U3F1ZWV6ZTMxMjc0MDY2Mjc3MzYyX0ZyZWUxOTczMDM4NTMwMzE2MA==

رواية ٣٦٥ يوم أمان الفصل الثامن والعشرون بقلم رانيا أبو خديجة

 رواية ٣٦٥ يوم أمان الفصل الثامن والعشرون بقلم رانيا أبو خديجة 

رواية 365 يوم أمان للكاتبة رانيا ابو خديجة

رواية ٣٦٥ يوم أمان الفصل الثامن والعشرون بقلم رانيا أبو خديجة


الفصل الثامن والعشرون
رواية ٣٦٥ يوم أمان
رانيا أبو خديجة

 توسعت عينيه على آخرها مما استمع اليه، ثم ابتلع لعابه بصعوبه ليهتف بعدم فهم:
-هو... هو ايه حصل يا فندم للقرار المفاجئ ده!!!
استمع لصوت أعنف وأكثر قسوة:
-الادارة عايزة جديد يا حسام.. والمخدرات بتاعة منصور دي أول الخيط اللي حضرتك لسه مش عارف تمسكه.
ثم تابع بجدية شديدة ولوم:
-تقدر تقولي ايه المعلومات اللي حضرتك جبتها لحد دلوقتي.
ابتلع لعابه بصعوبة ليجيب:
_ يا فندم أنا لسة قافل مع بدير من شوية وبلغته باللي حصل.
_ ايه اللي حصل!!... انهم أخيرًا قرروا يدوا حضرتك بضاعة جديدة توزعها معاهم....فين المخدرات اللي كانت مع منصور يا حسام وازاي متوصلش ليها لحد دلوقتي...ولا لقوها وأخدوها يوزعوها هما بمعرفتهم وحضرتك رايح تساعدهم!!
- يا فندم... يا فندم أنا دلوقتي يعتبر بقيت مكان منصور وده اللي هيوصلني وشوية شوية هتزداد ثقتهم فيا وأقدر أوصل للي احنا عاوزينه وده مش هيحصل بين يوم وليلة.
--حسام...زمايلكم هيكونوا عندك كمان ساعة تقريبًا.. هما اتحركوا بالفعل... انت عارف القضية دي مهمة للجهاز بنسبة قد ايه وانك تلاقي المخدرات بالكميه اللي هما حاولوا عشان يلاقوها دي نتيجة مش هينه عشان كدة أنا بعت مختصين يبحثوا ويدورا ومش هيرجعوا إلا وهي معاهم .
_ يا فندم حضرتك عارف ان ولاد منصور معندهمش علم بأي حاجة وده لسلامتهم ...ازاي الأفراد اللي حضرتك باعتها هتيجي وتفتش وهما داخل البيت... خليهم يدورا في الورشة وأنا هبقى أدور بنفسي في البيت تاني.
_ ما انت دورت قبل كدة يا حضرة الظابط...فين جديدك اللي يستحق قعدتك هناك والمجهود اللي بيبزلوا معاك زمايلك والإدارة كلها...اتصرف يا حسام حتى لو اضطريت تقولهم الحقيقة المهم عندي النتيجة...ده أمر يا حضرة الظابط.
 نظر للهاتف الذي أغلق بوجهه، ماذا عساه أن يفعل، غضب الجهاز  بهذا الشكل سيهدم كل ما بناه بالأيام الماضية، ثم تنهد بحيرة وهو يلتفت يعود بنظره لباب المنزل مرة أخرى.

!!!!!*!!!!!*!!!!!*!!!!!!!

