U3F1ZWV6ZTMxMjc0MDY2Mjc3MzYyX0ZyZWUxOTczMDM4NTMwMzE2MA==

رواية ٣٦٥ يوم أمان الفصل التاسع والعشرون بقلم رانيا أبو خديجة

 رواية ٣٦٥ يوم أمان بقلم رانيا أبو خديجة

رواية 365 يوم امان

رواية ٣٦٥ يوم أمان بقلم رانيا أبو خديجة



 الفصل التاسع والعشرون 

#٣٦٥_يوم_أمان 

#رانيا_أبو_خديجة 


جالس بالمكتب لأكثر من نصف ساعة بانتظاره، فبعدما أوصل "رقية" إلى جامعتها وصله أمر بالقدوم على الفور، بالتأكيد بشأن ما حدث بالأمس ومعارضته لتنفيذ الأوامر.


يجلس بأرق وتعب على وجهه فلم يغلق له جفن منذ ليلة الأمس، لكنه لم يفكر بكل ذلك بل كل ما يشغله أمرها.

مرر "حسام" كفيه على وجهه بقلق، فكلما تذكر عمق نومها بالكرسي بجانبه في السيارة، ظل يلتفت يوزع نظره ما بين الطريق وبينها حتى وصل أمام بوابة الجامعة فرفع يده يزيح خصلاتها المبعثرة بفعل الهواء على وجهها، ثم نظر اليها بحنان ليهمس:

_ رقية، رقية!!

وبعد مرور دقائق يرى من يدخلون البوابة بعجالة تشير إلى مدى تأخيرهم عن الإمتحان، ترجل من السيارة اتجاهها ليوقظها بالقوة حتى فتحت عينيها بعدم وعي واستيعاب، ليرى نظرة جعلت قلبه يعتصر من أجلها وأجل تلك النظرة، ظل معلق عينيه بها وهي تدخل من البوابة بخطوات متعثرة متهادية وكأنها تتحامل على نفسها للصمود من أثر ذلك المخدر على عقلها.


رفع "حسام" رأسه فاجأة عندما أحس بالباب يُفتح بقوة ثم أغلق بنفس الغضب، لينهض على الفور باحترام وأدب عندما رأهه يدخل المكتب، ليقف أمامه ينظر اليه بغضب حتى أحنى "حسام" عينيه فصرخ به:

-بتعارض الأوامر يا حضرة الظابط وتمشي زمايلك قبل ما يشوفوا شغلهم، احنا بنهزر هنا يا حسام؟

رفع يده ليبرر موقفه:

-يافندم حضرتك فاجأتني بالأمر، وحقيقي كان هيحصل كارثة تهد كل اللي كنت بحاول أعمله الشهور اللي فاتت من أول ما بدأت ...حضرتك كان واجب عليك تبلغني قبلها.

ثم تابع بنبرة يشوبها بعض الغضب عندما مر على ذهنه ما فعلوا بالأمس:

_ ده غير أسلوبهم الغير محتمل، يافندم مهما كان الأمر ميصحش برضو اللي حصل، دول مهما كان بنات كبار وليهم الحق في احترام خصوصيتهم و....

ضرب عالمكتب بيده ليقاطعه:

-حسام!!!مش عايز تخريف.

-يافندم العفو... لكن ...لكن أنا قصدي كنت اعد الأمر لزمايلي قبل ما ييجوا عشان كمان يعرفوا يشوفوا شغلهم والأمور متمشيش بالشكل ده.

ثم تابع منهيًا الأمر قدر الإمكان:

_ على كل حال، أنا آسف.

زفر بعنف ليتجه لمقعده ويجلس وهتف بنفس غضبه:

-حسام، أنا ببلغك ان الجهاز عنده قضايا كتير محتاجة كل المجهود ده، وبفكرك كمان ان دي تعتبر أول قضية حد منكم يستهلك فيها كل الوقت ده.

ثم تابع بغضب:

_ ويمكن ده سبب حمقتك على ولاد منصور أكتر من انك تشوف شغلك وتخلصنا من القضية دي عشان نفوق لشغلنا.

_ يا فندم الموضوع مش كدة طبعّا أنا عارف شغلي كويس و...

قاطعه يغمض عينيه بملل:

_ حسام!! أنا عايزك على الأقل تلاقي الكمية اللي كانت عند منصور، وتعرفلي مين فوق الراجل اللي كان مشغله، امتى؟

صمت لحظة ثم أجاب:

- استأذن حضرتك في يومين بالظبط وبيت منصور والورشة أنا هخليهم تمامًا زي ما حضرتك أمرت.

-ودي هتعملها ازاي بقى.

صمت يفكر بنفس حيرته ثم هز رأسه ليهمس:

_ ها..هتصرف.

!!!!!***!!!***!!!!!!

دخل "حسام" المنزل لم يجد سوى الصمت بالمكان فقطب حاجبيه ليقترب من الغرفة الوحيدة التي مازالت مغلقة ليفتحها وجد "أحلام" والصغار مازالوا نائمين دون حراك وقد تخطت الساعة الخامسة بعد العصر، ظل ينظر اليهم بقلق، ثم خرج من الغرفة يدخل غرفتها ليبحث عنها، فلم يجدها وبالطبع لم تفتح الورشة فمر عليها في طريقه للبيت وجدها مازالت مغلقة فنظر أمامه بعيون واسعة يهتف:

-معقولة تكون لسه مجتش من الإمتحان!!!

دق رنين هاتفه فأخرجه ينظر به ليرد على الفور من رؤية اسمها على شاشة الهاتف:

-رقية انتي فينك لحد دلو....

قاطعه صوت رجولي جاد:

-حضرتك أخو الطالبة رقية منصور المهدي؟

صمت بقلق ثم رد بريبة وترقب:

-أيوا أيوا... رقية جرالها حاجة؟

!!!!!**!!!!**!!!!**!!!!!

طرق على باب المكتب ودخل ومعه ملف به أوراق اللجنة الإمتحانية التي راقب عليها، فأقترب يصافح من بالمكتب بابتسامة:

_ دكتور نجيب...ازي حضرتك.

ثم مر ليصافح المعيد الأخر في سن والده الإثنين، فقد كانوا مشرفين وأساتذة له من قبل، حتى لمح وهو يلتفت بينهم تلك المتكومة على نفسها، على أريكة موضوعة جانبًا بالمكتب، مغمضة عينيها بدون وعي تام، وعلى جسدها المتكوم سترة أحدهم، فوقف أمامها يتأمل ملامح وجهها مغمضة العينين وملامحها البريئة المجهدة.

_ ده ورق الامتحان يا وليد؟

التفت على الفور اليه فأقترب يعطيه الملف به أوراق الاختيار:

_ اتفضل يا دكتور، ده ورق الفترة المسائية كمان.

أخذه من يده يرتبه ويضعه على باقي الملفات بجانبه حتى يأتي مَن يرسلها للكنترول والتصحيح على الفور.

لاحظ نظرته باندهاش لتلك المستغرقة بالنوم بمكتبه، فضحك يقول:

_ تعرف الطالبة دي يا وليد؟

التفت ينظر اليه بحرج من تحديقه بها ثم أجاب:

_ أبدًا يا فندم، هي دي طالبة معانا هنا في الكلية؟

أجاب ومازال يرتب الملفات أمامه:

_ أيوا يا سيدي، لكنها فرقة رابعة تخيل جتلها حالة نعاس أثناء الإمتحان ومن وقتها وهي كدة.

عاد ينظر اليها بدهشة ثم هتف بعدم تصديق:

_ حضرتك بتتكلم بجد ولا بتهزر، نامت في الإمتحان!!

ضحكوا الاثنين ليجيبه الجالس أمامه الأخر:

_ احنا كلمنا أخوها وهو جاي في الطريق ياخدها.

نهض يقترب منها ينظر اليها عن قرب ثم هتف:

_ يا فندم لتكون تعبانة أو فيها حاجة وحضراتكم مش عارفين.

_ أبدًا يا أبني، طبيب الكلية اللي شافها قال نايمة عادي جدًا.

ثم نهض يلتقط الملفات لينهضوا معه، وقال وهما يهموا للخروج من المكتب:

_ يلا، يلا عشان احنا منتأخرش.

ثم خرجوا من المكتب، غالقين بابه عليها.


أسرع "حسام" في القدوم يسأل عن مكتب المسؤول الذي هاتفه، حتى رأهم يسيرون في المرر ويتحدثون فأقترب.

_ من فضلك ، مكتب دكتور... دكتور نجيب ال...

صمت بعدم تركيز او انتباه لشئ، فتابع أحدهم:

_ أيوا أيوا حضرتك أخو الطالبة..

_ رقية منصور المهدي، فين؟

أجابه وهو يلتفت للعودة للمكتب وهما خلفه:

_ متقلقش يا أبني كدة، متقلقش، تعالى معايا تعالى، هي جوا هنا.

سار معهم حتى فُتح المكتب ورأها متكومة بذلك الشكل دون دراية بمن حولها، فأغمض عينيه لما وصل اليه الأمر، وأقترب يزيح تلك السترة تبع أحدهم من عليها ليخلع عنه الچاكت تبعه ليفرده عليها وقبل أن يحملها التفت يسأل ليطمئن:

_ هي...هي ممتحنتش؟

اقترب المعيد المسؤول ليجيب:

_ لأ للأسف، حالتها كانت صعبة جدًا لدرجة عدم الانتباه لشئ حواليها.

ثم سأل باندهاش:

_ هي أخت حضرتك مصابة بالخدار النومي، يعني بتجيلها نوبات نعاس مفاجئة في أي وقت وأي مكان؟

نظر اليه "حسام" بصمت ليتابع هو:

_ ده كان تشخيص طبيب الجامعة اللي شافها أثناء نومها بالشكل ده في لجنة الإمتحان.

هز "حسام" رأسه بنعم ثم بلا، ثم زفر وهو يغمض عينيه بتعب لكنه أنهى الأمر ليقول:

_ أنا، أنا متشكر لحضراتكوا جدًا.

هتف المعيد "وليد" المراقب ما يجرى وعينيه عليها:

_ مش مشكلة، تعوض ان شاء الله في الدور الثاني للمادة دي، المهم تشوف حل أو علاج ليها في أقرب وقت.

أماء اليه "حسام" ليلتفت إليها يحملها بين ذراعيه ومازالت سترته على جسدها يخبئها من أعين مَن يراها وهي بين ذراعيه.

!!!!!*!!!!!*!!!!!!*!!!!!!


 -كفاية بقى كلام عليها انتوا ايه مبتغلبوش..دي مهما كان برضو رقية زميلتنا عيب.

ضحكت زميلتهم الأخرى الواقفة تهتف:

-غصب عني والله أنا بس كل ما أفتكر شكلها وهي نايمة وسط الإمتحان والمعيدين بيحاولوا يصحوا فيها وانا مقدرش أمسك نفسي من الضحك.

قال زميلهم الأخر الواقف بينهم:

-على فاكرة يا جماعة دي مكنتش نايمة دي أقسم بالله كانت مغيبة.

ضحكوا جميعهم لتهز رأسها بيأس منهم، ثم التفتت فاجأة لذلك النداء من بعيد لتقترب منه، ليهتف فور رؤيتها:

-عملتي ايه في الإمتحان... أنا سامع ان امتحانكم كان كويس.

أجابته بحزن:

-الحمد لله يا وليد كان حلو وسهل قوي.

اقترب منها وهو يعدل من بذلته ليضع يده في جيبه:

-اومال مالك ... عاملة كدة ليه؟

ثم نظر بعيدًا لتلك الدائرة المتجمعة يتحدثوا ويضحكوا بصوت مرتفع:

-ومالهم دول... بيوزعوا نكت هناك ولا ايه!!

هتفت بضيق وهي تنظر اتجاههم:

-تخيل انهم بيتكلموا عن زميله ليهم وكانت معانا في لجنة واحدة كمان.

نظر بساعة يده ثم قال:

-بقولك ايه انتي مش مروحة أنا معدي عليكي عشان أخدك في سكتي.

هتفت وهي تسير معه:

-أيوا بس عايزة أطمن على رقية الأول قبل ما أمشي، إذا كان كل دول واقفين كل ده ومستنيين يشوفوا الموضوع رسي على ايه.

- مين رقية دي عشان يضحكوا عليها يعني!

توقفت عن السير لتهتف:

- رقية دي تبقى صاحبتي وأنا اكتر واحدة عارفة ظروفها، هي طالبة هنا اه بس بتشتغل في ورشة بتاعة باباها، شغلتها بنفسها بعد وفاته وتلاقي بسبب الشغل ده كانت سهرانه وتعبانة وده اللي اتسبب انها تنام في اللجنة على ورقة الإمتحان يقوم كل دول يضحكوا عليها.

_ ايوا ايوا البنت اللي نامت في لجنة الإمتحان دي، ده الجامعة كلها ملهاش سيرة غيرها.

اقتربت تسأل بقلق:

_ طب يا وليد، بما انك كنت فوق، متعرفش ايه اللي حصل أو راحت فين؟

أجاب ببساطة:

_ مفيش، أخوها جه وأخدها ومشي من بوابة آداب الجهة التانية.

!!!!!*!!!!!*!!!!!*!!!!!!


مازال غير طبيعي بكل ما يمر به في يومه، حتى في عمله أصبح غير متزن وغير قادر على التركيز، لم يعلم ماذا أصابه لكنها لم تغيب عن باله، يشعر بإحساس بالذنب يكاد يخنقه، كلما تذكر نظرتها الأخيرة له بعيونها الباكية، يحاول كل المحاولات ليقنع ذهنه بأنه ليس له شأن بالأمر، لكن تأتي كلمات صديقه بباله لتجعله يعصر عينيه بشدة من ألم ما تفعله به كلماته.


مر اليوم من أمام منزلها، يشعر بأنه يكاد يشم رائحتها، يشعر بها حوله كلما مر، نظر للبوابة الكبيرة وبداخله يهمس:

_ ياريتك كنتي لسة موجودة، والله ما كنت عملت كدة، كنت عوضتك عن كل حاجة، أنا حاسس، حاسس، هموووت بسببك.


أصبح يترك ضوء الغرفة ويذهب للنوم ويغمض عينيه لتمر بعض الدقائق ليغيب عن الوعي بفعل تعبه وأرقه، وبعد قليل من الوقت يصله صوتها كالحلم بأذنه، همسات ورجاء باسمه بألا يتركها وصوت بكائها الأخيرة، وصوت بكائها يتصاعد، توسلات تشبه توسلاتها في في رسائلها التي كانت ترسلها اليه دون حتى أن يكلف نفسه بقرائتها إلا بعد أن غادرت، أصبح يمسك هاتفه ويقرأها أكثر من مرة بيومه، وهو يحاول إيجاد أي سبب لإقناع عقله بأنه ليس له شأن بما حدث لها.


فور اغلاق عينيه وشعوره بتلك الدوامة خلف جفنيه تنكمش ملامحه فور رؤية هيئتها تسقط من أعلى قمة مرتفعة بسيارتها وتصرخ باسمه، فينهض منتفض بفزع ينظر بالغرفة حوله، بعيون واسعة على أخرها.


ظل ينظر بكل ركن بالغرفة بنفس العيون المتسعة، ثم اعتدل يمرر يديه بضيق وأرق على وجهه أصبح يلازمه، ليهمس برجاء وقلة حيلة:

-يارب نفسي أنام... أنام ساعة واحدة بس على بعض ومشوفهاش ولا أسمع صوتها فيها... في ايه بس ... ايه اللي بيجرالي!!!

ظل جالس محله، لينهض ويفتح خزانة الملابس ليبدل ملابسه سريعًا ثم خرج من الغرفة يتجه للغرفة الأخرى التي اتخذها صديقه غرفة خاصة له بعد أن كانت تجمعهم غرفة واحدة.

 فتحها ينظر بها وجده مستغرق في نوم عميق أصبح يشعر بالحقد عليه بسببه، يتمنى ولو دقائق من تلك الراحة المطلقة.


خرج "علي" من المنزل ليتجه لسيارته التي أصبح يركبها عوضًا عن دراجته النارية التي كاد أن يتسبب بأكثر من حاث بها الأيام الماضية.

سار "علي" بالسيارة وكعادة اليومين الماضيين عندما يمر من أمام منزلها يلتفت بكامل رأسه وكأنها تظهر له من العدم خاصتًا بنفس الأماكن التي كانوا يقفوا بها ليتحدثوا أمام البوابة الكبيرة، فتحدثه بتلك الإبتسامة الأكثر من بريئة وعيون مازالت بها لمعة فطرية لم تلوثها الأيام ويعلم.

توقف فاجأة حتى أصدرت سيارته صوت مرتفع عندما خيل له أنه رآها بالفعل بالشرفة العلوية للمنزل حاضنه كلبها الصغير كما كان يراها دومًا.

ليظل يبحث بالظلام وهدوء الشارع بتلك الساعة الفجرية ثم يضغط على الفرامل ليهرب بخوف دق قلبه كطفل صغير يهرب من مخاوف وهمية تلاحقه.

!!!!***!!!****!!!!

أغلقت ستار شرفة غرفتها لتعدل من وضعية الكلب على ذراعها، لتقترب من الفراش تضعه على طرفه؛ لتنظر للكلب بابتسامة حاولت في رسمها لتمرر يدها عليه بحنان وتهمس:

_ مالك بس يا مانكي، بتتلفت على ايه طول الوقت كدة!!

ينظر بالغرفة بأكملها ثم يعود بالنظر اليها وكأنه يسألها عنها بعينيه وطريقة التفاتته هنا وهناك.

نظرت اليه بحزن تعلم عدم راحته وغربته دون وجودها، أرجعت "هنا" خصلاتها للخلف، التي تشبه ملابسها في لونها الأسود الداكن، وهي تحاول أن تتمالك دمعاتها التي لم تجف منذ ذلك اليوم.

دخلت والدتها عليها تهتف بعجالة:

_ هنا، يلا يا بنتي اتأخرنا، أنا لميت كل حاجتي عشان أسيب المفاتيح للبيه ونمشي.

نظرت للغرفة بعيون دامعة لتهمس ببكاء:

_ هو، هو باباها جه؟

اقتربت والدتها تجلس بجانبها تهتف بتعب:

_ أه، جاي يأقفل وياخد المفاتيح عشان هيسافر الصبح.

ثم تابعت:

_ والله يا بنتي الراجل حالته تصعب عالكافر، الله يكون في عونه.

هتفت "هنا" بحزن وغضب:

_ الله يكون في عونه!!! بعد ايه يا ماما اذا كان هو السبب الأساسي في اللي جرالها، انه يسيبها هنا لوحدها ميعرفش عنها أي حاجة، مايا عاشت لوحدها وماتت لوحدها يا ماما.

ثم تابعت بغضب وندم أشد:

_ ده حتى لما قولتلها انها لازم تطلع للدنيا تشتغل تتعرف على ناس، أي حاجة غير انها تقفل على نفسها وتبقى بالضعف ده كانت تقولي بابا مش هيوافق، بيخاف عليا، هو السبب يا ماما، هو السبب.

كادت والدتها ترد عليها بدموعها التي مازالت تسيل منذ وفاتها، لكنها تفاجأت بمن يدخل الغرفة، نظروا اليه الإثنين لتنهض والدتها وتنظر اليه بخوف، ثم صرخت بها:

_ اخرسي يا هنا، أسكتي!!

أقترب هو يهتف بانكساره بعدما نظر إليها قليلًا يهز رأسه وكأن كلماتها مست قلبه وأوجعته من حقيقتها:

_ أنا ، أنا ماشي ياريت تبقوا تبعتولي المفاتيح مع علي.

وتركهم وغادر بنفس ندمه وألمه من فراق ابنته التي لم يتيح له القدر الفرصة باعطائها حقها بوجوده بحياتها، فكان يخيل له بأن الوقت ممتد أمامه، فينهي الأهم، ثم يعود اليها فيما بعد.


اقتربت والدتها منها تنهرها بخوف:

_ انتي اتجننتي، بقولك ايه عايزين نمشي من هنا على خير، يلا يلا شوفي هتعملي ايه في الكلب ده ولا هتسبيه فين خلينا نمشي.

جففت "هنا" دمعاتها، ثم هتفت وهي تلتقط الكلب بيدها تقربه من حضنها:

_ حرام يا ماما، خلينا ناخده معانا ده، ده من ريحتها.

ثم انفجرت في البكاء، لتقترب والدتها تهتف:

_ يا بنتي كفاية بقى، وبعدين تاخديه معاكي ده ايه، ده انتي مكنتيش بتطقيه مع مايا وعلطول ترفضي تلمسيه تقولي بيخليني أضطر أغير هدومي عشان الصلاة، وبعدين ، وبعدين انتي محتاجة تفوقي بقى عشان امتحناتك اللي انتي مش مركزة فيها خالص دي.


!!!!!*!!!!!!*!!!!!*!!!!!!



 وصل "علي" للمنزل ليدخل الغرفة لصديقه على الفور، ويقترب ليوقظه، فيزفر الأخر وينهض يعتدل ويهتف بضيق ومازال الخصام يملأ قلبه اتجاهه:

_ في ايه، عايز ايه تاني عالمسا!!

ابتلع لعابه بعدم راحة وتعب لم يشعر به غيره، ليهتف بعدم راحة بالنوم بمفرده:

-ارجع نام معايا في الأوضة يا سالم... لو سمحت.

رفع عينيه ينظر اليه باندهاش من رجاءه وحالته، أهذا الضابط "علي" صديقه، الذي يشعر من حوله بالرهبة منه، لم يستطع النوم بالغرفة بمفرده!!!، لكنه سريعًا ما عاد اليه غضبه ليسحب الغطاء حتى رأسه ويهتف:

-لا شكرًا.. أنا ارتحت هنا.

ظل صامت "علي" يفكر في الإلحاح عليه، فمن الممكن أن يكون تركه ينام بمفرده بعد أن اعتاد عليه معه بالغرفة هو السبب في أرقه أو شعوره بوحدته بهذا الشكل المزعج، لكنه لم يفعل ويظهر ما يكنه من ضعف أمامه أكثر من ذلك، فعاد لغرفته يغلقها عليه ويحاول استرداد راحته التي سلبت منه بغمضة عين.

!!!!**!!!!**!!!!*!!!!!*!!!!!


عاد "حسام" من الصيدلية ومعه زجاجة صغيرة، فقد علم أنهم حتى بعد افاقتهم من تلك الغيبوبة، فيظلوا بحالة عدم اتزان لعدة ساعات.

دخل "حسام" المطبخ على الفور يحضر كوب يملأ نصفه بالماء ثم وضع عشرون نقطة من تلك الزجاجة ودخل غرفتها، يبدأ بها، رآها كما وضعها من حضنه على الفراش فور مجيئهم، كما هي نائمة مستغرقة بالنوم، فأقترب يضع الكوب جانبًا ثم مال عليها يحاول افاقتها ليهتف:

_ رقية، رقية اصحي.

تململت بعد لحظات برأسها قليلاً لكنها مازالت مغمضة عينيها، فسحبها عليه أصبحت جالسة أمامه لكن رأسها مائله ومازالت مغمضة عينيها ليضرب بخفة على وجنتيها:

_ رقية، رقية فوقي لحظة بس.

مازالت مُغلقة عينيها بنعاس ووهن شديد، فنظر بوجهها قليلًا يمرر عينيه على ملامحها ليزيح خصلاتها من على وجهها بكفيه، يبتسم من جمال ذلك الوجه حتى في حالتها تلك، عبث سريعًا ينهر نفسه من السماح بالتفكير بذلك الشكل وهي أمامه بتلك الحالة والصمت من حوله يشعره بخطر، توسعت عينيه عندما سقطت برأسها على كتفه، ليحاول ازاحتها ليغمض عينيه بيأس ويحاول افاقتها مرة أخرى ثم تركها بيأس واضعة رأسها على كتفه ليمد يده يسحب كوب الماء ويقربه من فمها ليقول بقوة:

_ رقية، رقياااا اصحيييي بقاااا

عدلت رأسها بعدم اتزان واضح فقرب الكوب من شفتيها لترتشف منه قليلاً ثم سقطت رأسها على كتفه مرة أخرى ليساعدها على الصعود من تلك الدوامة حتى فتحت عينيها ترفع رأسها، وفور استيعابها نظرت حولها لتهمس:

_ اياد ...الساعة كام دلوقتي عشان الإمتحان؟


!!!!!*!!!!!*!!!!!*!!!!!!


بعد مرور يومين

أغلق الطبيب حقيبته لينظر اليه ثم يدون الأدوية المطلوب، فسأل "سالم" وهو يمرر عينيه على صديقه بقلق:

_ خير يا دكتور، حالته ايه دلوقتي؟

أنهى الطبيب ما دونه يعطيه الورقة ثم أجاب:

_ للأسف عدم النوم بشكل متواصل لمدة تلات أيام أدى لهلاوس سمعية وبصرية واضطرابات في الأعصاب، أثرت على إدراكه العقلي.

ثم تابع:.

_ أنا كتبتله على أدوية تساعده ينام، لكن لو الوضع أستمر هنضطر نحوله لمستشفى أمراض النفسية.


توسعت عيني صديقه يردد بقلق:

_ مستشفى الأمراض النفسية والعصبية!!!!


365 يوم أمان

رانيا أبو خديجة

رأيكوااا وتوقعاتكوااا للي جاااي 🔥

ياترى حسام هيضطر يخلي البيت ازاي عشان يشوفوا شغلهم بقى؟

ورد فعل رقية على اللي حصل وهل هتعدي الأمر عادي ولا هتعمل من إياد كفته😂🤌

وعلي حكايته هتنتهي على ايه..توقعااتكوا وربنا يستر🙂😂

ومي وتميم خلاص قصتهم محتاجين نركز عليها الفترة الجاية عشان بجد لسة فيها مفاجأااااات كتييير قووي🔥🔥🔥


استنوني... قراءة ممتعة ♥️🥰



تعليقات
8 تعليقات
إرسال تعليق
  1. مبدعة ومتميزة كعادتك ربنا يوفقك.

    ردحذف
  2. روووووعه

    ردحذف
  3. يلا يارب تجنن ياعلي الزفت 😡

    ردحذف
  4. روعه يا رونى

    ردحذف
  5. روعه روعه روعه روعه روعه يارانيا تسلم ايدك ياقمر 🥰🥰🥰🥰

    ردحذف

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة