U3F1ZWV6ZTMxMjc0MDY2Mjc3MzYyX0ZyZWUxOTczMDM4NTMwMzE2MA==

رواية ٣٦٥ يوم أمان الفصل الرابع والثلاثون بقلم رانيا أبو خديجة

 رواية ٣٦٥ يوم أمان الفصل الرابع والثلاثون بقلم رانيا أبو خديجة 

رواية 365 يوم امان

رواية ٣٦٥ يوم أمان الفصل الرابع والثلاثون بقلم رانيا أبو خديجة

 الفصل الرابع وثلاثون
#٣٦٥_يوم_أمان
#رانيا_أبو_خديجة

بترت كلمتها فور رؤيتها ذلك الضابط، الذي تولى القبض والتحقيق المبدئي على المتهم التي جاءت تتولى هي الدفاع عنه.

وضع "علي" سماعة الهاتف ونظر لتلك الناظرة اليه بأعين واسعة ملفتة للإنتباه، فهتف يشير اليها بالجلوس:
_ أهلًا...اتفضلي حضرتك.

 ظلت "هنا" واقفة، فقط مثبتة عينيها عليه بوسع، سريعًا ما تحول لشر بائن، هو!!! نعم هو، تعلم تلك الملامح جيدًا، ملامح خنزير بالنسة لها، فكثيرًا ما كانت تتعجب من عشق صديقتها المرحومة"مايا"، وفور تذكرها وكما المعتاد منذ فترة تشعر بدوار يكتاحها فاجأة فور تتابع خيالاتها خلف جفنيها، فوضعت يدها على جبهتها تغمض عينيها بدوار، لينهض هو ويهتف:
-انتِ كويسة يا أستاذة؟

سريعًا ما فتحت عينيها لتنظر اليه بانحناء في شفتيها دلالة على الإشمئزاز فور توجيه حديثه اليها، لينهض صديقه الضابط الجالس بالمقعد المقابل للمكتب:
-ممكن حضرتك تقعدي ترتاحي.

اقتربت "هنا" بالفعل تجلس ثم وضعت حقيبتها العملية على الأرض بجانبها ترفع عينيها بهدوء اليه، فهتف "علي":
- طيب، حضرتك كنتي حاضرة عن كمال الدين وجدي الصيدلي، ابن الدكتور وجدي كامل الشهير.
ثم رفع عينيه عن الأوراق ونظر اليها وهتف:
-غريبة! يعني حضرتك شكلك صغيرة سنًا اعتقدنا ان الدكتور هيبعت محامي أكب...

قاطعته  بنظرة قوية ونبرة جادة معادية لأقصى حد:
-أستاذ جميل الصياد صاحب المكتب اللي بشتغل فيه، بعتني أتابع الأمر لحين حضوره بالإضافة لثقته فيا.
ثم حولت نظرها لصديقه الجالس أمامها يتابع نظراتها الأكثر من غريبة:
-ومعتقدتش ان ده هيفرق مع حضراتكم في حاجة.

نظر "علي" الى صديقه بحاجبين معقودين من طريقتها الأكثر من حدية، ثم نظر اليها وتابع:
-طيب، موكلك يا أستاذة متهم بتجارة المخدرات في الصيدلية بتاعته، القضية مش ساهلة.

يتحدث ويتابع سرد التفاصيل عليها ويوزع نظراته مابين الورق أمامه وبينها، بينما هي تنظر اليه بذات عينيها المتسعة، لم تنكر تغير ملامحه التي عهدتها برؤيته من قبل عندما أتى الى "مايا" لأكثر من مرة فتراه هي من أعلى الشرفة، يبدو ذو ملامح جادة أكثر وبدت خطوط عرضية أسفل عينيه لم تعلم أرأتها من قبل أم لا، بينما لحيته جعلته أكبر مِن مَن رأته من قبل، تتذكر جيدًا آخر مرة رأته بها كانت من شهر ونصف تقريبًا منذ وفاة مايا، اتلك المدة كافية لتفعل ذلك التغيير الجذري بملامحه، جزت فاجأة على أسنانها تشعر برغبة قوية في الهجوم عليه، انحرفت عينيها لذلك الخنجر الموضوع على سطح المكتب، ودت لالتقاطه ووضعه بقلبه بقوة حتى تسيل دمائه وتزهق أنفاسه الأخيرة على يديها.

 تحولت نظرتها تدريجيًا للمعات من الدمعات التي تهدد بالهطول فور تذكرها لتلك القطعة من قلبها "مايا" وملامحها الأكثر من بريئه في الحديث عنه مرارًا، بماذا كانت ترى به لتحبه بذلك الجنون الذي دفعها للخلاص من حياتها مرة ومرتين، فهي لم ترى به سوى خنزير على هيئة بشر أمامها.

_ طبعًا هو مُصر ان الحاجات دي مش بتاعته وانها محطوطة بفعل فاعل....لكن أكيد حضرتك عارفة ان في كل الأحوال هيتعرض عالنيابة بكرة الصبح.

نظر اليها بتمعن فور الإنتهاء من حديثه، لم يرى سوى عينين مثبتتين عليه بوسع عجيب، ولمحات من الدمعات التي تلمع بهما، فنظر لصديقه بحاجبين معقودين ثم اليها وهتف:
-يا أستاذة... حضرتك متأكدة انك كويسة؟

هزت رأسها بقوة تحاول تجميع تركيزها ثم رفعت اصبعيها لعينيها تحاول تجفيف تلك الدمعات قبل سقوطها أمامه، وعادت بالنظر اليه:
- ااا... ااابي.. احم.. أنا ...أنا بطالب بالإفراج عن.. عن ..
وضعت يدها على جبتها محاولة تذكر اسم موكلها ثم عادت بنظرها اليه بعدم تركيز وتابعت:
-بطالب بالإفراج عن موكلي بضمان محل إقامته.

نظر "علي" لصديقه الجالس يحاول مدارات ضحكته ثم نظر اليها وهتف باستنكار:
-نعم!!! بقول لحضرتك موكلك متهم في استغلال صيدليته في تجارة المخدرات والأدوية المجدولة.. حضرتك تقوليلي أطالب بالإفراج عنه!!

ثم تابع:
-موكلمك هيتعرض عالنيابة الصبح... وهناك بقى ابقي طالبي بكل اللي انتي عايزاه.
 ظلت مثبته عينيها عليه بصمت الى أن هتف صديقه:
-أنا.. أنا شايف ان حضرتك تقريبًا تعبانة أو مش منتبهة لخطورة القضية ولا ايه؟

التقطت حقيبتها من الأرض تنهض ثم هتفت:
- أنا...أنا فعلًا تعبت فاجأة...ممكن أستأذن.
أماء اليها "علي" بعيون مندهشة من حالتها، فنظرت اليه نظرة أخيرة، لم تستطيع إخفاء غضبها وحريقها بها.
وغادرت المكتب، بينما هتف هو دون فهم:
-مالها دي... هو فيه ايه في المحامين اليومين دول؟
ضحك صديقه يهتف:
-لا وبتقولك أستاذ جميل باعتها عشان واثق فيها.

ثم تابع:
جميل ده من أكبر مكاتب البلد يا أبني...ازاي يبعت لعب العيال ده في قضية زي دي!!

شرد "علي" ثم نظر اليه وهتف:
-هي كانت بتبصلي كدة ليه!!

عاد  صديقه الضابط يضحك بمرح ثم هتف:
-يمكن معجبة وهو انت شوية يعني.

صمت قليلًا ثم هتف:
-معجبة!!! أومال لو مش طايقة هتعمل ايه!!

!!!!!**!!!!!**!!!!!**!!!!**!!!!!!

أسرعت في خطواتها إلى أن وصلت، فأغلقت باب المرحاض عليها ووقفت خلفه تضع يدها على فمها وتبكي بمرارة حاولت  قدر المستطاع في التحكم بها أمامه، بداخلها حريق يحسها على اقتناص لحظة جنون وقتله في التو والحال.

ظلت "هنا" تبكي بشدة حتى على صوتها فأستمعت لطرق على الباب لتهتتف عاملة نظافة المكان:
- مين هنا .. انتي كويسة ياللي جوا.

ضغطت كفيها على فمها، تتابع بكائها واهتزاز جسدها بصمت، وكل ما يدور ببالها، ذلك الخنزير جالس أمامها يتابع عمله والحفاظ على مستقبله دون أدنى إحساس بما حدث، دون أدنى شعور بالذنب بينما هي تلك الضحية، ضحيته ملقاه تحت التراب الأن.

عادت تغمض عينيها وتهمس بداخلها بالاستغفار تعلم أنها إرادة الله وبالتأكيد من حبه اليها؛ أخذها من تلك الغابة المليئة بأمثاله.

ضربت بيدها على الحائط أمامها أكثر من مرة بغل وحقد يشتعل بداخلها اتجاهه، ثم جففت دمعاتها تأخذ حقيبتها وتغادر قاصدة منزلها.

!!!!!*!!!!!*!!!!!*!!!!!*!!!!!!

استيقظ اليوم مبكرًا، أو على الأرجح فهو لم ينم من الأساس، ابتسم فور رؤيته ذلك الصباح الذي يبشر ببداية كل شئ جميل، يعطي الأمل لمن فقده بشر تفكيره بالأمس، استغل ذلك الهدوء والجمال من حوله، وبدأ في تمريناته الرياضية العنيفة، يتذكر وقوفه مع أصدقائه بساحة التدريبات أو صالة الألعاب الرياضية كل يوم تقريبًا قبل قدومه هنا بالطبع.

أخرج العديد من الأدوات الثقيلة من الداخل وبدأ بالفعل، لكنها بدايات وسلوكيات شخص محترف قديم بما يفعله، ظل يتمرن بعنف إلى ما يقرب الساعة، حتى خرج الصغيرين من غرفهم يقومون بتقليده فيما يفعل، يجعلون منها لعبة جديدة.

خرجت "رقية" من غرفتها وهي تفرك عينيها بإصبعها، ثم قطبت حاجبيها، فهو قابع على الأرض يلعب ضغط حتى تصبب منه العرق، بينما "أميرة" جالسة على ظهره تحاول عد مرات نزوله وصعوده على يدها، بينما "زياد" مستلقي بجانبه يحاول تقليد ما يفعل وقد وضع دميتهم القطنية على ظهره بدلًا من "أميرة".

شهقت "رقية" فاجأة فور رؤيتها لباب المنزل المفتوح، فتوقفوا عما يفعلوا ينظروا اليها، سارت بعجالة وتوتر اتجاه الباب المفتوح على مصراعيه ليدخل هواء الصباح البارد، المنعش، وأغلقته جيدًا بإحكام تضع خلفه كل ما يقابلها من مقعد ثقيل ومنظمة الأحذية وكل ما تستطيع تحريكه.

زفر "حسام" يعتدل جالسًا على الأرض، فمنذ أن أتوا من سفريتهم تلك وفور فتحهم لباب المنزل ورؤيتهم الفوضى المفتعلة بالمكان وكل شئ مقلوب رأسًا على عقب، وقفوا يشهقوا بعيون واسعة وفمٍ مفتوح بينما هو فوضع كفه على وجهه يغمض عينيه بلوم وتأنيب يلعن غبائه وغفلته عن تلك النقطة.

ومن حينها وعاد اليهم احساسهم بالخوف وعدم الأمان مرة أخرى، وكأنهم عادوا لتلك الأيام قبل قدومه، خاصتًا عندما أقترب الصغير من "رقية" التي تحاول ترتيب المكان بدموع الخوف من جديد، وهتف يسألها:
_ رقية، هو كدة الناس اللي ضربوكي وضربوا أحلام هييجوا تاني؟
حينها تقدم هو منه يحمله يطمئنه، ثم اقترب منها يوقفها عما تفعل وهتف:
_ قولتلك تلاقيه حرامي عادي، عاملة موضوع ومنكدة على أخواتك ليه بقى!
تقدمت "أحلام" التي تساعدها في ترتيب المكان من جديد وقالت بقلق دق قلبها مرة أخرى:
_ حرامي ازاي، ومفيش حاجة في البيت ناقصة، يبقى سرق ايه؟
هز كتفيه بلا مبالاة ثم هتف:
_ ملقاش حاجة يسرقها يا ستي، انتوا الحرامي لو دخل عندكوا هيسبلكوا فلوس مش هياخد.

ضحكت "أحلام" رغمًا عنها، فضحك الصغيرين بصخب على ضحكتها، بينما تلك الأخرى فأكتفت بتجفيف دمعاتها، ثم هتفت:
_ مكنش ينفع برضو كلنا نسيب البيت ونمشي كدة، أول وأخر مرة أعملها.

اقترب منها "حسام" يهمس كي يطمئنها:
_ خلاص بقى متقلقيش، وبعدين مأنا معاكوا أهو حد يقدر يقرب من حد فيكوا بس وأنا معاكوا.

اقتربت "أحلام" على الفور، تضع رأسها داخل صدره تهتف برجاء وامتنان يدل على صدق شعورها:
_ ربنا يخليك لينا، احنا مش عارفين لو مكنتش معانا كان ممكن يحصل فينا ايه.
ربت "حسام" على رأسها بابتسامة، ثم نظر لتلك الواقفة ناظره اليه ثم اقتربت منه تمسك يده بقوة وهمست:
_ صح، أكيد محدش هيعمل اللي حصل قبل كدة وانت معانا.
وزع "حسام" نظره بين عينيها الامعة ويدها الاثنين القابضة على كفه بقوة، فتابعت هي برجاء:
_ ربنا يخليك لينا.

نهض "حسام" من الأرض يحاول إزاحة ما وضعته هي وهتف وهو يهز رأسه بيأس منها:
_ تاني يا رقية، رجعنا للباب المقفول والعمايل دي تاني.
وقفت خلفه تعقد ذراعيها أمام صدرها بضيق ثم هتفت بغضب:
_ أنا مش برتاح وأحس بالأمان غير والباب ده مقفول.
فتح الباب مرة أخرى ليقف أمامه يستنشق هواء الصباح الرائع، ثم التفت اليها وهتف:
_ احنا بنصطبح وبنقول يا صبح، انتِ حتى مقولتيش صباح الخير.
ثم تابع:
_ واللي هيعمل حاجة مش هيعملها الساعة 7 الصبح يعني يا رقية.
زفرت بعدم رضا وضيق لتتركه وتتجه للمطبخ:
_ هجهز الفطار خلينا ننزل نشوف شغلنا.
ثم التفتت اليه وعادت لحديثها القلِق:
_ صحيح، هننزل الورشة ازاي ونسيب اخواتك ازاي في البيت لوحدهم؟

!!!!*!!!!*!!!!!*!!!!!*!!!!!

 استيقظ "علي" من النوم يزيح الغطاء من على عينيه بأرقه المعتاد، أضاء ضوء الغرفة يزفر بضيق ينظر أمامه بشرود، ثم أغمض عينيه بتنهيدة قوية ومد يده يلتقط دوائه كي يساعده على النوم، فكلما حاول أن يتخطاه عاد اليه مرغمًا.

تناول حبة الدواء وعاد يضع رأسه على الوسادة بتمني أن تنال جفنيه النوم، برغم أن تلك الهلاوس والكوابيس قلت كثيرًا عن ذي قبل بتلك الأدوية وعودته للنوم، ولو لساعات قليلة إلا أنه في حالة من الشرود الدائم، كثيرًا ما يتردد على ذهنه كل ما فعله بالماضي، ليس فقط مع ....
عاد يغمض عينيه عند نطق اسمها بعقله، لو أحد كان حدثه بأن ستأتي تلك اللحظة التي لا يستطيع عدم التفكير بها بهذا الشكل لكان ضحك باستهزاء كعادته، لم تشغله فتاة من قبل حتى تشغله تلك الصغيرة، التي ومن الواضح ستظل معه طوال حياته دون القدرة على تخطيها للأبد.

والآن يشرد كثيرًا بها يحاسب ذاته عن كل ما فعله ووقع به معها أو مع غيرها، زفر بضيق ليزيح الغطاء وينهض، ينظر لصديقه النائم بفراش بجانبه في سلام، فيهز رأسه وكأنه يحسده على تلك الحالة من السلام التام.

نهض ينظر لذاته بالمرآة، توسعت عينيه ليقرب وجهه منها أكثر يمرر يده على لحيته الخفيفة التي أصبح يتركها باهمال على غير العادة، فكان بالسابق يهتم بوسامته كثيرًا خاصتًا بياض وجهه الذي أعطاه الله اليه بوفرة، خاصتًا مع الزي الميري الأبيض فيزيده وسامة إضافية على وسامته، انحرفت يده على تلك الخطوط التي تتضح كل يوم عن سابقه أسفل عينيه وبالقرب من فمه، حتى بياض بشرته الطاغي انطفأ وتلاشى مع وجود تلك اللحية البنيه.

قطب حاجبيه باندهاش، ما الذي حدث ليتبدل حاله بتلك الفترة البسيطة، نعم نعم، هز رأسه وهو يغمض عينيه، بتلك الأيام مرت عليه كأعوام، بالإضافة لقلبة الذي يشعر به بثقل عجيب يشعره بأنه كبر سنوات على عمره.

عاد يقطب حاجبيه وينظر بالمرآة، يتسأل هل موتها فعل به كل ذلك، أم مازال شعوره بالذنب يقتله ويقتل به كل جميل؟

انتفض فاجأة يلتفت ينظر خلفه بعيون واسعة، بها فزع عندما خيل له أنه استمع لصوت أنثوي ينادي باسمه بالغرفة، ظل ينظر بالفراغ حوله وكالعادة لم يجد شيء، زفر بضيق من تلك الهلاوس السمعية التي كلما شعر بها على وشك مفارقته للأبد تعود اليه فتهبط به لنقطة الصفر بلحظة.

عاد "علي" إلى فراشه يحدث ذاته كما أمره الطبيب وهو يحرك عينيه بكل زاوية بالغرفة:
-ده مش صوت حد... مفيش حد معايا في الأوضة اصلًا... دي كلها أوهام ملهاش أساس من الصحة.

ثم سحب الغطاء عليه ليتابع بإصرار وعينيه مازالت تتحرك حوله بالغرفة:
-حقيقي ومنطقي ... هيكون يعني مين معايا في الأوضة في ساعة زي دي... مينفعش.
ثم زفر بضيق يهتف:
_ ايه الهبل ده، هي ناقصة جنان يا دكتور!!

وعاد يضع رأسه على الوسادة ليتنهد ويهمس وهو يغمض عينيه:
-الله يرحمها... الله يرحمها.

!!!!!!*!!!!!!*!!!!!!*!!!!!!

جالسة على فراشها البسيط وحولها أوراق عملها ودراستها ملقاه بشكل مهمل، تعتاد عليه عندما تفقد تركيزها، بينما تركت كل ذلك وأخذت ذلك الصغير الذي أصبح ألطف ما لديها، تحتضنه على ساقيها وتمرر يدها عليه بشرود.

دخلت والدتها عليها الغرفة تجلس على طرف الفراش وهتفت:
_ هنا، مالك يا بنتي انت مش سمعاني، بقالي ساعة بنادي عليكِ تيجي تتعشي.
زادت من تمرير يدها على ذلك الكلب الصغير وهتفت:
_ شكرًا يا ماما، أنا مليش نفس.
نظرت اليها والدتها بحاجبين معقودين وهتفت:
_ فيه ايه يا هنا، من وقت ما جيتي من برة وانتِ حالك مش عاجبني خالص.
نظرت أمامها بصمت ثم هتفت بتعب:
_ دمي محروق يا ماما، وحاسه بنار جوا قلبي من وقت ما شفته.
_ هو مين ده يا بنتي، ألف بعد الشر عنك من حرقة القلب.
فر الكلب من تحت ذراعيها ليتجول بالمكان، فنظرت هي لوالدتها وهتفت:
_ الكلب اللي كان سبب في كل اللي حصل لمايا يا ماما.
ثم تراجعت عندما مرت عينيها على الكلب الصغير وهتفت:
_ كلب!!! وهنظلم الكلب معانا ليه.

وفور انتهائها من كلماتها بتلك الحرقة رفعت والدتها يدها تنظر لأعلى بدموع لمعت بعينيها تدعي:
_ اللهي وانت جاهي يحرق قلبه على شبابه ويحصره على عمره قادر ياكريم، ويحرق قلب أهله عليه زي ماحرق قلبي على بنتي ونور عيني مايا.
نظرت "هنا" لوالدتها، فلم تراها ترفع يدها بتلك الحرقة بالدعاء على أحد بتلك الدعوات صعبة السمع إلا بعد وفاة "مايا" وما حدث لها، نظرت اليها والدتها وهتفت:
_ وشفتيه فين المدعوق ده؟
_ النهاردة في الشغل، مع ان أستاذ جميل بقاله فترة بيبعتني قسم المحافظة والإدارة لشغل هناك لكن أول مرة أشوفه النهاردة.
_ يمكن نقلوه جديد، الهي يتنقل لنار جهنم قادر كريم.
نظرت لوالدتها قليلاً ثم هتفت:
_ لأ يا ماما اللي أعرفه من ...
صمتت تبتلع لعابها بألم ثم تابعت:
_ من مايا الله يرحمها ان شغله هناك أصلًا بس يمكن كان في أجازة او حاجة.

ثم تابعت وعينيها عليها وعلى صمتها الحزين:
_ ماما، أنا أول مرة في حياتي أشوفك بتدعي على حد بالشكل ده!!
حولت نظرها اليها فاجأة بعيون تشتعل، ثم قالت:
_ وأول مرة في حياتي أحس اني بكره حد بالشكل ده يا بنتي.
ثم عادت تنظر لأعلى وهتفت بذات حريقها:
_ يحصره على شبابه وعمره ويحرمه من نور عينيه وزي ما أذاني فيها يأذيه في أعز ما يملك قادر كريم بحقة حرقة قلبي عليها دي يارب.

!!!!!!*!!!!!!*!!!!!!*!!!!!!!
أغلق "بدير" الإتصال وعلى وجهه ابتسامة متسعة، فنظر اليه "تميم" الواقف بجانبه وهتف بابتسامة مرحة هو الأخر:
_ ايه يا عم، ما تخلصنا بقى خلينا نراوح وأبقى حب في ست الحسن بعدين.
نظر اليه "بدير" بذات الإبتسامة ثم هتف:
_ معذور، عمومًا لما تبقى عريس وخلاص فاضل على جوازك تكة هتحس باللي أنا حاسس بيه.
ثم نظر لمتجر الملابس حوله وهتف:
_ وبعدين دي كانت بتقولي انها خلاص جابت الفستان، وبتقولي أما أخلص وأجيب البدلة أصورهالها وابعتلها الصورة.

اقترب منه "تميم" يهتف بابتسامة وهو يضع كفيه بجيوب بنطاله بحماس:
_ احساس حلو ها، أكيد احساس حلو.
ثم تابع بشرود:
_ طبعًا، ده اليوم اللي ربنا هيجمع الواحد فيه بست البنات كلهم وأجملهم.
أفاق من شروده على كف هبط على عنقه من الخلف يليه صراخه به:
_ بتتكلم عن مين يلا!!
نظر اليه بعيون واسعة ثم مرر يده بغيظ على عنقه ليهتف من بين أسنانه:
_ اقصد ست البنات بتاعتي أنا ان شاء الله يعني أما الاقيها، هو حد عبرك وجاب سيرتك أصلًا!!
أمسك "بدير" بطرف بذلة معلقة وكأنه يفحصها ثم نظر اليه بطرف عينه وهتف:
_ عليا برضو، لسه هتلاقيها!!
نظر اليه "تميم" بصمت، فهو لديه شبه يقين بعلمه بكل شئ، فتابع "بدير":
_ عمومًا أنا حسام أكدلي انه جاي بكرة عشان يحضر، خليك راجل بقى وكلمه.
اندفع دون تردد:
_ بتتكلم بجد!! يعني هو أكدلك انه هيحضر الفرح!!
_ انت عبيط يا أبني، طبعًا جاي مينفعش أصلاً ميجيش دانا اقتلكوا فيها دي.
نظر أمامه بأمل ثم نظر اليه وهتف:
_ مش متخيل أنا مستنيه ييجي ازاي.
ثم نظر اليه وسأل باهتمام:
_ وعلي جاي؟

!!!!*!!!!!!*!!!!!!*!!!!!!!!

توقف بسيارته أمام بناية عمله، وفور هبوطه منها نزع نظارته من على عينيه ليتحقق مما يراه على الجهة الأخرى من الطريق، واقفة بعيدًا وعينيها عليه بذات نظراتها التي كانت عليها من المرة السابقة.

ظل واقف هو الأخر مثبت نظره عليها بعيون ضيقة، يحاول أن يتذكر هل عرفها من قبل، هل كان لديه سابقة ماضي معها؟
وخلال وقوفه وتحديقه بها، تفاجأ بها تتقدم منه بذات نظراتها، بل نظرات أشد بغض وكأنها تتقدم لقتله، توسعت عيني "علي" عند رؤيتها تسرع اتجاهه بتلك النظرات وممسكة بيدها آلة حادة.

٣٦٥ يوم أمان
رانيا أبو خديجة

علي داخل على منعطف هيلاقي فيه الحلو والوحش، فاياترى هيعمل ايه وهنا رايحاله شغله تاني ليه، هل فعلا هتتجنن وتعمله حاجة!!
وخلاص الفصل الجاي هنشوف حسام في فرح بدير ياترى تميم هيعمل ايه والموضوع هيمر ازاااي؟؟
رأيكوااا وتوقعاتكوااا للي جاااي
وتفاعل بقى يا بشررر تفاااعل يفتح النفس الواحد يكمل... قراءة ممتعة ♥️

تعليقات
14 تعليقًا
إرسال تعليق
  1. الله الله علي الجمال 😍❤❤❤❤

    ردحذف
  2. تحففففففففففففففففففة❤

    ردحذف
  3. ياتري هنا هتقتل علي ولا هتيتني شويه 🤔😱

    ردحذف
  4. تسلم ايديكي يا فنانة

    ردحذف
  5. جميله اوي

    ردحذف
  6. جميله جدا ربنا يوفقك

    ردحذف
  7. يااه على القفلة جبارة يا رونى

    ردحذف
  8. حلو اوي
    يا ترى هيحصل ايه ؟

    ردحذف
  9. جميله جدااا

    ردحذف
  10. جميييلة جداً تسلم ايدك يقمر

    ردحذف
  11. بارت حلو اووي ❤️
    كملي

    ردحذف
  12. الرواية جميلة جدااا تسلم ايدك . لية تجميعة الفصول لغاية الفصل الثلاثون فين الاقى تجميعة باقى الفصول

    ردحذف
  13. فين باقي الفصول

    ردحذف

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة