رواية ٣٦٥ يوم أمان الفصل الخامس والثلاثون بقلم رانيا أبو خديجة
رواية 365 يوم امان للكاتبة رانيا ابو خديجة
رواية 365 يوم امان
الفصل الخامس والثلاثون
#٣٦٥_يوم_أمان
#رانيا_أبو_خديجة
اندفعت بالفعل اتجاهه وبدون أي مقدمات وباهتزاز في حدقتيها دلالة على التوتر رفعت ألتها الحادة لتدفعها في صدره، توسعت عيني "علي" على أخرها عند تصديق رؤيته لتلك الأداة بيدها، وسريعًا ما أمسك معصمها بعينين واسعتين ليحاول الدفاع عن نفسه، ظلوا في تدافع وحرب النظرات تشتعل بينهم الى أن نجح في تصويب تلك السكين اليها وبالفعل غرسها في صدرها لتتوسع عينيها ثم تسقط صارخة.
اعتدلت "هنا" على الأرض تصرخ بقوة تضع يدها على صدرها تتنفس بعنف، ثم جحظت عينيها وهي تنظر حولها لتظل تهمس وتردد "حمد الله وشكره" عندما وجدت ذاتها مازالت بغرفتها وقد سقطت من فراشها من شدة وخطورة الحركة واغراس عقلها بما حدث بالحُلم، نهضت تسير بخطوات سريعة اتجاه مصباح الغرفة المعلق بالحائط وأشعلته، لتنظر أمامها ومازالت واضعة يدها على صدرها تحمد ربها أنه مجرد حُلم لا أكثر.
سارت اتجاه فراشها تجلس على طرفه وأخفضت رأسها، طوال الليل وهي تحلم بتحقيق أمنيتها وسيل دمائه على كفها، بداخلها حريق تريد اطفائه بالانتقام منه لأختها الوحيدة وصديقتها الأكثر من مقربة لروحها.
مررت يدها على وجهها تستغفر ربها وتستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، فلم تقدر هي على قتل نفس كما يتحمل هو ذنب "مايا" أمام الله.
لكنها وبذات اللحظة لم تستطع نسيان رؤيته أمامها جالس بذات شخصه وقوته يساير حياته بشكل طبيعي، غير مضطر للشعور بالذنب حتى.
أغمضت عينيها تضغطها بقوة، فهي ووالدتها أيضًا يتعذبون كل يوم وكل لحظة عند إدراك موتها وعدم وجودها معهم، بالإضافة للقهر التي رحلت به وأصوات بكائها الأخير لم يفارق أذنيها، بينما ذلك الخنزير مازال على قيد الحياة وبالتأكيد يسير ذات الدورة مع غيرها من الضحايا، يتابع أفعاله المريضة مع غيرها، عادت تمرر كفيها الإثنين على وجهها بحيرة وضيق أشد، يجعلها غير قادرة على التنفس، وعندما وصل ضيقها مداه حتى لمعت دموع القهر وقلة الحيلة بعينيها، ظلت تكرر "حسبي الله ونعم الوكيل" مع تكرار بعض دعوات والدتها التي سمعتها ترددها عليه كثيرًا، لعل تلك النار بداخلها تهدء.
!!!!!!**!!!!!**!!!!!**!!!!!!
خرج "حسام" من غرفته ليجد تلك الجالسة وبيدها خيط وابرة حياكة تصلح بعض ملابس الصغار وخصلاتها السوداء تنسدل على جانبي وجهها بجمال، ابتسم يقترب ليجد "أحلام" مازالت تتشاجر مع الصغار على "ريموت" التلفاز لترفع "رقية" وجهها فاجأة عما تفعل وتصرخ بهم:
_ وبعدين!!! كفاية دوشة يا أحلام وسبيلهم الريموت ومتزعليهمش.
زفرت "أحلام" بضيق لتصرخ وهي تحاول سحبه من يدي الاثنين بشدة:
_ مبيزهقوش من الكارتون وده ميعاد المسلسل اللي أنا مستنياه.
وضعت "رقية" طرف الخيط بين أسنانها لتخلصه من قطعة الملابس بعد الانتهاء من حياكتها ثم هتفت:
_ ابقي شوفيه في الإعادة الصبح بيبقوا نايمين، وريحي دماغك ودماغنا بقى.
