U3F1ZWV6ZTMxMjc0MDY2Mjc3MzYyX0ZyZWUxOTczMDM4NTMwMzE2MA==

رواية ٣٦٥ يوم أمان الفصل الواحد والعشرون بقلم رانيا أبو خديجة

 رواية 365 يوم أمان الفصل الواحد والعشرون بقلم رانيا أبو خديجة

رواية ٣٦٥ يوم أمان بقلم رانيا ابو خديجة

رواية 365 يوم أمان

رواية 365 يوم أمان الفصل الواحد والعشرون بقلم رانيا أبو خديجة

الفصل الواحد وعشرون
٣٦٥ يوم امان
رانيا ابو خديجة

تركت "مي" الكتاب من يدها لتنظر للهاتف الموضوع على الفراش بطرف عينيها من أسفل نظارة النظر التي ترتديها، فمنذ أن وصلها إشعار رسائله وهي ترغب كل الرغبة بفتحها وقرأتها، لكنها تعلم جيدّا اذا فعلت ذلك فيجب الرد عليها دون تجاهل، فهذا من الذوق والأدوب، وضعت اصبعها بين شفتيها بحرج تعلم أنه ليس من الأدب عدم الرد على مراسلته او مكالمته منذ أخر مرة هاتفها والقاها بأذنها دون سابق انذار "بحبك... بحبكك".
تنهدت "مي" لم تعلم كيف تتصرف لكن كل ما تعلمه أنها تفعل مثل تلك التصرفات في أي مرة يحاول أحد التقرب اليها، لكن تلك المرة تختلف تمامًا، فتشعر عندما يحدثها "تميم" أو ينظر اليها أنها تريد منه المزيد، المزيد من الكلمات، المزيد من نظرته اليها الجديدة عليها تمامًا، من طريقة تقربه واعترافه، تبتسم لتضع يدها على فمها بخجل عندما تتذكر حالته في مجيئه للبيت بتلك الساعة المتأخرة عوضًا عن طريقته وهو يحدثها عن زميلها "هيثم" تعلم جيدًا أنه صادق فيما يقول، نظراته وكل أفعاله تصدق على كلماته اليها.
التقت عينيها بالهاتف الموضوع بجانبها على الفراش مرة أخرى لتخلع نظارتها وتنفخ بملل من رغبتها الملحه بقراءة رسائله، وبالفعل فتحت الهاتف على رسائله مباشرتًا لتنظر بها وتقرأ الحاحه الشديد في مهاتفتها إليه أو الرد على رسائله، توقفت كثيرًا عينيها عند تلك الرسالة المدون بها:
-" مي...لو كان طريقتك الجديدة دي وعدم ردك عليا رد منك في رفضي ورفض اللي قولتهولك... فأتمنى ان ميبقاش من ضمن ردك كمان انك مطمنيش عليكي او انك متكلمنيش تاني لما تحتاجيني زي ما كنا قبل ما اقول كلامي اللي قولته.. يا ستي اعتربيني مقولتش حاجة وهو كدة او كدة مش هتفرق النتيجة واحدة وهي انك مش هتكوني ليا في الحالتين.. بس ردي عليا أطمن عليكي ".
نظرت للرسالة كثيرًا حتى أغمضت عينيها بحزن لتمر عينيها على الرسائل التالية:
-" هستناكي تكلميني النهاردة عشان لو معملتيش كدة... هخلص شغل وأعدي عليكي ... وصدقيني مش هيفرق معايا حاجة غير إني أطمن عليكي".
رفعت اصبعها على الشاشة لتحاول الرد أكثر من مرة لكنها تقف بحيرة لم تعلم ماذا تكتب، حسمت أمرها وفتحت زر تسجيل مقطع صوتي وقالت بصوتها الرقيق الهادىء:
-مساء الخير يا تميم... أنا الحمد لله كويسة ده لأنك قولت عايز تطمن عليا... تاني حاجة بقى عايزة اقولك إني ...

صمتت قليلًا تضغط شفتيها بحيرة من انتقاء الكلمات المناسبة، ثم تابعت:
-عايزة اقولك اني مش زي ما انت فاكر واني مش قاصده اتجاهلك ... الموضوع انه .. انه ..
صمتت لحظة لتتابع بحزن:
- ان زي ماانت قولت بالظبط... مش هتفرق حاجة .. انا حتى مستغ..
صمتت بحيرة مرة أخرى لتضغط حذف الرسالة وهي تنفخ بضيق بدلاً من إرسالها.
 خرجت من تطبيق إرسال الرسائل لتضع نفسها أمام الأمر الواقع وتضغط اتصال لتنهي ذلك الأمر بأكمله.
انتظرت كثيرًا حتى انتهى الإتصال دون رد، لتنظر للهاتف بعيون متحيرة ثم تضغط إتصال مرة أخرى لتنتظر حتى يصلها الرد أخيرّا:
 -الو.. ازيك يا مي.
صمتت لحظة ثم نظرت بالهاتف بحيرة... بدير!!!
- ألو... مين معايا!!
وصلها صوته الحزين التائه وهو يهتف بهمس يكاد يصل:
- أنا بدير يا مي.
سألت بخجل وحرج:
-ازيك يا بدير.. احم.. هو.. هو فين تميم..ليه سايب تليفونه؟
صمت لحظة ثم رد بنفس همسه الحزين:
-تميم... تميم اتصاب يا مي ..اتصاب برصاصة في الشغل واحنا حاليًا في المستشفى.
شهقت تضع يدها على فمها فتابع هو بنبرة وكأنه على وشك البكاء على صديقه:
- في العمليات.. ادعيله يا مي .. تميم حالته صعبة قوي .. قوي.
وقع الهاتف من يدها تنظر أمامها بعدم تصديق لما سمعته للتو.
!!!!!!****!!!!****!!!!!****!!!!!
 رفع يده بتردد ليطرق باب غرفتها لكنه توقف يقترب بأذنه ليستمع، وصله صوت واضح لبكائها وتنهيداتها المتتالية مع بعض الكلمات التي تهمس بها من بين شهقاتها، ضيق عينيه ليقترب أكثر من الباب حتى وصله صوتها بوضوح من بين نحيبها:
-أنا ... بعد كل ده يتقالي كدة يا ماما ... شفتي شفتي حصلي ايه ... عايزاكي تقولي لبابا اني مش مسمحاه على كل اللي بيحصل فيا ده... لا قوليله انتي عشان أنا مخصماه من ساعة ما مات وسابني أنا واخواتي لكل الهم والتعب ده ...وهو عارف.
ثم اجهشت بالبكاء الحارق الذي جعله يغمض عينيه بشدة يتأكله الندم عما تفوه به ليشعرها بكل ذلك القهر.
-أنا تعبت يا ماما... تعبت قوي ونفسي أجيلكوا بقى بس... بس هسيب أخواتي لمين .. لا لا ابنك ده أنا مش عارفة أصدقه جوايا حاجة كبيرة بتقولي ان في حاجة غلط او انه مش هيكمل معايا أنا وأخواتي... خوفي اني أنام واصحى القيه اختفى زي قبل كدة مخليني مش عارفة أعمل ايه ولا لو جرالي حاجة هيعملوا ايه... بخاف قوي على أحلام... وبترعب من الخوف على زياد لما افتكر بس اللي جراله قبل كدة وانه كان هيروح مني . ببقى عايزة أخد اميرة وأخبيها في حضني لما بشوف في عنيها بس نظرة خوف أو عدم أمان وهي طفلة صغيرة ... الأمان ليها أهم من أكلها وشربها... وانه ممكن يعملها مشاكل أو كلاكيع وعقد... قوليلي أعمل ايه .. يارب تعبت.
ثم ارتمت بجسدها على الفراش تبكي بحرقه، فتح "حسام" الغرفة بهدوء ليدخل ثم يغلقه خلفه، وجدها نائمة على الفراش تخبي وجهها بالوسادة ومنخرطة بالبكاء بينما صورة والدتها ملقاه بجانبها، ضغط عينيه بألم أشد وندم عند رؤيتها بهذا الشكل.
ثم اقترب ليهمس:
-رقية.
انتفضت تعتدل ثم نظرت اليه بوجه أحمر كالدم بينما عينيها مغرقة بسيل من الدموع، لتنهض سريعًا وترفع يدها تحاول تجفف دمعاتها ثم هتفت بجمود:
-انت ايه اللي دخلك من غير ما تخبط.
اقترب "حسام" يقف أمامها مباشرتًا بطوله الفارع، انحنت هي برأسها تحاول تخليص جسدها من تلك الانتفاضة الناتجة من شهقاتها القوية السابقة، وضع يده أسفل ذقنها ليرفع وجهها إليه وهتف بأسف:
_ حقك عليا... والله ما كنت أقصد أبدّا كل اللي وصلك ده.
نظرت اليه قليلاً ثم وضعت كفيها على وجهها لتنفجر في بكاء جديد، ظل واقف يتأملها بحيرة حتى وجد يده ترتفع لتربت عليها وهمس برجاء:
_ يا رقية... والله كلمة قولتها وماكنت أقصدها... يعني معقولة أنا هقصد أعيبك أو أقولك كدة عن قصد!!
ظلت ترتجف من شدة بكائها فبدأ بتحريك يده بحنان على ذراعها لتهدأ حتى أقترب منها فمالت بداخل حضنه ليشعر برجفة جسدها على جسده، ضغط "حسام" عينه بشدة فهمس وهو يحاول إبعادها دون أن تشعر مثل ذي قبل:
_ خلاص بقى... كفاية عياط ...جسمك كله بيرتجف بشكل مشفتوش قبل كدة.
رفعت وجهها تنظر إليه، فثبت بنظره عليها ليرفع أصابعه على وجنتها يجفف دمعاتها ثم همس وعينيه بعينيها:
_ حقك عليا.... يارب لو قولت كدة تاني أموت.
ظل ينظر إليها وهي تحاول السيطرة على نوبة بكائها وكأنها تراكمات من القهر والحزن بداخلها كانت تستتر منذ مدة، فجائت كلمته لتكون القشة التي قسمت ظهر البعير، أبعدت "رقية" عينيها عن عينيه النادمة، المتألمة من أجلها، ثم ابتعدت تدعي انشغالها بتعليق ثيابها بعلاقة الملابس بجانب الفراش لتهتف بصوت حزين من أثر بكائها:
-من فضلك أخرج عشان هغير هدومي وأنام.. بما ان....بما ان مفيش شغل النهاردة.
وجد نفسه يهتف دون تفكير:
-مفيش شغل النهاردة ولا بعدين...قولتلك انتي مش هتنزلي الورشة تاني.
تركت "رقية" ما بيدها لتنظر اليه بعيون يملؤها الشر ثم هتفت:
-اومال مين اللي هينزل ويصرف على أخواتك.
-قولتلك ميت مرة ملكيش دعوة بالموضوع ده.. وأنا يا ستي اللي هشغلها.
صرخت به:
-طبعااا... عايز تبعدني عشان تتصرف وتبيعها ولا تبيع شغل الناس الي فيها وفاجأة لا القيك ولا ألاقي مصدر الرزق الوحيد اللي معيشني أنا وأخواتي .. مش كدة.. مشكلتك انك فاكر اني مش فهماك كويس.. لكن انا بقى فهماك كويس قوي وعمايلك دي أنا حفظاها من زمان.

نظر اليها لم يعلم بما يرد فتابعت هي وهي تجمع خصلاتها المبعثرة حولها في تجميعة أعلى رأسها:
- وأخر مرة اسمحلك تطرد أي ذبون تاني ... فاهم.
اغتاظ من مدافعتها عن ذلك الوقح فهدر بغضب بدأ أن يتجدد بداخله من مجرد عودته بالذاكرة لنظرته اليها ولتفاصيلها:
-طب اخرسي بقى..بدام مش فاهمة حاجة ومبتفهميش أصلًا يبق تخرسي خالص وتسبيني أنا اتصرف.
صرخت به "رقية":
-تتصرف في ايه يا مجنون انت... هو الراجل كان عملك ايه أصلًا!!!!
اقترب منها في خطوة واحدة وهتف من بين أسنانه:
-لو شاطرة وعايزة تلمي الدور متجبيش سيرة الحيوان ده تاني...سامعة.
-عملك ايه !!
-خلاصة الكلام ... مش هتنزلي الورشة تاني وخلصنا.
-لا مخلصناش وهنزل غصب عنك.
رفع يده لأعلى لتتوقف في الهواء وهو يأكل شفته السفلى بالعليا فتنكمش هي على نفسها بخوف، تنهد "حسام" بعمق ثم صمت لحظة ليهدأ ونظر اليها فوجد وجهها مازال أحمر كالدم أثر بكائها مع ملامح الخوف منه التي تحاول السيطرة عليها، فأخذها من يدها ليقترب جهة فراشها وهتف بهدوء يناقض أفعاله السابقة:
-تعالي يا رقية ... أنا هفهمك.
جلست معه على طرف الفراش بنفس عبوسها وغضبها منه ليقترب هو منها ويهتف:
-شوفي يا رقية دلوقتي انتي بنت ...
رفعت نظرها تنظر اليه لينظر هو اليها نظرة متفحصة ثم يتابع:
-وأجمل بنت والله...فا...
رفعت نظرها تنظر اليه بعيون منتبهة ليتنحنح ويتابع:
-احم... يقوم بقى ذئاب الجبل قصدي ذئاب البشر وقذورات الطريق يقصدوا ورشتنا بالذات ليه بقى؟
سألت هي:
-ليه؟
- عشان البنت المزة اللي واقفة فيها زي ما الحيوان ده قال عليكي.
نظرت له بحنق ليتابع هو دون رحمة:
_وياريت بقى يقفوا باحترامهم لأ ده عنيهم تندب فيها رشاش ألي من نظراتهم اللي أنا فاهمها كويس.
صمتت قليلاً تعلم أن حديثه صحيح فكثيرًا ما يتكرر معها مواقف بمثل هذا الشكل الذي يسرده عليها، فنظرت إليه وقالت:
-ايوا بس الراجل اللي انت ضربته ده معملش حاجة... حتى ماضيقنيش بكلمة من وقت ما دخل!!
رفع ساقة ليضعها خلف الأخرى على الفراش معتدلًا ليتابع:
-مقالش حاجة .. بس عنيه وخياله المريض بيقول كتير... وأنا عارف أنا بقولك ايه.
نظرت أمامها لحظة بتفكير ثم رفعت نظرتها اليه وهتفت بنفس إصرارها:
- برضو مش هينفع منزلش الورشة... مش هبقى مطمنة ولا مرتاحة.
نفخ هو ينظر اليها بغيظ، ثم هتف بعد وهلة من النظر اليها:
 -ماشي...هسيبك تنزلي... بس بشروط.
 هتفت هي بغضب:
- -شروط!!!
- -ايوا شروط.. لو كان عجبك.
ثم تابع:
-واحد... متكونيش في الورشة ولا هفوة إلا لما أكون معاكي فيها.
نظرت اليه "رقية" بطرف عينيها ثم هتفت:
-هفوة!!!
تابع هو:
-اه هفوة ... اتنين... تعامل مع الذباين الرجاااااله لااااا.. يانا يا ميمي.
ثم عد على اصبعه الثالث ليتابع:
-تلاتة... تظبطي نفسك كدة عشان منزعلش من بعض وأنا زعلي مش هيعجبك.
ربعت ذراعيها أمام صدرها لتهتف بعند:
-واعدل نفسي ازاي بقى ان شاء الله!!
نظر اليها من أعلى لأسفل ليزيح عينيه سريعًا ثم هتف:
-فاكرة كنتي بتنزلي الورشة ازاي أول مأنا ماجيت.. أهو أنا عايزك كدة.
نظرت لنفسها بعدم فهم ثم قالت:
-ازاي يعني مش فاهمة؟
اضطر للنظر اليها مرة أخرى ليقول سريعًا وعينيه ترتفع بدايتًا من خصلاتها:
-اولًا شعرك ده مشفهوش تاني سواء مربوط مفكوك مشلول ... فين الطاقية اللي كنتي بتلبسيها كنتي راجل بجد فيها .. ودتيها فين!!
هتفت "رقية" بعيون مندهشة:
-كنت بضطر البسها لأني كنت ببقى خايفة من الشباب الي واقفلي قدام الورشة بيحاول يتأكد اذا كنت بنت ولا ولد لكن دلوقتي... دلوقتي لأ بقيت انت موجود.
نظر اليها "حسام" بابتسامة تحاول أن ترتسم بعد اعترافها لتلين ملامحه قليلاً ثم تابع:
-و...و...
نزلت عينيه لجسدها ليصمت لم يعرف ماذا يقول لكنه أخيرًا هتف وهو يبعد عينيه عنها:
-فين البتاعة التانية اللي كنتي بتلبسيها ..كانت أوسع من دي؟
نظرت "رقية" لنفسها لتهتف بحيرة:
-انهي بتاعة تانية... أنا دايمّا بنزل الورشة بدي.
هتف بتردد وعينيه تحاول أن تبتعد عنها لكنه يعود وينظر إليها:
-غريبة... يبقى انتي تخينتي مثلًا!!!
 نظرت اليه بضيق ليعود يتنحنح لكنه معه حق وتعلم؛ فهي بالفعل أصبحت أهدء بوجوده مرتاحة البال قليلاً مطمئنة على أخواتها مما يشعرها بالراحة والأمان مما زاد إقبالها وفتح شهيتها كالسابق بعد أن كانت امتنعت عن الطعام تقريبًا بعد وفاة والدها وعملها طوال النهار بالورشة دون أكل؛ فقل وزنها للنصف، فعاد ليقول:
- تخنتي... وتخنا يعني نوسع لبسنا ... اتفقنا.
ثم تابع بإصرار:
-دي شروطي والله موافقة... ننزل الورشة سوا من الصبح... لأ يبقى تقعدي هنا مع أخواتك مالمحش طرف سحنتك لحد هناك ... قولتي ايه؟
!!!!!***!!!!****!!!!!
 وضعت كوب العصير على الطاولة أمامها، تعلم أنها تحبه كثيرًا وتفضله بعد الغداء، جالسة تشاهد التلفاز بينما كلبها الصغير على ساقها تمرر يدها فوقه بحنان، ثم تركتها لتدخل المطبخ مرة أخرى، نظرت "مايا" في أثرها وهي جامعة حاجبيها بحيرة وضيق وكأنها تود قول شىء لكنها تتردد، فنهضت من جلستها تأخذ كلبها بين ذراعيها ثم تتقدم باتجاه المطبخ دخلت ونظرت به قليلاً فوجدتها منشغلة بتخزين الطعام وتنظيف الأطباق فأقتربت تهمس بحيرة:
-دادة ... هي ... هي هنا ..
صمتت عندما التفتت اليها ثم تابعت بحرج:
-هنا ليه مش بقت تيجي هنا... بقالها كتير؟
تنهدت بغضب منها ثم هتفت:
-معلش يا مايا يا بنتي...أصلها مشغولة اليومين دول شوية في شغلها وكليتها...الله يعينها ويعينك.
اقتربت "مايا" تهمس بأسف والحاح:
-دادة .. انتي زعلانة مني زي هنا؟
صمتت تعطيها ظهرها دلالة على غضبها منها، فأقتربت "مايا" من الجهة الأخرى تهتف:
_ عمرك ما زعلتي مني....هنا قالتلك ايه عشان تعامليني كدة!!
نظرت إليها قليلًا ثم هتفت بجدية:
_ شوفي يا مايا...انتي طول عمرك عندي زي هنا وأكتر ربنا يعلم...ده أنا وقتي معاكي يعدي الوقت اللي بقضيه معاها بمراحل... أبلعلك انتي والسيد والدك الزلط... لكن تيجي عند كسرة نفس بنتي... لأ...مقعدتش فيها ولو جت على قطع العيش.
أقتربت "مايا" منها سريعًا تهتف بأسف وندم:
_ لأ...انتي كمان عايزة تسبيني وتمشي ....مش كفاية اللي أنا فيه...ده أنا مبنامش بقالي يومين ونفسي أشوف هنا وأحكيلها تقولي أرتاح ازاي ... لكن هي مش بترد عليا... عشان خاطري يا دادة ... عشان خاطري متمشيش وصالحيني على هنا.
نظرت إليها بتفحص نظرة حزينة على حالها، فهي ترى شرودها طوال الوقت وتبدل حالها من الراحة البادية على وجهها لذلك الذبلان، فأقتربت منها تهتف بحنان وكأنها ابنتها:
_ أنا مقدرش اتحرك من هنا وأسيبك يا نور عيني... وإذا كان على هنا ..فهي بس واخدة على خاطرها شويتين كدة.
أنزلت رأسها بحزن ثم هتفت:
_ هي زعلانة مني قووي كدة؟
ردت تحاول التخفيف عنها:
_ هي واخده على خاطرها...بس أنا هكلمها وهي بتحبك انتي عارفة.
ابتسمت "مايا" باهتزاز ثم أماءت إليها بوجهها لتقترب الأخرى تقبلها من وجنتها وتهمس لها بكلمات مطمئنة حنونة، خرجت "مايا" من المطبخ لتجلس نفس جلستها أمام التلفاز وتمسك الهاتف مقررة مهاتفة صديقتها الوحيدة لكنها توقفت لحظة لتضغط رقمه هو بدلاً من رقمها وكالعادة دون رد.
!!!!***!!!!!****!!!!!
_ علي...انت يا سي زفت ..تلفونك يلااا ..مش عارف اذاااكر.
خرج "علي" من المرحاض ليأخذ الهاتف من يده بعد أن سأل:
_ مين؟
هتف صديقه بملل وهو يعطيه إليه:
_ هو فيه غيرها .... البنت الزنانة اللي اسمها مايا دي.
نطق الإسم بعد أن نظر بالهاتف قبل أن يعطيه إليه، لينظر إليه الأخر ويغلق الصوت قبل أن يهمس:
_ ده انتي مش ممكن.. يخربيت كدة.
ثم ألقى الهاتف بإهمال على الفراش القريب منه، ليتجه لخزانة ملابسه يُخرج منها أكثر ملابسه أناقة، نظر صديقه لهاتفه الملقي على الفراش ليقول باهتمام:
_ يا أبني رد عليها...قولتلك ميت مرة اختفائك المفاجئ ده ممكن يدمر نفسية البنت اللي معاك لو كانت بتحبك بجد أو متعلقة بيك.
التفت عن النظر في المرأة ثم نظر اليه قليلاً ليضحك بسخرية على صديقه، ثم هتف وهو يرفع كفيه يرتب خصلاته بوضع الكريم المناسب الذي يعطيها لامعة خاصة:
_ انت مالك مكبر الموضوع كدة ليه... وتدمير مرة واحدة...يا أبني أنا بعدت عنها لمصلحتها والله.
قال صديقه بعدم فهم:
_ لمصلحتها إزاي يعني يا أخويا؟
رد وهو منشغل بترتيب ثيابه وأناقته أمام المرآة:
_ مايا دي حاسسها غير أي واحدة عرفتها قبل كدة...طيبة كدة ومخرجتش لدنيا.... يعني من البنات اللي على قدها قوي.
ثم التفت اليه باهتمام وتابع:
_ وبطيابتها وجمدانها ده في نفس الوقت....كانت هتخليني أروح بيها حتة وربنا هموت وأروحها.
ثم تابع بضحكة مرحة:
_ لكن أنا مليش في الغميق ده يا عم...أعوذ بالله من غضبه.
نظر إليه صديقه بغيظ وهتف: 
_ واللي بتعمله ده بذمتك ..ولعبك ببنات الناس كدة عادي..يرضي ربنا يعني.
اقترب يلتقط مفاتيح سيارته وهاتفه من على طاولة بالغرفة، ثم هتف بلامبالاة قبل أن يغادر:
_ يا أبني وانا بعمل ايه...أهو بنتسلى ونسلي وقتنا بدل الرامية السودة دي والملل اللي احنا فيه ده...ولا عايزني أقضيها شغل وحابسة هنا وبس عشان أطق أموت .. بعيد عن بيتي وأهلي.
أوقفه صديقه قبل أن يتركه ويغادر وهتف:
_ يا علي... أنا عارفك كويس...انت ابن ناس ومتربي ووالدك الله يرحمه كان راجل محترم.. حتى أخوك الكبير مربيك كويس ومقصرش معاك وده كلامك انت مش كلامي...حاول تحافظ على ده الله يرضى عليك... والله أنا يصعب عليا كل ده يروح بشوية تسلية وترفيه عن نفسك يا صاحبي زي ما بتقول.
دق هاتفه، فأشار اليه بعجالة وعدم إهتمام من حديثه ليرد على الهاتف ثم تركه ورحل.
!!!!!!!*!!!!!!*!!!!!!*!!!!!
أسرعت في خطاها من الدرج المؤدي إليه، لكنها تقف في منتصفه تضع يدها على قلبها لتغمض عينيها بألم تحاول أن تتنفس بهدوء من صعدودها الدرجات بتلك السرعة عوضًا عن عجالتها وإهمالها في تنفسها منذ خروجها من المنزل، توقفت "مي" بضع دقائق تحاول تنظيم أنفاسها، ثم فتحت عينيها تستند بيدها على مسنده وتحاول الصعود مرة أخرى درجة درجة.
سارت بالمرر تبحث بعينيها عن الغرفة التي علمت للتو أنه تم نقله اليها منذ دقائق، فأقتربت لكنها لمحت من بعيد صديقه "بدير" يخرج من غرفة في آخر المرر ومعه شابه تحاول الربت على ذراعه وتهدئته بينما أمام الغرفة عدد كبير من الضباط بزيهم الشرطي يقفوا حوله، ثم يبتعدوا ليهبطوا الدرج من الجهة الاخرى من السلم، فأقتربت من الباب الذين خرجوا منه لتفتح وتدخل دون تردد.
وهنا توقفت "مي" تنظر إليه بعيون مضطربة، ثم وضعت يدها بشقة عالية على فمها غير مصدقه حالته أمامها، فتسيل من عينيها دمعاتها دون دراية منها.
بينما هو نائم دون وعي وصدره العاري ملتف أعلاه بشاش أبيض كثيف ليغطي أثر العملية الجراحية، تقدمت "مي" تنظر اليه، ثم رفعت يدها على جرحه لم تمنع نفسها من مرور عينيها على إصابته بقلق مع همسها بنحيب:
_ تميم !!
وعندما ازداد صوت بكائها دون دراية منها، تنظر إليه بشهقات، غير مصدقة، فأخر رسالة أرسلها اليها كانت منذ عدة ساعات لا أكثر، يحدث له كل ذلك، بدأ "تميم" بتململ قليلاً برأسه عندما وصله صوت نحيبها كالحلم، فحرك رأسه بتعب لكنه أول ما همس هتف ليصلها همسه بوضوح:
_ أمينة...أمينة يا بدير...أ..أمينااا
رفعت "مي" وجهها فاجأة تنظر أمامها بعدم فهم لتردد خلفه بحرقة اشتعلت بداخلها لأول مرة في تلك اللحظة:
_ أمينة!!!! مين أمينة دي!!!!!
لتراه يفتح عينيه بعدها لتتقابل عينيه بعينيها التي توقفت عن البكاء للتو ليحل محلها نظرة أخرى لتشعل الحب بداخلها له وتوثق مشاعرهم اتجاه بعضهم بالعلن.

365 يوم أمان
رانيا أبو خديجة
رأيكوااا وتوقعاتكوااا.....وخليكواوفاكرين ان اللي جاااي غير اللي فاات خااالص وانتوا عارفين لما بقول كدة 🔥🔥🔥🤌
ياريت يا بنات تعملوا متابعة للمدونة وتقولوا رأيكوا هنا برضو التعليقات شغالة تماام ...ليه مش بشوف ده منكم...📢
        لقراءة الفصل الثاني والعشرون 👇
تعليقات
10 تعليقات
إرسال تعليق
  1. الرواية جميلة جدا بس الحلقات قصيرة اوي مش بنلحق نقرأها كأنها اسكريبت مش حلقة من فضلك طوليها

    ردحذف
    الردود
    1. أيوا فعلا الحلقات قصيرة أوي بتشدنا أوي ومرة واحدة تلاقيها خلصت

      حذف
  2. روعه روعه روعه يارانيا بس قصير قوي 🥰🥰🥰🥰🥰🥰

    ردحذف
  3. روووعه بجد يسلمو انتي مبدعه ❤️

    ردحذف
  4. البارت تحفه يا روني تسلم ايدك علي طلع وحش اوي يعلق مايا في حبه وهو ولا في دماغه بس اكيد في حاجه هاتحصل وتخليه يعرف انه بيحبها وحسام ورقيه مش باينلهم نهايه في حكايتهم صعبانه عليا هي وأخواتها اما يعرفوا الحقيقه الله يباركلك يا شيخه ماتطوليش علينا ونزللنا البارت اللي بعده علي طول ودمتي بخير ياقمرايه

    ردحذف
  5. تحفه كالعاده يارانيا

    ردحذف
  6. روعة يا رونى تسلم ايدك

    ردحذف
  7. روعه روعه كالعادة

    ردحذف
  8. بارت حلوو خالص ماشاء الله

    ردحذف

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة