رواية ٣٦٥ يوم أمان الفصل الثاني والثلاثون بقلم رانيا أبو خديجة
رواية 365 يوم امان
الفصل الثاني والثلاثون
#٣٦٥_يوم_أمان
#رانيا_أبو_خديجة
ظلت تتلفت حولها بانبهار بجمال الطبيعة حولها وزرقة البحر مع نعومة الرمال الواضحة لأعينها، عوضًا عن خضار الأشجار التي تتوزع على جانبي الطريق، لكنها التفتت فاجأة بعيون واسعة على صوت يأتي من بعيد ليصيح وعينيه باتجاه أخيها:
_ حسام بيه... حمدالله على السلامة يا باشا.
التفت "حسام" على الفور الى رقية بعيون واسعة قلقة وجدها توزع عينيها بين ذلك الشخص وبينه، لينظر اليه سريعًا هو الأخر نظرة مخفية اخرسته، جعلته يبتلع لعابه ثم حول نظره بعيدًا يتابع صياحه وهو يتقدم ليتخطاهم وكأنه يحاور شخص بعيد:
-حسام بيه، يا حسام بيه، انت مش سامعني!!
ثم تخطاهم ليسير بعيدًا باتجاه شخص آخر يقف بالقرب من شاطى البحر.
التفت برأسه اتجاهها بهدوء وبطء يشوبه القلق والترقب، وجدها انحرفت بعينيها عن ذلك المنادي الذي مر وسار بعيدًا عنهم بالتأكيد يبحث عن الشخص الذي يصيح بالنداء عليه، وبدأت تتابع انبهارها بالمكان حولها فأقترب منها وهتف:
-احم.. اا.. المكان عجبك.
التفتت "رقية" اليه لتهتف بانبهار نظرتها حولها:
-حلو قوي.
ثم نظرت اليه وتابعت:
-حلو لدرجة...مش مصدقة ان ده موجود في الحقيقة... سبحان الله عالجمال.
ابتسم "حسام" بوسع وهو يمرر عينيه على ملامحها وعينيها التي مازالت تنتقل من موجات البحر التي تمتد على طول عينيها إلى الرمال ومن هنا لهناك، ليتركها في تأملها بالمكان ثم يتجه ييقظ هؤلاء النائمين، ففتح باب السيارة ليحاول إيقاظ الصغيرة رغمًا عنها ثم حملها لينزلها يليها "أحلام" التي نزلت من السيارة تفتح عينيها وتغلقهم بعدم تصديق ما تراه من جمال وإبداع الخالق أمامها، ثم الصغير الذي هبط يقف بجانب تؤامه ليظلوا يفركوا أعينهم بأصابعهم ثم بعد وهلة ينظرون أمامهم ليتهامسون بفرحة وسعادة على وجوههم وهم يشيروا بأصابعهم اتجاه البحر، ثم يصفقوا بأيديهم بحماس.
صاح "حسام" بالنداء على ذلك الواقف بعيد ينظر اليهم بطرف عينيه بين الفينه والأخرى ينتظر ندائه كما اتفقوا:
-بقولك يا معلم.
اقترب بوقار عكس ما ظهر منذ قليل ليهتف بتمثيل غير متقن بالمرة:
-خير يا أخ... عايز ايه!
نظر "حسام" اليه برفعة حاجبه الأيسر؛ من مبالغته في الرد وطريقة تعبيره بوجهه، فأقترب منه خطوة ليهتف وعينيه بعينه بتوعد:
- كنت حجزت شاليه هنا من كام يوم... بلغني ان المفاتيح مع أمن المكان.
أخرج المفتاح من جيبه ليعطيه اليه قائلًا:
- -أيوا أيوا حضرتك ا..
- -إياد... اسمي إياد.
أعطاه المفاتيح ليهتف:
-مرحب بيك وبعيلتك يا أخ إياد.
ثم اقترب من باب كبير نسبيًا ليفتح وهتف بترحاب:
-اتفضلوا اتفضلوا المكان جاهز.
نظرت "رقية" وأخواتها للباب الذي فُتح أمام البحر مباشرتًا باندهاش ليدخلوا بهدوء وبطء يعكس حالتهم المذهولة.
انتظرهم "حسام" ليدخلوا ينشغلوا بالتجول بالمكان ليقترب من الآخر ويقف معه جانبًا خارج المكان وهتف بغضب:
- انت يا غبي... انا مش مفهمك هتعمل ايه بالتليفون قبل ما أجي ولا انت مبتفهمش.. الله يخربيتك كنت هتودينا في داهية.
-لمؤخذة يا حسام باشا والله نسيت.. حقك عليا متأخذنيش واهو الحمد لله محصلش حاجة اهو.
ردد "حسام" ليؤكد عليه:
-أنا هنا اسمي إياد.. والناس اللي معايا دي يبقوا أخواتي فهمت وانت متعرفنيش قبل كدة، أقول تاني يا مصطفى؟
أماء اليه وهي ينظر باتجاه الشالية بفضول ثم هتف:
-ألا صحيح يا بيه ... الست الوالدة عاملة ايه والهانم الصغيرة وعلي بيه ده وحشنا قوي وقعدته معانا وحشانا والله.
حول "حسام" نظره من داخل المكان اليه ليهتف:
- كويسين كويسين.. المهم روقت الشالية وظبط الدنيا زي ما قولتلك؟
- -حصل يا بيه... كله تمام زي ما حضرتك بتيجي مع العيلة بالظبط وأكتر شوية.
ثم تابع بابتسامة واسعة:
- -ومالينا التلاجة كمان بالحاجات اللي حضرتك والعيلة الكريمة بتحبها زي كل مرة تمام.
أغمض عينيه ليهمس من بين أسنانه:
--غبي.. غبي.
ليسمع الصياح من خلفه:
- -إياد .. إياد .. شوف لقينا ايه جوا.
التفت ينظر الى "أحلام" الممسكة بيدها أصناف من الفاكهة وتابعت:
_ ده التلاجة مليانة من خير ربنا...ده غير الشوكلاتات والعصاير، أنا مبسوطة قوي.
- بالهنا والشفا حبيبتي.
ابتسمت اليه باتساع، ثم التفتت تدخل لأخواتها، تتابع حماسها في استكشاف المكان، ليقترب يهمس للأخر بأن ينصرف ولا يقترب من هنا دون إذن منه، ثم تركه واتجه للداخل وجد الصغار يعبثوا هنا وهناك بكل شىء بحماس وفرحة، بينما "رقية" تنظر هنا وهناك بعيون متفحصة إلى أن استقرت عينيها على التلاجة المفتوحة وتقف أمامها "أحلام" تسرد وتعد أنواعها على أصابعها لتنظر اليه وتسأل باندهاش:
- إياد، هي الحاجات دي كلها بتاعتنا؟!
كانت تشير باتجاه إلى الثلاجة، أجاب بعد وهلة من التردد، فيعلم الأتي:
_ اا آه أومال يعني بتاعت الجيران؟
اقتربت منه تهتف بقلق وعيون متحيرة:
_ انت عايز تجنني، تقدر تقولى هندفع كل ده منين، مش عايزاك تدبس نفسك.
ثم تابعت وكأنها تحاول تدبير أمورها مع زوجها محدود الدخل:
_ مكنش ليه داعي كل ده، مصاريف عليك وخلاص، أهي التلاجة دي لوحدها تلاقيهم ملينها بييجي سبعميت جنية.
ضحك "حسام" بخفوت ثم اقترب وأجاب:
_ معلش، أهي فسحة بقى وخلاص، المهم تتبسطوا.
تابعت وهي تشير للمكان حولها:
_ والله كنا هنبسط برضو لو كنت ودتنا أي حتة في الإسماعيلية او حتى السويس كانت هتبقى ارخص وأبسط من كدة.
اقترب يهتف بشعور يفوق شعور السعادة بوجودها معه بهذا المكان:
_ يارقية أنا حبيت تشوفوا مكان جديد وتغيروا جو، مانتوا علطول في اسماعيلية.
صمتت ثم أجابت:
_ على أساس انت فاكرنا كنا مقضينها فسح مثلًا.
ثم هزت رأسها بيأس وأخذت الحقائب لتدخل بها إحدى الغرف، فأقترب يحملهم من يدها وأدخلهم الغرفة الكبيرة بالمكان وهي خلفه، دخلت تنظر هنا وهناك، فقال وهو يضع الحقيبة على طرف الفراش:
_ رتبي حاجتك بقى في الدولاب ده، على ما أخرج أشوف العفاريت التانيين بيعملوا ايه.
وفور خروجه من الغرفة، ظلت تنظر بها بابتسامة توسعت أمثر فور فتحها شباك الشرفة ووجدتها مطلة على البحر ذو المياه الزرقاء الأكثر من مربحة للعين والنفس.
ثم اقتربت من خزانة الملابس تفتحها.
!!!!!**!!!!!!!!**!!!!!!**!!!!!!
يقف مع الصغار أمام الثلاجة المليئة بالشكولاتات والعصائر، لتفتح "أميرة" وتقرب من فمه تذوقه بسعادة بالغة وتهتف بحماس وضحكة عالية:
_ كل دي شيكولاتة عشاني، عرفوا منين اني بحبها!!
بينما هتف الصغير الذي أخذ ملفوف الجبن الكبير وجلس على الأرض وبيده الأخرى حقيبة مليئة بالخبز:
_ تعالي افطري الأول، وبعدين ناكل الشيكولاتة سوا.
ثم أشار بيده الصغيرة الى "حسام" المنشغل معها بفتح أكياس الشيكولاتة وتذوقها مَن بالبندق وما بالكريمة:
_ وانت تعالى افطر معايا، الجبنة حلوة قوي.
ترك "حسام" الشيكولاتة يعطيها اليها قائلًا وهو يلوكها بفمه:
_ خدي دي، دي سادة على فكرة بس متخلصيهاش كلها ماشي عشان أنا بحب السادة.
واتجة يجلس بجانب الأخر على الأرض، وهتف:
_ عجبتك الجبنة.
أماء الأخر ووجنتيه منتفخة باللقيمات، فهتف وهو يضع لقمه بالجبن بفمه:
_ اشمعنى الجبنة يا فقري، ما تقوم تفقشلنا بيضتين.
ليتفاجأ بذلك الصياح خلفه:
_ إياد، إياد.
التفت على الفور، وجد "أحلام" واقفة وبيدها تيشيرت رجالي ليس غريب على نظرة، ثم توسعت عينيه فور تذكره، فهو خاص بأخيه "علي" وبيدها الأخرى سروال قصير خاص بالبحر.
_ لقيت دول جوا دولاب الأوضة دي، بتوع مين؟
وقبل أن يرد، وجد "رقية" تخرج وبيدها عبائة من الحرير مفتوحة ترتدى فوق ثياب النوم، وسألت:
_ أنا لقيت ده في الدولاب، كلم الراجل بتاع الأمن ده بسرعة ييجي ياخدها يرجعها لأصحابها.
!!!!!*!!!!!*!!!!!*!!!!!!
مستلقية بجانبه على الفراش ويدها مرفوعة على رأسه كلما وصلها أنين منه أو انتابته حالة من الفزع كل حين وأخر تمرر يدها وتتابع تلاوتها لآيات القرأن الكريم، يفتح عينيه وينظر اليها يطمئن أن أحد بجانبه، فيجدها هي تنحني تقبل رأسه أكثر من مرة بدمعة تفر من عينيها فيستمع لصوتها بالقرأن فيعود يغمض عينيه ويستأنف نومه العميق أثر حقنة الطبيب.
ظلت والدته بجانبه حتى استمعت لأذان الفجر فدخلت عليها "مي" مرتدية ثياب الصلاة من خمار تبدو به بهيئة ملائكية وجلباب منزلي لطيف، وهمست:
-ماما... ماما.
رفعت رأسها الثقيل بحكم النعاس ونظرت اليها فهتفت "مي" وهي تربت على ذراعها بحنان:
-الفجر أذن... مش هتقومي تصلي.
نظرت والدتها بالساعة بجانبها ثم التفتت اليه تحكم عليه الغطاء جيدًا وتقبله من رأسه بحنان وغادرت الغرفة وخلفها "مي".
ولكن قبل أن تسير الى الحمام نادت "مي" بشئ من التردد:
م.. ماما.
التفتت تنظر اليها، اقتربت خطوة لتهتف:
-هو.. هو علي جراله كدة ليه... ماله يعني؟
تنهدت والدتها بهم لتغمض عينيها بأسى مضاعف ثم تفوهت بضيق يكاد يخنقها:
-أنا لو اعرف أخوكي ماله هيبقى حالي كدة... انا اللي مجنني اني معرفش ابني فيه ايه ولا جراله ايه لواحده في وحدته هناك!!
ترددت قليلًا ثم اقتربت تهمس:
-سمعته لما تعب.. ج.. جاب سيرة البنت اللي...
نظرت اليها والدتها بانتباه لتقترب تهتف بتركيز واهتمام:
-بنت مين.. انتي تعرفي اخوكي ماله!!!!
هزت رأسها بحيرة ثم هتفت:
- هو قال كلام زي... انتحرت بسببي وأكيد ماتت بسببي.
جحظت عيني والدتها لتتابع "مي" بعيون أوشكت على البكاء:
-ماما.. هي البنت اللي حاولت تنتحر بسبب علي... معقولة تكون عملتها تاني وماتت بسببه!!!
تحركت والدتها ببطء اتجاه أقرب مقعد لتسقط عليه بذهول وعقل غير قادر على تصديق ما يستمعه لتتابع "مي":
-أنا خايفة يكون اللي جراله ده بسبب كدة يا ماما... خايفة قوي.
ثم تابعت وهي تضغط عينيها بشدة:
_ مش مستوعبة يكون اتسبب في انتحار وموت نفس.. مش هيقدر يسامح نفسه طول عمره لو ده فعلًا حصل، أنا مش فاهمة حاجة وخايفة عليه قوي يا ماما.
ظلت والدتها شاردة، ناظرة أمامها بعيون واسعة، تتذكر تلك الفتاة ومجيئها إلى هنا وحديثها عن صديقتها التي حاولت التخلص من حياتها بسببه.
!!!!!!**!!!!!**!!!!!**!!!!
تركد وتمرح خلف الصغار هنا وهناك على الرمل، ليقف هو واضع يديه بخصره يتابعهم بابتسامة واسعة سريعًا ما تتحول لضحكة فور رؤيته لسعادتهم تلك، ليتركهم ثم يدور بعينيه يبحث عنها ما يهمه أمرها بكل وقت ولحظة، لم يجدها جالسة على نفس المقعد أمام أخواتها تتابعها هي الأخرى بأعينها وابتسامة رقيقة تزين ثغرها الجميل، ومن حين لأخر تأتي اليها الصغيرة أو الصغير الأخر ليختبوا بها من "أحلام" التي تركد خلفهم دون مشقة.
- مالك... بتدور على ايه؟
التفت على الفور على ذلك الصوت الأتي من خلفه، ليبتسم من جديد وهو يرى يدها حاملة صينيه مليئة بالسندوتشات صنع يدها والكثير من العصائر وهتفت:
- -زمانهم هبطوا من كتر الجري واللعب... نادي عليهم ييجوا ياكلوا بعدين يبقوا يكملوا لعب.
ثم اتجهت إلى طاولة بلاستيكية لتضع عليها الطعام والعصائر، وتقف تضع يدها بالقرب من جبهتها تحجب الشمس ثم تصيح عليهم بالندا.
_ أحلام، هاتي اخواتك وتعالي.
اقترب "حسام" منها يجلس بجانبها يلتقط أحد الشطائر وهمس:
-تسلم ايدك... كنت جعان.
هتفت وهي ترتب الطعام لأخواتها وتضع العصير بالأكواب لهم.
-بالهنا والشفا.
وضع "حسام" الطعام بفمه وعينيه عليها وعلى ما تفعله بابتسامة شاردة، بداخله سعادة غير قادر على وصفها لذاته حتى، وجودها هنا بمنزل عائلته يتمنى أن يراها بمنزلهم الأخر بالقاهرة لكن كيف وأين السبيل، فالوضع معقد للغاية، انتبه لابتسامته التي تختفي تدريجيًا بالتطرق لذاك الأمر، فهرب منه كالعادة يفكر فيما يدخل ذاك الشعور بالسعادة اللذيذة بقلبه، هيئتها تلك وهي جالسة أمام البحر وتحضر الشطائر بحنان للصغار وهو جالس معها رسم صورة جعلت ابتسامته تصل لمستوى أذنية من قمة خيالاته؛ زوجته تجلس تحضر الشطائر لأطفاله على الشط بالمصيف وهو جالس معها بانتظارهم ينتهوا من وقت مرحهم ويأتوا ليتناولوا الطعام مع والدهم ووالدتهم، ظل مثبت نظره عليها وابتسامته ترتفع مع ارتفاع خيالاته، ليهمس فاجأة:
_ رقية.
رفعت وجهها اليه بينما يديها مازالت منشغلة بتحضير الطعام لهم:
_ نعم؟
نظر اليها قليلًا بعيون يفيض منها الشوق ثم همس على حين غفلة:
_ أنا بحبك.
نظرت اليه "رقية" قليلًا، حاجبيها يهتزوا باضطراب من نظرته ونبرته، لكنها سريعًا ما ابتسمت وأجابت همسه:
_ ربنا يخليك لينا يا حبيبي، واحنا كمان طبعًا بنحبك، لينا أخ غيرك مثلًا!!
ثم زادت من ابتسامتها له، وعادت تخفض وجهها لما تفعله بيدها، بينما هو فترك الطعام من يده، يبعد بنظره عنها، لينظر بعيدًا ويغمض عينيه يتنهد بعمق، تنهيدة تعبر عن شقائه الداخلي الذي مهما حاول تجاهله، لن يستطيع الهروب من تلك الحقيقة، الآن وحتى فيما بعد هي تراه أخيها، لا بل تراه شقيقها وليس دون ذلك، وأي تفكير خارج ذلك السياق يعد جنون ليس إلا.
أتى الصغار على الفور وخلفهم "أحلام" ليجلسوا على الرمال حولهم وبدأوا أن يلتقطوا الشطائر معهم لتهتف "أحلام" وهي تلوك الطعام بفمها:
-مش هتيجي يا رقية تلعبي معانا.. وانت يا إياد ... تعالوا العبوا معانا عشان خاطري، الجو تحفة.
نظر "حسام" اليها ثم أجاب:
- بتلعبوا ايه؟
أجاب "زياد" بحماس وهو يلوك الطعام بفمه الصغير:
_ بنلعب كهربا، واللي هيمسك التاني ويتكهرب هو اللي هيغرقه في البحر.
شهقت "رقية" لتصرخ به بقلق:
_ زياد، بلاش هزار ولعب في الميا، انتوا صغيرين لعبكوا هنا عالرملة وأخركوا الشط.
نظر اليها بكامل غضبه الداخلي الذي يريد أن يتفجر الآن منذ أن ذكرته بتلك النقطة السوداء، فترجمه على هيئة غضب عليها:
_ وانتي مالك أصلًا ما تسبيهم يتبسطوا، أومال أنا جايبهم هنا ليه.
نظرت اليه "رقية" بعيون واسعة من ذلك التحول التي أوشكت أن تجن منه، لكنه نظر للصغير وهتف:
_ العب يا حبيبي في الحتة اللي انت عايزها، وأنا معاكوا متخافش.
نهض الصغير بسعادة وحماس ليهتف وهو يسحب توأمه من ذراعها والطعام بيدها:
_ بجد، يعني ينفع أنزل الميا وأروح هناك كدة، طب يلا يلا يا أميرة بسرعة نشوف مين هيسبق التاني.
وتركوا الطعام ليسرعوا باتجاه الماء تتبعهم "أحلام" بحماس هي الأخرى، تصيح بالنداء عليهم بأن ينتظروها، لتنظر "رقية" اليه بغيظ وتصرخ وهي تشير اتجاههم بقلق وخوف:
_ عجبك كدة!!! لو حد منهم جراله حاجة والله ل....
صمتت فاجأة بعدما نهض واقفًا يقترب منها، فصمتت بتردد من صمته ونظرته، ليظل مثبت نظره عليها وكأنه شرد لتزفر هي وتهتف وعينيها عليهم هناك بقلق:
_ أخواتك صغيرين وممكن يجرالهم حاجة!!!
مال عليها فاجأة ليحملها بنفس غيظه وغضبه ويسير بها اتجاه البحر، لتصرخ به وتهتف:
_ انت بتعمل ايه، اوعي أنا مش عايزة أنزل الميا دلوقتي، أوعى.
انتبهوا اليهم الصغار، لتتوسع عينيهم ثم يصفقوا بأيديهم بحماس، وفور تقدمه من الشط، تقدم يلقيها بالماء بقوة، لتشهق بعمق فور غمرها للماء وغرق خصلاتها ووجهها، فتعقد ذراعيها حول عنقه برهبة ومازال حاملها ينظر بعينيها بنفس صمته وثباته، تلاقت أعينهم، عينيه التي يمررها على ملامحها المبللة، بإعجاب وعشق ينطق بلمعتهم، بينما هي تزفر قطرات الماء برجفة ومازالت يديها حول عنقه تنظر اليه بغيظ، ثم ضربته بقبضتها على صدره العاري، ليتفاجأ بهؤلاء الضاحكين يلقون عليهم الماء بأيديهم الصغيرة، فيتركها بالماء، ليلتفوا حولها أخواتها يلقوا عليها الماء بمرح، لتنشغل بهم قليلًا ثم تحول نظرها اليه، فتجده قد حول نظره من عليها الي الصغار ويبدأ بالعوم واللهو معهم بالماء هو الأخر.
!!!!!**!!!!!!**!!!!
انتهت من ملابسها وإحكام حجابها الأنيق، خرجت من غرفتها وجدت والدتها مازالت بغرفة أخيها بالتأكيد، فتحت الباب ودخلت وهي حاملة حقيبتها الصغيرة وبعض الكتب التي تقلب بين صفحاتها قبل الإمتحان كامراجعة كما اعتادت،
وجدت أخيها مازال نائم، ووالدته مستغرقة بالنوم بجانبه وذراعها عليه تضمه اليها بحنان، فأقتربت تنظر بوجهه بقرب، لتغمض عينيها بأسف وحزن على حالته ثم خرجت من الغرفة غالقة بابها خلفها.
وفور نزولها من البناية وجدته منتظر بسيارته أمام المنزل وفور رؤيتها تأتي من بعيد ابتسم باتساع ليزيح نظارته بنية اللون ويفتح باب السيارة بجانبه لتتقدم هي وهمست بصوتها الرقيق:
-صباح الخير.
ليجيب "تميم" بنظرة تبادلية مليئة بالحب:
-يا صباح الجمال.
ثم تابع:
- أول يوم امتحان ليكي مش عايزك تخرجي من الجامعة قبل ما تطمنيني عملتي بالتليفون.
ضحكت "مي" بخفوت لتهتف:
- -ولزومه ايه مأنت كدة كدة هتيجي عشان ترجعني.
ثم تابعت على الفور:
- -ولا انت مش هتبقى فاضي؟
نطق سريعًا:
- -لو مش فاضي هفضالك.
ثم صمت وسأل ببعض التردد:
- -اا.. لما اتصلت استأذن من مامتك اني هاجي أوصلك لامتحاناتك يعني ليكون في جديد بسبب معرفتها اللي بينا.. ليه لقيت صوتها مش مظبوط وردت عليا باقتضاب شديد وكأنها بتكلمني بالعافية... هي زعلانة مني في حاجة؟
أجابت "مي" بعد تنهيدة عميقة:
-لا يا تميم بالعكس ماما بتحبك جدًا وانت عارف انها أكتر واحدة واقفة معانا في موضوعنا لكن.. لكن أصل انت متعرفش.
سأل باهتمام:
-معرفش ايه؟
أجابت ببوادر بكاء من خوفها على أخيها وحالته:
- علي... علي تعبان قوي يا تميم وحالتة وحشة قوي لدرجة أنا وماما منمناش طول الليل؟
-هو علي هنا... جه امتى اصلًا؟
ثم قطب حاجبيه وتابع:
- -وتعبان ماله يعني... اتصاب في شغله أو حاجة؟
حركت رأسها بمعنى لا، ثم همست بنبرة حزينة:
- -اتفاجانا أنا وماما بمجيه امبارح وحالته النفسية صعبة قوي وتعبان جدًا ... احنا لحد دلوقتي منعرفش فيه ايه؟
ثم نظرت اليه لتتابع برجاء:
- -ابقى تعالى يا تميم شوفه واتكلم معاه...يمكن انت تعرف فيه ايه.
رفع عينيه لشرفة منزلهم، ثم أماء اليها وبداخله اندهاش، "علي"!!!
يعلم جيدًا أنه أخر شخص بالعالم يمكن أن يمر بضائقة نفسية، نعم صديقه ويعلمه جيدًا، دائمًا يتعامل مع الأمور بغاية البساطة والاستهتار.
توقف "تميم" أمام جامعتها ليراها تفتح إحدى الكتب سريعًا وهي تهتف بعجالة:
_ شوفت، أهو الكلام أخدنا ومراجعتش.
ثم أعطته الكتاب تهتف:
_ خد امسك ده كدة وشوفني هقول صح ولا لأ.
نظر اليها ثم التقط الكتاب من يدها بابتسامة لتظل تفرك أصابعها وهي ترفع عينيها لأعلى محاولة تذكر ما تسرده عليه، لتتوقف فاجأة تنظر اليه فتزداد ابتسامته ويتابع ما توقفت عنده، فتبتسم براحة ثم تكمل باقي الأسطر.
_ قولت صح؟
أماء اليها لتتنهد وتهتف براحة وهي تلتقط الكتاب من يده:
_ الجزئية دي بالذات واقفة معايا من امبارح، وكان لازم أبص عليها قبل ما أنزل.
نظر اليها قليلًا ثم هتف بعشق:
_ أنا حبيبتي أشطر واحدة في البنات.
رفعت عينيها فاجأة تنظر اليه، مازالت تتوقف كثيرًا عند أي كلمة او اعتراف منه بما يكنه بداخله إليها، لترمش عدة مرات ثم تلتقط حقيبتها وتترجل من السيارة.
فيظل معلق نظره بها إلى أن تختفي، ثم يغادر بالسيارة على أمل أن يعود إليها بعد ثلاث ساعات لعودتها.
!!!!!**!!!!**!!!!**!!!!!
ليلًا جالسين أرضًا حول تلك الطاولة الصغيرة وتتعالى ضحكات الصغار مع "أحلام" بينما هو ناظر ومثبت عينيه على تلك الناظرة اليهم بغيظ مصتنع وهتفت وهي تعد أوراقها بابتسامة مبتهجة بفرحة وسعادة الصغار:
_ كدة، طب يلا دور كمان وأنا هكسب المرادي.
لملم "زياد" أوراق الكوتشينة بيده الصغيرة ليوجه حديثه لذاك الجالس وعينيه تلمع بابتسامة طفيفة على "رقية" التي ومنذ أن جلست معهم وهي تخسر باللعبة، وبالتقريب تتعمد ذلك أمامهم.
_ إياد... تعالى ألعب معانا.
ثم أضاف وهو يضحك بصوت طفولي محبب:
_ هنكسبك زي ما بنكسب رقية من الصبح.
ضحكت "رقية" ثم حولت نظرها اليه، وجدته مازال ناظر اليها فسكتت عن ضحكها، لينتبه هو فيهز رأسه قليلاً بانتباه ثم هبط من الأريكة يسحب أوراق الكوتشينة اتجاهه وهتف:
_ هلعب معاكوا بس بشرط، نعمل فريقين، فريق أحلام معاكم.
ثم نظر اليها وتابع:
_ وأنا ورقية فريق.
نظروا اليه بحماس، وأصوات تشجيع لبعضهم، بينما نظرت اليه "رقية" لتقترب تهمس:
_ خلي حد مننا معاهم، زياد أما بيخسر بيزعل وبيعيط.
نظر اليها دون رد، تأففت "رقية" من تجاهله لحديثها، لينظر اليها قليلًا يغمض عينيه بقلة حيلة وغُلب، لم يعلم على ماذا يعاقبها، فهي لم تعرف شئ، ولا حتى تشعر بما يثور بداخله، أيعاقبها على تصديقها له واتقانه بتشخيص دور شقيقها!!
عاد ينظر إليها ثم ابتسم لعينيها وكأنه يعتذر عن معاملته تلك، وعقابه على شئ لم تفعله من الأساس.
قطبت "رقية" حاجبيها منه ومن أفعاله الأقرب للجنون، حين يتجاهل ويغضب لدرجة عدم القدرة على تحمله، وحينٍ أخر ينظر بحنان إليها وإلى أخواتها، الحق يُقال لم ينظر لأحد من أخواتها نظرة لم تعجبها، وهذا يكفيها على الأقل، فيخصها هي فقط بنظراته وغضبه أغلب الوقت، بالتأكيد ترجح كل ذلك لعندها معه المتكرر، فتعلم أنها أحيانًا كثيرة تبدو عنيدة، متعبة.
_ ما تلعبي يا بنتي.
أفاقت من شرودها بتقلباته تلك، على صياحه بها، فنظرت إلى الطاولة لتجد الحماس يصل لاهتزاز الصغار بتراقص ومرح وهم جالسين يلقون أوراقهم على الطاولة بسعادة ورغبة في الفوز.
فنظرت للورق بيدها، ليميل ينظر بأوراقها ويهمس اليها وهو يشير بأصبعه:
_ ارمي ده.
نظرت اليه قليلاً ليهتف:
_ العبي يا رقية.
ألقت الورقة التي أشار إليها، لينظر الصغير مع "أحلام" و"أميرة" بذات الورق فيشيروا اليه بورقه يلقيها بيده الصغيرة، فيبتسم "حسام" بحماس ثم يلقي ورقته، ليضحك وهو يلملم الأوراق بفوز، ليهتف الصغير بغضب طفولي:
_ ايه ده!!! أنا بكسب رقية من الصبح.
ثم تابع برجاء:
_ تعالى ألعب معانا في فريقنا.
هتفت الصغيرة موافقة:
_ آه تعالى يا إياد عشان خاطري، أنا عايزة أكسب.
ضحكت "رقية" وهي تنظر اليهم لتهتف:
_ كل ده عشان كسبت مرة، أما انكوا عيال غدارة.
ثم نظرت اليه وهتفت بمرح وعند:
_ كدة، طب إياد مش هيلعب غير معايا بقى، ها.
ابتسم "حسام" وهو ينظر إليها بعيون يفوح منها العشق، ليعودوا يلعبوا سويًا وهو و "رقية" مازالوا مشتركين بالورق، ينظر بالورق بكفيها ويشير اليها بماذا تلعب، ليفعل مثلهم الصغار، حتى رأت شفتي الصغير تميل بحزن، لتقترب من أذن "حسام" تهمس ببعض الكلمات وهي تربت بيدها على صدرها برجاء، ليهز رأسه بضحكة خافتة، وماهي إلا دقائق ونهض الصغير ومعه توأمه ليقفوا فوق الطاولة يتراقصون بانتصار واحتفال بالفوز، فتنظر اليهم "أحلام" وتضحك كما تضحك "رقية" وتصفق بيدها لهم ليتابعوا احتفالهم.
نهضوا ليدخلوا غرفهم، ليتفاجأ بالصغار يدخلوا خلفه، لتصعد الصغيرة الفراش وتهتف:
_ لأ أنا هنام معاك هنا.
واقتربت تدس نفسها بداخل حضنه، ليغلق عليها "حسام" ذراعيه يقبل رأسها، انحنت شفتي الصغير ليهمس وهو يتجه للجهة الأخرى يدخل نفسه بين ذراعه الأخر:
_ وأنا عايز أنام جنبك، أنا أصلاً اللي قايل الأول.
ضحك "حسام" بخفوت ليندس الأخر بحضنة فيقبله هو الأخر، فيشعر بيد الصغيرة توضع على صدره بحنان، لتزداد ابتسامته ويقبل رأسهم مرة أخرى.
اقتربت "أحلام" تهتف:
_ ايه ده، كلكوا هتناموا هنا!!
ثم اقتربت تصعد الفراش بجانبهم:
_ أنا كمان هنام معاكوا بقى، مش هنام لواحدي.
نظر اليها "حسام" قليلًا ليهتف:
_ لأ انتي مينفعش، أنا بقول تروحي تنامي مع رقية أحسن ما نسيبها تاخد الأوضة الكبيرة دي كلها لوحدها.
مالت "أحلام" بداخل صدره هي الأخرى تهتف بابتسامة مطمئنة وممتنة:
_ لأ أنا عايزة أنام معاك هنا، إياد أنا بجد بقيت أسعد واحدة في الدنيا بوجودك معانا، ربنا يخليك لينا.
اعتدل "حسام" يربت بكفه على وجنتها بحنان، ثم هتف بجدية:
_ مينفعش يا أحلام، طب دول شوية عيال، انما انتي كبيرة مينفعش.
هتفت وهي تقطب حاجبيها بحزن:
_ ده أنا أختك.
ابتسم ابتسامه مرتعشة وهو يفرد الغطاء عليه هو الصغار، الذين بدأوا في بوادر النوم أثر مشاغبتهم ومرحهم طوال اليوم:
_ اختي ونور عيوني كمان، لكن أنا كمان خايف على رقية، مش عايز نسيبها تنام لوحدها.
هتفت على الفور دون تردد:
_ خلاص، نجيبها هي كمان تنام وسطنا هنا.
هتف دون دراية على الفور:
_ ياااريت.
لتهتف هي الأخرى بحماس وهي تنهض:
_ خلاص هروح أناديها.
سحبها من ذراعها يجلسها ليصحح ما قاله وهو يغمض عينيه بتعب:
_ قصدي ياريت كان ينفع لكن، لكن الأوضة مش هتكفي.
ثم تابع لينهي الأمر:
_ ويلا روحي بقى نامي مع أختك عشان اليوم كان متعب بجد ومحتاج أنام.
نهضت تلقي الوسادة على الأرض بغضب طفولي وتهمس:
_ كدة، طب أحسن برضو، مش عايزة منك حاجة أصلًا.
وتركته وغادرت الغرفة، ليتنهد هو ثم ينظر للصغيرين ويبتسم خاصتًا على تلك الصغيرة المتشبثة بحضنة وكفها الصغير موضوع على صدره بداخل حضنه بأمان، لينحني ويقبلها ثم يقبل الصغير، ليستند بظهره للفراش يضع يده خلف رأسه بشرود بها وباليوم بأكمله، يتذكر حمله لها بحضنه، نظرتها بعينيه، تشبثها به بعنقه بحماية.
مرر "حسام" يده على وجهه، يشعر بعدم القدرة على التحمل أكثر من ذلك وهو يدعي أمامها بالسلام بينما بداخله حريق.
أمسك هاتفه، ليفتحه دون وهلة تفكير على معرض الصور، لترتسم ابتسامة مليئة بالحسرة على وجهه وهو يراها بالهاتف أمامه تغمض عينيها وخصلاتها تتطاير حول وجهها بالسيارة بينما خلفية البحر تزين الصورة من خلفها، وضحكاتها تكاد تصله.
نزل بالفراش يضع رأسه على الوسادة ومازالت عينيه على الهاتف حتى قربه من شفتيه وهو يغمض عينيه ويضعه بحضنه ويخلد لنومه، وهو لم يعلم ماذا سيفعل بالقادم، لكنه على يقين بأن القادم سيحمل الخطر.
!!!!!*!!!!!*!!!!!*!!!!!!
استيقظ "حسام" يتملل برأسه على الوسادة، ثم فتح عينيه يمرر يده على الفراش يقرب الصغيرين بين ذراعيه كما كان يفعل طوال الليل بحماية، لكنه لم يجدهم، فنهض يستند بظهره للفراش ينظر بالغرفة حوله، فلم يجد أحد، نهض ينظر بالمكان بأكمله والغرف، وجدها كلها فارغة، فنظر للخارج خلال الزجاج المطل على البحر، لتتوسع عينيه ويهرول بالخروج اتجاه الشط.
365 يوم أمان
رانيا أبو خديجة
ياترى حسام شاف ايه... وازاي اللي شافه ده هيوقعه في غرامها أكتر ما هو واقع😂
خلاص حسام فاض بيه احساسه بيها يا ترى الأيام الجاية بينهم هتعدي ازااي؟!
وتميم هيروح لعلي ياترى هيعرف يستغل الموقف ويتكلم في موضوع مي ولا هيلاقي ان صاحبه موضوعه أكبر بكتير؟
رأيكوااا وتوقعاتكوااا... قراءة ممتعة ♥️
جمدان جمدان ❤❤❤❤❤❤❤❤
رد على التعليقحذف التعليقتحففففففففففففه🙈❤❤❤❤❤
رد على التعليقحذف التعليقتحفههه
رد على التعليقحذف التعليقبارت حلو اووي ❤️ كملي
رد على التعليقحذف التعليق💕💕💕💕
رد على التعليقحذف التعليق🥰🥰🥰🥰
رد على التعليقحذف التعليقاكتر من رائعه تسلم ايدك 💞😘
رد على التعليقحذف التعليقالبا ت فظييييييييع 🙈❤
رد على التعليقحذف التعليقيجنن تسلم ايدك علي هالابداع
رد على التعليقحذف التعليقكملي
رد على التعليقحذف التعليق💖💖💖👍👏
رد على التعليقحذف التعليقروعه
رد على التعليقحذف التعليق