تركته "أحلام" فاجأة بعدما كانت تحاول سحبه من يدهم بقوة، فسقطوا الاثنين به للخلف على ظهرهم لتنفجر هي في الضحك حتى عادت رأسها للخلف تشير عليهم باصبعها، فصرخوا الإثنين ببكاء.
هزت "رقية" رأسها منها بيأس لتنهض تقترب منهم تحاول مراضاتهم في ذات اللحظة التي تخلي هو عن مراقبة الموقف الأكثر من كونه لذيذ بالنسبة له، وتقدم ليراضيهم هو الأخر.
_ طب والله لأخده أخبيه منك في الدولاب في الدرفة اللي فيها هدومي اللي فوق تحت بنطلوني الأسود عشان متعرفيش مكانه ومتعرفيش تجبيه ها.
نطق بها الصغير، لتتوقف "أحلام" عن ضحكها وتهتف:
_ انت عبيط يا أبني، ماهي نفس الأوضة ونفس الدولاب بتاعي يعني هجيبه هجيبه.
التقطه الصغير من الأرض وأسرع اتجاه غرفتهم لينفذ ويخبئه بين ثيابه، أسرعت "أحلام" خلفه لتتابع شجارها معهم ومناقشتهم الهامة تلك، بينما جلس "حسام" على ركبتيه أمام الصغيرة الباكية، ليجد "رقية" قد جلست هي الأخرى فنظرت اليه ولهيئته لتنطق وهي تحاول نهوض الصغيرة من الأرض:
_ انت لابس كدة ورايح فين، خارج؟
نهضت الصغيرة تجفف دمعاتها وتقفز على الفور لتسرع لأخيها ليستأنفوا ما يفعلوا من مضايقة "أحلام"، فنظر "حسام" اليها وأجاب:
_ أه خارج شوية، عايزة حاجة.
رفعت يدها تضع خصلاتها خلف أذنها أمام عينيه المراقبة لكل همسةً تصدر منها ثم هتفت:
_ مشاويرك بالليل كترت، وبتتأخر.
نهض "حسام" من الأرض ومازالت عينيه بعينيها ليقول:
_ أهو بتمشى شوية في البلد، ايه خروجي مضايقك في حاجة؟
نهضت هي الأخرى ثم نظرت اليه وهتفت وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها:
_ ولو مضايقني، مش هتخرج مثلًا!!
ابتسم "حسام" ثم قال:
_ لأ طبعًا، هخرج عادي.
_طيب.
وتركته وسارت تجلس على الأرض تتابع ماكانت تفعله، نظر هو اليها بذات ابتسامته، ثم اتجه اليها يجلس بجانبها وهتف وهو يلتقط من يدها الإبرة ليضيق عينيه وهو يحاول يضع بها الخيط:
_ لو كنتِ خايفة فأنا مش هتأخر.
ثم نظر اليها وتابع:
_ وبعدين يا رقية قولتلك ميت مرة، طول مأنا معاكوا متخافيش.
طوت بعض الملابس المنتهية من حياكتها لتجيب وهي تتابع ما تفعله:
_ طول ما انت موجود وفي راجل في البيت، مش تسيب اخواتك لواحدهم كل يوم والتاني وتقول خارج اتمشى.
ابتسم "حسام" وهو يضع الخيط بالابرة ثم أعطاه لها لينظر اليها ويجيب باستفزاز:
_ تحبي تيجي تتمشي معايا؟
التفتت تنظر اليه بغيظ، ثم أخذت تتابع ما تفعله بغضب لتهتف:
_ مفيش فايدة، عمومًا براحتك بس لو اتأخرت شوف بقى مين هيبقى صاحي يفتحلك.
أجاب بذات استفزازه:
_ معايا مفتاحي.
ضحك "حسام" عندما همست بذات كلمته بسخرية كي تقلده بغيظها منه.
أغلق "حسام" باب المنزل خلفه، لينظر للشارع الخالي من المارة حوله، بينما يسوده سواد الليل بالإضافة لذلك الهدوء التام سوى من صوت الذئاب البعيدة.
سار خطوات كثيرة إلى أن اقترب من ذلك المكان بأخر البلدة الصغيرة، وبعد أن طرق وتأكدوا مَن بالداخل أنه هو فُتح الباب، ليدخل يلقي السلام عليهم، وبعد أخذ أوامر العمل الجديدة أقترب يجهز ويعد تلك البضاعة معهم باحتراف وخبرة أكتسبها معهم بالفترة السابقة.
!!!!!!!*!!!!!!*!!!!!!*!!!!!!!
ناظرة أمامها بشرود تتذكر تفاصيل كابوس الأمس، ترى هل يمكنها تحقيقه على أرض الواقع؟
وما ان استمعت لكلمات أستاذها انتبهت على الفور تعتدل في مقعدها:
- دي هَنا أما زين وتقى هيخلصوا ويجولي عالمكتب هنا تاني، اتفقنا.
تطلعت اليه قليلاً ثم تخلت عن صمتها أخيرًا وهتفت:
-أستاذ جميل، أنا عندي محكمة النهاردة، كمان عايزة أروح أحضر مرافعات زمايلي واستفيد فأعتقد هتأخر هناك ومش هلحق أروح القسم أصلًا.
أغلق ملفات الأوراق أمامه، ثم هتف وهو ينهض منهيًا أي جدال جديد بشأن أوامره:
-تشوفي شغلك الأول يا أستاذة، وبعدين ابقي روحي اعملي اللي انتي عايزاه.
ثم تركهم وغادر إلى مكتبه، نظرت في أثره، وبداخلها نفور تام من مجرد الإقتراب من هناك حتى، بالإضافة لقلقها المضاعف منذ كابوس الأمس، ووجوده معها بليلتها كاملة تقريبًا اما بالتفكير والشرود بملامحه الممزقة بفعل يدها أو بأحلامها، تتخيل فقط ملامحه المعذبة أمامها، أو وفاته واللحاق ب"مايا" رحمة الله عليها تحت التراب.
اقتربت منها زميلتها بالمكتب تقطع عليها شرودها الدائم تهمس:
_ انتِ مش ملاحظة انك بقى شغلك زي الزفت وأستاذ جميل تقريبًا هيصرخ في وشك المرة الجاية يا هنا.
تطلعت اليها "هنا" بصمت، فتابعت زميلتها وهي تهبط بعينيها لملابسها السوداء:
_ وعايزة أقولك كمان انه متضايق من لبسك الأسود ده، ووشك اللي علطول قافل وكأنك داخله على العملاء تقتليهم مش تساعديهم.
تطلعت اليها "هنا" بصمت غاضب لتتحول نبرة صوتها لأهدء قليلاً:
_ يا هنا أنا بقولك الملحوظات اللي هو قلهالي، كمان متنسيش ان مظهرنا مهم قد ايه في شغلنا، احنا مش بنقابل الجناه والمجرمين بس، لأ احنا كمان بنقابل ناس مهمة ومن طبقات مختلفة، وبصراحة بقى انتِ مزوداها قوي في موضوع حزنك على قريبتك دي، ده انتِ حالك اتقلب مية وثمانين درجة.
ظلت "هنا" ناظرة اليها بصمت، لا يدور بذهنا سوى كيف يمر يومها وبالأخص ذهابها اليه للمرة الثانية ورؤيته، ثم نهضت تلتقط حقيبتها من مكتبها وغادرت.
!!!!!!**!!!!!!**!!!!!**!!!!!
أغلق "حسام" معها الخط بعدما أطمئن عليهم، ظل ناظر لشاشة الهاتف بابتسامة ثم أغلقت ابتسامته تدريجيًا ليضع الهاتف جانبًا وعاد ينظر بالمرآة؛ يرتب خصلاته بعناية ويضع عطره بهيظ الثمن، ثم أمسك طرفي بذلته يسحبه بأناقة، ففور دخوله المنزل منذ ساعة واحدة تقريبًا وهو لم يجلس أو يرتاح، فقد أخبرها أنه يضطر للغياب بضع ساعات عنهم ليسأل بالقاهرة عن أدوات حديثة سوف تفيدهم كثيرًا بعملهم بالورشة، عاد ليبتسم عندما تذكر رفعت إصبعها بوجهه وتحذيره من التأخير عليهم وكأن نبرتها يشوبها التهديد ومخاوف إضافية لعدم عودته اليهم مرة أخرى كما تظن به دائمًا.
خرج "حسام" من الغرفة ليتجه إلى غرفة شقيقته "مي"، طرق بابها وفور نطقها بالدخول، وجدها جالسة على الفراش وبيدها مجلة ورقية تقلب بين صفحاتها بملل بادي على وجهها، فأقترب منها وهتف وهو يمرر عينيه بضيق على سترتها المنزلية:
_ ايه ده، أنتِ لسة مجهزتيش يا مي!!
أغلقت ما بيدها ووضعتها على الفراش تحاول أن تجد مبرر لعدم حضورها، ثم نظرت اليه تهتف:
_ مش لازم يا حسام، انت عارف أنا يعني مليش في جو الأفراح قوي وكدة.
اقترب يجلس على حافة الفراش بجانبها ثم نظر اليها، يعلم عدم رغبتها بحضور تلك المراسم الخاصة بحفلات الزفاف، بينما بداخله يشعر بحزن عميق؛ عندما يعلم أنه لم يراها بيوم من الأيام عروس أمامه كمن يراهم.
اقترب يقبلها من وجنتها يمرر يده على شعرها البني الناعم وهمس:
_ تعرفي انك أحلى بنوتة في الدنيا، وست البنات كلهم كمان.
ابتسمت "مي" فور سماعها تلك الكلمة الأخيرة، فهي معتادة على حنانه، لكن صاحب تلك الجملة لم تعلم لما أتى ببالها الآن.
زادت ابتسامتها تقترب تضع نفسها بحضنه، تلك الجرعة من الحنان منه تحتاج وتشتاق اليها دائمًا، فهمست وهي تمرر وجهها بحضنه:
_ ربنا يخليك ليا، أوقات بحس انك زي بابا الله يرحمه يا حسام، بشم فيك ريحته وحنيته بحسها في كل حاجة منك.
انحنى مرة أخرى يقبل رأسها وهتف وهو يمرر يده على خصلاتها بحنان:
_ حسام هاين عليه ياخد من عمره ويدكي، بس يشوفك مبسوطة علطول ومش ناقصك أي حاجة.
أعتدلت برأسها لتنظر اليه، فهي تعلم أخيها لم يتفوه بتلك الكلمات او تلك النبرة، سوى عندما يشعر بشفقة عليها وعلى حالتها، فأعتدلت داخل حضنه بينما هو مازال يمسد عليها بحنان وهتفت:
_ حسام، أنا كويسة.
ثم عادت لابتسامتها تهمس:
_ بس كان ليا عندك طلب؛ عشان أنا زهقت.
ابتسم هو بذات حنانه ثم هتف:
_ اللي تأمري أخوكي بيه.
تابعت هي بضيق:
_ تحاول تشوف حل في شغلك ده، وتبقى معايا علطول أنا وماما، كتير بحس اننا محتاجينك ومش بنلاقيك لا انت ولا علي.
نظر اليها قليلًا ثم أومأ اليها ونهض يهتف:
_ طب يلا أنا عايزك تيجي معايا، بدير هيزعل، يلا أجهزي على ما أشوف التاني ده كمان، بدير قالي انه قرفه وزهقه عشان يرضى ينزل ويحضر.
!!!!!*!!!!!*!!!!!*!!!!!!
واقف بالحفل حينًا يتابع صديقه فيشير اليه أيكون يريد شئ أم لأ، بينما باقي الوقت يتطلع بعينيه لباب القاعة ينتظرها، يقصد ينتظر صديقه "حسام" بالتأكيد و"علي" بالطبع.
تأفف "تميم" بيأس وضيق فأخرج هاتفه يهاتفها، لكنه انتظر قليلاً بتفكير، سيهاتف "حسام" حسبما تكون معه أو يكون بجانبها.
لكنه وفور وضعه الهاتف على أذنيه ثبت نظره على مدخل القاعة أمامه لتدخل منه تلك الخجولة بفستانها الأبيض، ينسدل على قوامها الرشيق بأناقة تناسب كل التناسب لرقتها التي جعلته يبتسم ابتسامة تدريجية الأن فور رؤيتها؛ وقد علقت يدها بذراع أخيها الأكبر "حسام" بينما "علي" يسير بجانبهم ببذلته السوداء الأنيقة، ظل "تميم" معلق نظره بها في سيرها الأنيق بجانبهم بينما يزين ثغرها ابتسامتها الودودة تلك التي تسبقها فور دخولها لأي مكان، يشعر بشيء غريب اتجاهها كلما يراها، شعور يفوق إعجاب أو غرام شاب بفتاة، أحيانًا كثيرة يسأل ذاته لما هي بكل تلك العقبات التي يعلمها تمام العلم فور معرفته بوقوعه بغرامه بها؛ وتكون الإجابة غير كافية عندما قلبه ينطق بإجابة حبه أو حتى عشقه لها، يذهب به عقله على الفور لأول مرة رأى بها تلك الطفلة الحزينة التي لامست دموع القهر بعينيها البريئة قلبه حينها، يتذكر عينيها الناظرة بالفراغ أمامها بالمصعد الذي جمعهم لأول مرة ولم يكن يعلم أن تلك الطفلة بزيها المدرسي سوف تكبر وتصبح تلك الجميلة المعذبة لقلبه منذ سنوات، تتوسع شفتيه بابتسامة سريعًا ما تنقلب لضحكة خافتة فور تذكره ردها على أول كلمة نطق بها اليها حينها فور دخولهم المصعد؛ وسؤالها عن الطابق المنشود:
_ انتِ طالعة الدور الكام يا شاطرة؟
لتنظر اليه بذات العينين الحزينة الامعة بدموعها نظرة أخرسته لمجرد ندائها بتلك الكلمة "شاطرة"، ازدادت ابتسامة "تميم" كلما تقدمت في خطواتها تتوسط أخويها، واضعة ذراعها بأناقة ورقة بذراع أخيها "حسام" بينما "علي" فقد التقط ذراع والدتهم بذراعه أيضًا.
أتت عينيهم ببعضها، عينيها الخجولة التي دائمًا ما ترمش بخجل فور وقوعها بداخل عينيه فتضطر لسقوطهم أرضًا.
تقدم "تميم" منهم بذات ابتسامته التي تعبر عن بهجته بحضورها، وفور تقدمه هتف بسعادة:
-كل ده تأخير انت وهو.
ثم تقدم يحتضن "حسام" هاتفًا:
-وحشتنا يا حضرة الظابط، حمدالله على سلامتك.
احتضنه "حسام" بضحكة خافته يهتف:
-ازيك يا تميم، والله بتوحشوني ياعم.
ثم تقدم من "علي" يحتضنه هو الأخر ويطمئن على حالته الأن، نظر لتلك الواقفة يزين ملامحها التوتر من نظرته، فمد كفه اليها هامسًا:
-ازيك.
ابتسمت ابتسامة مهتزة تضع يدها بتردد بكفه هامسةً وعينيها على أخويها الذين انشغلوا بالنظر بعينيهم على العروسين هناك:
-الحمد لله.
ثم سرقت يدها سريعًا من يده حتى ازدادت ابتسامته، فاستمعت الى "حسام" يهتف:
-هروح أشوف الواد بدير وأباركله.
ثم تقدم اليهم ومعه "علي" وعندما جاءت لتسير معهم هي الأخرى وجدت من يعترض طريقها، فوقفت أمامه تنظر اليه بعيون واسعة محذرة ثم هتفت:
-تميم!!!
هتف بضحكة خافته:
-عيون تميم.
زجرته مرة أخرى هاتفة:
-اولًا تبطل كلامك ده عشان مينفعش وكمان بيوترني، ثانيًا ياريت تحترم نفسك عشان اخواتي.
صمت عن الإبتسام فاجأة موضحًا:
-اخواتك دول أنا مش هخبي عليهم يامي ولا هعرفك من وراهم ثم ان اللي مطمني ان مامتك عارفة اللي بينا.
ثم تنهد يتابع:
-وعمومًا خلاص انتِ مش هتخافي تاني بوجود أي حد من أخواتك.
همست وعينيها تتابعهم هناك:
-ازاي، مش فاهمة.
هتف بابتسامة واسعة:
-انا هطلب ايدك من أخواتك النهاردة.
جحظت بعينيها بتوتر وقلق أشد وكادت تنطق بالتأجيل لولا سماعها ذلك الصخب البعيد، فألتفتت هي و"تميم" الذي توسعت ابتسامته فور رؤيته "بدير" ممسك بيد "أمينة" وبدأوا أن يتراقصوا ببهجة وولع بينهم، لينظر اليها يجدها حولت نظرها هي الأخرى اليه بذات ابتسامتها، فأومأ اليها بغمزة من عينيه ليتقدم منهم وهي معه.
تقدمت "مي" تنظر الي "أمينة" بدايتًا من فستانها الأبيض الذي يملئ المكان من حولها بجمال بريق تزيينه الامع، بينما طرحتها البيضاء تنسدل حتى لامست الأرض، تبدو أطول من الفستان، تظهر في غاية الجمال والأنوثة التي دائمًا تختبئ خلف قوتها وصوتها المرتفع، ظلت عينيها عليها وعلى فرحتها التي تظهر في ضحكتها التي لم تتوقف ويدها الممسكة بقوة بيد زوجها الذي لن يكف عن الرقص معها.
ابتسامته واسعة وهو يرى صديقه المقرب بتلك السعادة على وجهه، ضحك "تميم" حتى عادت رأسه للخلف وهو يصفق بيده عندما شعر بأن "بدير" على وشك أن يفقد عقله بذلك الرقص المجنون، هدأ صوت المكان تدريجيًا ليقتربوا العروسين ويبدأوا في رقصتهم الهادئة، تحولت عينيه اليها على الفور؛ ليجدها ناظرة إليهم بعيون لامعة وتداعب شفتيها ابتسامة في غاية الرقة، ليقترب يقف بجوارها مباشرتًا هامسًا:
_ شكلهم حلو؟
أجابت على الفور وعينيها مازالت عليهم:
_ قوي يا تميم، قوي.
عاد يهمس بذات ابتسامته الناظر بها اليها:
_ عقبالنا هنبقى أحلى منهم على فكرة.
وهنا انتظر منها الخجل كالعادة أو الرد بالتوبيخ كما اعتاد منها، لكنها نظرت اليه مطولاً بعينيها الامعة بالدموع وابتسامة مهتزة على شفتيها ثم أومأت بالإيجاب بحماس وموافقة بشدة تفاجأ بها، ليبتسم اليها يشعر بالرغبة بقوة في مفاتحة أخويها بالموضوع حالًا، على الفور.
أُغلقت ابتسامة "تميم" سريعًا عندما رأى "حسام" يقطب حاجبيه باندهاش عندما وقعت عينيه عليهم وعلى همسهم، ليقترب منهم ويميل عليها يهمس بكلمة فترفع هي نظرها الي "تميم" المثبت نظره عليهم ثم همس إليها بكلمة اضافية كاد يتقدم منه وينتشلها من ذلك الحرج ويفاتحه الأن لكنه توقف فاجأة عندما رأى "حسام" يسحبها من يدها بابتسامة ويقترب من ساحة الرقص الهادئ ويراقصها بهدوء وجمال، ثم يهمس إليها فيضحكوا سويًا، عاد "تميم" يبتسم ويمني نفسه بأن فات الكثير وما بقي سوى القليل ليقف هو تلك الوقفة معها يمازحها ويراقصها بعشق.
ازدادت ابتسامته عندما رأى "علي" أخذ بيد والدته رغمًا عنها ليتقدم من ساحة الرقص هو الأخر، ليسير هو الأخر لوالدته ويفعل كما فعلوا.
وما مر سوى دقائق من ذلك التناغم بينهم حتى عادت الموسيقى لصخبها، فنظر "تميم" و"علي" إلى "حسام" الذي أومأ اليهم بغمزة من عينيه ليتقدموا سريعًا من "بدير" يسحبوه من "أمينة" ويحملوه رغمًا عنه، لتبتعد هي وهي ناظرة اليه وهو أعلى بيدهم يتحدث بكلمات جعلتها تنفجر بالضحك:
_ يا خاونا، يا خاونا، طب والله لوريكوا.
ضحكوا الثلاثة يرفعوه لأعلى أكثر من مرة ليتابع هو من بين ضحكاته:
_ ماااشي يا كلاااب، يا كلااب كل واحد فيكوا ليه يوووم، أصبرو علياا بس.
وفور نزوله للانتقام منهم، وجد كل واحدٍ منهم بدأ في عرض جديد.
أخرج "علي" من جيبه نقود يلقيه عليه وعلى "أمينة" التي أقتربت تطمئن عليه من بين ضحكها، بينما "تميم" نزع جاكت بذلته يلوح به في الهواء بتراقص ومرح، و"حسام" أخذ يجذب البقية للساحة ليتابعوا رقصهم حولهم.
!!!!!!!*!!!!!!*!!!!!!*!!!!!*!!!!!!*!!!!!
_ بس ليلتهم كانت حلوة، عقبالكم يا ولاد.
نظرت "مي" لوالدتها الجالسة بجانبها بالسيارة وتتحدث وهي تربت على يدها؛ لتبتسم ثم همست كما أخواتها:
_ ربنا يخليكي لينا يا حبيبتي.
عاد يهمس "حسام" قائد السيارة:
_ أيوا كدة يا أمي كتري من دعواتك دي نفسي نفرح وربنا.
ضحكت والدته بخفوت قائلة:
_ طول ما أنا شيفاهم الله أكبر عليهم حلوين كدة وأنا قلبي بيدعي أشوف فرحكوا قريب يارب يا حبايبي.
ردد "حسام" خلفها الدعاء بإصرار يشوبه المرح، لكنه لاحظ صمت ذلك الجالس بجانبه ليوكزه في كتفه هامسًا:
_ مالك يلا، واكل سد الحنك من وقت ما خرجنا من القاعة ليه؟!
ظل ناظر للطريق أمامه عاقد ذراعيه أمامه صدره بصمت حزين ثم أجابه أخيرًا:
_ مفيش، أنا كويس الحمد لله.
_ كويس!! مالك يا أبني شايفك مش طبيعي أبدًا من وقت ما جيت!!
نظرت "مي" لوالدتها ثم نطقت:
_ أصل يا حسام علي كان تعب.....
نطق "علي" سريعًا يقاطعها:
_ وبعدين بقى، مأنا كويس أهو يا جدعان، الله!!!
توقف "حسام" أمام البناية لينظر اليه، فهتف "علي" قبل ترجله من السيارة:
_ أنا أسف يا مي، حقكوا عليا كلكوا، تصبحوا على خير.
وتركهم، هبط "حسام" من السيارة هو الأخر ووالدته و"مي" ليسأل بتعجب:
_ ماله الواد ده، في ايه؟!
أجابت والدته باختصار:
_ مأنت عارف أخوك كل شوية بحال وبمزاج، متشغلش بالك شوية وهتلاقيه واجع دماغنا فوق ومش عارفين نسكته من كتر الكلام.
أومأ اليها "حسام" وكادوا يصعدوا لولا صوت السيارة الأتية اتجاههم، لينظروا اليها بعيون ضيقة ثم هتفت والدته وعينيها على السيارة:
_ ايه ده، مش دي عربية تميم!!
أجاب "حسام" وهو يتقدم يقف بالطريق اليه:
_ فعلاً يا أمي، هي.
ثم نظر اليها وهتف:
_ ده قال هيوصل مامته و شكله كان عايز يقول حاجة لولا الدوشة اللي كنا فيها، فقالي استناه أنا وعلي احتمال يعدي علينا.
توترت "مي" أكثر تفرك يديها ببعضهم؛ بينما والدته ابتسمت بأمل، ترفع عينيها لأعلى وتهمس بتساهيل وتوفيق الله.
_ طيب، طيب بعد اذنكم أنا هطلع عشاان تعبت ومحتاجة أنام.
ثم سحبت والدتها من يدها هاتفة:
_ هنطلع احنا يا حسام بقى، ها.
_ ماشي يا حبيبتي، وأنا هحصلكم علطول.
توقف "تميم" بالسيارة يهبط منها ليتقدم اليه، ثم وقف أمامه فهتف "حسام":
_ في ايه يا تميم، ايه رجعك تاني يا أبني، افتكرتك روحت.
_هو أنا مش قولتلك يا عم انت اني عايزك في موضوع مهم.
_ دلوقتي!!!
نظر "تميم" لأعلى البناية ثم نظر اليه وهتف:
_ أعملك ايه مانت هتسافر وياعالم هشوفك تاني امتى.
نظر "حسام" بساعة يده، ثم هتف بتعب:
_ طب انجز عشان لسة ورايا سفر وليلة طويلة.
صمت "تميم" قليلًا فأومأ اليه "حسام" بالعجالة فتحدث أخيرًا:
_ أومال فين علي، كنت عايزه يحضر معانا الكلام ده؟
_ علي شكله تعبان أو مش فايق دلوقتي، فكك منه وانطق بقى، عايز ايه خليني أطلع، أنا ميت من التعب أنا كمان.
رفع عينيه اليه لحظة ثم هتف باندفاع:
_ حسام، أنا بحب أختك مي ومش قادر أخرجها من بالي.
الفصل الجديد جاهز باذن الله وهنزله بكرة بدل التلات لو لينك البارت عالصفحة جاب تفاعل يرضي ربنا... الفصل عالمدونة ببعدي ال1000 قراءة من أول كام ساعة بس من نزوله فحرام والله اللي بتعملوا ده
لما أي حد جديد يدخل الجروب أو الصفحة ويلاقي ان دي كاتبة فاشلة لأن للأسف تقييم نجاح المحتوى في نظر المعظم هو عدد التفاعلات وأكيد ده ميرضكوش، البارت يوصل 300 ريأكت عالاقل وألف كومنت عالصفحة والفصل ينزل بكرة باذن الله في نفس الميعاد برضو.. وعلى فكرة والله ما طالبة المستحيل وعدد القراءات عالمدونة تشهد.. تصبحوا على خير.
٣٦٥ يوم أمان
رانيا أبو خديجة
جميل جدا
ردحذفقمة في الروعة
ردحذفمتتاخريش علينا بالفصل الجديد
باارت رووعه
ردحذفتحفه بجد
ردحذفجميلة قوى
ردحذفرانيا ارجوكي متخليش هنا وعلي يحبوا بعض 😭 مش هتكون منطقية خالص 🥺 ضربته لها ف قلبها ف الحلم تفسيرها انها هتحبه اسأليني انا 😂
ردحذفجميل جدا
ردحذفتحفه تحفه تحفه يارانيا ❤️❤️ متألقه عالعاده
ردحذفجميل جدا جدا متتاخريش تاني كده 😍😍
ردحذفجميله جدا جدا جدا
ردحذف👏👏👏
ردحذفحلو اوي 🥰
ردحذفايه الابداع ده ❤️😁
ردحذفاحسنت
ردحذفروعه
ردحذفرائع يسلم دياتك بس الفصل كتير قصير ياريت لو يكون أطوووول 😥😥
ردحذفتحفه جدا 💕💕💕
ردحذفحلو اوى تسلم الايادى بجد فنانه و نبدعه
ردحذفواخيرا تميم نطق ♥️♥️♥️♥️♥️
ردحذفجميلة
ردحذفالبارت روووعه
ردحذفجميلة
ردحذفمبدعة
ردحذفجميلة اوى
ردحذفبىافووو
ردحذفحلووو
ردحذفكملي
ردحذفتحففففففففففففه
ردحذف♥️♥️
ردحذف♥️♥️
ردحذفمبدعة.
ردحذفمبدعة دائما🥰🥰
ردحذفجميل طريقة سردك للأحداث علي لسان الأبطال. أسلوب شيق وجديد . بالتوفيق ديما 💓
ردحذفروعه
ردحذفيعنى التأخير دا كله وفى الاخر نصف بارت
ردحذفيلا الصبر جميل
تسلم أناملك الذهبية يا رانيا
روعه كالعادة تسلم ايدك
ردحذفجميل
ردحذفروووعه
ردحذفحلو اوي اوي 💞
ردحذفحلوه اوي اوي اوي اوي
ردحذف