رواية 365 يوم أمان الفصل الأربعون للكاتبة رانيا أبو خديجة
رواية ٣٦٥ يوم امان بقلم رانيا ابو خديجة
الفصل الأربعون
#رانيا_أبو_خديجة
#٣٦٥_يوم_أمان
ارتفعت عينيه لخصلاتها السوداء التي ازدادت لمعان ونعومة يستشعرها من موقعه تنسدل بأريحية وجمال على ظهرها وذراعيها، بينما تلك الخصلات القصيرة ترفعها عن جبهتها بأدواتها بشكل أنيق.
ظلت عينيه تتطلع اليها من أعلى لأسفل بينما منشغلة هي تغلق تلك الحقيبة الصغيرة بيدها التي وضعت بها هاتفها وبعض أشيائها، وهنا توسعت عينيه فور تذكره، فاليوم الجمعة؛ موعد خطبة صديقتها، ظهر بعينيه الشر فجأة عندما تذكر مَن ينتظرها هناك بالإضافة لذلك البهاء والجمال التي تقابله بهم، لينهض ويتجه اليها يسأل بعد أن وضع يديه بجيوب بنطاله:
_ متشيكة كدة ورايحة على فين؟
رفعت "رقية" عينيها اليه، ثم هتفت وهي تعلق الحقيبة الصغيرة بيدها بشكل أنيق:
_ أنا قايلالك وانت عارف، خطوبة صحبتي.
ظل ينظر اليها، لكنه بلحظة شرد عند اقترابه منها وهي بذلك البهاء الذي لم يراه عليها من قبل، تبدو مختلفة، جميلة جمال مُضاف إلى جمالها الذي يخطف عقله على الدوام بمجرد نظرة.
اقترب "حسام" خطوة اضافية بعد أن أخرج يد من جيبه يرفعها ليبعد خصلاتها الطويلة عن كتفها لخلف ظهرها لتكتمل الصورة، واللوحة المبدعة بذلك القرب الذي يهدد بالخطر؛ خطر وقوعه بغرامها أكثر فأكثر.
لامس اصبعه خصلة من ذلك الحرير الأسود، لكنه وقبل أن تلمس باقي أصابعة ذلك الحرير المنسدل، عاد يبعد يده على الفور، يضعها بجيبه مرة أخرى ثم أجبر عينيه على النظر بقدمه التي تركل شيء وهمي أمامه هاتفًا:
_ الساعة معاكِ كام دلوقتِ؟
تأففت "رقية" تجلب يده من معصمها من جيب بنطاله بعصبية وغضب؛ ناظرة بساعته ثم هتفت:
_ لسة تمانية أهي، محناش في نص الليل مثلًا.
ابتسم "حسام" يجلب يده من يدها ثم هتف بهدوء يتناسب مع تلك الكتلة من الجمال أمامه:
_ النهاردة الجُمعة، والورشة كانت زحمة والشغل فيها كتير، بقول تدخلي تنامي وترتاحي أحسن وابقى باركلها عالفيس بوك ولا حاجة، مش لازم تروحي يعني.
توسعت عيني "رقية" بضيق ثم أشارت على نفسها وقالت:
_ بعد ما لبست وجهزت، لأ مش هغير تاني وبعد اذنك اوعى كدة بقى عشان أنا أصلًا متأخرة.
تخطته خطوة، فسبقها يقف أمامها ثم هتف بجدية حاسمة:
_ عايزاني أسيبك تنزلي لوحدك بالمنظر دا!!
انحنت بعينيها تنظر لنفسها ثم نظرت اليه بحزن وهمست:
_ ماله منظري، وحشة؟
نهضت "أحلام" من الأريكة تقترب منهم حاملة كتابها بحضنها، فاتبعها الصغيرين يقفوا حولهم منتظرين الأصوات العالية وبدء شجار جديد بينهم، فمنذ فترة بعيدة لم تنشب بينهم معركة.
نظر اليها "حسام" ولحزنها الذي طغى ملامحها وهي تنحني بعينيها كل فينة وأخرى تنظر لفستانها ثم ترفع يدها تمررها على خصلاتها، حتى تأففت تقترب تضع حقيبة يدها على الطاولة الصغيرة لتعيد ترتيب حالها وخصلاتها.
