفت دا!!
_ ممكن أفهم انت ايه بيعفرتك لما بجيبلك سيرته، انت ايه مضايقك دلوقتي!!
يلهث ينفث نار من صدره بينما ناظر أمامه بشر وكأنه تمثل أمامه الآن، لكنه التفت فجأة بعيون واسعة وحواس مستيقظة فور نطقها:
ـ ولا مشكلتك في جوازي أنا بالتحديد؟
ظل ناظر اليها بصمت متوتر فتابعت بملامح أخف وأهدى بعدما وضعت يدها الناعمة على كفه بابتسامة صافية:
_ إياد، أنا عارفة ان ممكن يكون صعب عليك في انك تفكر اني بقى هتجوز وأسيب البيت وحمل اخواتك عليك وكدا، لكن، لكن أنا ناوية أشطرت على اللي هتجوزه دا ان اخواتي يكونوا الأول، قبل كل حاجة وبعدين ييجي هو، متقلقش مش هسيب الحِمل عليك لوحدك والله.
شعرت بتجمد يده تحت يدها ثم سحبها يعود وينظر أمامه فتابعت هي:
_ انتوا أغلى حاجة عندي في الدنيا كلها، طب أنت عارف أنا مش ممكن كنت بس أفكر في كلام وليد لولا وجودك وأطمئناني انك موجود وسطهم، واني هكون مطمنة عليهم وانت معاهم.
حل عليهم صمت طويل حتى اقتربت منه تمد رأسها بحذرٍ اليه همست:
_ أقوله ييجي يقعد معاك امتى؟
ظل صامت فتابعت:
_ هو و...ووالدته وأخته عشان يطلبوني رسمي.
لاحظت تغميضة عينيه بشدة وكأنه يعتصرهم ومازال على صمته، فصمتت هي الأخرى قليلًا ثم قالت:
_ على فكرة أنا كدا هتأخر بجد.
التفت ينظر اليها فأبتسمت وقالت:
_ هو كان اقترح الخميس عشان يعني بعده هيبقى أجازته وكدا، أقوله تمام؟
ظل صامت فأعتبرتها دلالة على الموافقة خاصتًا بعدما وضع يده على عجلة القيادة وضغط على أداة دفع البنزين وأنطلق فجأة وبسرعة أخافتها على الصغار الجالسين يراقبوهم من الخلف.
!!!!!*!!!!!*!!!!*!!!!
خرجت من مكتبها حاملة أوراق القضية الأهم بحياتها بحقيبتها أسفل ذراعها، فمن يومها وهي تدور من هنا لهناك للنيابة، ثم تعود لبيتها تجلس على فراشها يتناثر من حولها الأوراق حتى تمر الساعات ويتقضي الليل ورغم إغلاق عينيها رغمًا عنها لكنها تعود وتجبر نفسها، تحرم النوم على جفنيها بينما والدتها بحبسها الله أعلم بحالتها.
ترجلت من سيارة الميكروباص تتجه لمنزلها وقد ساد وجهها الوجوم والبؤس فجأة عندما تذكرت زيارتها اليها صباح اليوم وحالتها الصحية التي ازدادت سوء وشحوب وجهها الواضح والذي يشكل خطر على واحدة بمثل عمرها خاصتًا بأمراضها التي تعاني منها، لكنها ورغم كل ذلك الضغط عليها وعلى أعصابها من حالة والدتها التي ترهقها نفسيًا للغاية كلما ذهبت لزياراتها تشعر بالذنب تود لو تخرجها وتبقى هي مكانها لكنها محامية درست القانون وعملت بمجاله حتى اتقنته وتعلم أنه من المستحيلات فعل ذلك، عوضًا على صعوبة القضية واحكام كل المغاليق لثبت التهمة عليها تمامًا.
صعدت درجات البناية وهي تفكر كما شرد ذهنها ألاف المرات سابقًا، رغمًا عنها تفكر بالذهاب اليه تترجاه أن يرحم والدتها وأن يجعل ما بينهم لا يخص أحد آخر ليس له أي ذنب، لكنها تعود وتعدل عن ذلك تعلم عنده وقسوة عينيه التي تحدث بها معها وطلبه الوقح باجبارها على الزواج منه، حركت رأسها بنفي دون أن تشعر وقد توقفت ساقيها عن الصعود، لا لم تفكر مجرد تفكير بالأمر، قطبت حاجبيها باندهاش من وقاحة وقسوة تفكيره أيعتقد بأنها تقبل الزواج منه وهو من تسبب في قتل أختها التي ماتت بجبه عشقًا!!!
كيف له التفكير في ذلك، ويعتقد بأنها ستوافق، كيف!!
حركت شفتيها رغمًا عنها مخافة أن تخون نفسها وتخونها وتخضع له بأي لحظة هامسة بإصرار شارد:
_ يحرم عليا يا مايا، اللي أنتِ اتمنتيه وموتي نفسك عشانه... يحرم عليا، متخافيش...مش هعملها، عمري ما هعملها.
ثم أفاقت لتوقفها عن الصعود وشرودها بمنتصفه، فتابعت صعودها بساقين خاويتين وضعت المفتاح بالباب تدخل ترتمي بجسدها على أقرب أريكة تتنهد بتعب وشقاء حتى مالت رأسها للخلف بارهاق ورغبة في النوم رغمًا عنها لكنها سريعًا ما عادت تعتدل في جلستها تربع ساقيها وتفتح حقيبة أوراقها لتنظر بما أتت به من جديد اليوم، تقسم أنها لن تنهض من مكانها بغرض تبديل ثيابها او إحضار الطعام كما كانت تفعل بدايتا من دخولها المنزل مرهقة جائعة إلا أن تزفر بجديد من تلك الأوراق التي بدأت في تناثرها من حولها والنظر بها باهتمام بكل كلمة وحرف مكتوب بأوراق القضية ودلائلها.
!!*!!!*!!!*!!!*!!!
دخل من باب المنزل بعد يوم شاق ومليء بالعمل؛ فاليوم لم تحضر إلى الورشة بل عادت من جامعتها للبيت مباشرتًا، زفر بقوة يعلم السبب، فاليوم سيأتي ومعه والدته وأخته للاتفاق معه على التفاصيل وتحديد موعد للخطبة.
وقف عينيه على باب غرفتها للحظات حتى أسرعت "أحلام" اليه في فستانها المنفوش وقالت وهي تعدل من وضع خداديات الأريكة والكراسي:
_ مفيش فايدة، لسة مرتبة الحاجات دي من نص ساعة، عاملين زي القرود.
ثم صاحت بصوت مرتفع حتى يصلهم بالداخل حيث "رقية" تهيئهم وتساعدهم على ارتداء ملابس أنيقة مناسبة:
ـ أجبلكم أنا صحة منين... صحتي بقت على قدي ياللي منكوا لله.
لاحظته مازال يقف محله بملابسه المتسخة نتيجة عمله بالورشة طوال اليوم، وعينيه مثبته على باب الغرفة فأقتربت منه وقالت:
_ إياد، يلا عشان تجهز انت كمان، أدخل خد دش سريعًا وغير هدومك، الناس على وصول.
تحرك اتجاه الأريكة وجلس عليها يأن بتعب، ثم همس بصوت متعب خفيض يشوبه الحزن والألم:
_ والله أنا كدا كويس وعجبني، وأصلًا مش قادر أقوم من مكاني.
شهقت تجلس بجانبه ثم قالت:
_ انت بتهزر صح! إياد الناس على وصول قوم عشان خاطري اجهز دا رقية كانت عمالة تلف حوالينا من شوية وتشوفنا خلصنا ولا لأ.
بالفعل يشعر باختلاف البيت عن أي يومٍ سابق، رائحة الاڤندر التي تملأ الأجواء نتيجة لمعطر الجو الذي ومن الواضح وقد افرغت كل محتويات زجاجته، مفارش الأريكة والمقاعد الجديدة ذات الألوان الأنيقة، حتى أرضية البيت تلاشت من عليها الحصيرة البسيطة التي طالما جلسوا يشاهدون التلفاز و يأكلون ويتسامرون عليها، بينما امتلأت الأرض الآن بقطع السجاد التي ومن الواضح لم تظهر سوى بالأعياد والمناسبات فقط.
فاق من تحديقة بالتغيرات _التي لاحظها الآن فعندما دخل ما كان يسيطر على بالة سوى هي وعينيه لم تنتبه إلا لباب غرفتها_ أفاق على الباب يُفتح ويخرج منه الصغار، ابتسم رغمًا عنه على أناقتهم الشديدة وشعرهم المرتب بدقة للخلف حتى صار لونه أسود لامع يشعرك بنعومته من بعيد، عوضًا عن ملابسهم واحذيتهم شديدة الأناقة والتي تشعرك بأنه صباح يوم عيد، اقتربت الصغيرة مهرولة فور رؤيته جالس وخلفها تؤمها بابتسامة مبهجة وصاحوا باسمه خلفه كلمة "جه" حتى وصلها الصوت لداخل غرفتها فتنفست الصعداء، فقد تأخر كثيراً وتخشى حضورهم قبله، ورؤيتهم له بملابس العمل المتشحمة، بينما بذلت هي مجهود كبير حتى يبدون في مظهر لائق.
اقتربت الصغيرة ووضعت شفتيها الناعمة نعومة الطفولة على وجنته تقبله بحبٍ خالص كعادتها هي وأخيها عندما يعود من الخارج ليلًا ثم يأتي يلقي بجسده بينهم على الحصيرة بالأرض فيظل يدغدهم ويلاعبهم ويضحكون ضحكات صاخبة تجعل مَن تجلس تراقبهم على الدوام تبتسم رغمًا عنها.
_ يا زيااااد، أميرررة تعالوا هنا أنا لسة مروقة الكنب.
أسرع الصغير إلى المطبخ فقلدته أخته لكن أصدر"حسام" صوت هسهسة جعلها تعود تلتفت اليه ثم أشار اليها تقترب.
اقتربت الصغيرة باهتمام فحملها يجلسها على ساقيه وقبلها كما قبلته منذ لحظة ثم مال عليها يهمس يسألها:
_ قوليلي يا ميرا ،رقية بتعمل ايه كل دا في اوضتها.
اعتدلت على ساقه تعد على أصابعها وقالت بابتسامة وحماس:
_ لبست فستان جميل أول مرة أشوفه عندها.
ثم نظرت يمينا ويساراً واقتربت تهمس بأذنه بعدما أخفض رأسه اليها:
_ أشترته النهاردة وهي راجعة من الجامعة.
أومأ برأسه دون النظر اليها، فتابعت عد على أصابعها الصغيرة أمام عينيه:
_ وسرحت شعرها الطويل وبتحط ميكي أب بتاع الكبار في وشها، ولبست صندل جميل بكعب عالي.
اعتدل برأسه بعدما كان مقترب باذنه منها يتطلع بالفراغ يبتلع ريقه بغصة بدأت أن تتحجر بعنقه، لكنه أفاق من شروده على ابتسامة الصغيرة وهي تقول:
_ بس رقية شكلها بقى جميل، أحلى من شكلها الصبح.
لم يشعر بذاته سوى وهو يهمس ومازالت نظراته ضائعة بالفراغ:
_ جميلة بس!!
لم تلحظ همسه بل نظرت بلهفة لأخيها الذي تسلل للمطبخ وخرج أمام عينيهم بيده قطعه من الكيك دون علم "أحلام" بالطبع فحاولت النزول من على ساق "اياد" بلهفة تهرول اليه،
أنزلها من على ساقه ثم نهض واقفًا واتجه لباب غرفتها، كاد يفتحه باندفاع لكنه أوقف يده في الهواء ثم تنهد بقوة وطرق بخفة وفتحه.
وجدها واقفة أمام المرآة وبالطبع التفتت اليه مبتسمة فور دخوله، ظل ناظرًا اليها كما تخيلها تمامًا لكن الإضافي هالتها وجمالها الزائد عما اعتاد، أتملك المزيد من الجمال وتخبئه لغيره!!
ترتدي فستان من الشيفون الأبيض ينسدل على جسدها بنعومه وجمال، محدد من الخصر ثم ينسدل بشكل أوسع قليلاً وقد تركت خصلاتها على طول ظهرها لأول مرة أمام أحد خارج المنزل! أمام أحد غيره!!
_ إياد، كويس انك جيت، الحمد لله....يلا بس سريعًا أدخل خد دش وغير هدومك دي، أنا سيبالك على سريرك جوا تيشرت وبنطلون هيعجبوك قوي.
أفاق من شروده العابس على حديثها الأكثر من طبيعي بنبرة طبيعية لا تمت للنار المندلعة بداخله بصلة.
رأى بيدها أحمر الشفاه لتتابع تزيين وجهها فاقترب منها وأشار بوجهه بعدما وضع كفيه بجيبي بنطاله:
_ ايه اللي أنتِ عملاه في نفسك دا.
رمشت بعينيها بحرج وتوتر ثم مدت رأسها وعادت تتطلع لهيئتها في المرآة ثم التفتت اليه وجدته على وقفته ونظرته الحادة ليس بها أي لطف فمالت بوجهها للمرأة تمسح جانبي وجهها منعًا للزيادات من الألوان ان كان يقصد، ثم أمسكت بأحمر الشفاة مرة أخرى وانحنت تضعه بخفة وهي تهمس بحيرة:
_ أكمل بس وبعدين هوريك شكلي، هو بس عشان لسة مخلصتش ومحط....
سحبه من يدها بقوة مما أجفلها وتسبب في تشوه جانب شفتيها باللون وهو يصرخ بعصبية تدريجية:
_ ايه المسخرة اللي أنت عملاها في وشك دي، مش شيفاني واقف قدامك!!
فغرت فمها بصدمة لكنه لم يرأف بحرجها فتابع يشير لشعرها وفستانها:
_ وشعرك شكله زفت على دماغك، يتلم أحسن ما ألمك انت وهو، وايه اللون اللي أنت لبساه دا يقول علينا ايه راميين نفسنا عليهم ياللي مبتفهميش.
لم يكتفي بما فعل فأشار لوجهها وهو يلقي بأصبع الشفاة بقوة بالأرض صارخًا:
_ ووشك دا يتغسل ولا شيفاني فاتحها مسخرة هنا!!
تنفس بقوة بعد تلك الوصلة من الصراخ حتى تجمع الصغار و"أحلام" أمام الباب المفتوح يتابعون باهتمام أصبح معتاد في ذلك الموقف المتكرر من الصراخ لا يعلمون سببه بين "رقية" و"اياد" كمن يشاهد حلقة عرض جديدة من مسلسل مسلي بالنسبة لهم.
التفت يغادر الغرفة لكنه تفاجأ بها تمسك بذراعه تديره اليها بغضب قائلة باندهاش وعيون ترمش بتكرار دلالة على الاندهاش وعدم الفهم:
_ مسخرة ايه اللي أنت بتتكلم عنها دي، شايفني ايه قدامك هقابلهم ببدلة رقص!!
ثم أشارت بقوة إلى فستانها مما جعله يعود بعينيه اليه:
_ وماله فستاني بقى ان شاء الله، ايه شايفني مقابلاه بالفستان والطرحة، ثم ان دا كان أهدى لون في المحل عشان أنا أصلا مبحبش الحاجات اللي ألوانها صارخة و...
فتحت عينيها على وسعهم وهي تراه يقترب فجأة منها بخطوة واحدة اخرستها حتى كادت أن تصتدم جبهتهم ببعضها،ومع نظرته الشرسة المعبرة عن رغبته بالانقضاء عليها لف ذراعه خلف رأسها وأشبك أصابعه بخصلاتها يسحبهم بقوة للخلف حتى صرخت بألم وهمس بتحذير أمام عينيها:
_ شعرك دا يتلم... احسن ما المه أنا... كدا.
وسحبه للخلف بقسوة قبل أن يجمعه بيده بقوة اوجعتها يلملم جميع الخصلات من حول وجهها ومع كل حركة كانت تتأوه بألم ومازالت عينيه بعينيها بنظرة أخافتها.
انحنت عينيه لأدوات الزينة الخاصة بها الموضوعة أمام المرآة فعاد بنظره اليها مما جعلها ترمش باضطراب وقلق، انتقل بعينيه من وجنتيها الملونتين لشفتيها المصبوغنين بتشوه جانبي فرفع اصبعه يشير لوجهها بتحذير:
_ وشك دا يتغسل وإلا هغسلهولك أنا.
لم تحتمل أكثر فصرخت بوجهه تضربه بقبضتيها بصدره ليبتعد عنها.
_ مش غسلاه وملكش دعوة بيا بقى وبشكلي، لما أبقى...
_ أحلاااام!!
انتفضت من صرخته، متراجعة للخلف، فدخلت "أحلام" مسرعة بينما مازالت عينيه بعينيها بشراسة يدق لها قلبها.
نظر إليها وكاد أن يطلب منها لكنه لمح بيدها قطعة قماشية خاصة بالمطبخ ومليئة بالزيوت وبقع الدهون فسحبها من يدها بعنف يلتفت للأخرى وبنفس الحركة جذبها من مرفقها بقوة اليه حتى اصطدمت بصدره ووضع كفه خلف رأسها يثبتها ثم بدأ يمسح كل ما وضعته بتلك القطعة القماشية بقسوة شديدة.
شهقت "أحلام" قائلة:
ـ يا اياد...يا إياد ليه كدا بس شكلها كان حلو.
التفت ينظر اليها بقسوة فترددت قبل أن تقول:
ـ طب خلاص اللي تشوفه، ااا..أجيبلك منديل يكون أنضف من كدا طيب؟
تحدث وعينيه على ما يفعله بأمر:
ـ لأ ، روحي شوفي كنتِ بتعملي ايه وخدي اخواتك معاكي.
وقفت قليلاً عينيها على أختها ثم نفذت أمره، ظل يسمح ويزيل كل ما وضعته بقسوة وعينيه الشرسة المخيفة بعينيها الخائفة تتأوه بألم من قسوة يده على بشرتها، اقترب من شفتيها ترددت يده قليلاً ثم نفخ بقوة وعاد يمسح بشدة من عليهم فأغمضمت عينيها بألم مما أعطاه حريته بالنظر لكامل وجهها، سمع أنينها يليه دموع تنسدل من أسفل جفنيها المغلقين، فتوقفت يده يصعد صدره ويهبط بتنفس قوي يتطلع اليها يتسأل بداخله كل ما حدث من عدم سيطرته على غضبه بمجرد رؤيته لها تتزين وتتجمل للقائه، بينما ماذا سيكون رد فعله عند وصوله وإتمام الخطبة...وكيف ستكون أفعاله حينها؟
وعندما طال صمت حركته فتحت عينيها لينزلق سيل الدمعات منها أمام عينيه، فك تشابك يده من خلف رأسها يحررها وفجأة شعر بأن كل القسوة والغضب الذي فجره بها دون سابق إنذار تحول لندم واشفاق وكأنها نيران غامت عليها الأمواج فأطفأتها لادموعها، ظل يتطلع اليها ولدموعها المنسابة على وجنتيها حتى قررت هي فض ذلك التشابك من النظرات ورفعت كفيها تمسح دموعها بقسوة من الواضح من تغميضة عينيها أنها اوجعتها خاصتًا بعد ما فعله ببشرتها بقسوة أحمر لها وجهها.
التقطت رابطة من أمام المرآة وعادت تلملم شعرها بها بقسوة تألم هو لها ثم تحركت في الغرفة بعصبية وغضب تلملم الأشياء من هنا وهناك وكأنها تخبره بالانصراف فقد فعل ما أراد من انكسار فرحتها...وانتهى الأمر.
!!!!!!*!!!!!*!!!!!*!!!!!
وضعت يدها على فمها بتثائب استمر عدة لحظات حتى أن فكها ألمها، ثم عادت تدون عدة أسطر بالملف أمامها تنتقل بعينيها لملف القضية الأساسي تضع بعض الخطوط بالقلم الرصاص أسفل بعض الكلمات ثم دوائر خفيفة على كلمات أخرى أشد أهمية ظلت على حالتها وقد بان النهار من بعد شروق الشمس ومع اشراقها أشرقت ابتسامتها هي الأخرى تتطلع لما دونته بأهمية تعيد قرائته بتركيز أشد.
انخفضت أصابعها تنتشل كوب الشاي الخامس في ليلتها ترتشف منها الكثير ثم وضعتها تتطلع أمامها بعيون واسعة غير مصدقة ما وصلت إليه، لتلملم أوراقها بحركات سريعة غير صابرة تنهض تبدل ثيابها على عجالة ثم تلتقط الحقيبة وتخرج من البيت قاصدة مكتب التحقيقات والنيابة العامة.
!!!*!!!*!!!*!!!*!!!*!!!
خرج من غرفته بعدما تحمم وغير ثيابه وعاد لأناقته ورائحته الفواحة كعادته بينما شعره مازال مبتل لكنه مصفف للخلف بشكل عصبي سريع.
عاد بعينيه رغمًا عنه لباب غرفتها المغلق من بعد ما حدث، وخروجه منها دون كلمة واحدة، ظل واقف يتطلع اليه يد بجيب بنطاله والأخرى تمسح أعلى رأسه للخلف بشرود وعينيه مازالت مثبته عليه حتى أفاق من شروده مجفلًا على طرقات خفيضة مهذبة مثل صاحبها على باب المنزل، تجهمت ملامحه فجأة بعدما كان يطغى عليها الرغبة بالدخول إليها والاطمئنان على حالتها فقد تركها على حال يرثى له مما زاده إشفاق.
ظل يتطلع للباب بصمت دون حركة وكأنه يتمنى أن ينصرف الطارق حتى تحركت "أحلام" أمام عينيه اتجاه الباب لتفتح، لكنه هدر يوقفها:
ـ استني يا أحلام.
ثم تابع بتجهم وقسوة اشد:
_أنا اللي هفتح.
اتجه يستقبلهم دون ابتسامة ترحيب من باب الذوق وحسن الضيافة على الأقل، ولكن "وليد" وعائلته كانت الابتسامة تملئ وجههم بلطف طاغي.
وبعد لحظات من الحديث اللطيف من جهة "وليد" للصغار و"أحلام" بينما مازال جالس هو على صمته وتجهمه فقط نظرات قاسية موجهة من حينٍ لآخر اليهم.
وبعد حلول صمت ثقيل عليهم جميعاً نهضت "أحلام" تشعر بالحرج لتجلب المشروبات والكيك من المطبخ.
يتطلعون إليه وإلى صمته بعيون ضيقة ثم يعودوا وينظرون لبعضهم بعدم ارتياح بينما هو فتحول صمته إلى شرود حزين عابس بشدة فمازال عقله معلق بصورتها الباكية واحمرار وجهها من فعل حركته القاسية عليه، ونظرتها الأخيرة اليه تؤلمه بشدة، أغمض عينيه يحاول رفض شعوره بالندم عما اقترفه لكن لم ينجح خاصتًا بعدما حدث بعد ذلك.
أخرجه من شروده صوت والدة "وليد" تسأل محاولة كسر صمته الغير طبيعي بالمرة.
_ أومال عروستنا فين؟
رفع رأسه ينظر اليها بجفاء دون رد وكأنه لم يمر عليه القليل من بداهيات الذوق وحسن الضيافة، انحرفت رأسه سريعًا اتجاه باب غرفتها الذي فُتح فجأة.
وفور وقوع عينيه عليها نهض من مقعده ببطء فاغر الفم وعينيه مفتوحتان على وسعهم يتبعه في الذهول "وليد" الذي نهض بنفس الطريقة عينيه عليها باندهاش حقيقي.
استنوا مفاجآت كتير في الحلقات الجاية.وتوقعاتكوا للي جااي.
ومتنسوش لايك و كومنت برأيكوا في الفصل... قراءة ممتعة ♥️
الرواية هتنزل كل اتنين وخميس باذن الله في نفس الميعاد باذن الله ❤️
جميله جداا جداا جداا
ردحذفروعه روعه روعه روعه روعه 😍😍😍
ردحذفهو اي اللي حصل ؟
ردحذفروعه♥️
ردحذفجميل جدا ❤️❤️
ردحذفحلوه اوي ماشاء الله 🙈
ردحذف❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️
ردحذف❤️❤️❤️❤️❤️❤️
ردحذفحلوة اوي اوي
ردحذف💖💖💖💖💖
ردحذفاكتر من رائع تسلم ايدك
ردحذفرائعه جدا تسلم ايدك 💞
ردحذفجميله جميله
ردحذفيا عيني يا عيني ♥️♥️
ردحذفالفصل الجديد امتي
ردحذفروعه
ردحذفامتي الفصل الجديد
ردحذفجمييله 💞💞
ردحذفتحفففففه
ردحذفتسلم أناملك ❤️
ردحذفالفصل تحفه متشوقين للجديد
ردحذفجميل جدا يسلم ابداعك
ردحذفجميلة جدا كعادتك
ردحذفو تميم و مي كانو عسل جدا الحلقة دي
جميلة جدا تسلم ايدك ❤❤❤
ردحذف