رواية ٣٦٥ يوم أمان الفصل السابع والأربعون بقلم رانيا أبو خديجة
رواية 365 يوم امان للكاتبة رانيا ابو خديجة
رواية ٣٦٥ يوم امان
الفصل السابع والأربعون
#٣٦٥_يوم_أمان
#رانيا_أبو_خديجة
يسير بالشارع المؤدي للمنزل، تطلع يمينًا ويسارًا بذلك الليل الصامت المخيف لمن يسير ويبتعد عن ذويه بالمسافات من أجلهم، اقترب من المنزل وفور اقترابه من الباب الخشبي القديم ابتسم يتنهد باشتياق بالغ، ثم أغمض عينيه لحظة يهز رأسه باندهاش بداخله من حالته بالاقتراب منهم، فكيف له عند الابتعاد الأبدي وانتهاء مهمته.
وقف أمام الباب بكامل تنهيدته؛ تنهيدة الوصول لمن تحب أن تسكن اليه روحه المتعبة، وضع "حسام" مفتاحه بالباب ولكن عند دفعه أغمض عينيه يزفر بيأسٍ منها ومن خوفها كلما بَعُد، حاول دفع الباب رغمًا عن ما يعيق حركته من تلك الأثقال الموضوعة خلفه وبجهد ومشقة نجح في ازاحتهم وفتحه بنسبة تنجح في دخول جسده العريض.
دخل "حسام" مُصدرًا بعض الأصوات المزعجة لتلك النائمة التي زارها النوم بعد عناء من الوهم المتسبب في الكثير من الخيالات والقلق، بينما توسعت عينيه باندهاش ورفعة حاجبيه عند رؤيته لذلك المنظر المحبب لمن يراه ولو من على بعد.
اقترب بخطواته ليتأكد؛ بالفعل نائمة على الأرض تحيط بذراعيها الصغيرين المستغرقين بالنوم بأمان بحضنها وأسفل ذراعها المحيط لهم كأم تحتضن صغيريها بحنان طاغي على المشهد.
ظل واقف متأملًا رغمًا عنه بعيون واسعة وحاجبين مرفوعين، وعندما أدرك سبب اندهاشه وعينيه التي تمر على تلك الخصلات الطويلة المسترسلة خلفها على الوسادة مع هيئتها في احتضانها صغارها، شعر بأن قلبه تتسارع دقاته بشكل مخيف؛ أخفض عينيه سريعًا عنها ولكن ذلك لم يمنعه من تلك التنهيدة القوية النابعة من لُب قلبه المتعب بسببها.
اقترب "حسام" وهو يجبر ذاته على خفض عينيه بعيدًا عنها، فنظر للصغيرين بحنانٍ نائمين أسفل ذراعها المحيط لهم بأمان بادي على وجههم، اقترب منها ليوقظها تدخل تنام بداخل غرفتها ثم يحمل هو الصغيرين للداخل.
لكن وفور اقترابه منها تفاجأ بها تلتفت فجأة وهي صارخة وقبل أن يستوعب ما يحدث وجد طرف سكين يطعن صدره، فصرخ بألم هو الآخر يحاول أن يتفادى ضربتها فوضع يده أمام صدره، لكنها مازالت تحاول دفع السكين بصدره عدة مرات مع حديثها الباكي:
_ اااه، هقتلك لو قربت مني أو من اخواتي، هقتلك.
تمكن "حسام" من مسك معصمها ثم حاول السيطرة على حركتها قائلًا أمام وجهها مباشرتًا:
_ اهدي، اهدي أنا إياد، إياااااد، في ايه يا بنتي!!!!
قالها بألم واضح بصوته، فزادت من دفعها نحوه هاتفة بدمعات وخنقة بكاء بصوتها نابعة من شعورها بالارتعاب والخوف:
_ والله لو قربت من أخواتي لأقتلك.
وضع ذراعيه على طول ذراعيها مستلقي فوقها، ثم نظر بوجهها من قرب قائلًا:
_ رقية، رقية، بصيلي هنا، أنا إياااااد والله.
وصلها صوته ففتحت عينيها الهاربة مغمضة بخوف، وجدت عينيها بقلب عينيه المتألمة، فصرخت صرخة مكتومة خافتة:
_ إياد!!!
وهنا ابتعد عنها مستلقيًا على ظهره واضعًا كفه الدامية على صدره بألم، فانتقلت للجهة الأخرى تقفز من فوقه هاتفة بفرحة وابتسامة واسعة تعبر عن أمانها العائد اليها:
_ إياد، أنت جيت، إياااد!!!
شهقت فجأة تضرب بيدها على صدرها صارخة:
_ يالهوي، ايه الدم دا، ايه اللي عمل فيك كدا!!
!!!!!!*!!!!!*!!!!!*!!!!!!!
بغرفته يحاول مهاتفتها لكن دون رد، فيخرج من تطبيق الإتصالات ليدخل على الرسائل، زفر ينهض من الفراش اتجاه خزانة ملابسه ثم مد يده يفتح تلك الحقيبة الموضوعة على الفراش منذ وصوله بساعة تقريبًا، اقترب ليرتب ثيابه بالخزانة كما يفعل كل مرة يسافر يقضي بعض الأيام مع ذويه بالقاهرة ثم يعود.
لكنه تفاجأ وهو يضع تلك القطع القطنية بالخزانة بذلك الصوت الذي ينبئ بوصول رسالة، فأقترب يلتقط الهاتف من الفراش ينظر به.
" علي...لقيتك متصل كتير.. خير في حاجة"
رفع وجهه عن الهاتف ينظر أمامه من تغييرها المفاجئ ثم عاد بالنظر للهاتف يضغط الشاشة يهاتفها بينما يسير ليستند بظهره على حافة الفراش، لترد بعد دقائق من محاولة الاتصال:
_ علي.
_ مبترديش عليا ليه من الصبح، قلقت عليكِ على فكرة!
صمتت قليلًا ثم هتفت:
_ مانت عارف يا علي ان عندي شغل النهاردة، يدوب لسة داخلة البيت من شوية.
عقد حاجبيه بضيقٍ ثم سأل:
_ ازاي في الشغل من وقت ما كلمتك الصبح لحد دلوقت!! في محاكم أو مكاتب فاتحة لدلوقت!!
فكت حجابها تلقيه بجانبها على الأريكة بضيقٍ ثم قالت:
_ ايه السؤال دا مش فاهمة!!
صمت قليلًا ثم ابتلع ريقه بغصة من نبرتها الغليظة معه وقال:
_بطمن عليكِ ...مش أكثر.
وصله ردها جاف، مختصر بضيق وعنف بادي في صوتها:
_ لأ اطمن، أنا كويسة، وصراحة معنديش طاقة لحد يحاسبني كمان في ساعة زي دي.
ثم أغلقت الهاتف تلقيه بجانبها، تزفر بعنف.
ألقت بذاتها على الأريكة، تشعر بأنها تكاد أن تنفجر، لو سمحت بما بداخلها يخرج على هيئة صراخ أو بكاء، سحبت ذراعها تحيط به وجهها، أكُل ذلك الضيق من الصور التي رأتها بالصباح!!!
لم تشعر يومًا بالحقد اتجاه أحد، أو الحسد والغيرة من رؤية فرحة غيرها كما تشعر اتجاه ذلك العدو البغيض وكل مَن يخصه، زفرت بدمعات تعبر عن اختناقها، ضغطت عينيها بشدة ببعضهم فلماذا لم ينتقم الله منه حتى الآن لعل نارها تهدأ!!!!
لماذا لم يشعر بأي سوء منذ ما فعله بتلك الضحية التي ذهبت لمسواها الأخير دون أن يدري بها أحد!!!
سحبت وسادة الأريكة الصغيرة تقبض عليها أصابعها بقسوة تعبر عما يجول بخاطرها، متى ينتهي هذا العناء يا "هنا"، وبأي طريقة تصلي لراحتك وسلامك من جديد، بالتأكيد اما بالبعد عنه والبعد عن تقسي أخباره الجيدة التي تقلب حالها هكذا، اما برؤيته أمامها يتعذب، يتألم، يندم، يذبل، يموت، يموووت!
نهضت معتدلة من نومتها تتطلع أمامها وأخيرًا قد توصلت لسبيل راحة لقلبها، شعرت بها من مجرد التخيل؛ وهي رؤيته يموت أمامها كما فعل بمن تتسبب في عذابها الآن بفراقها بهذا الشكل.
!!!!!*!!!!!*!!!!*!!!!!*!!!!!!
أبعد يدها بينما تنكمش ملامحه بألم، لكنها تعود بها إلى صدره من جديد حاملة تلك القطنة المغرقة بمطهر الجروح، عاد "حسام" يزيح يدها بعنف قائلًا بألم:
_ يا بنتي، ايدك بتوجعني والجرح بيحرق.
أزاحت هي يده تلك المرة لتعود لعملها بتطهيره قائلة بأسف وحزن:
_ ياريتها كانت جت فيا أنا، حقك عليا، حقك عليا والله.
قال بقوة ومازال يتألم من حركة يدها بالجرح:
_ متدعيش على نفسك تاني.
بينما مع انقباض ملامحه كلما مرت القطنة بصدره بألم من حرقة الجرح لمح تلك الدمعات المتجمعة بعينيها كلما رفعتها اليه ثم تعود بها للجرح مرة أخرى، وكأنها تلوم نفسها على ألمه الغير مقصود، ابتسم "حسام" بحنانٍ قائلًا:
_ انتِ كمان اللي بتعيطي!!! ممكن أفهم بتعيطي ليه دلوقتِ، يكونش عشان الجرح طلع سطحي وملحقتيش تغرزيها في قلبي بايدك المرعوشة دي؟
رفعت كفها تزيل دمعتها ثم همست:
_ بعد الشر عليك، والله ما كنت أقصدك.
ثم رفعت عينيها اليه تتابع بتأكيد:
_ أنا أفتكرتك واحد منهم، أصلًا كان قلبي حاسس ان حاجة هتحصل وكأني كنت مستنياهم.
زفر بقوة ثم قال بيأس:
_ هما مين يا رقية؟
تابعت ما تفعله ثم قالت:
_ الناس اللي جم قبل كدا ولا نسيت اللي عملوا فيا أنا وأخواتك قبل كدا، ولا سرقة البيت لما سافرنا المصيف، دول ما بيسبوش فرصة نكون فيها لوحدنا أو البيت يكون فاضي ويرجعوا يهجموا علينا تاني ويأذوني أنا واخواتك؛ يبقى إزاي بس مش عايزني أخاف، وبعدين أنت مقولتش انك جاي وفي وقت زي دا كمان!!
أخذ القطنة من يدها ثم قال وهو يضعها جانبًا:
_ أنا مكنتش أعرف اني جاي النهاردة عشان اقولك يا رقية.
ثم تابع بجدية وتعقل:
_ ومش أنا قولتك ميت مرة قبل كدا اوعي تخافي طول مأنا معاكِ.
التقطت الشاش الطبي من جانبها ثم قالت وهي تزيح قميصه تمامًا حتى تستطيع أن تلفه على صدره قاصدة الجرح:
_ مأنت مكنتش معانا بسبب فرح صاحبك دا، أول مرة أعرف ان صاحبك ومجاملته أهم عندك من أخواتك.
ابتسم "حسام" بسمة طفيفة ثم هز رأسه، وبعد وهلة من الصمت قال:
_ مفيش حاجة عندي أهم منكوا يا رقية.
انتهت من لف تلك الطبقة الطبية على صدره، ثم سألت وهي تمسك بيده تمرر بكفة قطنة كبيرة الحجم لتزيل أثر الدم بها:
_ انبسط مع صحابك هناك والفرح كان حلو؟
سحب كفه من كفها عندما شعر وكأن فراشات تتطاير بقلبه تدغدغ مشاعره بملمسها، شعور غاية في اللطف لكنه ليس من حقه، ولم يكن ولو لمرة استغلالي لأي موقف بينهم.
بعد سحب كفه من بين يديها المطبقة عليه انتشل هاتفه من جيب بنطاله لعدم عودتها لما تفعل مرة أخرى وقال:
_ لو قولتلك اني على قد ما شفت أفراح وحضرت مناسبات، كانت دي أحلى فرحة في حياتي.
ثم فتح الهاتف وقال بابتسامة عريضة على وجهه:
_ مش قادر لازم أوريهالك، شوفي جمالها، والله ماشفت بنوتة حلوة كدا قبل كدا.
التقطت الهاتف من يده من ذلك الحماس وتلك البهجة التي يتحدث بها، نظرت بالصورة فأغلقت ابتسامتها فجأة وقالت بعيون واسعة:
_ دي العروسة!! مرات صاحبك، ازاي تقول عنها كدا؟!!
نظر إليها "حسام" قليلًا ثم ضحك بخفةٍ وقال:
_ وزي أختي، متخافيش.
عادت تتطلع بالصورة فأبتسمت أثر ابتسامة العروس التي تبدو في غاية البهاء والجمال كما ذكر فقالت:
_ هي فعلًا عسولة قوي ماشاء الله.
ثم تطلعت بزوجها الناظر إليها بالصورة وقالت بابتسامة أوسع:
_ وصاحبك دا شكله بيحبها قوي.
تنهد ينظر أمامه بشرود، ثم همس بينما يومئ برأسه أكثر من مرة:
_ دا اللي أنا عرفته فعلًا واتأكدت منه مؤخرًا.
حاولت البحث عن باقي الصور، لم تجد سواها فسألت:
_ ايه مصورتش غير دي!!
أجاب بشرود بشقيقته التي مازال قلبه يشعر بالقلق عليها، يعلم بل يتأكد بأن الأمر لم يمر على خير، قلبها الضعيف المريض لم يتحمل تلك الفرحة التي رأها بعينيها اضافتًا لذلك العناء من ترتيبات العرس، لمراسم الزواج لسفرٍ، فهي لم تتعرض لذلك الجهد وتلك الضغوطات من قبل وكانت تنتابها دورات التعب، مابال بكل ذلك العناء المتتالي وبفترة قصيرة كتلك الأيام، تنهد يتمنى أن يخيب ظنه وفرحتها بزواجها وحبها ل"تميم" كما رأى وحس تحسن من صحتها كما أخبرته والدته وهي تحاول اقناعه بالموافقة على زواجهم.
_ المفروض ميكونش فيه، بس مينفعش، على الأقل دي تكون معايا.
تطلعت اليه تسأل:
_ ليه المفروض ميكونش في صور!!
سحب الهاتف من يدها ثم قال بتنهيدة تعب:
_ اسألتك كتير يا رقية وأنا تعبت، قومي يلا نامي جوا.
ثم حاول النهوض وقال:
_ وأنا هحاول أشيل زياد وأميرة وأدخلهم يناموا في أوضتهم جنب أحلام.
اقتربت تعيده لجلوسه قائلة:
_ لأ، أكيد مش هتعرف وانت كدا، خليهم هنا الليلة عشان كمان مقلقهمش ولا يتخضوا.
ثم تابعت وهي تضع له وسادة من الجهة الأخرى:
_ أنا هكمل نوم معاهم، وانت كمان ممكن تمدد جنبنا هنا وأهو أكون جنبك لو احتجت حاجة أو الجرح تعبك.
نظر بعيون معترضة لتلك الوسادة التي تضعها له بجانب الصغيرين من الجهة الأخرى ثم للغطاء الذي جلبته من الداخل لترتب له نومته بجانبهم، ثم رفع عينيه اليها وجدها منشغلة بذلك الترتيب ثم أتت عينيها بعينيه لتبتسم اليه ببساطة وود ثم تعود لتتابع ترتيب الوضع من جديد.
!!!!!!*!!!!!*!!!!*!!!!!
جالسة على فراشها تحاول تجميع شتات عقلها وتركيزها بالورق أمامها، فلديها الكثير من العمل عليها انجازه، لم تكن يومًا مقصرة في شيء خاص بمستقبلها؛ وذلك ما جعلها في خطوات ثابتة اتجاه التقدم في تدوين إسمها بمجال المحاماه، حتى وصلها رنين هاتفها تجاهلته مخافتًا أن يكون هو، تشعر بأنها فقدت السيطرة على الأمور من مكالمتهم الأخيرة معًا، لكنها معذورة فبداخلها صراع لم يشعر به سوى الله.
بعد إصرار من المتصل التقطت الهاتف لم تعلم لما اطمئنت بمجرد رؤية اسمه على الشاشة، بدلًا من القلق كما توقعت، وكأن ما حدث وهي تحدثه منذ قليل لم ينهي كل شيء كما فكرت ظلت تتطلع بالهاتف قليلًا ثم فتحت الإتصال:
_ سلام عليكم.
_ أنا برة، ممكن تطلعي دقايق يا هنا لو سمحتِ.
توسعت عينيها تعتدل في جلستها ثم قطبت حاجبيها تسأل:
_ برة فين؟
_ واقف برة بالعربية يا هنا، قدام البيت تقريبًا، اطلعي لحظة مش هأخرك ولا هطول عليكِ.
نهضت سريعًا تفتح باب شباك الصالة المطل على الشارع وبالفعل وجدت سيارته واقفة على بعد خطوات من المنزل، التفتت تتجه لخزانة ملابسها سريعًا تلتقط فستان بسيط وحجاب قامت بلفه حول رأسها وهي تتجه للباب للخروج.
_ هنا.
التفتت لوالدتها بينما يديها منشغلة بوضع ذلك المثبت لطرف الطرحة.
_ نعم يا ماما.
_ رايحة فين! مستعجلة كدا!!
دارت بعينيها قليلًا بتفكير ثم قالت:
_ اااا ها... هجيب حاجة من المكتبة اللي عالناصية وأجي علطول.
ثم فتحت الباب وغادرت، لتقترب والدتها من شباك الصالة المفتوح وتتطلع به على أمل رؤيتها وهي تتجه للمكتبة كما ذكرت، لكنها تفاجأت بها تقترب وتركب عربية شاب يقف لها جانبًا.
!!!!!!*!!!!!*!!!!!*!!!!!!
اقتربت "هنا" من السيارة فمد "علي" ذراعه يفتح لها الباب، ترددت قليلًا واقفة فنظر اليها قائلًا:
_ اركبي يا هنا، أكيد مش هنتكلم في الشارع.
قالت ومازالت واقفة بتردد:
_ أومال هنروح فين؟
صمت قليلًا بتفكير ثم قال:
_ أي حتة، المكان اللي اتقابلنا فيه أخر مرة جتلك هنا.
_ لأ، وقتها قابلتلك عشان شغل، كنت جاي تديني ورق خاص بشغلي.
ثم تابعت بنبرة قوية حادة وعينيها تدور بالمكان من حولها بقلق:
_ميصحش يا علي، كل اللي بيحصل دا ميصحش، افرض حد من الجيران شافني واقفة معاك.
عاد يفتح باب السيارة بعدما كانت أغلقته هي بقوة وقال:
_ لو مركبتيش هنزل وهنتكلم في الشارع.
توترت أكثر ثم ركبت أخيرًا فسار هو بالسيارة خطوات بسيطة ثم توقف بالسيارة جانبًا بأمر منها.
وقال بعد النظر اليها قليلًا:
_ أنا مش هأخرك، أنا... أنا كنت قريب من هنا ف....
صمت بحيرة وتردد فقالت هي:
_ كنت عايز حاجة مني يا علي؟
قال سريعًا دون تردد:
_ اه، عايز اقولك اني مكنتش أقصد حاجة من كلامي يا هنا، كمان مش فاهم ايه ضايقك مني قوي كدا، للدرجة دي كلامي كان صعب!!
أخفضت عينيها قليلًا ثم نظرت اليه وقالت:
_ أسفة، أنا اللي يومي كان متعب شوية فكنت متضايقة كدا كدا، حقك عليا في قلة ذوقي دي.
ابتسم براحة فور انتهائها فتابعت وعينيها معلقة بابتسامته باهتمام:
_ وبعدين يا علي احنا شغلنا مبيتوقفش على محاكم ومكاتب بس، يعني زي ما أنت عارف أحيانًا كتير بيبقى بحث هنا وهنا عن أدلة، شهود، أهالي الموكل ودا اللي أخرني النهاردة في الشغل.
زادت ابتسامته مع تنهيدة راحة من تبريرها له، ثم اعتدل بكامل جسده ليواجهها وقال:
_ وأنا مصدقك، وواثق فيكِ يا هنا، انك مش ممكن تكذبي عليا لدرجة متتخيليهاش.
هربت بعينيها تنظر بأدوات السيارة وبعد دقائق من مراقبته لها ولخجلها وتوترها الواضح رفعت عينيها اليه وقالت:
_ ممكن أعرف ليه اتضايقت قوي كدا في سؤالك عن سبب تأخيري برة لدلوقتِ؟
عاد لصمته معها، فقط نظراته المعلقة بها ثم وبدون مقدمات وضع يده على يدها الصغيرة يطبقها عليها ومع صمتها على الأمر وضع كفه الآخر فوقها فأصبح كفيه محتضن ليدها وهمس:
_ هنا....
يدها ترتجف بقوة بين يديه بتوتر واضح يشعر هو به، يعلم بخبرته القديمة المتعمقة بعالم الفتيات أنها كما يردد على ذلك النوع "خام"، لم يسبق لها علاقة بشاب من قبل، واضح كل الوضوح من ترددها الدائم وارتجافها كلما تواجدت في ساحته، وذلك ما يجعل اطمئنانه الأعمى بها يصل لحد الإعجاب، وحالته بها تلك ما جعلته يغضب ويقف كثيرًا عند تأخرها لذلك الوقت دون معرفة السبب، حاولت "هنا" سحب يدها من بين يديه لكن دون فائدة، بل أطبق كفيه المحتضنه يدها عليها أكثر، ثم تنهد بعمق فقد أتخذ قرارًا باعترافه بكل ما يشعر به اتجاهها من أول مرة رآها بها، نعم، فقام بتفسير كل ما شعر به حينها من غضب من شجارهم مع إعجاب بشخصها، تلك الشخصية القوية، المحامية المجتهدة في سبيل نجاحها، إلى تلك الحالة التي هو عليها الآن.
فأحكم كفيه على يدها الصغيرة الرقيقة المرتجفة بين كفيه، التي تحاول سحبها دون فائدة، ثم نظر بعينيها وقال دون تردد:
_ هنا، أنا معجب بيكِ جدًا.
ثم تنهد بعمقٍ أشد وتابع منهيًا حيرته بتفكيره بها خاصتًا مع تقلباتها تلك التي لم يفهمها حتى الآن:
_ أنا بحبك يا هنا، وعايز أرتبط بيكِ.
على بعد خطوات تبدو بعيدة لكنها متابعة لهم منذ ابتعاده بابنتها بسيارته جانبًا حتى لا يراهم أحد، تراها من الشباك، توسعت عينيها فور رؤيتها اقترابه من ابنتها ورؤية نظرها للأسفل بعيون ترمش كثيرًا دلالة على توترها وعدم ارتياحها؛ فهي ابنتها وتعلمها، بل تعلم كل همسة تصدر منها ولو من على بعد، ترى ذلك الشاب يحدثها بعيون ثابتة على ابنتها، وابتسامة حالمة تستطيع اخبارها بما يقول، بينما صامتة هي، لتزيد من احتراق والدتها.
دق قلبها بخوف ممزوج بالغضب والقسوة فى نظرتها اليها قبل أن تتوجه اليه.
فتحت والدتها باب الشقة بقوة وسرعة عالية، واتجهت اتجاه السيارة لتتوقف فجأة عن السير بالمنتصف، تتوسع عينيها مع فتحة فمها بشهقة عالية؛ عند تعرفها على هيئة الجالس مع ابنتها بهذا الشكل، نعم هو تعلمه و...ويعلمها هو الآخر جيدًا، لكن ذلك لم يمنعها بل زاد من غضبها هاتفة قبل أن تسرع في خطاها اتجاهه:
_ يالهوي، خلصلي على بنتي مايا، وجاي دلوقت يخلصلي عالتانية، والله لأفرج عليك الحتة كلها، الحتة ايه، دا أنا هفرج عليك أمة لا اله إلا الله، ياللي منك للي خلقك انت!!!
٣٦٥ يوم أمان
رانيا أبو خديجة
رأيكوااا وتوقعاتكوااا 🔥 🔥 🔥...اللي جاااي احداث مهمة جدااا وبإذن الله قوية.... وتاني هعتذر على لخبطة المواعيد دي وكمان عدم التزامي معاكوا..حقكوا عليا والله ما بايدي...
بس محتاجة منكم توروني بس مين متابع الرواية..أشوف تعليقاتكوا وبوستاتكوا على الفصول... يعني شوية حماس كدا يرجعوا الشغف الميت دا ...استنوا الفصل الجديد باذن الله..قراءة ممتعة يا حباايب❤️
ثانية واحدة هو مش هنا ومايا كانوا ساكنين مع بعض ازاي مفتكرش نفس المكان
ردحذفلا ماهو بعد مامايا ماتت هنا مشيت هي ومامتها لبيتهم وبابا مايا سافر وبيتها اتقفل
حذفجميله جدا
ردحذفايه الجمال ده تسلم ايدك
ردحذفجميل جدا تسلمي حبيبتي المبدعه
ردحذفالف سلامه عليكى يا قمر
ردحذف👍👍👍
ردحذفرائع جميل جدا
ردحذفتحفه
ردحذفحلوة جدا جدا اتمنى لكى النجاح الدائم
ردحذفبس التوقيت من فصل لفصل كتير اوووى
ايه الي موت الشغف يارانيا
ردحذفروعه روعه روعه روعه روعه روعه ربنا يستر على علي من الجاي
ردحذفروعة تسلم ايدك
ردحذفجمييله جدا ومشوققه
ردحذفبرافو عليكي
ردحذفجميله اوي ♥️
ردحذف