اقترب منها بينما مازالت منشغلة هي بخصلاتها التي تحاول تعيد ترتيبها ثم نظرت لفستانها تعيد النظر به، وهنا مد يده أسفل ذقنها يرفع وجهها اليه ثم هتف:
_ بتعملي ايه!
أجابت ومازالت تعيد فرد خصلاتها خلف ظهرها:
_ كنت حاسة ان شعري كدة مش عاجبني أصلًا.
ثم اعتدلت تسأل باهتمام:
_ الفستان ده مش لايق عليا، شكلي مش حلو صح؟
تطلع اليها قليلًا هامسًا:
_ حلو....وحلوة انتِ قوي.
انتبهت لنظرته وطريقة همسه، فظلت مُعلقة عينيها بعينيه شاردة؛ فأنزل يده سريعًا يتنحنح هاتفًا وهو يمرر اصبعه على أنفه:
_ خلاص ماشي، بس بشرط.
عقدت ذراعيها أمام صدرها بتأهب، فتابع هو:
_ أجي معاكِ أوصلك وأرجعك.
أشارت على أخواتها:
_ مينفعش نسيب اخواتك لوحدهم.
تطلع اليها قليلًا ثم قال بتفكير:
_ خلاص نروح كلنا معاكِ.
وضعت يديها بخصرها باعتراض هاتفة بغضب:
_ ايه، نروح مين!! انتوا مين يعني؟
أشار بابتسامة واسعة على الصغار المتابعين بعيون واسعة واهتمام:
_ أنا وأخواتك، كلنا، وأهو ننبسط مع بعض بقالنا كتير مخرجناش سوا يا رقية.
قفز الصغار بصخب صارخين وهما يقتربوا منها:
_ ياريت يا رقية، هاجي معاكِ، هاجي معاكِ عشان خاطري.
اقتربت "أحلام" هي الأخرى هاتفة بينما تلقي بكتابها بعيدًا باهمال:
_ وأنا كمان يا رقية، عايزة أجي، عشان خاطرنا خدينا معاكِ.
نظرت اليهم بضيق ثم هتفت وهي تتطلع اليه مبتسم باستفزاز:
_ انتوا مش معزومين.
هتف بذات ابتسامته التي تزيد من غيظها:
_ بس انتِ معزومة.
ظلت صامتة فقط تنظر اليهم، فقفزت "أحلام" وهي تصفق بيدها بسعادة:
_ هروح أغير هدومي هوا.
ضحك بخفوت ثم هتف هو الأخر قبل أن يتركها ويدخل غرفته:
_ ادخلي بقى لبسي اخواتك الصغيرين على ما أغير هدومي أنا كمان.
ثم تركها مغتاظة، وأغلق باب غرفته بوجهها، لتنظر حولها بعدم تصديق وغيظ يكاد يفجر عقلها بسببه، حتى شعرت بيد الصغيرة تجذبها من فستانها فأنحنت بعينيها اليها:
_ رقية، تعالي لبسيني.
هتف الصغير هو الأخر:
_ وأنا يا رقية، عايز ألبس.
فُتح باب غرفته هو الأخر فجأة هاتفًا باستفزاز اضافي:
_صحيح يا رقية، تفتكري ألبس ايه؟
زفرت بوجهه بقوة، آخذة أخواتها من يدهم لتدخل غرفتهم تبدل ثيابهم مضطرة، بينما ضحك هو ملء فمه يعود يغلق باب غرفته.
وقف "حسام" أمام خزانة الملابس، وهنا ابتسم يتطلع بالفراغ أمامه تعود ذاكرته لصورتها بذلك الفستان وذلك البهاء الطاغي على أي أنوثة بجانبها.
انتقلت عينيه مباشرتًا على تلك البذلة التي أتى بها لهنا من عرس صديقه "بدير" دون أي حساب لذلك الموقف.
التقطها "حسام" بيده لتتوسع ابتسامته هامسًا:
_ ميلقش جنبها غير كدا.
ثم ألقاها على الفراش، ليبدأ في إعداد نفسه، ثم ترتيب خصلاته على أكمل وجه؛ ليليق بها واقفة بجانبه بذلك الجمال والبهاء.
!!!!!!*!!!!!!*!!!!!!*!!!!!
غادروا جميعهم المنزل يغلقه "حسام" خلفهم جيدًا حسب تعليمات وتحذيرات "رقية" المتكررة بذلك، بينما تركوا يدها الصغار يسرعوا للسيارة قبل حتى أن يفتحها ليبدأ شجارهم على مَن يلحق بالمقعد المنفرد جانب شباك سيارته، جذبت "أحلام" ذيل فستانها الطويل بيدها لتسرع خلفهم هي الأخرى.
ابتسمت "رقية" التي ومازالت واقفة بجانبه يؤكد على غلق الباب جيدًا، تمرر عينيها عليهم وعلى جمالهم وأناقتهم بتلك الملابس الأكثر من كونها أنيقة، باهظة الثمن، تختلف كليًا عن طرية ملابسهم السابقة في ذوقها وأناقتها، ثم حولت عينيها اليه، مازال يحاول سحب الباب الخشبي القديم ليؤكد على غلقه، عادت تبتسم وعينيها تمر عليه بتلك البذلة، التي وبخته بسببها سابقًا تنعته بالأنانية وحب الذات، لكن في الحقيقة بتلك الهيئة والأناقة تكتمل الصورة معها هي وأخواتها، ازدادت ابتسامتها وهي تهمس بداخلها بأن أخواتها ودخولهم بذلك الشكل المبهج الأنيق، يزيدها شرف أمام صديقاتها والفضل بعد الله، يعود اليه هو، ولوجودهه معهم، وكرمه عليها هي وأخواتها.
التفت "حسام" بعدما انتهى أخيرًا من غلق الباب، وجدها ناظرة اليه بذات ابتسامتها التي تظهر بدون سبب بالنسبة له، وتختفي أيضا دون سبب، ثم تفاجأ بها تقترب منه، وتمرر يدها على البذلة وكأنها تنفض من عليها شيء وهمي، هاتفة من بين ابتسامتها الجميلة الموجهة لعينيه:
_ شكلها حلو عليك قوي، ليقالك بشكل، وكأن البدل مخلوقة عشان انت تلبسها.
ظل ناظر اليها بعيون مثبتة، ثم انحنى بعينيه لبذلته موضع يدها وعاد ينظر اليها مرة أخرى، وهنا استمعوا لصياح الواقفين عند السيارة بجانب أبوابها الخلفية فقط:
_ انت ركبت جنب الشباك المرة اللي فاتت واحنا راجعين من المصيف المرادي دوري.
ليرد عليها الصغير باعتراض:
_ وهركب المرادي كمان، بصي احنا نركب كل واحد جنب الشباك ومش مهم أحلام، تتصرف.
لتتابع "أحلام" شجارها معهم من جديد، اقتربوا الإثنين منهم فأسرعت اليه الصغيرة تهتف برجائها المعتاد اليه:
_ إياد مش انت بتحبني وهتركبني جنب الشباك، وزياد لأ.
ابتسم "حسام" يشير اليهم بنظام:
_ واحنا رايحين هتركب "أميرة"، واحنا راجعين زياد، اتفقنا.
صفقت بيدها بفرح، ليهتف الصغير برضا هو الأخر:
_ اتفقنا.
استلقت "رقية" بجانبه بعدما حملت الصغار معه وأطمئن عليهم غالقة باب السيارة جيدًا من جهتهم.
سار "حسام" بالسيارة على وصف "رقية"، أمام ذلك البيت مفتوح بواباته على مصراعيها، ويبدو الصخب والأصوات العالية من الداخل دلالة على بدأ الخطبة.
توقف "حسام" يلتفت ينظر اليها بجانبه، وجدها تتطلع الى البوابة المفتوحة التي يدخل منها صديقات يبدو أنها تعرفهم بحماس وابتسامة واسعة، ثم التفتت تنظر اليه بعدما توقف وهتفت:
_ يلا ننزل.
صاحت "أحلام" ببهجة هي الأخرى وقد بدأت في التصفيق مع أصوات الاحتفال والأغاني الواصلة اليهم من الداخل:
_ أيوا يلا ننزل، عايزة أدخل قوي.
أمسك "حسام" "رقية" من معصمها قبل فتحها للسيارة وهبوطها منها هاتفًا بحزم وعينيه بعينيها:
_ قبل ما تنزلوا، تخلي بالك من أخواتك الصغيرين يا أحلام، وعينك تكون عليهم؛ عشان ميتوهوش مننا.
هتفت "أحلام" وهي تضع يدها بيد الصغار باحكام:
_ متخافش يا إياد، مش هسيب ايدهم أبدًا.
ثم تابع بحزم أشد ومازالت عينيه بعينيها هي:
_ ومش عايز فرك كتير في المكان، وياريت تفضلوا معايا وتحت عنيا أحسن.
شعرت "رقية" بأن الحديث موجه اليها، فهتفت بضيق وملل:
_ طب ممكن ننزل بقى، الخطوبة هتخلص واحنا واقفين هنا.
نظر اليها نظرة أخيرة متحيرة، ثم ترجل من السيارة، وتقدم معهم للباب، لتقبض "أحلام" على يد الصغيرين جيدًا وتقدمت معهم للدخول ببهجة وحماس تبدو على وجهها هي والصغار كلما اقتربت الأصوات اليهم وارتفعت.
وهنا وفور دخولهم من الباب تفاجأ "حسام" بها تعلق ذراعها بذراعه في دخولهم المكان، مع ابتسامة عريضة ارتسمت فور رؤيتها لصديقاتها بالداخل، نظر لذراعها التي علقتها بأريحية به ثم بوجهها وجدها تنظر بجهة معينة مبتسمة بخجل فنظر على الفور لما تنظر اليه، وهنا توسعت عينيه بشر يشع منهما، وبعدما كان متردد متوتر من ذراعها المحتضن لذراعه، سحب ذراعها بقوة يحكم يده عليها، واضع كفه على كفها.
تقدم "وليد" في استقبالهم كما يفعل مع كل الحضور، لكن ما اخجلها ابتسامته الموجهة اليها، والتي ظهرت فور رؤيتها بالمكان.
_ أهلًا وسهلاً، نورتونا.
تقدم بكفه اليها، فوضع "حسام" يده بكفه عوضًا عن يدها هي، يسحبه اتجاهه بجدية وحزم، قابضًا عليه هاتفًا:
_ أهلًا.
رمشت "رقية" بحرج بينما ابتسم "وليد" بوجهه برسمية، مشير اليهم بالدخول.
!!!!!*!!!!!*!!!!!*!!!!!!
غادر "علي" مكتبه يسير بالرواق لمغادرة قسم الشرطة بأكمله، بعدما انتهى من عمله.
يسير بذات عبوسه، وتوهانة الذي كلما حاول التخلص منه يعود اليه كثقل على قلبه من جديد، وليلًا وأه من الوجع ليلًا، يشعر حينها أنه على وشك الصراخ من الضيق الذي يحل على قلبه، حتى الكوابيس التي ترهقه مازالت تفسد عليه راحته وتوقظه من راحته التي يتمنى إنشً منها.
سار على وشك الإقتراب من باب القسم ولكن لفت انتباه عينيه ما جعله يتوقف عن السير؛ فرأها هي، تلك التي أخذت الكثير من تفكيره بالأيام السابقة، لم ينكر فضوله اتجاهها، أفعالها أكثر من مريبة، من نظراتها المحتقرة له على الدوام، لمجيئها والسؤال عنه كما أخبروه مَن بالمكان، حتى طريقتها في معاملته الغير مبررة بالمرة.
توسعت عينيه ليتوقف محله عن السير؛ عندما رأها تتقدم بيدها حقيبة عملها كما المعتاد، لكن يكون الإختلاف هنا في هيئتها، فكانت دومًا ترتدي الزي الأسود بدايتًا من حجابها حتى تنورتها السوداء وقميصها من نفس اللون، عوضًا عن وجهها العابس دائمًا ولم ينسى نظرتها المعتادة اليه.
لاحظ "علي" التفات المتواجدين اليها، بدايتًا من العاملين بالدور السفلي بالمكان مرورًا بعامل المشروبات الذي سار وبيده صينية حاملة أكواب القهوة لكن عينيه مثبتة عليها، وعندما مر عليه أوقفه "علي" بكفه هاتفًا:
_ ايه يا صوبيح متنح كدة في ايه!
نظر اليه ثم هتف بهمس:
_ أبدًا يا باشا، بس الست اللي هناك دي، من يوم ما عرفناها وبتيجي في قضايا هنا وهي مسوداها على دماغنا.
ابتسم "علي" بضحكة خافتة يسأل:
_ ازاي يعني؟
أشار اتجاهها بوجهه، يتابع:
_ علطول لابسة أسود مش عارف بيقولوا قريبتها ولا أختها ماتت، ويبقى نهاره أسود اللي يوجهلها كلام بذات لو ..
صمت فجأة، فقطب "علي" حاجبيه يسأل:
_ ايه!!
أوضح بتردد فيما يقول:
_ خصوصًا يعني لو حد شاورلها على مكتب حضرتك وقالها انك المسؤول عن اللي بتسأل عليه.
ثم تابع بلهفة يحاول تخطي ما تفوه به:
_ لكن دلوقتِ شوف حضرتك بتتكلم هناك وتضحك ازاي!!
ثم هز رأسه ببتهاج:
_ وشوف حضرتك نورت فجأة ازاي!
ثبت "علي" نظره عليها هناك، واقفة بزيها المختلف كليًا؛ من بنطال من اللون الأبيض الواسع مع قميص من نفس اللون عليه چاكت رسمي من اللون الأزرق المبهج للعين عوضًا عن حجابها ناصع البياض، مما أعطاها هيئة تختلف كثيرًا عن ذي قبل،
تتحدث وتضحك بخفوت عبارة عن ابتسامات وقورة ثم سألت ليشير اليها مُحدثها على أحد المكاتب فسارت اتجاهها، وهنا التفتت لتتقابل أعينهم، فتوقفت عن السير كعادتها، لكنها رمشت بعينيها أكثر من مرة ثم تخطته تتابع سيرها.
ضيق "علي" عينيه بغيظ وغضب وصل بداخله لمداه، خاصتًا بعدما أستمع لحديث عامل المشروبات، ماذا فعل بها لتبغضه بذلك الشكل!
رفع "علي" هاتفه إلى أذنه يتحدث به قليلًا ثم عاد لمكتبه مرة أخرى بانتظارها.
!!!!!!*!!!!!!*!!!!!!*!!!!!
واقف "حسام" رافع رأسه للأعلى بشموخ يمتزج بالغضب، واضع يديه بجيوب بنطاله، فقط يبادله حديثة باقتضاب شديد، الكلمة على قدر السؤال.
_ ياااه، كله ده، بس دي سنين طويلة قوي.
نظر اليه بصمت، فتابع الأخر:
_ وقدرت تبعد عن أهلك واخواتك كل ده!
صمت قليلًا فقط ينظر اليه، ثم أجاب بنفس جموده:
_ أهو اللي حصل بقى.
ثم لفت انتباهه الصخب الذي ازداد هناك، فنظروا الإثنين اتجاههم، ليجدوا دائرة حول العريس والعروس.
لاحظ "حسام" رقية الواقفة بين صديقاتها تصفق بيدها معهم ثم تهمس لهم وتضحك مع ضحكاتهم وهمسم، ارتسمت ابتسامة حنونة لرؤيته الصغيرة تعقد حزام على خصرها وترقص باتقان مع الصغير الذي خلع جاكت بذلته الصغيرة أعطاه الى "أحلام" باهمال، منشغل بالرقص معها، بينما تقف بجانبهم "أحلام" عينيها على العروسين تصفق بيدها بسعادة وبهجة هي الأخرى، ثم بدأت تقوم بهز كتفيها مع الموسيقى يليها تراقص خصرها في وقفتها.
هز "حسام" رأسه الى "وليد" باستئذان ثم تقدم منهم، يقف بجانب "أحلام" والصغيرين ثم مال اليها هامسًا بأذنها:
_ وبعدين، مش قولنا مفيش الكلام دا في الزحمة دي.
وقفت قليلًا بعبوس، ثم عادت الموسيقى تثير حركاتها فعاد تحرك كتفيها تهتف اليه برجاء:
_ عشان خاطري يا إياد، المزيكا حلوة ومش كل يوم بنروح فرح.
جذبها اليه بحنان لتتوقف عن الاهتزاز هامسًا كي تسمعه:
_ في الزحمة والدوشة وكل الشباب دول واقفين لأ، وبعدين مش شايفة رقية واقفة وسط زمايلها باحترامها ازاي، خليكي زيها.
عادت تعبس بوجهها، تعقد ذراعيها أمام صدرها ثم نظرت الى "رقية" فتوسعت عينيها تشير اتجاهها بلهفة هاتفة:
_ طب ما رقية بترقص أهي.
التفت "حسام" اتجاهها على الفور، وجد إحدى زميلاتها جذبتها من يدها للتقدم والرقص مع العروس، فتقدمت بابتسامة خجولة، تهز كتفيها مع تراقص خصلاتها خلف ظهرها برقة ونعومة تخطف الأنظار مع تلك الإبتسامة المزينة وجهها تعطيها جمال فوق جمالها الآخاذ، وجد نفسه يتوه في رقة حركاتها وانسيابتها الأنيقة من بين الفتيات الواقفة.
ارتسمت ابتسامة تائهة فوق شفتي "حسام" وعينيه تدور مع دورانها وحركة شعرها المهتز مع حركاتها الأكثر من رقيقة، لكن أغلقت ابتسامته سريعًا ليحل محلها الغضب فور وقوع عينيه على ذلك المشاهد باهتمام وعيني كالصقر هناك.
تقدم "حسام" في خطوة واحدة يجذبها من يدها اتجاهه، شهقت "رقية" باضطراب من قوة جذبه اليها، فأبتعد بها "حسام" بعيدًا الى مكان يبدو هادئ قليلًا.
_ ايه في ايه، ايدي يا إياد بتوجعني.
نفض يدها بقوة، صارخًا بغضب:
_ قسمًا بالله لو مظبطي نفسك ووقفتي عدل لمتلومنيش علي هعمله يا رقية.
نظرت اليه بغيظ هاتفة من بين أسنانها هي الأخرى:
_ ايه، عملت ايه أنا دلوقتِ!!
كاد يرتفع صوته أكثر مع ازدياد غضبه، لولا ذلك الواقف بعد أن اقترب منهم هاتفًا يوزع نظره بينهم:
_ في مشكلة أو حاجة.
نظر اليه "حسام" بغضب، على وشك الإنفجار به هو الأخر، لولا "رقية" التي هتفت بحرج بينما تمرر يدها على معصمها بألم:
_ لأ خالص مفيش، تمام، كله تمام.
تطلع اليهم قليلًا ثم اقترب خطوة وهتف بعد أن تنحنح لحظة:
_ طيب كنت عايزك يا إياد في كلمتين لو سمحت يعني قبل ما تمشوا.
ثم نظر إلى "رقية" بابتسامة وتابع:
_ بخصوص رقية.
تفتكروا رد فعل حسام ايه، وازاي هيقدر يقف قدام رقية في القرار ده...شكلنا قربنا عالنهاية ولا ايه!!
وعلي وهنا خلاص داخلين على منعطف مهم...توقعاااتكوا..
ومتنسوش العريسين مي وتميم..
٣٦٥ يوم أمان
رانيا أبو خديجة
رأيكو وتوقعاتكم للي جاااي... قراءة ممتعة ❤️
جميله جدا
ردحذفتحفه
ردحذفجميله بس البارت صغير اووى
ردحذفجميلة جدا
ردحذف❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️🥰❤️❤️
ردحذفشوقتينا
ردحذفحلوة بس البارت بيتاخر ويجي قصير كثير حولي اطولي
ردحذفاي التشويق الكتير دا
ردحذف😍😍
ردحذف