انتهت من أخذ دوائها تغلق زجاجة الماء جيدًا، بينما مازالت مستيقظة تنتظر مهاتفة أخيها "حسام" اليومية بعدما حاولت مهاتفة "علي" لأكثر من مرة دون رد وبالأخير أغلق هاتفه.
استمعت لرنين هاتفها فأتجهت للفراش تلتقطه بابتسامة فابالتأكيد أحدٍ منهم، لكنها تفاجأت باسم أخر ينير شاشة هاتفها لتضع اصبعها بين شفتيها بحيرة وحرج، فمنذ أن كان هنا بالأمس وتحدثت معها والدتها فور مغادرته بأنه طلبها بالفعل وينتظر فقط طلب يدها من أخيها الأكبر، لم تنكر الشعور بالسعادة العجيب الذي جعل جسدها ينتفض وقلبها المريض ينبض نبضات أشعرتها بالحياة، لكنها عندما تفكر بالأمر تشعر بالتردد الشديد والقلق لم تعلم كيف تتم الأمور وهي تعلم جيدًا ظروف حالتها الصحية، وكيف قبل "تميم" بها بهذا الكم من العثرات الصحية التي بالتأكيد ستهدد حياتهم معًا.
ازداد رنين الهاتف مرة تلو الآخرى حتى أضطرت للضغط على الشاشة تضعه على أذنها وقبل أن تنطق وصلها صوته:
_ مبترديش عليا لية؟
صمتت وهلة ثم همست بحرج:
_ بصراحة ....
لم تعلم بما ترد، لم تريد التحدث معه بما يشغلها ثم عادت لصمتها لتتابع فاجأة وكأنها تذكرت:
_ هو ...هو انت كلمت حسام؟
_ عن ايه؟
وصله صوتها متحير متقطع ليبتسم فور سماعه ترددها:
_ عن...عن...
وعادت لصمتها ليتابع هو بابتسامة:
_ عارفة هاين عليا دلوقتي أسافر لأخوكي مخصوص عشان أفاتحه في موضوعنا.
ثم تنهد بحيرة وتابع:
_ بس خلاص هانت...بدير في المكالمة اللي فاتت سمعته بيقولوا ميعاد حجز قاعة جوازه  وبإذن الله وقتها مش هسيبه يسافر إلا لما أقوله وأطلبك منه.
رغم ابتسامتها التي ارتسمت رغمًا عنها كلما تشعر بتمسكه وإصراره عليها بحديثه دائمًا بهذا الشكل، لكنها هربت بتغيبر مسار الحديث من كم الخجل التي تشعر به كلما هاتفها بهذا الأمر:
_ هو بدير حدد خلاص...ألف مبروك.
ابتسم "تميم" ليرد:
_ الله يبارك فيكي عقبالنا.... والله هو حدد وحجز وهما تقريبًا لسة ولا خلصوا حاجة من اللي المفروض تخلص ..وأمينة مطلعة عينيه ولا راضية بحاجة وكل ما يخلص حاجة يرجع يعيد شغل فيها تاني.
ضحكت بخفوت ثم همست بصوتها الذي يعشق سماعه:
_ هو بيحبها وهيتحملها.
صمت لوهلة ثم أجاب بصدق:
_ صح ..واللي بيحب بيتحمل أي حاجة من أجل عيون حبيبه يا مي.
_ ااا ..قولتلي ان كدة حسام هينزل قريب..صح.
_ أه..قربب قوي عشان يحضر الفرح... وبإذن الله هحاول وقتها بكل ما أقدر انهم يبقوا فرحتين.

!!!!!*!!!!!*!!!!!!*!!!!!!

دخل "حسام" المنزل مرة أخرى، لتتوسع عينيه فور دخوله عندما رأى الصغير مازال على نفس وضه يشاهد التلفاز بينما الصغيرة تعقد حزام على خصرها وتتراقص على أصوات الأغاني الكرتونية المنبعثة من التلفاز، بينما "أحلام" ممسكة بيدها كتاب تضع عينيها به لحظه ثم ترفعها لتكرر ما التقطته عينيها وهي تجيب أرضية الصالة ذهابًا وايابًا، لترفع عينيها اليه وهو مازال واقف محله ينظر اليهم بصمت وحيرة فأقتربت منه تهتف:
-اياد... مالك واقف كدة ليه!!
نظر اليها قليلًا ثم سحب من يدها الكتاب يغلقه ويهتف:
- معقولة يا أحلام... لسة صاحية لحد دلوقتي... كدة غلط  على عقلك ومش هيستوعب المذاكرة ابدًا.
نظرت للكتاب بيده ثم قالت باندهاش:
_جرا ايه ... مأنت عارف اني اليومين دول عندي اختبارات ولازم أذاكر.
هتف وهو يسحبها من يدها اتجاه غرفتها:
-لا دي مجرد اختبارات عادية ... لكن انتي ثانوية عامة وامتحاناتك الأساسية أخر السنة ..يلا يلا أدخلي نامي يلا واستهدي بالله.
وبالفعل أوصلها للغرفة وفتح الباب أدخلها، ثم التفت ينظر للصغيرين، فاتجه للصغيرة التي مازالت تتراقص باتقان يقترب منها يصفق بيده ويردد وهو يحاول أن يثبتها ليحل ذلك الرباط من على خصرها:
-الله عليكي يا فنانة ... ايه الابداع ده كله.
ثم تابع وهو يسحب الوسادة من أسفل رأس ذلك النائم ورافع ساق على الأخرى بأريحية:
- يلا بقى كفاية سهر النهاردة ويلا ندخل ننام...انتوا الاتنين ايه مصحيكوا لحد دلوقتي أصلًا!!
اعترضوا الاثنين بتأفف وضيق لتهتف الصغيرة وهي تحاول سحب حزامها من يده:
_ أنا مش عايزة أنام دلوقتي....سيبني بحب أرقص عالحتة دي من الأغنية.
 سحبهم رغمًا عنهم اتجاه غرفتهم وهتف:
- أميرة الصبح هسيبك تعملي اللي انتي عايزاه...يلا عايز في دقايق تكونوا نايمين ... تصبحوا على خير.
وساعدهم على الاستلقاء على الفراش يسحب الغطاء عليهم، ليرفع عينيه الى "أحلام" التي وكأنها نالت ما كانت تتمناه فسحبت غطائها عليها بابتسامة راحة وبدأت في أحلامها السعيدة تاركة ذلك الكتاب ملقي على طرف الفراش.

أغلق "حسام" باب الغرفة عليهم ثم اقترب من بابها، المهمة الأصعب، وفتحها ودخل، وجدها مازالت منكبة على كتابها ومن حين لأخر ترفع يدها الى فمها بتثائب عنيف، فأقترب يستغل اللحظة وهتف:
- هتنامي على نفسك ولا ايه... ماكفاية كدة بقى وقومي نامي.

 فتحت "رقية" عينيها على آخرهم محاولة منها في مقاومة النوم لتهمس وهي تنحني بعينيها للكتاب تدون به:
-لا .. أنا شكلي كدة محتاجة أطبق .. أبقى أناملي ساعتين بقى اما أرجع من الامتحان.
اقترب "حسام" يجلس على طرف المكتب أمامها ليهتف بجدية:
-كدة ولا هتستوعبي حاجة وتروحي الامتحان ناسية كل اللي ذاكرتيه... أنا بقول تقومي تنامي وأنا هصحيكي قبل الامتحان بكام ساعة كدة وأهو تكوني فوقتي شوية.
رفعت يدها لفمها مرة أخرى بتثاىب حتى دمعت عينيها ثم تابعت:
-لا أصل فاضلي باب كامل وده أرخم باب في المادة كلها .. فأخاف الوقت الصبح ميكفيش.

نظر بساعة يده بعلامات الحيرة والضيق على وجهه ثم نظر الى المكتب بتفكير والتقط كتابها بيد وسحبها من يدها باليد الأخرى:
-طب .. طب بصي تعالي كدة ووريني ايه اللي مش فهماه وأنا هساعدك...المهم تنامي دلوقتي.
نهضت بالفعل معه لكنها وقفت تنظراليه وهتفت:
-انسى انك تفهم حاجة من الكتاب ده... أنا اهو ومش فاهمة في الفصل ده حاجة.
نظر لساعة يده ثم اليها يزفر بضيق وسريعًا ما سحب ورقة وقلم يدون بهم واتجه بالكتاب لفراشها يجلس عليه وبدأ بالفعل يقرأ الصفحات ويلخصها في نقاط محددة ومرقمة لسرعة حفظها، اقتربت "رقية " منه تنظر لما يفعله وصعدت للفراش تجلس بجانبه لترفع حاجبيه من سرعة تدوينه وخطه الأكثر من واضح وجميل، ينظر بالكتاب لدقيقة أو أقل ثم ينظر بالورقة ليدون بها ما قرأت ولكن بشكل سلسل ملخص.

ظل يقلب في الصفحات ويدون ما يلخصه حتى مر خمسة عشر دقيقة تقريبًا وجد يده توصلت لغلاف الكتاب فالقاه على الفراش ينظر بالورقة ثم رفع عينيه اليها وهتف:
- قدامك أقل من نص ساعة تكوني حفظتي الورقة دي ونمتي ولو في حاجة مش فهماها تسألي في الإنجاز.
نظرت اليه بصمت فصرخ بها:
- -انجزي يا رقية متنحة ليه!!!
أخذت الورقة من يده ثم بدأت بالفعل تقرأ النقاط التي أعدها لترفع وجهها وتنظر اليه باندهاش وتهتف:
-ازاي كدة.. أنا فعلاً مذاكرة الحته دي من الكتاب بس قعدت اقرا فيها ساعة تقوم انت جاي حاطتها كدة في سطر ونص!!
نظر بالورقة ليسأل:
-ايه... في حاجة في النقطة دي ناقصة!!
حركت رأسها بمعني لا ثم هتفت:
-ماهو الغريبة في كدة..قولي ازاي عملت كدة!!!
عاد ينظر لساعة يده ثم هتف:
- انجزي يا رقية... خلصي عشان تنامي.
نظرت اليه قليلاً ثم عادت تنظر بالورقة تعد على أصابعها النقاط وتحفظها وهو جالس بجانبها عندما تتعثر في كلمة يقوم بتوضيحها بالشرح المفصل، ممسك بيده قلمها يشير اليها على الأسطر ومن حين لأخر ياخذ الورقة من يدها لتسرد عليه ما حفظته منها، ليهتف أخيرًا:
-حلو قوي الصبح بقى تصحي قبل ميعادك بنص ساعة أو ساعة تراجعي مراجعة سريعة قبل ما تمشي.
ثم تابع وهو ينهض ويسحب الغطاء ليفرده على الفراش:
- ودلوقتي بقى يلا ... اتفضلي نامي عشان الوقت اتأخر... تصبحي على خير.
أماءت اليه تسحب الغطاء عليها لتستعد للنوم ثم صاحت بالنداء عليه قبل خروجه من الغرفة:
-إياد.
التفت اليها بعجالة فقالت بابتسامة ممتنه فقد أنقذها بالوقت المناسب:
-شكرًا.
أماء "حسام" ينظر إليها يشعر بالشفقة بتلك الإبتسامة التي لم تعلم ما يدور حولها ثم همس قبل أن يغادر الغرفة:
 تصبحي على خير.
وخرج من الغرفة يغلق بابها خلفه.
ليظل مستيقظ بانتظار قدومهم، يدعي ربه أن تلك الليلة تمر على خير، دون أن يشعروا بشئ.
وبعد مرور نص ساعة إضافي اتجه يجلس على الأريكة ينتظر، ثم همس بحيرة وضيق:
_ عادي يعرفوا ازاي بس!!!.. ازاي... بقى دول يتحملوا يسمعوا ده... مستحيل....مش ممكن يحصل حتى لو اضطريت أعمل ايه.

!!!!!****!!!!****!!!!
 بالقرب من أذان الفجر وفي ظلام الغرفة الدامس، أزاح الغطاء من على رأسه يفتح عينيه التي لم تغلق طوال الليل منذ مجيئه من سهرته، نظر بالظلام قليلاً لتتوسع عينيه فاجأه فينهض جالسًا برعب دق قبله ينير مصباح الإضاءة بجانبه، ليتنهد بعمق وكأنه رأى طيف تجمع أمام عينيه بظلام الغرفة.

ظل "علي" محدق بالفراغ لا يستوعب ما يترجمه عقله عليه من خيالات بصورتها كلما أغلق عينيه، يتعجب من حاله فلم يفكر بها مجرد تفكير بكل الأيام السابقة، ماذا حدث ليعذبه عقله بصورتها بهذه الخيالات منذ أن استمع بخبر وفاتها، أكل ذلك يحدث له بسببها، أيكون هو المتسبب فيما حدث لها، لا فهو تركها بحالة جيدة لم يؤذيها بشئ يذكر بأخر مقابلة بينهم!!

اعتدل في الفراش  يعود بذاكرته لكلمات الحارس التي يهرب من ترددها بأذنه منذ أن استمع اليها، دمعاته ، نبرة صوته، كل جملة تحدث بها عنها حتى تأكيد نبأ محاولة انتحارها.
مرر يده على وجهه لم يعلم ماذا أصابه، يشعر بشئ ثقيل غير قادر عقله على تحمله حتى تنفسه يشعر بأن نفس الشئ يقف كالصخر على صدره.

نظر على يمينه لفراش صديقه المستغرق بالنوم براحة وتنفس منتظم عكس حاله هو، فنهض يقترب منه يحاول ايقاظه.
-سالم... سالم!!
حرك رأسه بضيق من إيقافه من عمق نومة، يفتح عين واحدة ينظر بها اليه ثم اعتدل بنعاس وضيق:
-ايه يا علي .. في ايه؟
جلس بجانبه على طرف الفراش يهمس بضيق جعل صوته يخرج بنبرة مختنقة:
-أنا حاسس اني تعبان وعايز أتكلم معاك.
اعتدل بقلق يسأل:
-تعبان!!! مالك في ايه .. ايه اللي بيوجعك.. تحب نروح المستشفى.
تنهد "علي" يهتف بنفس أرقه:
-لا بس مش عارف مالي.. عايز اتكلم وخلاص.
تعجب صديقه، فمنذ مجيئة من الخارج وحالته متغيرة تمامًا، صامت لم ينطق بكلمة من حينها، والآن يريد التحدث بالقرب من الفجر!!!
اعتدل يحاول أن يستمع اليه من بين نعاسه ورغبته الملحة في متابعة نومه، فرفع "علي" ساق يثنيها خلف الأخرى ليسرد عليه كل ما يدور بباله ويشعره بذلك الاختناق، لتتبدل ملامح صديقه أثناء الحديث ثم يصيح بوجهه:
-بتقول ايه!!! ماتت!!
-والله العظيم أنا مليش دعوة... هي الله يرحمها بيقولوا عملت حادثة..وهي ..
صمت ثم تابع بنبرة أهدى تكاد تكون مسموعة:
_ وهي راجعة بعد مقابلتنا.
توسعت عيني صديقه ليتابع هو بنفس ضيقه:
- أنا اول ما سمعت الخبر اتفاجأت وحسيت بزلزلة كدة جوايا ... يعني اللي هو دي كانت لسه معايا من يومين وبعديها حاولت حاولت اتعامل انه عادي ... اصل انا مالي هي اللي .. هي اللي ...

صمت يضع يده على عينيه بضيق، لا ليس ضيق فحسب، يشعر ب...لم يفهم ما يشعر به للإفصاح عنه فتابع:
-بس بعد كدة... بعد كدة كمية احاسيس مش فاهمها بس هتموتني يا أخي ... أنا مش عارف مالي هو.. هو أنا أبقى السبب في اللي حصلها.... لأ صح.. أنا مليش دعوة والله ماليا دعوة.

نظر اليه صديقه بضيق واشمئزاز ثم هتف وهو ينهض من فراشه:
- وحياة أمك!!!
صرخ به "علي" بعد ان توسعت عينيه:
- سالم!!! انت اتجننت!!
- انت اللي لسه بتسأل!! ... يا أبني دي ماتت ... خسرت حياتها بسببك يعني ذنبها في رقبتك ليوم عظيم..عارف يعني ايه يعني هتقف خصيمتك يقوم القيامة وتقتص حقها منك ويا ويلك.

صرخ "علي" به بقوة :
- ايه الهبل اللي انت بتقوله ده... هو أنا يا ابني اللي كنت قتلتها... صدق ان انا غلطان اني اتكلمت مع واحد عايشلي في دور الشيخ زيك.
 سحب صديقه الغطاء من على الفراش ليطويه أسفل ذراعه وتابع قبل أن يغادر الغرفة بأكملها:
- -صدق بالله انت فعلا ماقتلتهاش.
رد سريعًا يقاطعه:
- -بالظبط .. شوفت.. أيوا قول كدة...قول.
- سيبني أكمل يلا.
 ثم تابع:
- - انت مقتلتهاش مرة واحدة يا علي... انت قتلتها مرتين مرة بالحيا لدرجة حاولت تهرب من عذابها بالانتحار ... ومرة قتلتلها بحق وحقيقي بكلامك ليها اللي سبق أجلها يا عديم الدم والإحساس...باللي جاي تسألني.
تحولت ملامحه لغضب عنيف حتى تحولت لملامح شيطانيه بأعين صديقه ليهتف:
- صدق بالله... أنا حاسس اني شايف شيطان رجيم قدامي ... يا أبني أنا مش حذرتك قبل كدة وقولتلك متستهونش بلعبك ببنات الناس...خصوصًا لو واحدة زي البنت دي اللي ياما كلمتني عن سذاجتها وطيابتها اللي خليتها سهلة لواحد زيك!!!
ثم نظر اليه نظرة أخيرة وهتف:
_من الدقيقة دي أنا برئ منك ومليش علاقة بيك .. أنا في حالي وانت في حالك ... فاهم يا ألعن خلق الله.
وتركه ليغادر الغرفة بأكملها، ليسقط الآخر نفسه على الفراش ينظر أمامه بعيون غير مستوعبة ولا قادرة على تصديق ما استمعه منه الأن.

 ثم اتجه لفراشه ليغلق الضي ويحاول أن ينام، يغلق عينيه ويخبئها داخل الغطاء لعدم تجمع خيالاتها بكتل الظلام حوله فتشعره بالخوف كطفل صغير يخشى ظهور وحش أسود مخيف أمامه.

!!!*!!!!*!!!!*!!!!*!!!!!*!!!!

  أخرج أحدهم زجاجة عبارة عن بخاخ أخذها "حسام" منه وكأنه يعلم ماذا يجب عليه أن يفعل وبدأ بغرفة الصغار يدخلها ليرفع البخاخ لأعلى حتى لا يضرهم وضغط عدة مرات ليتناثر رزاز المخدر فيختلط بأكسجين المكان، سريعًا ما وضع يده على أنفه ليخرج من الغرفة غالق الباب خلفه.
ثم خرج لهم وجدهم يقفوا منتظرين، فأتجه لغرفة "رقية" ليفتحها ويدخل يفعل ما فعله بغرفة الصغار، لكنه توقف قليلًا يقترب منها وجدها مستغرقة بالنوم فنظر بالغرفة بحيرة ثم اقترب يسحب غطائها عليها لبعد رأسها فتتقلب هي لتزيحه بضيق من على وجهها، فرفع الزجاجة لأعلى يضغطها أكثر من مرة سريعًا بعد أن وضع يده على أنفه وبعد لحظات سحب الغطاء عليها مرة أخرى يحاول ألا يظهر منها خصلة واحدة.

 خرج اليهم يهز رأسه بأن يتقدموا وبالفعل تحركوا بالمنزل يبحثوا بخبرة وخطوات تفتيش يعلموها جيدًا دون حساب لشئ ليسير هو خلفهم يرتب ما يبعثروه وعينيه على أبواب الغرف بقلق، حتى تقدموا من أول غرفة يدخلوها.

استغل "حسام" انشغالهم بالبحث هنا وهناك واقترب من "أحلام" يسحب الغطاء عليها حتى رأسها هي الأخرى، لكن تقدم أحدهم دون الإعتبار لشئ ورفع مرتبة الفراش من جهة يبحث تحتها، توسعت عيني "حسام" من طريقتهم الأكثر من كونها همجية حتى سقط الغطاء بأكمله من عليها هي والصغار للأرض وهما نائمين وأجسادهم تتحرك بعنف مع حركات هؤلاء وهما فاقدين وعيهم تمامًا، ظلوا يبحثوا هنا وهناك دون فائدة، ومعهم أجهزتهم الخاصة حتى انتهوا من البحث بالغرفة بأكملها.

يظل غرفتين دون تفتيش، غرفة "رقية" وغرفة والدهم، أتجه أحدهم لغرفة "رقية" ينوي دخولها، لكن تخطاه "حسام" يقف أمام الباب ويتحدث بعنف يوازي همجيتهم وأسلوبهم:
_ كفاية كدة... مفيش تفتيش تاني...وانتوا أصلًا ملقتوش حاجة.
نظروا لبعضهم ثم اقترب أحدهم يتحدث:
_ حضرتك احنا بنشوف شغلنا....ولازم البيت كله يتفتش لعل وعسى اللي احنا جايين عشانه موجود بالغرفة دي أو التانية اللي هناك.
رد رد قاطع وهو يفرد ذراعيه أمام الباب بحماية:
_ مينفعش تفتيش والناس جوا البيت نايمة... ده شئ مش إنساني وأنا بقولك مفيش حاجة هنا أصلًا أنا مدور قبلكم.
عادوا ينظروا لبعضهم بضيق منه.
_ هو ايه اللي شئ مش انساني يا حضرة الظابط...ده شغل..من فضلك بدل ما تقف ضدنا كدة ساعدنا خلينا نخلص شغلنا ونمشي.
سار "حسام" باتجاه باب المنزل يفتحه ثم هتف بجدية ونبرة غير قابلة للجدال:
_ وأنا صاحب الأمر هنا...وبقولكم شغلكم خلص لحد كدة...اتفضلوا.
_ احنا مبناخدش أوامرنا منك يا حضرة الظابط...والأوامر اللي عندنا نكمل تفتيش للمكان كله والمفروض فيه ورشة كمان حضرتك هتوصلنا ليها عشان يتم تفتيشها برضو.
_ مفيش أوض تانية هتدخلوها بالشكل ده ولو عالورشة تقدروا تتفضلوا معايا لكن هنا لأ.

غضب أحدهم من نبرته معهم فهتف بعنف هو الأخر:
_ واحنا هنخلص شغلنا هنا الأول وقولت لحضرتك مبناخدش أوامرنا منك.
سحبه صديقه من ذراعه يهتف:
_ خلاص يا محمد انت اتجننت... مينفعش كدة.
ثم هتف وهو يجهز أشيائهم للرحيل:
_ احنا مشيين يا فندم...بس طبعًا هيتم ابلاغ سيادة اللواء باللي حصل...واننا مخلصناش شغلنا.

وبالفعل غادروا قبل أن ينهوا ما جاؤوا من أجله، أغلق "حسام" الباب خلفهم بقوة وغضب، ثم سار لغرفة الصغار يحاول أن يطمئن عليهم، فوجد الصغيرة سقطت من على الفراش للأرض، و"أحلام" جزئها العلوي منطوي على الصغير بإهمال، فأغلق عينيه بقوة مما سمح أن يحدث لهم بوجوده، واتجه سريعًا يرفع الصغيرة من على الأرض يضعها بحنان على الفراش بعد أن عدله من تحتها، كما عدل من وضعية "أحلام" يسحب الغطاء عليهم ويرفع الصغير على الوسادة ليمرر يده على خصلاته بحنان وألم مما حدث، ثم دار بالغرفة يرتب ما بعثروهه وأغلق الضوء ليتجه لغرفة الأخرى ويدخل يطمئن عليها، وجدها مازالت نائمة شبه فاقدة وعيها بعد ذلك المخدر.

!!!!!***!!!!***!!!!*!!!!*!!!!!

بالسابعة صباحًا، دخل غرفتها يحاول أن يوقظها لكنها شبه مغيبة تمامًا، فأضطر للاقتراب يجلس على طرف الفراش.
_ رقية!! رقية اصحي هتتأخري على امتحانك يا بنتيييي!!!
غير قادرة حتى على الصعود من تلك الغيبوبة من أثر المخدر، زفر بضيق وقلة حيلة، ثم أخذ كوب الماء بجانب الفراش يلقي بعض قطراته بوجهها ففتحت عينيها بصعوبه، تحاول أن تنظر حولها فهتف سريعًا:
_ يا رقية هتتأخري على امتحانك...اصحييي.
جاهدت لفتح عينيها تهتف فور رؤيته:
_ اا..اياد...ان...انت لسه منمتش...لسه بهدومك!!
نظر لثيابه التي لم يبدلها لعدم راحته أو الذهاب للنوم طوال الليل، فبعد مغادرتهم ظل جالس بضيق يشعر به وينهض ثم يعود ليجلس وهو يتذكر ما فعلوا في وجوده، حتى ظهر الصباح فتذكر موعد اختبارها فنهض يعلم صعوبة استيقاظها بعد ذلك المخدر الذي لم يعلم مدى تأثيره عليهم وإلى أي مدى يمتد مفعوله، نظر اليها "حسام" وجدها عادت لنومها مرة أخرى، فأغمض عينيه بحيرة ليحاول من جديد دون فائدة فأضطر لسحبها وحملها ليسرع بها للمرحاض يقف أمام صنبور الماء ويقرب رأسها أسفله، فتنتفض هي تصرخ بازعاج واضطراب، ليعدلها اليه ويهتف وهو يبعد خصلاتها من على وجهها ويتحدث بضيق هو الآخر:
_ معلش معلش...بس فوقي أبوس ايدك...مش عندك امتحان!!!

فتحت عينيها تحاول أن تقف على ساقيها لتبعد يده بضيق وتهتف:
_ ايه...هي..هي الساعة كام؟
سحبها من يدها خارج المرحاض.
_ الساعة سابعة وشوية..اتأخرتي!
ثم اتجه لغرفتها، لتترك هي يده وتجلس على طرف الفراش تفرك عينيها بيدها، بينما فتح خزانتها يخرج منها ثياب خروجها من المنزل.
_ قدامك دقائق تلبسي ده ... على ما أعملك حاجة تشربيها تفوقك.

وتركها ليعود يطرق الباب بعد مرور عدة دقائق ثم فتحه ودخل وجدها ارتدت ملابسها بشكل مهمل للغاية ونائمة بنصف جسدها على طرف الفراش، فأقترب يزفر بضيق مضاعف لضيقه مما حدث بالأمس، ورفع رأسها ليضرب بيده على وجنتها بخفة ويهتف:
_ رقيااااا
انتفضت تفتح عينيها بصعوبة فسحبها رغمًا عنها يوقفها أمامه ينظر لهيئتها الغير مرتبة بحيرة ثم سحبها من يدها خارج الغرفة يهتف وهو يرفع كوب كبير من القهوة اليها:
_ امسكي...اشربي ده وبعدين اظبطي نفسك كدة عشان هوصلك.

أخذت الكوب من يده ترفعه بضعف لفمها، ثم أنزلته تنظر لحالها فترتب ثيابها وترفع يديها لشعرها تجمعه لأعلى بتعب، ثم نظرت اليه وهو يلتقط هاتفه ومفاتيح سيارته وهتفت بضعف ونبرة على وشك البكاء والنعاس بعينيها:
_ ينفع مروحش؟

!!!!!!*!!!!!!*!!!!!!*!!!!!!

يمر عليهم المراقب من بداية المدرج حتى وصل لتلك الواضعة رأسها على المسند الخشبي، فأقترب باندهاش من تلك الطالبة المهملة، غير ناظرة بورقة اختبارها كباقي زملائها، فوجدها مغمضة عينيها جمع حاجبيه يسأل الجالسة بجانبها:
_ مالها اللي جنبك دي...شوفيها ليكون اغمى عليها.
ثم تابع وهو يقترب:
_ هو الامتحان صعب قوي كدة!!

هتفت وهي ترفع كتفيها بعدم فهم:
_ حضرتك هي من وقت ما جت واستلمت الورقة وهي كدة...قربت منها أشوفها.. لقيتها نايمة.

٣٦٥ يوم أمان
رانيا أبو خديجة 
رأيكوااا وتوقعاتكوااا... قراءة ممتعة ♥️

تعليقات
3 تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة