U3F1ZWV6ZTMxMjc0MDY2Mjc3MzYyX0ZyZWUxOTczMDM4NTMwMzE2MA==

رواية 365 يوم امان الفصل الثامن والثلاثون بقلم رانيا أبو خديجة

 رواية 365 يوم امان الفصل الثامن والثلاثون بقلم رانيا أبو خديجة 

رواية ٣٦٥ يوم أمان للكاتبة رانيا ابو خديجة

رواية 365 يوم امان

رواية 365 يوم امان الفصل الثامن والثلاثون بقلم رانيا أبو خديجة

الفصل الثامن والثلاثون
#٣٦٥_يوم_أمان
#رانيا_أبو_خديجة

غادر قاعة المحكَمة بعد أن انتهى من عمله، فاليوم كان لديه حضور هناك، دَق هاتفه وقد علم أنه شقيقه "حسام" على الفور من ذاك الرقم الذي يهاتفهم به دومًا، وضع الهاتف على أذنه دون كلمة حتى يستمع لصوته كما المعتاد، ولكن جائه الرد عنيف وقوي حتى أبعد الهاتف عن أذنه:
-انت ازاي تسمح للكلب ده يدخل البيت تاني ويشوف أختك، انت عايز تشلني يا علي!!

تحدث "علي" بصوت هادئ لعله يجعله يهدأ هو الأخر:
-أولًا هدي صوتك يا حسام وبراحة شوية الموضوع ميستدعيش كل العصبية دي، ثانيًا كويس انك اتصلت أنا أصلًا كنت هكلمك وبخصوصهم.
ثم عدل من وضع الهاتف على أذنه وتابع:
-تميم بيحب مي بجد وبصراحة بقى عمرنا ماهنلاقي حد عارف وفاهم ظروفها وظروف تعبها زيه.
عاد "حسام" يصرخ به:
-متقولش بيحبها دي قدامي، وربنا أنا اللي حايشني عنه بس زفت الشغل.
زفر "علي" ثم أجاب:
-ياعم حايشك عنه ايه بس مانت شلفط خلقته، أنا سايبه عينه مش شايف بيها أصلًا.

ثم وضع يده في جيب بنطاله وتابع بجدية:
-اللي أعرفه انك كنت رافض خوفًا على مي من ناحية ومن ناحية تانية مفيش حد في اللي اتقدمولها كانوا عارفين ظروف تعبها والحقيقة ان اللي كان بيعرف منهم مكناش بنشوفه تاني وانت عارف كدة كويس، لكن تميم عارف كل ده، تخيل عارف كمان على موضوع الخلفة وموافق وولا كأنه عرف حاجة.

- ماهو عشان كدة أنا مش مرتاحله تميم ده بتاع بنات وانت عارف كدة كويس، وموضوع انه عرف انها عمرها ما هتقدر تخلف ده بيثبت كلامي، البيه عايز يتجوزها شوية كدة تبقى زي أي واحدة بيعرفها بس في إطار رسمي عشاني أنا وانت؛ عارف ان احنا مش هنسكتله وبعد كدة يرميها بقى.
توسعت عيني "علي" من حديث أخيه على صديقه هاتفًا:
-حسام، انت بتتكلم وكأنك مش عارف صحبك، يا أبني تميم مش كدة ومش ممكن يكون كدة ومع مين معايا أنا وانت!!

صمت "حسام" يستمع فقط دون رد فتابع "علي":
-انت خوفك وغيرتك على مي مخلياك مش شايف انت بتتكلم عن مين، بس أنا هقولك تاني تميم فرصة كويسة لأختنا مي، بلاش تظلمها يا حسام عشان مترجعش تندم بعد كدة وكفاية ان أختك لأول مرة تميل لحد كدة وتقولي بلسانها انها بتحبه بجد.

صمت "حسام" قليلًا يبتلع ريقه ثم هتف سائلًا: 
_مي قالتلك كدة!!
- أه والله وقالت أكتر كمان، عشان كدة بقولك بلاش تظلمها يا حسام وصراحة بقى أنا واثق في تميم.
ثم تابع بثقة وجدية شديدة:
_يا أبني ده أخونا يعني مش ممكن يفكر مجرد تفكير في اللي جه في دماغك ده، مش تميم يا حسام، يعني لا يمكن يأذيها أو يضرها في حاجة.
لم يصله سوى الصمت وكأن حديثه جعله ينتبه على مَن كان يتحدث، فتابع"علي": 
_ أختك اتبدل حالها يا حسام، بقت مختلفة كدة وبتتكلم وهي حابة بجد، وفي لامعة في عنيها تحسسك انك طاير من السعادة علشانها، وفرحان ان في حاجة بقت تفرحها بجد وبتتكلم عنها بالشكل ده، عشان غلاوة مي عندك يا حسام بلاش تكسر قلبها وتطفيها بعد ما صدقنا انها أخيرًا اتخلت عن زهدها في الدنيا بسبب مرضها اللي مانعها من انها تعيش حياتها، وأخيرًا بقت تتكلم بحماس وابتسامة على وشها وكأنها كسبت حياة جديدة في ورقة بخت كانت لا عالبال ولا عالخاطر.

ثم تابع عندما طال صمته:
-أنا عارف انت بتحب مي قد ايه وبتخاف عليها كمان، بس ده يخليك تفرحلها انها لقت حد يتغاضى عن كل ده في سبيل الوصول ليها هي وبس، ومش هقولك تاني ان كفاية ان الحد ده هو تميم؛ أخونا اللي عرفينه كويس وواثقين انه عمره ما هيأذيها في حاجة.
استمع اليه يزفر بقوة دلالة على الضيق، فحول مجرى الحديث لتلك النقطة:
_ ومتنساش ان تميم هو اللي كان بيوديها ويجيبها طول الفترة اللي فاتت دي بطلب منك انت، يعني لو نيته سيئة مكناش عرفنا حاجة أصلًا وكان لعب بيها زي ما بتقول.
ثم تابع سريعًا موضحًا قبل غضبه الذي استشهره في أنفاسه خلال الهاتف:
_ لكن انت عشان واثق في صاحبك وعارفه كويس مخوفتش منه عليها، وعايز أقولك كمان ان مازال تميم الأقرب لمي واللي بيوديها ويجيبها برضو.
نطق "حسام" أخيرًا:
_ أنا كنت مطمن عشان دايمًا مي كانت قدامه هو وبدير بيجولي وبروحلهم من واحنا في الجامعة مع بعض وقتها كانت هي لسة صغيرة قوي، ولا لحظة حسيت حد منهم بصلها بصة متعجبنيش، بالعكس كنت دايمًا بحس انها أختهم الصغيرة؛ وده اللي كان مطمني، لكني طلعت غلطان.

هتف بأخر جميلة بنبرة حزينة محبطة، فتحدث "علي":
_ يا حسام تميم مغلطش ده طلبها مننا، ايًا كان بقى بصلها انها تبقى حبيبه مش أخت من دلوقتي أو من قبل كدة.
ثم تابع محاولًا اقناعة بأي شكل:
_ وعلى فكرة متنساش ان أنا وانت في شغلنا بعيد كل واحد في حته، وهو اللي شغله واقامته وكل حاجة هناك في القاهرة ...جنبها.
وصله سؤاله الغاضب:
_ قصدك ايه يعني؟!
_ قصدي انك توافق يا حسام، وافق.
لم يصله سوى الصمت فصمت هو الأخر بانتظار الرد ولا بكلمة واحدة دلالة على الموافقة لكنه لم يستمع سوى صوت إغلاق الخط بوجهه.

!!!!!!*!!!!!*!!!!!*!!!!!!
أغلق "حسام" معه الخط يزفر بضيق، بداخله يعلم أن معه الحق في كل ما ذكره، لكنها "مي"؛ القطعة الرقيقة التي تسكن قلبه منذ صغرها وتحمله لمسؤليتها كأب لأبنة صغيرة، يخشى عليها من مساس أي خطر بها، خاصتًا لعلمه كل العلم بتفاصيل حالتها، ومايؤدي بها للخطر من عدمه، أغمض عينيه يزفر بشدة، فبرغم حزنه الشديد عند علمه بعدم قدرتها على تحمل عبء الزواج والخلفة لكنه مع مرور الوقت، أقلم ذاته وأصبح الأمر بعقله عبارة عن واقع مريح فلم يضطر للقلق عليها على الإطلاق، ستظل بحضنه أمام عينيه.

تقدم في خطواته أكثر يقترب من الورشة بضيق يعتلي ملامح وجهه، كلما تذكر "تميم" وتعبيرات وجهه وهو يتحدث عنها تشتعل بداخله نيران الغيرة والخوف عليها، نعم هي شقيقته، لا بل ابنته التي لم ينجبها، يعلم بأن صديقه معذور كل العذر بالحديث عنها بهذا الهيام، فهي صغيرته ألطف كائنات الأرض منذ صغرها، عندما يراها بعد غيبة يشعر وكأنه أمتلك ألذ جزء بحياته بعد أن كان غريب، وحيد بالبعد عنها.

نعم يحسده ويحقد عليه مَن تكون هي شريكة لحياته؛ "مي" رغم تعبها والظروف المحيطة بها لكنها كقطعة حلوى تعطي مزاق خاص لمن ينظر مجرد نظرة بوجهها، تربت على يده، كان أول مَن يهتم بها وبتفاصيلها كأب يعلم كل تفصيلة عن ابنته، بالإضافة لخوفه عليها يشتعل بداخله شعور بالغيرة من مجرد التفكير بزواجها من "تميم"..صديقه.

ركل قطعة حجرية صغيرة بقدمه بغيظ وهو في سيره يقترب من الورشة، أمر لم يحسب له حساب، أو حتى يضعه بخاطره، 
رأته "رقية" أتي من بعيد واضع كفيه بجيوبه وناظر في الأرض يركل ما تقابله قدمه بضيق بارز على ملامحه، فتركت ما بيدها وانتظرته ليتقدم من الورشة تقترب منه وهتفت:
_ كنت فين، ومالك في ايه!

دخل "حسام" الورشة يلقي بذاته على الكرسي الأوحد الخشبي المتواجد بالمكان ثم همس دون النظر اليها:
_ مفيش، كويس.

 ظلت ناظرة اليه، فهو على تلك الحالة من الضيق منذ أن سافر الى القاهرة كما ذكر وأتى مساءً، حتى الحديث يرد عليه باقتضاب شديد.

كانت "رقية" مثبتة عينيها عليه بتفكير وشرود بحالته التي لم تعلم سببها، بينما هو مازال ناظر لأسفل بذات شروده هو الأخر يتلاعب بأصابعه بأداة حديدية صغيرة إلى أن استمع لصوت تلك السيارة الواقفة أمام الورشة لم يشغله الأمر ولم يرفع حتى عينيه الى أن استمع لصوتها المبتهج تهتف:
_ ايمان!!!
رفع عينيه على الفور ليجدها تخرج من الورشة تتقدم من تلك الفتاة تماثلها في العمر تقريبًا تهبط من تلك السيارة لتفتح "رقية" ذراعيها وتتقدم منها تحتضنها بود.
_ عاملة ايه، ايه المفاجأة الحلوة دي، أول مرة تجيلي شغلي.

خرجت صديقتها من حضنها بعد أن قبلتها لتهتف بابتسامة ودودةٌ:
_ كان لازم أجيبك، انتِ أول الناس يا رقية ووالله لو ماجيتي ما اكلملك تاني أبدًا.

ثم تابعت بخجل:
_ خطوبتي، قررنا نستغل إجازة نص السنة ونعلنها ان شاء الله.

توسعت عيني "رقية" بفرحة تقترب تقبلها مرة أخرى هاتفة:
_ الف مبروك، هجيلك طبعًا هتبقى فين وامتى؟
وهنا أضطرت صديقتها للإلتفات والنظر لذلك الواقف يتابع الموقف بعيون كالصقر أو بمعنى أدق، يتابع تلك الجذابة بذلك الزي الأكثر من كونه عجيب على أنثى، "عفريتة" من اللون الازرق؛ زي عملها المتشحم قليلًا عوضًا عن خصلاتها السوداء المنسدلة من رابطة أعلى رأسها بينما تبدو خطوط من الشحم الأسود أعلى جبهتها البيضاء مما يعطيها جدية العمل وجاذبية إضافة إلى جاذبيتها.
بينما تتحدث مع شقيقته بكلماتها الأكثر من ودودةٌ مع ابتسامتها الواسعة وأحضانِها التي تُعبِر عن مدىَ عمق علاقتهم.

_ وليد اقترح انها تبقى عندنا في البيت، انتِ عارفة البيت طبعًا، هتبقى الجمعة الجاية باذن الله، هستناكي يا رقية.

اومأت اليها "رقية" لكنها كانت منشغلة هي الأخرى بالنظر لذلك المتقدم منهم بوقار ووجه جادي لا يعبر عن شئ:
_ صباح الخير، ازيك.

 أومأت "رقية" بوجهها بابتسامة تهتف:
_ صباح النور، ازي حضرتك.

نظر نظرة تفحصية على المكان، ثم عاد بالنظر اليها هاتفًا:
_ انت بتشتغلي هنا؟

أجابت صديقتها:
_ لأ دي بتاعتهم، بس رقية اشتغلت فيها بعد وفاة باباها.

وبعد مراقبة الموقف من على بُعد، جالس داخل الورشة، بينما هما يتحدثون خارجها، نهض "حسام" فور رؤيته ذلك الواقف يتحدث معها، وهنا تذكر أين رأه ومتى.
_ اوعي تفتكري اني ناسيكي، أنا اتكلمت مع دكتور المادة بتاعتك وهو قال انه هيشوفلك استثناء تخليكِ متدخليش دور تاني ان شاء الله، عشان ده ميأثرش على تقديرك التراكمي ولا يبقى مشكلة في السي ڤي بتاعك بعد كدة.
ابتسمت "رقية" بسعادة وراحة فأبتسم هو الأخر أثر ابتسامتها، ثم نظر لشقيقته التي تنهي المقابلة ليغادروا؛ حتى يقوم بتوصيلها بسيارته لتنتهي من دعوات باقي صديقاتها كما وعدها.

أسرع "حسام" في حركته والخروج اليهم عندما رأها توجه ابتسامتها تلك اليه، ابتسامتها التي تقصد بها العالم كله سواه هو،  لكنه وجدهم يستقلوا سياراتهم ويرحلون فوقف بجانبها وهي تشير اليهم بيدها وبذات ابتسامتها وهتف:
_ خير يا رقية، مين دول؟
التفتت إليه وأجابت بفرحة وحماس:
_دي إيمان صحبتي، كانت جاية تعزمني على خطوبتها، أصلها كانت مأجلاها لأجازة نص السنة.

ابتسم "حسام "براحة يسأل:
_ واللي معاها ده خطيبها مش كدة؟
_ لأ ده أخوها.
أُغلقت ابتسامته تدريجيًا ثم هتف بعد أن عاد ينظر في أثرهم:
_ مش ده المعيد اللي كان واقف معاكِ قبل كدة في الجامعة؟

أومأت اليه "رقية" ثم دخلت تتابع ماكانت تفعله قبل قدومهم، ليهز رأسه هو الأخر ومازالت عينيه على الطريق الذي سلكوهه.

!!!!!!*!!!!!!*!!!!!!*!!!!!

نظر "علي" للهاتف بحاجبين مرفوعين، لكنه أخيه ويعلمه جيدًا، كما يعلم أن الحديث يستقر بعقله الآن ليقوم بتدويره والتفكير به، انتبه لذلك الأتي من بعيد يهتف بعد أن وكزه بذراعه يشير بعيدًا:
-علي.. علي.
أجاب وعينيه مازالت بالهاتف:
- ايه، في ايه!!
أشار باصبعه بعيدًا هاتفًا بهمس:
-فاكر البنت دي، دي دي اللي هناك دي بتاعة قضية الدكتور الشهير، يا أبني بتاعة أنا بطالب بالإفراج عن موكلي بضمان محل إقامته.

نظر "علي" اتجاهها حتى رأها واقفة بعيدًا مع أحد الموكلين تتحدث بيدها بإشارات رغم توترها لكنها تبدو واثقة قوية، فعاد ينظر اليه وهتف:
-أيوا مالها يعني!!

تحدث بجدية ومازالت عينيه عليها:
-القيلك الأخت دي عماله بتتسحب وتبص حواليها يمين وشمال رايحة فين بقى؟
سأل "علي" بحاجبين معقودين باندهاش:
-فين!!
- مكتبك يا برنس، كانت داخله تسأل عليك.
عاد ينظر اتجاهها مرة أخرى ثم سأل:
-وكانت بتسأل عليا ليه يعني عايزة ايه!!
- انت بتقولي أنا، ما تسأل نفسك ايه يخليها تقرب من مكتبك بالمنظر ده إلا لو فيه إن.
- ثم تابع بتذكر:
- -انت فاكر أصلًا تصرفاتها ونظراتها كانت غريبة ازاي لما كانت عندك في المكتب، البت دي مريبة.
-يا أبني ما يمكن مجنونة ولا حاجة.
ضحك صديقه بينما عيني  "علي" مازالت عليها تتحدث مع هؤلاء الرجال الواقفين أمامها بمنتهى الجديه والثقة البادية في إشارات يدها ثم التفتت بعد أن انتهت معهم لتدخل القاعة وهُنا رأته من بعيد، لاحظ "علي" توسع عينيها عندما تقابلت مع عينيه وتوقفها عن سيرها للحظات، ثم ابتلعت ريقها مع نظرة مشابهة تمامًا لنظرتها السابقة، نظرة مليئة بالازدراء والقرف، ثم عدلت من وضع حقيبتها بيدها وتابعت سيرها.
-شوفت، شوفت بتبصلنا ازاي، والله مجنونة.
نظر اليه "علي" ثم تركه واتجه ناحيتها بغضب من نظرتها التي ترمقه بها كلما رأته.

أسرع في خطاه خلفها حتى يلحق بها ثم صاح بالنداء:
-يا أستاذة، انتِ يا أنسة.
لم تعير لندائه أي اهتمام، فصاح بغيظ:
_ انتِ يا حجة!!
توقفت "هَنا" تلتفت اليه بحدة فزفر "علي" من نظرتها تلك التي مل منها ثم هتف:
-ممكن أعرف حضرتك أنا ضايقتك في ايه أو أنا أعرفك أصلًا قبل كدة!!

نظرت اليه بصمت لكنها نظرة قاتلة بعيون واسعة بغيضة لامعة بدموع الحقد، فتابع هو:
-أنا زي ما أكون قاتلتلك قتيل مثلًا.

ظلت صامتة فقط ازدادت نظرتها سوء فزفر هو بقوة ثم تابع:
-طب بلغني ان حضرتك جيتي وسألتي عليا، خير كنتِ عايزة حاجة!!
وأخيرًا نطقت بصوت قوي كاره:
-وأنا هعوز منك انت ايه!!
توسعت عيني "علي" لكنها تابعت:
-قصدي، قصدي هعوز من حضرتك ايه.

ارتفع حاجبيه يهتف باندهاش:
-لا صدقي فرقت كدة!!

ثم هتف بقوة هو الأخر:
-اسمعي يا أستاذة انتِ أنا مفتكرش إني قابلتك مجرد مقابلة ولا حتى عرفتك قبل كدة، فاممكن بعد اذنك لما تشوفيني بعد كدة تدوري وشك الناحية التانية، ماهي مش ناقصة أمراض وعقد عالصبح.

لم ترد سوى بنظرتها تلك وقبل أن تتركه وتتابع سيرها انحنت بعينيها ثم رفعتها في نظرة محتقرة من أعلى لأسفل وتركته وغادرت.

نظر في أثرها بغيظ وعيون واسعة بغضب من نظراتها كلما رأته، اقترب صديقه الذي كان يتابع من بعيد وهتف:
_ علي، ايه يا أبني كل الرغي ده معاها، قالتلك ايه المجنونة دي؟
أبعده "علي" بكفة يهتف بغيظ ومازالت عينيه معلقة بالقاعة التي دخلتها:
_ وسع انت كدة بقى.
وأسرع خلفها بذات غيظه وغضبه منها، صاح صديقه:
_ يا أبني ورانا شغل، مش هنرجع الإدارة سوا!!

دخل "علي" بذات غيظه وغضبه في حركة خطواته السريعة الغاضبة، وجد الحضور جالس معتدل للجلسة حتى أن القضاة جالسين على وشك بدء المرافعة، فأتجه اليها بذات المقعد التي جلست به ترتب أوراقها، التفتت "هنا" فاجأة عندما شعرت بأعين تحترقها بنظرته الغاضبة.
لم تتأثر أو تخشى نظرته حتى اقترب خطوة إضافية ومرر عينيه عليها من أعلى لأسفل وكأنه يرد اليها نظرتها،  ورفع إصبعه بتحذير غاضب يملئه الغيظ ثم همس بشر:
_ قسمًا بالله العظيم أشوفك أو المحك بس بتبصيلي كدة تاني لأكون دابب صوابعي دي في عنيكِ.
نطقت هي الأخرى بشر مماثل:
_ طب اعمل كدة عشان أحبسك وأوديك في داهية.
توسعت عينيه أكثر يهز رأسه برغبة قوية في غيظها فهتف بصوت مرتفع قليلًا:
_ تحبسيني أنا!!! انت مجنونة يا بت انتِ ولا ايه!! وربنا أسفخك كف يلوحك يخليكِ متعرفيش ترفعي عينك فيا تاني، لولا بس اني متربي ومبمدش ايدي على بنت.

على صوتها هي الأخرى:
_ انت تمد ايدك عليا أنا، طب ايه رأيك بقى ان سجنك انت هيبقى على ايدي ان شاء الله وساعتها بقى هخلص منك الجديد والقديم.
أستمع الإثنين لطرقات قوية من القاضي يليه صوته الأمر:
_ انتوا الإتنين....برة.
توسعت عيني "هنا" بقلق فهتفت على الفور:
_ يا ريس أنا محامية المتهم.
نظر هو الأخر بحرج وهتف:
_ وأنا الرائد علي المصري.
نظر لمأزرها الخاص بالمحاماة ولبذلة الأخر البيضاء الخاصة بالداخلية، زهتف بصوته الجادي القوي:
_ وحضراتكوا متعرفوش ان قاعة المحكمة ليها احترامها.
نظرت "هنا" اليه فنظر هو الأخر اليها بذات نظرتها المغتاظة، أشار اليهم القاضي بالجلوس يصدح بصوته المرتفع قبل أن يحذرهم بعدم الضوضاء واحترام قاعة المحكمة وإلا كان الجزاء الحبس ليوم كامل.

جلسوا الإثنين بجانب بعضم فأقترب "علي" اليها بوجهه يهمس بشر:
_ انتِ طلعتيلي منين،  واحدة زيك انتِ كانت هتوديني أنا في داهية، أصبري عليا لبعد الجلسة بس.

نظرت "هنا" اليه نظرة أخيرة مليئة بالسخرية ثم انشغلت تتابع ترتيب أوراقها وتستمع لمحامي الخصم.

نظر اليها بغضب أشد، يشعر برغبة قوية في صفعها بكلمات تجعلها تعلم قيمتها جيدًا أمامه، أو على الأقل يرد اليها نظراتها البغيضة تلك؛ لتعلم مع مَن تتحدث.
كان قد جلس بجانبها مباشرتًا بطبيعة الأمر، مع الهدوء حوله سوى من صوت محامي الخصم، لكن عينيه مازالت عليها بكل ما تحمله النظرة من غيظ.

 صدح صوت القاضي بالنداء على الدفاع وهُنا تحدثت هي قليلًا مع تلك الجالسة بجانبها؛ محامية زميلتها بالمكتب وتكبرها خبرة وعُمر، وبعد أن تحدثت معها نهضت واقفة بمأزر المحاماة الأسود الذي يماثل سواد زيها تمامًا.

اتكأ "علي" بظهره الي مسند المقعد يعقد ذراعيه أمام صدره يتابعها واقفة بعيون ضيقة، مازال قلبه مشحون بالغضب الذي لم يهدأ حتى يوبخها بالحديث ويعلمها كيف تجرأ وتتحدث مع شخص مثله بتلك الطريقة دون حتى أن يكون بينهم أي سابق معرفة، بينما وقفت هي تتحدث وتتحدث كثيرًا مع تعبيرات يديها واشاراتها على مَن بالقفص، تترافع بينما ذلك الجالس هناك يتابعها بعينيه، عندما تلتفت وتلتقي أعينهم تتحول نظرته من الشرود بها وبقوتها لنظرة مختلفة تمامًا من اللامبالاة الممتزجة بالازدراء فتبادله هي نفس النظرة، ثم تعود تنظر للقاضي حتى قاطعها سائلًا:
-فين دليلك يا أستاذة.
نطقت على الفور بثقة:
-موجود يا ريس، لحظة واحدة.
اتجهت تجلب الأوراق من على سطح النقعد أمام عينيه المتابعة، تلاقت عينيها به يتابع بصمت فرفرفت بأهدابها بعدم اهتمام واللامبالاة، ليجز على أسنانه هو أكثر.
أخرجت وريقات من الملف واتجهت بها للقاضي ترفعها اليه، لينظر بها قليلًا ثم سأل:
_ الورق ده مش كفاية يا أستاذة، فين الأصل؟
توسعت عيني "هنا" تهتف بتوتر بدأ ينتابها:
_ عند حضرتك في الملف.
رفع القاضي رأسه ينظر اليها قليلًا ثم هتف:
_ الملف بتاعك أهو يا أستاذة اتفضلي.
أسرعت تلتقط الملف بالفعل تبحث به، لكنها لم تجدها فرفعت عينيها بتوتر أشد، نظر القاضي اليها بصمت، وقد أدرك توترها، لكنها عادت لمقعدها تبحث هنا وهناك بحقيبتها وحقيبة زميلتها وهنا التقت أعينهم مرة أخرى، لاحظت "هنا" تبدل نظرته من الغضب للإهتمام وبدأ بالفعل ينظر أسفل المقعد وأسفل حقيبتها حتى أشار اليها وهو يلتقط الحقيبة:
_ مدورتيش بالجيوب الصغيرة دي.
نظرت اليه قليلًا ثم بدأت بالبحث بالمكان الذي أشار اليه بالفعل، لكنها لم تجدها، فمررت يدها على مأزرها وثيابها حتى وقعت يدها عليها بجيب بنطالها أسفل المأزر، أسرعت بها للقاضي الذي التقطها وبعد أن نظر بها هتف:
_ ده دليل براءة يا أستاذة، حد يحتفظ بورق مهم زي ده في جيبه!!
أجابت ببساطة:
_ ماهي عشان ورقة مهمة ياريس، بعدتها عن الملف.
نظر بالأوراق بأكملها قليلًا ثم تطلع اليها قائلًا:
_ انتِ محامية متعبة يا أستاذة هنا.
رفعت "هنا" جانب شفتيها تنظر اليه بعدم رضا، فنظر اليها بحاجبين مرفوعين يهتف باندهاش:
_ انتِ بتبصيلي بقرف يا أستاذة هنا!!
ضحك "علي" رغمًا عنه يضرب كف بكف بخفوت مع ضحك كل مَن بالقاعة بأكملها.
وبعد الإنتهاء التف حولها ذوي المتهم الذي حُكم عليه بالبراءة الأن بعد مرافعتها وتقديمها للأدلة ببراءته، بينما واقف هو بعيدًا متابع لها ولوجهها الجاد بالحديث مع الملتفين حولها يتحدثون بابتسامة وسعادة عالية، بينما أومأت اليهم هي بنصف ابتسامة أكثر من رسمية وغادرت، لمحته "هنا" مازال واقف يتابع فأحكمت يدها على حقيبتها وغادرت تعترض على أي مواجهة أخرى بينهم.

!!!!!*!!!!!*!!!!!*!!!!!!


جالس بينهم على الأرض بعد العشاء أمام التلفاز، ومن حين لأخر يفصله عن شروده ضحكات الصغار و"أحلام" التي نجحت في اقناعهم بمتابعت مسلسلها الكوميدي معها، لكن تلك البعيدة التي تتابع صمته بعينيها، اقتربت في جلستها تحمل الصغيرة الجالسة بجانبه مباشرتًا ووضعتها على ساقيها ونظرت اليه ثم هتفت سائلة:
-مش هتخرج النهاردة يعني زي كل ليلة بعد الشغل، زي ما بتعمل.

نظر اليها "حسام" هاتفًا وعينيه بعينيها عن قرب:
-هو أنا علطول مش عجبك كدة، أقعد معاكوا مش عاجب، أو اخرج مش عاجب، قولي أعمل ايه وأنا أعمله.

زفرت "رقية" بضيق من طريقته السيئة في الحديث معها منذ الصباح فهتفت:
-أنا ملاحظة انك متضايق بقالك كام يوم، بس النهاردة بالذات قررت تطلع كل زعلك وضيقتك دي عليا.

ثم ادعت انشغالها تعبث بيدها في خصلات الصغيرة ناظرة للتلفاز بحزن، نظر هو اليها قليلًا ثم اقترب يهمس:
-متزعليش مني، حقك عليا.
عادت "رقية" تنظر اليه فهتف هو بعد تنهيدة:
-أنا بس حاسس في دوشة في دماغي مش قادر ارتبها.
ثم التفت ينظر اليها وهمس:
-ومبقتش فاهم حاجة، ولا عارف في ايه!!!

عقدت "رقية" حاجبيها ثم هتفت بعدم إدراك لما يرمي اليه:
-ايه اللي مش فاهمه، وايه محيرك قوي كدة، قولي ده أنا أختك!
استمر في النظر اليها بذلك القرب بصمت دون كلمة، ثم سأل ومازالت عينيه بعينيها:
_ لازم تروحي خطوبة صحبتك دي؟
عقدت حاجبيها باندهاش من سؤاله التي لم تفهم مغزاه، وكادت أن تسأله أيوجد شيء يمنعها عن الحضور، لكن دق هاتفه للمرة التي لم يعلم عددها فنظر للشاشة ليغمض عينيه بضيق فقالت هي:
_ ملاحظة موبايلك بيرن من بدري وانت مش عايز ترد، الرقم الغريب ده هو اللي مضايقك.
زفر بضيق من ذلك الرنين المزعج، ثم نهض دون كلمة ليدخل غرفته ويغلق بابها خلفه أمام عينيها المتابعة له.

فتح "حسام" الخط وهتف بضيق:
_ انت ايه مبتفهمش!! مش عايز أرد عليك يا تميم.
_ انت برضو اللي زعلان يا أسطا، ماشي يا عم ان كان ليك عند حسام حاجة قولي يا عمي.
_ عايز ايه؟
_ انت عارف أنا عايز ايه كويس...مي يا حسام.
هتف "حسام" بغضب:
_ ده بُعدك، وقولتلك قبل كدة احنا معندناش بنات للجواز، روح شوفلك عروسة في حتة تانية.
تحدث "تميم" باصرار وطولة بال اكتسبها على يديه هو وشقيقته:
_ لأ عندك، ست البنات كلهم، ورحمة أبوك يا أخي لتسمعني، يا حسام انت مدتنيش فرصة أشرحلك حاجة ولا أقولك قد ايه أنا متعلق ب...
_ قسمًا بالله يا تميم، أسمع منك نفس الكلام اللي قولته قبل كدة لتلاقيني عندك تاني دلوقتي مطلع عينك.
صرخ بصوت مرتفع تدريجيًا:
_ وهو أنا قولت ايه غلط، قولتلك اني بحبها!! مأنا فعلًا بحبها دي الحقيقة أومال طلبتها منك وعايز أتجوزها ليه!
ثم زفر يتابع بصوت أهدى قليلًا:
_ يا حسام أنا بحب مي، ومي كمان الحمد لله بتحبني، يبقى ليه بقى العند، أنا والله العظيم مستعد أعمل أي حاجة عشان أثبتلك اني هحافظ عليها وأشيلها جوا عيوني كمان.
جلس "حسام" على حافة الفراش ثم هتف بعد أن أغمض عينيه بضيق:
_ مي تعبانة يا تميم، والجواز غلط عليها ومفيش خلفة، الكلام خلصان يا حبيبي من قبل ما يبدأ أصلًا.
صمت "تميم" كثيرًا فشعر "حسام" بقليل من الراحة بصمته إشارة على تراجعه وإعادة تفكيره بالأمر، لكنه فاجئه يهتف بصوت أهدى أقرب أكثر:
_ حسام، ينفع تنسى للحظة انتا بنتكلم عن مي، وتكلمني كاحسام صاحبي وأقرب حد ليا في صحابنا، ده احنا كنا أول اتنين يبقوا أصحاب في دفعتنا يا أخي، ومن بعدها مسبناش بعض، انت حتى أقرب ليا من "بدير" اللي شغلنا كله مع بعض دلوقتي.
صمت "حسام" فتابع "تميم":
_ طيب افتكر اني قولتلك انسى ان مي اختك وافتكر اني صاحبك اللي بيكلمك وبس، فاكر لما اتقابلنا في يوم في ساحة التدريب عالرماية وكنت انت مضايق قوي ساعتها، وقتها سألتك مالك قولتلي كنت عند دكتور مي وقالي ان حالتها بتسوء وان ممنوعاتها بتزيد حتى لحد الجواز والخلفة، فاكر؟
_ طب كويس ان انت اللي فاكر أهو.
_ أيوا فاكر، وفاكر كمان وقتها كنت عايز أكلمك في ايه بس كلامك خلاني لغيت كل اللي كنت عايز أفاتحك فيه؛ أنا كنت عايز أطلب مي منك يا حسام، كنت شوفتها كذا مرة ورا بعض بعد ماكبرت وبقت عروسة زي القمر وفي نفس الوقت مختلفة ومحترمة تنفع تبقى مراتي يعني، لكن من بعد كلامك لغيت كل ده وحاولت أقلل مجيي عندك عشان مشوفهاش، بس سبحان الله كان غصب عن عيني بقابلها، يعني "علي" يطلبني ويقول عايزني في موضوع أصر أقابله تحت البيت ومطلعش عشان مشوفهاش أبص ألاقيها جايه من أخر الشارع هناك زي القمر فغصب عني عيني تثبت عليها وبقيت بتعلق بيها أكتر، والمصيبة اني كل ما كنت بقاوم الشعور ده كان بيقاومني، يا حسام مي بالنسبالي حلم بعيد وماصدقت أنه بدأ يقرب، عشان خاطر... عشان خاطر مي عندك لأني عارف مفيش في غلاوتها عندك لتوافق يا أخي.
لم يصله سوى الصمت، فأغمض عينيه بيأس وقلق حتى وصله ماجعله يفتح عينيه على وسعها بعدم تصديق:
_ تجيب والدتك وتتهبب تيجي بكرة الساعة 9 تقابلني ياتقابل "علي" على حسب ظروفي هشوف، متتأخرش.

365 يوم أمان
رانيا أبو خديجة

تفاعل يفرح بقى كدة وفصل بكرة ينزل باذن الله .. لينك البارت يترفع عالصفحة ب1000 كومنت و300 ريأكت وبارت بكرة ينزل.. وأنا عارفة ان عددكوا أكتر من كدة الحمد لله وانتوا قدهااا... قراءة ممتعة ..♥️


 
تعليقات
23 تعليقًا
إرسال تعليق
  1. ياروعاتك 🙈❤❤❤❤❤❤

    ردحذف
  2. ❤❤❤❤❤❤❤❤❤

    ردحذف
  3. ❤❤❤❤❤❤❤❤

    ردحذف
  4. الله حلوة اوي ❤️

    ردحذف
  5. وأخيرا 🤣

    ردحذف
  6. انا خايفه ع حسام قلبه يتكسر لو رقية بتحب وليد 🥺

    ردحذف
  7. روعهههههههههههه⁦❤️⁩

    ردحذف
  8. زي كل مرة بتتفوقي على نفسك ما شاء الله عليكي

    ردحذف
  9. جميله جدا جدا جدا

    ردحذف
  10. مبروك مبروك مبروك😍😍😍

    ردحذف
  11. ❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️

    ردحذف
  12. ❤️❤️❤️❤️😍😍😍😍❤️❤️❤️😍😍😍❤️❤️❤️

    ردحذف
  13. رائع .ديمًا متميزة

    ردحذف
  14. تحفففففففففه

    ردحذف
  15. رووووووعه

    ردحذف
  16. تسلم إيدك 💕💕

    ردحذف
  17. ❤❤❤❤❤

    ردحذف
  18. احلى حاجه تهبب وتيجى

    ردحذف
  19. تسلم الايادي

    ردحذف
  20. اخيرا يا حسام
    ♥️♥️♥️♥️♥️♥️عندنا فرح يا بنات

    ردحذف

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة